المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الثالث والعشرون - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٢

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب قول النبي صلى الله عليه وسلم أنا أعلمكم بالله وأن المعرفة فعل القلب لقول الله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌وفي هذا الحديث فوائد:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من كره أن يعود في الكفر كما يكره أن يُلقى في النار من الإِيمان

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب تفاضل أهل الإِيمان في الأعمال

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌بابٌ: الحياء من الإِيمان

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب إذا لم يكن الإِسلام على الحقيقة وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل لقوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} فإذا كان على الحقيقة فهو على قوله جل ذكره: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} ومن يبتغ غير الإِسلام دينًا فلن يقبل منه

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب السلام من الإِسلام

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب كُفران العشير وكفر دون كفر فيه أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌بابٌ المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] فسماهم المؤمنين

- ‌الحديث الرابع والعشر ون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب ظلم دون ظلم

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب علامات المنافق

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌بابٌ قيام ليلة القدر من الإِيمان

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الجهاد من الإِيمان

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب تطوع قيام رمضان من الإِيمان

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب صوم رمضان احتسابًا من الإِيمان

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌بابٌ الدينُ يُسْرٌ

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة من الإِيمان

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب حسن إسلام المرء

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب أحب الدين إلى الله أدْوَمُهُ

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب الزكاة من الإِسلام وقوله {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب اتِّباعُ الجنائز من الإِيمان

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب: خوف المؤمن من أن يحبطَ عملُه وهو لا يشعر

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإِسلام والإحسان وعلم الساعة

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب فضل من استبرأ لدينه

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب أداء الخمس من الإِيمان

- ‌الحديث السادس والاربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة ولكل امرىء ما نوى

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب قول النبى صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة لله ولرسوله

- ‌الحديث الخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والخمسون

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خَاتِمَة

الفصل: ‌الحديث الثالث والعشرون

‌الحديث الثالث والعشرون

30 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ عَنِ الْمَعْرُورِ قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ. إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ» .

قوله: "وعليه حُلّة وعلى غلامه حُلّة" هكذا رواه أكثر أصحاب شعبة عنه، والحلة -بضم الحاء- لا تكون إلا من ثوبين غير لَفِقَيْن رداء وإزار، سميت بذلك لأن كل واحد منهما يَحُلُّ على الآخر، وروي عن بعض أهل اللغة أن الحُلة لا تكون إلا من ثوبين جديدين يَحُلُّهما من طيِّهما، فأفاد أصل تسمية الحلة، وهو غير ما مر، والجملة حالية، وفي رواية الإِسماعيلي عن شُعبة: أتيت أبا ذرٍّ، فإذا حلّة عليه منها ثوب وعلى عبده منها ثوب. وهذا يوافق ما في اللغة من أن الحُلّة ثوبان من جنس واحد، ويؤيده ما في رواية الأعمش عند المؤلف في الأدب بلفظ: رأيت عليه بُردًا وعلى غلامه بُردًا، فقلت: لو أخذت هذا فلبِستهُ كانت حلة.

ويجمع بين الروايتين بأنه كان عليه بردٌ جيد تحته ثوب خلِق من جنسه. وعلى غلامه كذلك، وكأنه قيل له: لو أخذت البرد الجيد فأضفته إلى البرد الذي عليك، وأعطيت الغلام البرد الخَلق بدله، لكانت حلة جيدة، فتلتئمُ بذلك الروايتان. ويحمل قوله في حديث الأعمش: كانت

ص: 116

حلة، أي: كاملة الجَوْدة، فالتنوين للتعظيم، وغلام أبي ذَرٍّ المذكور لم يُسَمَّ، ويحتمل أن يكون أبا مُرَاوح، ويأتي تعريفه في الثالث من العِتق عند روايته هناك.

وقوله: "فسألته عن ذلك" أي: عن السبب في إلباسه غلامه نظير لبسه لأنه على خلاف المألوف، فأجابه بحكاية القصة التي كانت سببًا لذلك، وسبب السؤال أن العادة جاريةٌ بأن ثياب الغلام دون ثياب سيده.

وقوله: "إني ساببتُ رجلًا" في رواية الإسماعيلي: "شاتمت" وللمؤلف في "الأدب المفرد""كان بيني وبين رجل كلام" وزاد مسلم: "من إخواني" ومعنى ساببت: وقع بيني وبينه سِباب بالتخفيف، وهو من السبِّ بالتشديد، وهو القطع، وقيل: مأخوذ من السبَّة بالفتح، وهي حلقة الدبر، سمي الفاحش من القول بالفاحش من الجسد، فعلى الأول المراد قطع المسبوب، وعلى الثاني المراد كشف عورته، لأن من شأن السباب إبداء عورة المسبوب.

وقوله: "فعيَّرته بأمه" أي: نسبته إلى العار، زاد في الأدب:"وكانت أمه أعجمية، فنِلت منها، وقلت له: يا ابن السوداء" والأعجمي من لا يفصح باللسان العربي، سواء أكان عربيًا أو عجميًا، والفاء في "فعيرته" قيل: هي تفسيرية، كأنه بين أن التعيير هو السبب على حد قوله تعالى:{فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 54] فإن قتل الأنفس هو عين التوبة، والظاهر أنه وقع بينهما سِباب وزاد عليه التعيير، فتكون عاطفة، ويدل عليه رواية مسلم: قال: "أعيرته بأمه؟ فقلت: من سَبَّ الرجال سبوا أباه وأمه".

وقوله: "أعيرته بأمه؟ " بالاستفهام على وجه الإِنكار التَّوْبيخي.

وقوله: "إنك امرؤ فيك جاهلية" امرؤ بالرفع خبر إن، وعين كلمته تابعة للامها في أحوالها الثلاث كما مر في حديث:"إنما الأعمال" وفيك

ص: 117

جاهلية مبتدأ قُدِّم خبره، أي: فيك خصلة من خصال الجاهلية، ولعل هذا كان من أبي ذرٍّ قبل أن يعرف تحريمه، فكانت تلك الخصلة من خِصال الجاهلية باقية فيه، فلهذا قال كما عند المصنف في الأدب:"قلت: على ساعتي هذه من كبر السن؟ قال: نعم" كأنه تعجب من خفاء ذلك عليه مع كبر سنه، فبين له كون هذه الخصلة مذمومة شرعًا، وكان بعد ذلك يساوي غلامه في الملبوس وغيره أخذًا بالأحوط، وإن كان لفظ الحديث يقتضي اشتراط المواساة لا المساواة.

وقد جاء في سبب إلباس أبي ذَرٍّ غلامه مثل لبسه أثر مرفوع أصرح من هذا وأخص، أخرجه الطبراني عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أبا ذرٍّ غلامًا، فقال:"أطعمه مما تأكل وألبسه مما تلبس"، وكان لأبي ذر ثوب، فشقه نصفين، فأعطى الغلام نصفه، فرآه النبي- صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال: قلت يا رسول الله: "أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون" قال: "نعم" وفي السياق دِلالة على جواز تعدية عيرته بالباء، وأنكره ابن قُتيبة قائلًا: إنما يُقال: عيرتُهُ أُمَّه، وتبعه بعضهم، وقال آخرون: إنها لغة، وكفى بالحديث دليلًا. وقول الشاعر:

أيُّها الشّامتُ المعَيرِّ بالدّهرِ

والرجل الذي عيره هو بلالٌ المؤذن مولى أبي بكر الصديق، روى ذلك الوليد بن مُسلم منقطعًا.

وروى البرماذي أنه لما شكاه بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال له:"شتمتَ بلالًا وعيرتَه بسواد أمه؟ " قال: نعم. قال: "حَسبتُ أنه بقي فيك شيءٌ من كِبْرِ الجاهلية" فألقى أبو ذرٍّ خده على الأرض، ثم قال: لا أرفع خدي حتى يطأ بلالٌ خدي بقدمه. زاد ابن المُلَقِّن: فوطِىء خده.

ويأتي تعريف بلال في التاسع والثلاثين من الإِيمان حيث ذُكر هناك.

وقوله: "إخوانكم" يعني من جهة أن الكل أولاد آدم، فهو على سبيل

ص: 118

المجاز، أو من جهة الإِسلام، والمماليك الكفرة إما أن نجعلهم في هذا الحكم تابعين للماليك المؤمنة، أو نخصص هذا الحكم بالمؤمنة.

وقوله: "خَوَلكم" بالتحريك مبتدأ خبره إخوانكم، وقدم الخبر للاهتمام بشأن الأخوة، ويجوز أن يكونا خبرين حُذف من كلٍّ مبتدؤه، أي: هم إخوانكم هم خولكم، وأعربه الزَّركشيّ بالنصب، أي: احفظوا. قال أبو البقاء: هو أجود، لكن رواه البخاري في كتاب حسن الخلق:"هم إخوانكم" وهو يُرجح تقدير الرفع، والخَوَل -بفتح المعجمة والواو- هم الخدم، سُمّوا بذلك لأنهم يَتَخوّلون الأمور، أي: يصلحونها.

ومنه الخُوليّ لمن يقوم بإصلاح البستان، ويقال: الخول: جمع خائل، وهو الراعي، وقيل: التخويل: التمليك، يقال: خَوّلك الله كذا، أي: ملكك إياه.

وقوله: "تحت أيديكم" مجاز عن القدرة أو الملك، أي: وأنتم مالكون إياهم.

وقوله: "فليُطعِمه مما يأكُل وليُلبسه مما يلبس" أي من جنس ما يأكل، ومن جنس ما يلبس، والمثناة التحتية في فليطعمه وليلبسه مضمومة، ومن يلبس مفتوحة، والفاء في فمن عاطفة على مقدر، أي: وأنتم مالكون، ويجوز أن تكون سببية على حد قوله: فتُصبح الأرض مخضرة، ومن للتبعيض، فإذا أطعم عبده مما يقتاته كان قد أطعمه مما يأكله، ولا يلزمه أن يُطعمه من كل مأكوله على العموم من الأُدْم وطيبات العيش كما يدل عليه حديث أبي هريرة الآتي في العِتق:"فإن لم يُجْلسه معه، فليناوله لقمةً أو لقمتين، أو أكلة أو أكلتين، فإنه قد ولي علاجه" فالمراد: المواساة لا المساواة، لكن من أخذ بالأكمل كأبي ذرٍّ فعل المساواة وهو الأفضل، فلا يستأثر المرء على عياله من ذلك وإن كان جائزًا.

وفي "الموطأ" و"مسلم" عن أبي هريرة مرفوعًا: "للمَمْلوك طعامه

ص: 119