الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك بحسب قصده، ولا منافاة بين كونها واجبة وبين تسميتها صدقة، بل هي أفضل من صدقة التطوع.
وقال المهلّب: النفقة على الأهل واجبة، وإنما سماها الشارع صدقة خشية أن يظنوا أن قيامهم بالواجب لا أجر لهم فيه، وقد عرفوا ما في الصدقة من الأجر، فعرفهم أنها لهم صدقة، حتى لا يخرجوها إلى غير الأهل إلا بعد أن يكفوهم ترغيبًا لهم في تقديم الصدقة الواجبة قبل صدقة التطوع.
وقال ابن المنير: تسمية النفقة صدقة من جنس تسمية الصداق نِحْلة، فلما كان احتياج المرأة إلى الرجل كاحتياجه إليها في اللذة والتأنيس والتحصين وطلب الولد، كان الأصل أن لا يجب لها شيء عليه، إلا أن الله خص الرجل بالفضل على المرأة بالقيام عليها ورفعه عليها بذلك درجة، فمن ثمَّ جاز إطلاق النِّحلة على الصداق، والصدقة على النفقة.
قال القُرطبيّ: أفاد منطوقه أن الأجر في الإنفاق إنما يحصل بقصد القربة، سواء كانت واجبة أو مباحة، وأفاد مفهومه أن من لم يقصد القربة لم يؤجر، لكن تبرأ ذمته من النفقة الواجبة، لأنها معقولة المعنى، وفي هذا الحديث الرد على المرجئة، حيث قالوا: إن الإيمان إقرار باللسان فقط.
رجاله خمسة:
الأول: حجّاج بن المِنْهال -بكسر الميم- أبو محمد الأنْماطيّ السُّلمي وقيل البُرْساني -بضم الموحدة- مولاهم.
قال أحمد: ثقة، ما أرى به بأسًا. وقال أبو حاتم: ثقة فاضل. وقال العِجْليّ ثقة، رجل صالح. وقال النّسائي: ثقة. وقال خَلَف بن محمد كردوس: كان صاحب سنة يظهرها. وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. وقال ابن قانِع: ثقة مأمون. وقال: ما رأيت مثله فضلًا ودينًا.
وقال أبو داود إذا اختلفا فعثمان وحجاج أفضل الرجلين. وقال أبو حاتم: كان من خيار الناس. وذكره ابن حِبّان في "الثقات".
كان رجلًا صالحًا، وكان سمسارًا يأخذ من كل دينار حبة، فجاءه خراساني موسر من أصحاب الحديث، فاشترى له أنماطًا، وأعطاه ثلاثين دينارًا. فقال له: خذ هذه سمسرتك. فقال له: دنانيرك أهون علي من هذه التراب، هات من كل دينار حبة، وخذ ذلك. وقال أحمد بن عبد الله: بصريّ ثقة.
روى عن: جرير بن حازم، والحمادين، وشعبة، وعبد العزيز الماجَشون، وهمّام، ويزيد بن إبراهيم، وغيرهم.
وروى عنه: البخاري، وروى الباقون له بواسطة، وبندار، وأبو موسى، وصاعقة، والخلّال، والذُّهلي، وابن دارة، ويعقوب بن شَيبة، ويعقوب بن سفيان، وعلي بن عبد العزيز، وغيرهم.
مات في شوال سنة ستة أو سبعة عشر ومئتين.
وليس في الستة حجّاج بن مِنهال سواه، وأما حجاج فكثير.
والإنماطي في نسبه نسبة إلى بيع الأنماط جمع نَمَط -بالتحريك- مثل سَبَب وأسباب، والنسبة إليه أنماطيّ كأنصاري، ونَمَطِيّ إلى الواحد على القياس، والنمط البسط التي تفرش، أو ضرب من البسط، وقيل: ضرب من الثياب المصبغة، ولا يكادون يقولون نمط إلا لما كان ذا ألوان من حمرة أو خضرة أو صفرة، وأما البياض فلا يقال له نمط، وإليه ينسب كثير من العلماء، كابن الأنماطي إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن المصري الفقيه الشافعي الأشعريّ، وأبو الحسن محمد بن طاهر الأنماطي، وأبو القاسم الحسن بن المبارك الأنماطي البغدادي، وغيرهم.
الثاني: شعبة بن الحجّاج وقد مر في الثالث من كتاب الإيمان.
الثالث: عدي بن ثابت الأنصاري الكوفي.
قال أحمد: ثقة. ووثقه أيضًا النسائي والعِجْلي. وقال الدارقطني: ثقة، إلا أنه كان غاليًا في التشيع. وكذا قال ابن مَعين. وقال أبو حاتم: صدوق، وكان إمام مسجد الشيعة وقاصهم. وذكره ابن حبّان في "الثقات". وقال الجُوزجاني: مائل عن القصد. وقال الطّبري: عدي بن ثابت ممن يَجبُ التثبت في نقله. وقال شعبة: كان من الربّاعين. وقال الدّارقطني: ثقة. وقال أحمد بن حَنْبل: كان يتشيع. وقال ابن حَجَر: احتج به الجماعة، وما أخرج له في "الصحيح" شيئًا مما يقوي بدعته.
روى عن أبيه، وجده لأمه عبد الله بن يزيد الخَطْمي، والبراء بن عازب، وسليمان بن صُرَد، وعبد الله بن أبي أوفى، وزيد بن وَهْب، وأبي بُردة بن أبي موسى، وزيد بن حُبَيْش، وسعيد بن جُبَيْر، وغيرهم.
وروى عنه: أبو إسحاق السَّبيعي، وأبو إسحاق الشّيباني، ويحيى ابن سعيد الأنصاري، والأعمش، وأشعث بن سوار، وشعبة، ومسعر، وفضيل بن مرزوق، وآخرون.
مات في خلافة خالد على العراق سنة ست عشرة ومئة.
وليس في الستة عدي بن ثابت سواه، وأما عدي فكثير.
الرابع: عبد الله بن يزيد بن زيد بن حُصين بن عمرو بن الحارث ابن خَطْمة -واسمه عبد الله- بن جُشَم بن مالك الأوسي الأنصاري أبو موسى الخَطْميّ.
شهد الحديبية وهو صغير، قيل: ابن سبع عشرة سنة، وشهد الجمل وصفين مع علي، وكان أميرًا على الكوفة، كان من أفاضل الصحابة، وكان أكثر الناس صلاة، وكان لا يصوم إلا يوم عاشوراء.
وقال ابن حِبّان في كتاب "الصحابة": كان أميرًا على الكوفة أيام ابن الزُّبير وكان الشعبي كاتبه، وولي إمرة مكة من عبد الله بن الزبير يسيرًا، واستمر مقيمًا بها.
وقال الأثْرم: قلت لأحمد: لعبد الله بن يزيد صحبة صحيحة؟ قال: أما صحيحة فلا، ذلك شيء يرويه أبو بكر بن عياش، عن أبي حُصين، عن أبي بُردة، عن عبد الله بن يزيد، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.
وأخرج ابن البُرْقي بسند قوي عن عدي بن ثابت، أن عبد الله بن يزيد كان قد شهد بيعة الرضوان وما بعدها، وهو رسول القوم يوم جسر أبي عبيدة. وقال الآجري: قلت لأبي داود: عبد الله بن يزيد له صحبة. قال: يقولون له رؤية، سمعت ابن مَعين يقول ذلك. وقال أبو حاتم: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان صغيرًا على عهده، فإن صحت روايته فذاك له سبعة وعشرون حديثًا، أخرج البخاري منها حديثين، أحدهما في الاستسقاء موقوف، وفي المظالم حديث النهي عن النُّهبى والمُثْلة، ومسلم أحدهما، وأخرجا له عن البراء، وأبي مسعود، وزيد بن ثابت، وأبي أيوب، وحذيفة، وقيس بن سعد رضي الله عنهم.
وروى عنه: ابنه موسى، وسبطه عدي بن ثابت، والشعبيّ، وأبو إسحاق، وابن سيرين، وآخرون.
وأخرج له البغوي حديث "إن عذاب هذه الأمة في دنياها" وفيه قصة له مع زياد، سكن الكوفة، وابتنى بها دارًا، ومات زمن ابن الزبير.
وفي الصحابة عبد الله بن يزيد جماعة، هذا أحدهم، والثاني عبد الله ابن يزيد القارىء له ذكر في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنه عليه الصلاة والسلام سمع قراءته. والثالث عبد الله بن يزيد النَّخَعي. والرابع: عبد الله بن يزيد البَجَليّ وله حديث: "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه" والخامس عبد الله بن يزيد الخَثْعَمي.
وفي الستة عبد الله بن يزيد ثلاثة عشر.
والخَطْميّ -بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء المهملة- في نسبه نسبة إلى جده خَطْمة المار في نسبه، وإنما سمي خَطْمة لأنه ضرب رجلًا
على خطمه أي أنفه، والخطم من كل طائر منقاره، ومن كل دابة مقدم أنفها وفيها، والمخاطم الأنوف واحدها مخْطِم -بكسر الطاء- ورجل أخطم: طويل الأنف.
الخامس: أبو مسعود عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أسيرة -مكبر، وقيل: مصغر، وقيل: يُسيرة بضم أوله ابن عَسيرة -مكبر- ابن عطية بن جِدارة -بكسر الجيم، وقال ابن عبد البر: بضم الخاء المعجمة- ابن عوف بن الخزرج الأنصاري البدري.
شهد العقبة مع السبعين، وكان أصغرهم سنًّا، وشهد أحدًا، والجمهور على أنه لم يشهد بدرًا، فنسب إليها، وقال حَمْدون بن شهاب الزُّهري، وابن إسحاق صاحب المغازي، والبخاري في "صحيحه": شهدها، وقال الطبري: أهل الكوفة يقولون: شهدها، ولم يذكره أهل المدينة فيهم. وقال الحاكم وغيره من أهل الكوفة: شهدها، وأهل المدينة أعلم بذلك.
له مئة حديث وحديثان، اتفقا على تسعة، وانفرد البخاري بحديث واحد، ومسلم بسبعة.
روى عنه: عبد الله بن يزيد الخَطْمي، وابنه بشير، وأبو وائل، وعلقمة، وقيس بن أبي حازم، وعبد الرحمن بن يزيد النَّخَعي، وأبو عمرو الشيباني، وغيرهم.
سكن الكوفة. ومات بها، وقيل: بالمدينة، قبل الأربعين، قيل: سنة إحدى وثلاثين، وقيل: سنة إحدى أو اثنتين وأربعين.
روى له الجماعة
وفي الصحابة أبو مسعود هذا، وأبو مسعود الغِفاريّ.
والبدريّ في نسبه نسبة إلى بدر، الموضع الذي لقي النبي صلى الله عليه وسلم فيه المشركين فأعز الله الإِسلام، بين مكة والمدينة، وهو إلى المدينة أقرب،