الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: "صفراء ملتوية" الصفرة تزيد في حسن النظر، وتسر الناظر، كما قال الله تعالى:{تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} وملتوية أي منعطفة متثنية، وهذا مما يزيد الرياحين حسنًا باهتزازه وتميله، فالتشبيه من حيث الإِسراع والحسن، والمعنى مَنْ كان في قلبه مثقال حبة من الإِيمان يخرجُ من ذلك الماء نضِرًا متبخترًا كخروج هذه الرّيْحانة من جانب السيل صفراء متمايلة، وحينئذ فيتعين كون "ال" في الحِبّة للجنس، ووجه مطابقة هذا الحديث للترجمة ظاهر، وأراد بإيراده الرد على المُرجئة لما فيه من بيان ضرر المعاصي مع الإِيمان، وعلى المعتزلة في أن المعاصي موجبة للخلود في النّار، وسيأتي إن شاء الله تعالى مزيد في هذا الحديث، حيث أخرجه المؤلف في باب فضل السجود في صفة الصلاة.
رجاله خمسة:
الأول: إسماعيل بن عبد الله بن أبي أُوَيس بن مالك بن أبي عامر الأصْبَحيّ أبو عبد الله بن أبي أُوَيْس ابن أخت الإِمام مالك ونَسيبه، فأبو أويس عم الإِمام مالك بن أنس، فإن أنسًا، وأبا أُوَيْس، والربيع، وأبا سهيل نافعًا، أولاد مالك بن أبي عامر.
قال أبو حاتم: محله الصدق وكان مغفلًا، وقال أحمد: لا بأس به وقال ابن مَعين: هو ووالده ضعيفان. وعنه: يسرقان الحديث. وعنه: ضعيف العقل. ليس بذلك، يعني أنه لا يحسن الحديث، ولا يعرف أن يؤديه أو يقرأ في غير كتابه. وعنه: مختلط يكذب، ليس بشيء. وعنه: يساوي فلسين. وعنه: لا بأس به. وقال النّسائي: ضعيف. وقال في موضع آخر: غير ثقة. وقال أبو القاسم اللّالَكَائِي: بالغ النسائي في الكلام عليه بما يؤدي إلى تركه، ولعله بان له ما لم يَبِن لغيره، لأن كلام هؤلاء كلهم يؤول إلى أنه ضعيف. وقال عبد الله بن عُبيد الله العبّاسي صاحب اليمن: إن إسماعيل ارْتَشَى من تاجر عشرين دينارًا، حتى باع له على الأمير ثوبًا يُساوي خمسين بمئة. وقال الدَّارَقُطنيّ: لا أختاره في الصحيح.
وقال الخليلي: إن أبا حاتم قال: كان ثبتًا في حاله، وفي "الكمال": إن أبا حاتم قال: كان من الثقات، وقال ابن عَدِيّ: روى عن خاله أحاديث غرائب لا يتابعه عليها أحد، وقد حدث عنه الناس، وأثنى عليه ابن مَعين، وأحمد، والبُخاري يحدث عنه الكثير، وهو خير من أبي أُويس.
وقال سلمة بن شَبيب: سمعت إسماعيل بن أبي أُويس يقول: ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم. قال ابن حَجَر: ولعل هذا هو الذي بان للنسائي حتى ترك التحديث عنه، وأطلق القول فيه بأنه ليس بثقة، ولعل هذا كان من إسماعيل في شبيبته ثم صَلُح بعد ذلك، وأما الشيخان فلا يظن بهما أنهما أخرجا عنه إلا الصحيح من حديثه الذي شارك فيه الثقات، فاللين الذي فيه يُجبر إذًا.
روى عن: أبيه وخاله فأكثر، وعن سَلمة بن وَردان، وابن أبي الزِّناد، وعبد العزيز الماجَشُون، وإسماعيل بن إبراهيم بن عُقبة، وغيرهم.
وروى عنه: البخاري، ومسلم، وروى هما والباقون بواسطة، وروى عنه إسماعيل بن إسحاق القاضي، وأبو حاتم، وقُتيبة، ونَصر بن علي الجُهَنيّ، وخلق.
مات في رجب سنة سبع وعشرين ومئتين.
وليس في الستة إسماعيل بن أبي أويس سواه، وأما إسماعيل فكثير.
الثاني: مالك بن أنس، وقد مرّ في الثاني من بدء الوحي.
الثالث: عمرو بن يحيى بن عُمارة بن أبي حسن الأنْصاريّ المازني المدني، واسم أبي حسن تميم بن عمرو فيما قيل، وعمرو ابن بنت عبد الله بن زيد بن عاصم. وقال ابن عبد البر: كونه ابن بنت عبد الله بن زيد غَلط، وسببه ما في رواية مالك عن عمرو بن يحيى عن أبيه أن رجلًا سأل عبد الله بن زيد، وهو جد عمرو بن يحيى، فظنوا أن الضمير يعود على عبد الله، وليس كذلك، بل إنما يعود على الرجل، وهو عمرو بن أبي
حسن عم يحيى، وقيل له: جد عمرو بن يحيى تجوزًا، لأن العم صنو الأب، وأما عمرو بن يحيى فأُمه فيما ذكر ابن سَعْد في "الطبقات" حَميدة بنت محمَّد بن إياس بن البُكَير. وقال غيره أمه أم النعمان بنت أبي حَنّة -بالنون- ابن عَمرو بن عُزَيّة بن عمرو بن عَطية بن خنساء بن مندول ابن عَمرو بن غانم بن مازن بن النجار.
وثقه أبو حاتم، والنّسائي، والعِجليّ، وابن نُمير، وذكره ابن حِبّان في "الثقات" وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. وقال ابن مَعين: ثقة إلا أنه اختُلِف عليه في حديثين: "الأرض كلها مسجد"، و"كان يسلم عن يمينه".
روى عن: أبيه، وعَبّاد بن تَميم، ومحمد بن يَحيى بن حِبّان، وعباس بن سَهل، ومحمد بن عَمرو بن عطاء، وغيرهم.
وروى عنه: يحيى بن أبي كثير، ويحيى بن سَعيد الأنصاري -وهما من أقرانه- ومالك، وأيوب، وابن جُريج، ووَهْب بن خالد، والحَمّادان، والسُّفيانان، وغيرهم.
مات سنة أربعين ومئة.
والمازنِيّ في نسبه نسبة إلى مازن بن النجّار، وقد مر الكلام على مازن في الثاني عشر من هذا الكتاب.
وفي الستة عَمْرو بن يحيى سواه اثنان الأُمَوِيّ السَّعِيدِيّ أبو أمية المكي، والثاني الحمصي الزَّنْجارِيّ.
الرابع: يحيى بن عُمارة بن أبي حسن المازِني المدني.
قال ابن إسحاق: كان ثقة. وقال النَّسائي، وابن خِراش: ثقة. وذكره ابن حِبّان في "الثقات".
روى عن عبد الله بن زَيْد بن عاصم، وأنَس بن مالك، وأبي سعيد الخُدرْي.
وروى عنه: ابنه عمرو، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي صَعْصَعة، وعُمارة بن غَزِيّة، والزُّهريّ، وأبو طُوالة.
وفي الستة يحيى بن عُمارة سواه واحد، وهو كوفي، روى عن ابن عَباس قصة موت أبي طالب، وروى عنه الأعْمش وقيل: إنه ابن عَبّاد أو عُبادة.
الخامس: أبو سعيد الخُدْرِيّ، وقد مرّ في الثاني عشر من هذا الكتاب.
لطائف إسناده: فيه التحديث بالإِفراد والجمع والعنعنة، والقول، ورواته كلهم مدنيّون، وفيه رواية الرجل عن خاله، ورواية الابن عن أبيه، وقد مر الكلام على ذلك في الثاني من بدْء الوحي.
أخرجه البخاري هُنا وفي صفة الجنة والنار، عن وُهيب بن خالد، ومسلم في الإِيمان عن هارون، ووقع عاليًا للبخاري عن مسلم برجل، وأخرجه النَّسائي، وهو قطعة من حديث طويل يأتي إن شاء الله تعالى، وليس في "الموطأ"، وقال الدَّارَقُطني: هو غريب صحيح اهـ ثم قال البخاري:
قال وُهيب: حدثنا عمر: "والحياة" وقال: "خَرْدل مِن خَيْر الحياة" بالخفض على الحكاية، أتى به هنا معلقًا، ومراده أن وُهيبًا وافق مالكًا في روايته لهذا الحديث عن عمرو بن يَحيى، وجزم بقوله "في نَهر الحياة" ولم يَشُكَّ كما شك مالك.
وقوله: "وقال مِنْ خَرْدل" هو على الحكاية أيضًا، أي: وقال وُهيب في رواية: "مثقال حبةٍ من خردل من خير": فخالف مالكًا أيضًا في هذه
الكلمة، وهذه الرواية أخرجها عنه أبو بكر بن أبي شَيْبة في "مسنده" بهذا اللفظ، كما علقه المصنف، فهذا مراده لا لفظ موسى بن إسماعيل، فإن البُخاري أخرجه مسندًا في كتاب الرقاق، عن موسى بن إسماعيل، عن وُهَيْب إلخ، ولفظه "من خَرْدل من خير" كما عنده هنا، والتعليق مر الكلام عليه في الرابع من بدء الوحي.
وأما وُهَيب: فهو بالتصغير ابن خالد بن عَجْلان الباهِلِيّ مولاهم أبو بكر البَصْريّ صاحب الكرابِيس.
قال ابن سَعْد: كان قد سُجن فذهب بصره، وكان ثقة كثير الحديث، حجة، وكان يُملي من حفظه، وهو أحفظ من أبي عَوانة. وقال أبو داود: حدثنا وُهيب، وكان ثقة.
وقال العِجليّ: ثقة ثبت. وقال أبو حاتم: ما أنقى حديثه، لا تكاد تجده يحدث عن الضعفاء، وهو الرابع من حفاظ البصرة، وهو ثقة، ويقال: إنه لم يكن بعد شُعبة أعلم بالرجال منه، وكان يقال: إنه يَخلُفُ حَمَّاد بن سَلَمة. وقال البُخاري: كان متقنًا. وقال الفَضْل بن زياد: قلت: سألت أحمد عن وهَيب وابن عُليّة إذا اختلفا، قال: كان عبد الرحمن يختار وُهَيبًا. قلت: في حفظه؟ قال: في كل شيء، وإسماعيل ثبت. وقال معاوية بن صالح: قلت لابن مَعين: من أثبت شيوخ البَصريين؟ قال: وُهيب، وذكر جماعة. وقال ابن المَدِيني عن ابن مَهدي: كان من أبصر أصحابه بالحديث والرجال. وقال عَمرو بن علي: سمعت يحيى بن سَعيد ذكره، فأحسن الثناء عليه. وقال الآجُرّي عن أبي داود: تغير وُهَيب بن خالد، وكان ثقة. وقال ابن المَديني: قال يحيى بن سعيد: إسماعيل أثبت من وُهيب.
روى عن حُميد الطّويل، وخالد الحذاء، وداود بن أبي هِند،
ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، وهشام بن عُروة، وابن شُبْرُمة، وعبد العزيز ابن صُهيب، ومنصور بن المُعتمر، وجماعة.
وروى عنه إسماعيل بن عُليّة، وابن المُبارك، وابن مَهدي، والقَطّان، وأبو داود وأبو الوليد الطّيالِسِيّان، وسُليمان بن حَرْب، وسُفيان ابن فَرُّوخ، وآخرون.
مات سنة خمس وستين ومئة. وقيل سنة تسع، وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
ووُهَيب في الستة سواه اثنان، وُهَيب بن عمرو بن عُثمان النَّمَريّ أبو عثمان البَصْري، روى عنه أبيه، وهارون النَّحْوي، والثاني وُهيب بن الوَرْد بن أبي الوَرْد أبو عُثمان أو أبو أمية القُرَشيّ، مولى بني مَخْزوم، روى عن عطاء بن أبي رَباح، وغيره، وروى عنه ابن المُبارك، وغيره، كان يتكلم ودموعه تَقْطُر، وكان متجردًا عن الدنيا، تاركًا لها.
والباهِلِيّ في نسبه مر الكلام عليه في العاشر من هذا الكتاب.