الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأوقات أطيب أوقات المسافر، وكأنه عليه الصلاة والسلام، خاطب مسافرًا إلى مقصده، فنبهه على أوقات نشاطه، لأن المسافر إذا سافر الليل والنهارَ جميعًا، عجز وانقطع. وإذا تحرَّى السير في هذه الأوقات المنشطة، أمْكَنَتْه المُداومة من غير مشقة.
وحُسْن هذه الاستعارة أن الدنيا في الحقيقة دار نَقْلةٍ إلى الآخرة، وأن هذه الأوقات بخصوصها أروح ما يكون فيها البَدَن، ومناسبة إيراد المُصنِّف لهذا الحديث عقب الأحاديث التي قبله ظاهرةٌ من حيث أنها تَضَمَّنت الترغيب في القيام والصيام والجهاد، فأراد أن يُبيِّن أن الأوْلى للعامل بذلك أن لا يُجْهد نفسه بحيث يعجز وينقطع، بل يعمل بتلطف وتدريج، ليدوم عمله ولا ينقطع.
وهذا الحديث من رواية عُمر بن عليّ، وهو ثقة مُدلِّس، كما يأتي قريبًا في تعريفه. ورواه هنا عنه بالعنعنة لتصريحه فيه بالسماع في صحيح ابن حبان من طريق أخرى، وله شواهد.
رجاله خمسة:
الأول: عبدُ السلام بن مُطَهَّر، باسم المفعول ابن مصك بن ظالم ابن شَيْطان أبو ظُفر، بالتحريك، الأزْدي البَصْريّ، قال في الزهرة: روى عنه البخاريّ أربعة أحاديث، وذكره ابن حِبان في الثقات. وقال أبو حاتم: صدوق. روى عن جَرير بن حازم وشُعْبة وحَفْص بن غِياث ومُبارك ابن فَضالَة وموسى بن خَلف العَمِّي، وغيرهم.
وروى عنه البخاريّ وأبو داود وإبراهيم الحربيّ وسَلَمة بن شَبيب والذُّهليّ وأبو خَليفة وأبو موسى محمد بن المُثنى وغيرهم.
مات في رجب سنة أربع وعشرين ومئتين وليس في الستة عبد السلام ابن مطَهَّر سواه وأما عبد السلام فستة عشر.
الثاني: عمر بن علي بن عَطاء بن مُقَدَّم، بصيغة اسم المفعول،
أبو حَفْص أو أبو جعفر المقَدَّميّ البَصْريّ، مولى ثقيف. قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي ذكره فأثنى عليه خيرًا. وقال: كان يُدلِّس. وقال ابن مَعين: كان يُدلِّس، وما كان به بأس، حسن الهيئة. وأصله واسطيٌّ نزل البصرة. لم أكتب عنه شيئًا.
وقال ابن سعد: كان ثقة، وكان يُدلّس تدليسًا شديدًا. يقول: سمعت وحدثنا، ثم يسكت، فيقول: هشام بن عروة والأعمش. وقال: كان رجلًا صالحًا، ولم يكونوا يَنْقِمون عليه غَير التدليس، وأما غير ذلك فلا.
ولم أكن أقبل منه حتى يقول: حدثنا. وقال أبو حاتم: محله الصّدق، ولولا تدليسه لحكمنا له إذا جاء بزيادة، غير أنّا نخاف أن يكون أخذه عن غير ثقة.
وقال ابن عديّ: أرجو أنه لا بأس به، وقال أبو زيد عمر بن شَبَّة: كان مدلِّسًا، وكان مع تدليسه أنبل الناس. وفي الميزان عن أحمد: عمر ابن عليّ صالحٌ عفيفٌ مسْلمٌ عاقلٌ، كان به من العقل أمرًا عجيبًا جدًا، جاء إلى مُعاذ بن مُعاذ، فأدّى إليه مئتي ألف، وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال السّاجىِ: صَدوق كان يدلس، ونقل ابن خَلْفون توثيقه عن العجليّ.
قال ابن حَجَر: ولم أر له في الصحيح إلا ما توبع عليه، روى عن إسماعيل بن أبي خالد، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، وهِشام بن عُروة، وحجّاج بن أرْطأةٍ، وخالد الحذّاء، ومَعْن بن مُحمّد الغِفاري، ونافع بن عمر الجُمَحيّ، وإبراهيم بن عُقبة وغيرهم.
وروى عنه ابنه محمد وابن أخيه محمد بن أبي بكر بن علي، وأحمد ابن حنبل، ويحيى بن يحيى النَّيْسابوريّ، وعفّان بن مُسلم، وقُتَيْبة بن سعيد، وأبو الأشعث أحمد بن المِقدام العجليّ، وأبو بكر بن أبي شَيْبة، وآخرون. مات سنة تسعين ومئة. وقيل سنة اثنين وتسعين.
وفي الستة عمر بن علي اثنان: أحدهما: ابن علي بن أبي طالب الهاشمي الأكبر، أمُّه الصَّهباء بنت رَبيعة من بني تَغْلب، روى عن أبيه وغيره.
والثاني: عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب الهاشمي الأصغر، المدَنِيّ، روى عن أبيه وغيره. والمُقَدَّميّ في نسبه نِسبةً إلى جده مُقَدَّم كمعظم.
الثالث: مَعْن، بفتح الميم، ابن محمد بن مَعْن بن نَضْلَة بن عمرو الغِفاريّ، أبو محمد، حِجازيّ. ذكره ابن حبان في الثقات روى عن سعيد المقبريّ وحنظلة بن علي الأسلمي، وروى عنه ابنه محمد وابن جُريج وعبد الله بن عبد الله الأشْعريّ وعمر بن علي المُقَدَّميّ، وليس في الستة معن بن محمد سواه، وأما معن سواه فخمسة.
الرابع: سعيد بن أبي سعيد، واسمه كَيْسان المَقْبريّ، أبو سَعد المَدنيّ، وكان أبوه مُكاتبًا لامرأة من بني ليْث. قال ابن المَدينيِّ والعجْليُّ وأبو زُرعة والنّسائيّ: ثقة. وقال ابن خِراش: ثقة جليل، أثبت الناسُ فيه الليث بن سعد. وقال أبو حاتم صَدوق. وقال ابن سَعْد: كان ثقة كثير الحديث، ولكنه كَبر واختلط قبل موته. وقال يعقوب بن شَيْبة: قد كَبِر واختلط قبل موته بأربع سنين. وكان شُعبة يقول: حدثنا سعيد بعد ما كَبِر.
وقال الواقِدِيّ: اختلط قبل موته بأربع سنين. وقال ابن عَديّ: إنما ذكرته لقول شعبة هذا، وأرجو أن يكون من أهل الصِّدق، وما تكلم فيه أحد إلا بخير.
وقال ابن عساكر: قَدِم الشام مُرابطًا، ومات بساحل بَيْروت. وقال ابن مَعين: أثبت الناس في سعيد بن أبي ذيب، قال ابن حجر: أكثر ما أخرج البخاريّ له من حديث اللَّيْث وابن أبي ذيب الثابتين فيه، وأخرج أيضًا من حديث مالك وإسماعيل بن أُميّة وعُبيد الله بن عمر العُمريّ وغيرهم من الكبار.
وروى له الباقون، لكنهم لم يُخرِّجوا عنه من حديث شُعبة شيئًا لقوله المتقدم قريبًا. روى عن سعد وأبي هريرة وأبي سعيد وعائشة وأُمِّ سَلَمة، وقيل: لم يسمع منهما، ومعاوية بن أبي سُفيان وأنس وجابر بن عبد الله وابن عُمر وعن أبيه أبي سعيد، ويزيد بن هُرْمُز وأخيه عباد بن أبي سعيد، وأبي سَلَمة بن عبد الرحمن، وشَرِيك بن عبد الله بن أبي نَمِر وغيرهم.
وروى عنه مالك وابن إسحاق ويحيى بن سعيد الأنصاري، وابن أبي ذيب، وعبيد الله بن عُمر، وابن عَجْلان والوليد بن كثير ومعن بن محمد الغِفاريّ وابنه عبد الله واللّيث بن سعد وجماعة.
مات في آخر خلافة هِشام سنة ثلاث وعشرين ومئة، وقيل: مات سنة خمس وعشرين، وقيل: سنة ست.
وفي الستة سعيد بن أبي سعيد سواه اثنان: الأنصاريّ المدنيّ مولى أبي بكر بن محمد بن عَمرو بن حَزْم، والثاني: الزَّبيديّ، وهو ابن عبد الجبّار.
وسعيد بن أبي سعيد في الرُّواة أربعة عشر رجلا ذكرهم الخطيب في المُتَّفِق والمُفْترق. والمَقْبُريّ في نسبه نسبةً إلى المَقْبرة، بتثليث الباء، فقيل إن أباه أبا سعيد كان ينزل المقابر فقيل له المقبريّ، وقيل إن عمر ابن الخطاب جعله على حفر القبور، فقيل له المَقْبريّ، كما جعل نُعَيْما على أجمار المسجد فقيل له نعيم المُجَمِّر، ويحتمل أنه اجتمع فيه ذلك فكان على حفرها، وكان نازلًا عندها.
الخامس: أبو هريرة، وقد مرّ في الثاني من كتاب الإِيمان هذا.
لطائف إسناده: منها أنّ فيه التَّحديث والعَنْعنة، ورُواته ما بين مدنيّ وبَصريّ. وفيه رواية مُدلِّس شديد التدليس بعن، ومر ما فيه أول حديث وهذا الحديث من أفراد البخاريّ عن مُسلم، أخرجه هنا، وأخرج طَرَفًا منه في الرِّقاق عن آدم، وأخرج النَّسائي مثل حديث الباب، وله شاهد عند أحمد بإسناد حسن. ثم قال المؤلف: