الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك في هذا الحديث، فإنه أورده هنا، وأورده في مواضع يأتي ذكرها بعد الإِسناد، طورًا يقتصر على موضع الحاجة، وطورًا يورده تامًّا، وعلى هذه الطريقة يُحمل جميع تصرفه، فلا يُوجد في كتابه حديث على صورة واحدة في موضعين فصاعدًا.
رجاله خمسة:
الأول: عبد الله بن مَسلمة القَعْنبي، وقد مرّ في الثاني عشر من كتاب الإِيمان هذا.
ومرّ الإِمام مالك في الثاني من بدء الوحي.
والثالث: زيد بن أسلم القُرَشي العَدوي أبو أسامة، ويقال: أبو عبد الله المدني الفقيه مولى عُمر بن الخطاب.
وثقه أحمد، وأبو حاتم، والنّسائي، وقال ابن سَعد: كان ثقة كثير الحديث. قال مالك: كان زيد يحدث من تِلقاء نفسه، فإذا قام لم يجترىء عليه أحد. وكان مالك يقول: ما هِبْت أحدًا قطُّ هيبتي زيد بن أسلم. وكان زيد يقول لابن عجلان: اذهب فتعلم كيف يُسأل؟ ثم تعال.
وقال العطّاف بن خالد: حدث زيد بن أسلم بحديث، فقال له رجل: يا أبا أسامة عمّن هذا؟ فقال: يا ابن أخي ما كُنا نجالس السفهاء. وكان علي بن الحسين يجلِس إلى زيد بن أسلم، ويَتخطّى مجالس قومه، فقال له نافع بن جُبير بن مُطْعم: تتخطى مجالس قومك إلى عبد عمر بن الخطاب، فقال علي: إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه. وقال مالك كانت لزيد بن أسلم حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال عبد الرحمن بن زيد: قال لي أبو حازم: لقد رأيتنا في مجلس أبيك أربعين حَبْرًا فقيهًا، أدنى خَصْلة بنا التَّواسي بما في أيدينا، فما رؤي منا متماريان ولا متنازعان في حديث لا ينفعهما قط. وقال أيضًا: كان أبي له جلساء، فربما أرسلني إلى الرجل منهم، قال: فيقبل رأسي ويمسحه، ويقول: والله لَأبوك أحب إلي من ولدي وأهلي، ووالله لو خيرني الله أن يذهبَ
به أو بهم لأحببت بهم ويبقى لي زيد، وقال يعقوب بن شَيْبة: ثقة من أهل العلم والفقه، وكان عالمًا بتفسير القرآن. قال. عُبيد الله بن عمر: لا أعلم به بأسًا، إلا أنه يفسر القرآن برأيه ويكثر منه. وقال ابن عُيينة: كان رجلًا صالحًا، وكان في حفظه شيء. وذكره ابن حِبّان في "الثقات".
روى عن: أبيه، وابن عُمر، وأبي هريرة، وعائشة، وجابر، وربيعة ابن عبّاد الدِّيلي، وسَلمة بن الأكوع، وأنس، وأبي صالح السمّان، والأعْرج، وعلي بن الحسين، وغيرهم.
وروى عنه: أولاده الثلاثة أسامة وعبد الله وعبد الرحمن، ومالك، وابن عجلان، وابن جُرَيْج، والسُّفيانان، وسليمان بن بلال، وجَرير بن حازم، ومَعمر، وغيرهم.
مات في العشر الأُول من ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومئة.
وليس في الستة زيد بن أسلم سواه، وأما زيدٌ فكثير.
الرابع: عطاء بن يَسار الهِلالي المدني أو محمد القاصّ مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أخو سليمان وعبد الملك وعبد الله بني يسار أحد الأعلام.
قال ابن مَعين، وأبو زُرعة، والنّسائي: ثقة. وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. وذكره ابن حِبّان في "الثقات" وقال: قدم الشام، فكان أهل الشام يُكَنّون بأبي عبد الله، وقدم مصر فكان أهلها يُكنّونه بأبي يسار، وكان صاحب قصص وعبادة وفضل.
روى عن: مولاته ميمونة، ومعاذ بن جَبَل -وفي سماعه منه نظر- وعن أبي ذَر، وأبي الدّرداء، وزيد بن ثابت، وأبي هُريرة، وعائشة، وعبد الله بن عمر، وابن عباس، وغيرهم.
وروى عنه: أبو سلمة بن عبد الرحمن -وهو من أقرانه- ومحمد بن عمر بن عطاء، وهِلال بن علي، وزيد بن أسلم، وصَفْوان بن سُليم، وعمرو بن دينار، وآخرون.
مات بالاسكندرية سنة ثلاث أو أربع ومئة وهو ابن أربع وثمانين سنة.
والهلالي في نسبه نسبة إلى بني هلال بالولاء، حي من هوازن، وهم بنو هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هَوازن، منهم ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين، وهو مولاها كما مر، ومنهم حُميد بن ثَوْر الشاعر الصحابي، ومنهم أبو زيد الهِلالي المشهور في الشجاعة والكرم، ولهم بقية في ريف مصر.
الخامس: عبد الله بن عباس، وقد مرّ في الخامس من بدء الوحي.
لطائف إسناده: منها أن فيه التحديث والعنعنة، ورواته كلهم مدنيون إلا ابن عباس، وهو أيضًا أقام بالمدينة، وكلهم أئمة أجلاء كبار.
وهذا الحديث أخرجه البخاري، وهو طرف من حديث طويل أورده في صلاة الكسوف بهذا الإِسناد تامًّا، وفي الصلاة في باب من صلى وقُدّامُهُ نارٌ بهذا الإِسناد بعينه، وفي بدء الخلق في ذكر الشمس والقمر عن غير القَعْنبيّ مقتصرًا على محل الحاجة منه، وفي عِشرة النساء عن شيخ غيرهما، وفي كتاب العلم عن سُليمان بن حَرب. ومسلم في العيدين عن أبي بكر، وغيره عن سفيان.
وقد مرّ قريبًا أن هذا الحديث طرف من حديث طويل مختصر، والاقتصار على بعض الحديث في غير التأليف والأبواب في أربعة أقوال.
قيل: يمنع مطلقًا تعلق المحذوف بالمثبت تعلقًا يُخِلُّ حذفه بالمعنى أم لا، لأن رواية الحديث ناقصًا تقطعه وتغيره عن وجهه.
وقيل: يجوز إن انتفى التعلق المذكور، وإلا فلا يجوز بلا خلاف.
وقيل: يجوز إن اَتَمَ إيراد الحديث منه أو من غيره مرة أخرى ليؤمن بذلك من تفويت حكم أو نحوه، وإلا فلا، وإن جوّز قائله الرواية بالمعنى.
وقيل يجوز للعالم العارف -وإن لم تَجُز الرواية بالمعنى- لا لغيره.