الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الخامس والثلاثون
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلَامَهُ، فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِمِثْلِهَا".
قوله: "إذا أحسن أحدكم إسلامه" كذا له، ولمسلم ولإِسحاق بن راهُوَيه في "مسنده":"إذا حسُنَ إسلامُ أحدكم" وكأنه رواه بالمعنى، لأنه من لازمه، والخطاب بأحدكم بحسب اللفظ للحاضرين، لكن الحكم عام لهم ولغيرهم باتفاق، لأن حكمه عليه الصلاة والسلام على الواحد حكم على الجماعة، ويدخل فيه النساء والعبيد، لكن النزاع في كيفية التناول أهي بالحقيقة اللغوية أو الشرعية أو العرفية أو المجاز.
وقوله: "فكل حسنة" مبتدأ خبره تكتب، وهذا اللفظ ينبىء أن اللام في قوله ذهب الحديث السابق:"الحسنة بعشر أمثالها" للاستغراق.
وقوله: "تكتبُ له بمثلِها" الباء فيها للمقابلة، وزاد مسلم وإسحاق والإِسماعيلي:"حتى يَلْقى الله عز وجل" وقيد الحسنة والسيئة هنا بالعمل، وأطلق في السابق، فيُحمل المطلق على المقيد، وهذا الحديث استوفيت مباحثه في الذي قبله.
رجاله خمسة:
الأول: إسحاق بن منصور بن بَهْرام الكَوْسج أبو يعقوب التَّميمي المَرْوَزي نزيل نَيْسابور.
قال مسلم: ثقة مأمون، أحد الأئمة من أصحاب الحديث وقال
النَّسائي: ثقة ثبت. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال الحاكم: هو أحد الأئمة من أصحاب الحديث، من الزهاد المتمسكين بالسنة. وقال الخطيب: كان فقيهًا عالمًا. وقال عثمان بن أبي شيبة: صدوق ثقة، وكان غيره أثبت منه.
روى عن: ابن عُيينة، وابن نُمير، وعبد الرزاق، وأبي داود الطَّيالسيّ، وابن مَهْدي، والقطان، وخلق كثير، وتَلْمَذَ لأحمد بن حَنبل، وإسحاق ابن راهُويْه، ويحيى بن معين، وله عنهم مسائل.
وروى عنه الجماعة سوى أبي داود، وأبو حاتم، وأبو زُرعة، وإبراهيم الحربي، وأبو بكر محمد بن علي ابن أخت مسلم بن الحجّاج، وغيرهم.
مات بنيسابور يوم الاثنين، ودفن يوم الثلاثاء لعشر خَلَون من جُمادى الأولى سنة إحدى وخمسين ومئتين.
وفي الستة إسحاق بن منصور سواه اثنان، أبو عبد الرحمن السَّلُولي مولاهم، روى عن زهير بن معاوية وغيره. والثاني: السُّلَميّ روى له أبو داود.
والكَوْسج -بفتح الكاف، وقد يضم- وهو الذي لا شَعْر على عارضيه، وهو الأثَطّ، والكَوْسج أيضًا ناقص الأسنان، ويقال من طالت لحيته تَكَوْسجَ عقله.
وحكي أن امرأة قالت لزوجها: أنت كَوْسج. فقال لها: إن كنتُ كوسجًا فأنتِ طالقٌ، فسئل عن ذلك الإِمام أبو حنيفةَ، فقال: عدّوا أسنانه، فإن كانت ثمانيةً وعشرين فهو كَوْسج، وتطلق عليه امرأته، وإن كانت اثنتين وثلاثين فلا، ولا تطلق، فعُدّت، فوجدت اثنتين وثلاثين.
الثاني: عبد الرزاق بن هَمّام بن نافع الحِمْيرِيّ مولاهم أبو بكر الصَّنْعاني.
قال أبو سعد السَّمعاني: ما رحل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما رحلوا إليه. وقال عبد الوهاب بن هَمّام: كنت عند مَعْمر، فقال: يختلف إلينا أربعة: رباح بن زيْد، ومحمد بن ثور، وهشام بن يوسف، وعبد الرزاق، فأما رباح فخليق أن تغلِبَ عليه العبادة، وأما هشام فخليقٌ أن يغلِبَ عليه السلطان، وأما ابن ثور فكثير النِّسيان، وأما عبد الرزاق فإن عاش فخليقٌ أن تُضرب إليه أكباد الإِبل. قال ابن أبي السُّرّي: فوالله لقد أتعبها. وقال ابن أبي خَيْثمة عن ابن مَعين: وأما عبد الرزاق، والفِرْيابيّ، وأبو أحمد الزبيري، وعُبيد بن موسى، وأبو عاصم، وقَبِيصة، وطبقتهم فهم كلهم في سفيان قريب بعضُهم من بعض، وهم دون يحيى بن سعيد وابن مَهْدي ووكيع وابن المُبارك وأبي نُعيم. وقال أحمد بن صالح المِصْري: قلت لأحمد بن حَنبل: رأيت أحسن حديثًا من عبد الرزاق؟ قال: لا. وقال أبو زُرعة الدِّمَشقي: عبد الرزاق أحد من ثبت حديثه. وقال أحمد: حديث عبد الرزاق أحب إلي من حديث هؤلاء البصريين، كان يتعاهد كتبه، وينظر فيها باليمن، وكان يحدثهم حفظًا بالبصرة يعني معمرًا. وقال أبو زُرعة: قلت لأحمد: من أثبت في ابن جُريج عبد الرزاق أو البرساني؟ قال: عبد الرزاق. وقال ابن معين: كان عبد الرزاق أثبت في حديث معمر عن هشام بن يوسف، وكان هشام في ابن جُريج أقرأ للكتب. وقال ابن المديني: قال لي هشام بن يوسف: كان عبد الرزاق أعلمنا وأحفظنا. وقال الذُّهْليّ: كان عبد الرزاق أيقظهم في الحديث، وكان يحفظ، وهو أحد الحفاظ الأثبات صاحب التصانيف، وقال إبراهيم بن عَبّاد الدبري: كان عبد الرزاق يحفظ نحوًا من سبع عشرة ألف حديث. وقال ابن عَدِي: ولعبد الرزاق أصناف وحديث كثير، وقد رحل إليه ثقات المسلمين وأئمتهم، وكتبوا عنه، إلا أنهم نسبوه إلى التشيع، وقد روى أحاديث في فضائل أهل البيت ومثالب غيرهم، لم يوافقه أحدٌ من الثقات عليها، فهذا أعظم ما ذموه من روايته لهذه الأحاديث، وأما في باب الصدق فأرجو أنه لا بأس عليه. وذكره ابن حِبّان في "الثقات" وقال: كان ممن
يُخطىء إذا حدث من حفظه على تشيع فيه، وكان ممن جمع وصنف وحفظ وذاكر، وقال أبو داود: الفِريابيّ، أحب إلينا منه، وعبد الرزاق ثقة. وقال علي بن هشام عن عبد الرزاق: كتبت عن ثلاثة لا أُبالي أن لا أكتب عن غيرهم، كتبت عن ابن الشاذكوني، وهو من أحفظ الناس، وكتبت عن يحيى بن مَعين وهو من أعرف الناس بالرجال، وكتبت عن أحمد بن حَنْبل وهو من أثبت الناس.
وقال ابن مَعين: سمعت من عبد الرزاق كلامًا استدللتُ به على ما ذُكر عنه من المذهب، فقلت له: إن أساتيذك الذين أخذت عنهم ثقات، كلهم أصحاب سنة، معمر ومالك وابن جُريج والثَّوري والأوْزاعي فعمّن أخذت هذا المذهب؟ قال: قدم علينا جَعْفر بن سُليمان، فرأيته فاضلًا حسن الهَدْي، فأخذت هذا عنه.
وقال محمد بن أبي بَكْر المُقدَّمي: وجدت عبد الرزاق ما أفسد جعفرًا غيرُهُ يعني في التشيع. وقال ابن مَعين: وقد قيل له: قال أحمد: إن عبيد الله بن موسى يرُدُّ حديثه للتشيع، فقال: كان عبد الرزاق والله الذي لا إله إلا هو أغلى في ذلك منه مئة ضعف، ولقد سمعت من عبد الرزاق أضعاف ما سمعت من عبيد الله.
وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي: هل كان عبد الرزاق يتشيع ويُفرط في التشيع؟ فقال: أما أنا فلم أسمع منه في هذا شيئًا. وقال عبد الله بن أحمد: سمعت سلَمة بن شَبيب يقول: سمعت عبد الرزاق يقول: والله ما انشرَحَ صدري قطُّ أن أفضل عليًا على أبي بكرٍ وعمر، رحم الله أبا بكر وعمر وعثمان، من لم يحبَّهم فما هو مؤمنٌ، وقال: أوثق أعمالي حبي إيّاهم، وقال أبو الأزهر: سمعت عبد الرزاق يقول: أفضِّلُ الشيخين بتفضيل عليٍّ إياهما على نفسه، ولو لم يفضِّلْهما ما فضلتهما، كفى بي ازدراءً أن أُحبَّ عليًا ثم أخالف قوله.
وقال الحسن بن علي الحلواني: سمعت عبد الرزاق، وسُئل: أتزعم
أن عليًا كان على الهدى في حروبه؟ قال: لاها الله إذ يزعم عليٌّ أنها فتنة، وأتقلدها له هذا. وقال أبو داود: كان عبد الرزاق يُعرِّض بمعاوية. وقال محمد بن إسماعيل الفَزَاريّ: بلغني ونحن بصنعاء أن أحمد ويحيى تركا حديث عبد الرزاق، فدخلنا غمٌّ شديد، فوافيت ابن مَعين في الموسم، فذكرت له، فقال: يا أبا صالح، لو ارتد عبد الرزاق ما تركنا حديثه.
ورُوي عن عبد الرزاق أنه قال: حججت، فمكثت ثلاثة أيام لا يجيئني أصحاب الحديث، فتعلقت بالكعبة، وقلت: يا رب، أكذابٌ أنا؟ أمدلسٌ أنا؟ فرجعت إلى البيت، فجاؤوني.
وقال العِجْلي: ثقة يتشيع. وقال العبّاس العَنْبريّ لما قدم صنعاء: لقد تجشمت إلى عبد الرزاق، وإنه لكذاب، والواقدي أصدق منه. وقال الذّهبي: هذا شيء ما وافق العباسَ عليه مسلم.
قال في "تهذيب التهذيب": وافقه على ذلك زيد بن المبارك، فقد قال: كان عبد الرزاق كذابًا يسرق الحديث، وقال: لم يخرج أحدٌ من هؤلاء الكبار من هاهنا إلا وهو مجمعٌ أن لا يحدث عنه.
ولكن هذا الكلام مردودٌ، ولأجل هذا كله قال النَّسائي في كتاب "الضعفاء" عبد الرزاق بن همّام فيه نظر لمن كتب عنه بأخرة، كتبوا عنه أحاديث مناكير. وقال الأثرمُ عن أحمد: من يسمع منه بعدما عمي فليس بشيء، وما كان في كتبه فهو صحيح، وما ليس في كتبه فإنه كان يُلَقَّن فيتلقن. قال ابن حجر في مقدمته: احتج به الشيخان في جملة من حديث من سمع منه قبل الاختلاط، وضابط ذلك من سمع منه قبل المئتين، فأما بعدهما فكان قد تغير، وفيها سمع منه أحمد بن شبُّويه فيما حكى الأثرم عن أحمد وإسحاق الدَّيْريّ، وطائفة من شيوخ أبي عَوانة والطبراني ممّن تأخر إلى قرب الثمانين ومئتين. وكان رضي الله عنه يقول: من يصحب الزمان يرى الهوان، وكان ينشد:
فَذاكَ زمانٌ لعِبنا بهِ
…
وهذا زمانٌ بنا يَلْعبُ
روى عن: ابن جُريج، وهشام بن حسان، ونور بن يزيد، ومَعْمر، ومالك والسفيانين، والأوزاعي، وزكريّاء بن إسحاق المكي، وإسرائيل، وإسماعيل، وخلق كثير.
وروى عنه: ابن عُيينة، ومعتمر بن سليمان، -وهما من شيوخه- ووكيع، وأبو أسامة -وهما من أقرانه- وأحمد، وإسحاق، وعلي، ويحيى، وأبو خَيْثمة، وأحمد بن صالح، وعمروٌ الناقد، وسلمة بن شَبيب، وعبد الله ابن محمد المُسْنِدي، وإسحاق بن منصور الكوْسَج، ومحمد بن مِهْران الجمّال، وإسحاق بن إبراهيم الدَّيْري، وغيرهم.
ولد سنة ست وعشرين ومئة، ومات في شوال سنة إحدى عشرة ومئتين عن خمس وثمانين سنة.
وفي الستة عبد الرزاق سواه واحد، وهو ابن عمر بن مسلم الدِّمشقي العابد.
وفي غير الستة اثنان ابن عُمر الثَّقفي أبو بكر الدِّمشقي الكبير. روى عن الزهري وغيره. والثاني: ابن عمر أيضًا ابن يزيد البَزِيْعيّ البيروتي، روى عن ابن المُبارك، ويحيى بن أبي زائدة.
والصَّنْعاني في نسبه نسبة إلى صنعاء مدينة باليمن من أشهر مدنه، كثيرة الأشجار والمياه، تشبه دمشق بالشام، وزادوا النون في النسبة إليها، وهي نسبة شاذة كما قالوا في بَهْراء: بَهْراني، والقياس أن يقال: صنعاوِيّ، ومن العرب من يقوله، فأبدلوا في الهمزة النون؛ لأن الألف والنون تشبهان ألفي التأنيث، وصنعاء أيضًا قريةٌ، من قرى الشام.
الثالث: مَعْمر بن راشد، وقد مر في متابعة الرابع من بدء الوحي.
الرابع: همّام بن منبِّه -باسم الفاعل من التنبيه- ابن كامل بن سَيْج -بفتح السين المهملة، وقيل: بكسرها، وسكون الياء آخر الحروف، وفي آخره جيم- أبو عُقبة اليماني الصنعاني الأبناويّ، أخو وهب، وهو أكبر منه، ومعْقِل وعمرو.
قال ابن مَعين: ثقة. وذكره ابن حِبّان في "الثقات". وقال العِجْلي: يماني تابعي ثقة. وقال أحمد: كان يغزو كان يشتري الكتب لأخيه وَهْب، فجالس أبا هُريرة، فسمع منه أحاديث، وهو نحو من أربعين ومئة حديث بإسناد واحد، وأدركه مَعْمر، وقد كبر وسقط حاجباه على عينيه، فقرأ عليه همام، حتى إذا ملَّ أخذ مَعْمر، فقرأ الباقي، وكان عبد الرزاق لا يعرف ما قُرىء عليه بما قرَأ هو.
روى عن أبي هُريرة، ومعاوية، وابن عباس، وابن عُمر، وابن الزُّبير.
وروى عنه: أخوه وَهْب بن مُنبِّه، وابن أخيه عقيل بن مَعْقل بن مُنَبِّه، ومعمر بن راشد، وعلي بن الحسن بن اتش.
مات بصنعاء سنة اثنتين وثلاثين ومئة، وقيل: سنة إحدى وثلاثين.
وفي الستة همّام سواه ثلاثة: النَّخَعيّ الكوفي العابد. والثاني. ابن نافع الحِمْيَري مولاهم اليماني الصنعاني. والثالث: ابن يحيى بن دينار الأزْديّ العوذِيّ.
والصنعاني في نسبه مرّ في الذي قبله.
واليماني فيه نسبة إلى اليمن بزيادة الألف، قال الجَوْهري: اليمن بلاد العرب، والنسبة إليها يمني ويمان مخففة، والألف عوضٌ عن ياء النسبة، فلا تجتمعان. قال سيبويه: وبعضهم يقول: يمانيّ بالتشديد، قال الشاعر:
يَمانيًّا يَظلُّ يَشدُّ كِيرًا
…
ويَنفُخُ دائِبًا لهَبَ الشَّواظِ
واليمن في الأصل ما كان عن يمين القبلة من بلاد الغور، قال الشرقي: إنما سميت اليمن لتيامنهم إليها، قال ياقوت: وفيه نظر، لأن الكعبة مربعة فلا يمين لها ولا يسار، فإذا كانت اليمن عن يمين قوم، كانت عن يسار آخرين، وكذلك الجهات الأربع، إلا أن يريد بذلك من يستقبل الركن اليماني، فإنه أجلها، فإذن يصح، والله تعالى أعلم.
قلت: فيما قاله ياقوت نظر، فإن من كان مستقبلًا للقبلة من القفا عند المقام المالكي يكون اليمن إذن له على يمين القبلة بهذا الاعتبار، وفي "المراصد": إن اليمن ثلاث ولايات، الجند ومخاليفها، وصنعاء ومخاليفها، وحضرموت ومخاليفها، وقال قطرب: سُمي اليمن ليمنه، والشّام لشؤمه، وأما حد اليمن فمن وراء تثليث وما ساقها، إلى صنعاء وما قاربها، إلى حضرموت والشحر وعمان، إلى عدن أبيه وما يلي ذلك، إلى التهائم والنجود، واليمن يجمع ذلك كله، يقال: قوم يمانية ويمانون مثل ثمانية وثمانون، وامرأة يمانية أيضًا، وتيمن انتسب إلى اليمن، والتَّيْمني أفق اليمن.
والذَّماري في نسبه نسبة إلى ذَمار كسَحاب أو قِطام، قرية باليمن على مرحلتين من صنعاء على طريق المتوجه من زبيد إليها، وهي الآن مدينة عامرة كبيرة ذات قصور وأبنية فاخرة ومدارس علم، وخرج منها فقهاء ومحدثون، سميت بقيلٍ من أقيال اليمن، يقال: إنه شمر بن الأملوك الذي بني سَمَرْقند، وقيل: إن ذمارًا اسم صنعاء، وإن معنى صنعاء كلمة حبشية معناه: وثيق حصن، ويشهد له ما في اللسان وغيره: كشفت الريح عن منبر هود عليه الصلاة والسلام، وهو من الذهب، مرصع بالدر والياقوت وعن يمينه من الجزع الأحمر مكتوب بالمسند، وعبارة "اللسان": هدمتها قريش في الجاهلية، فوجد في أساسها حجر مكتوب فيه بالمسند: لمن ملك ذَمار لِحمير الأخيار؟ لمن ملك ذَمار للحبشة الأشرار؟ لمن ملك ذَمار لفارس الأحرار؟ لمن ملك ذَمار لقُريش التجار؟ وذموران ودالان قريتان بقربها، يقال: ليس بأرض اليمن أحسن وجوهًا من نسائها. قال في "تاج العروس": والأمر كما ذكر، ويضاهيها في الجمال وادي الحصيب، الذي هو وادي زبيد، حرسها الله تعالى.
والأبناويّ في نسبه أيضًا بتقديم الباء الموحدة على النون نسبة إلى الأبناء، قوم من العجم، سكنوا اليمن، وهم الذين أرسلهم كسرى مع سيف بن ذي يَزَن لما جاء يستنجده على الحبشة، فنصروه وملكوا اليمن