الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد وقع هنا ذكر الجهاد بعد الإِيمان، وفي حديث أبي ذرٍّ لم يذكر الحج وذكر العِتْق، وفي حديث ابن مسعود بدأ بالصلاة ثم البِرّ ثم الجهاد، وفي الحديث المتقدم ذكر السلامة من اللسان واليد. قال العلماء: اختلاف الأجوبة في ذلك باختلاف الأحوال، واحتياج المخاطبين، وذكر ما لم يعلَمْه السائل والسامعون، وترك ما علموه، ويمكن أن يقال: إن لفظة "من" مرادةٌ، يعني في "أفضل" المقدرة، كما يقال: فلان أعقل الناس، والمراد: من أعقلهم، ومنه حديث:"خيرُكم خيرُكم لأهله" ومن المعلوم أنه لا يصير بذلك خير الناس، فإن قيل: لم قدم الجهاد وليس بركن على الحج وهو ركن، فالجواب أن نَفْعَ الحج قاصرٌ غالبًا، ونفع الجهاد متعدٍّ غالبًا، أو كان ذلك حيث كان الجهاد فرض عين، ووقوعُهُ فرض عين إذ ذاك متكررٌ، فكان أهم منه، فقُدِّم.
رجاله ستة:
الأول: أحمد بن عبد الله بن يونُس بن عبد الله بن قَيْس التَّمِيميّ اليَرْبُوعيّ الكوفي، وقد ينسب إلى جده.
قال أحمد بن حنبل لرجل: اخرج إلى أحمد بن يونُس، فإنه شيخ الإِسلام. قال أبو حاتم: كان ثقة متقنًا، آخر من روى عن الثَّوريّ. وقيل: آخر من روى عنه عَليُّ بن الجَعْد. وقال النّسائي: ثقة. وقال عُثمان بن أبي شَيْبة: كان ثقة، وليس بحجة. وقال ابن سَعْد: كان ثقة صدوقًا صاحب سنة وجماعة. وقال العِجليّ: ثقة صاحب سنة. وقال أبو حاتم: كان من صالحي أهل الكوفة وسُنِّيّيها. وذكره ابن حِبّان في "الثقات". وقال ابن قانع: كان ثقة ثبتًا مأمونًا. وقال ابن يونس: أتَيْت حماد بن زَيْد، فسألته أن يملي علي شيئًا من فضائل عثمان رضي الله عنه فقال: من أين أنت، فقلت: من أهل الكوفة، فقال: كوفيٌّ يطلب فضائل عثمان؟! فوالله لا أمليتها عليك إلا أنا قائم وأنت جالس. وقال أبو داود: هو أنبل من
ابن أبي فْدَيْك. وقال أبو عُبيد الآجُرّيّ عن أبي داود: سمعته يقول: مات الأعْمش وأنا ابن أربع عشرة سنة، ورأيت أبا حنيفة ومِسْعرًا وابن أبي لَيلى يقضي خارج المسجد من أجل الحُيَّض.
روى عن: الثَّوري، وابن عُيَينة، وزائدة، وعاصم بن محمَّد، وابن أبي الزِّناد، وإسرائيل، واللَّيث، ومالك، وخلق.
وروى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والباقون بواسطة، وأبو زُرعة، وأبو حاتم، وصاعِقة، والحارث بن أبي أسامة، وإسحاق الحَرْبيّ، وإسماعيل سَمّوَيْه، وخلق.
مات في ربيع الآخر بالكوفة ليلة الجمعة لخمس بقين من الشهر، وهو ابن أربع وتسعين سنة.
وأحمد بن عبد الله في الستة سواه عشرة.
واليَرْبُوعيّ في نسبه نسبة إلى يَرْبوع بن حَنْظلة بن مالك بن عَمرو بن تميم أبو حي من تميم، منهم مُتَمِّم بن نُوَيرة اليَرْبُوعي الصحابي وأخوه مالك.
الثاني: موسى بن إسماعيل المِنْقَريّ وقد مر في الخامس من بدء الوحي.
الثالث: إبراهيم بن سَعْد، وقد مرّ أيضًا في السادس عشر من كتاب الإِيمان هذا، ومرّ ابن شِهاب الزُّهريّ في الثالث من بدء الوحي.
الخامس: سعيد بن المُسيِّب بن حَزْن بن أبي وَهْب بن عَمرو بن عائذ ابن عِمران بن مخزوم القُرَشيّ المخزُومي أبو محمَّد الأعور، رأس التابعين وفردهم وفاضلهم وفقيههم، أبوه وجده صحابيان أسلما يوم الفتح، ولد سعيد لسنتين مضتا من خلافة عُمر رضي الله عنه، وقيل: لأربع، وهو زوج بنت أبي هُريرة، وأعلم الناس بحديثه، دخل على أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وأخذ عنهن.
وقال عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما لرجل سأله عن مسألة: ائت ذاك فاسأله -يعني سعيدًا- ثم ارجع إليّ فأخبرني، ففعل، فقال: ألم أخبركم أنه أحد العلماء؟ وقال أيضًا في حقه لأصحابه: لو رأى هذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لسَرَّه. وقال نافع عن ابن عُمر: هو والله أحد المتقنين.
وسُئل مَكْحول والزُّهريّ: من أفقه من أدركتما؟ فقالا: سعيد بن المسيِّب. وقال عَمرو بن ميمون عن أبيه: قدمت المدينة، فسألت عن أعلم أهل المدينة، فدُفِعت إلى سعيد بن المُسيِّب. وقال ابن شِهاب: قال عبد الله بن ثَعْلبة: إن كنت تريد الفقه فعليك بهذا الشيخ سعيد بن المُسيَّب. وقال قَتادة: ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام منه. وقال مكحول أيضًا: طُفت الأرض كلها في طلب العلم، فما لقيت أعلم منه.
وقال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علمًا من سعيد بن المُسيِّب، قال: وإذا قال سعيد بن المسيب: مَضَتِ السُّنَّة، فحسبك به.
قال: هو عندي أجل التابعين. وقال أبو حاتم: ليس في التابعين أنبلُ منه، وهو أثبتهم في أبي هُريرة. وقال الشافعي: إرسال ابن المُسيِّب عندنا حسنُ. وقال أحمد: مرسلاتُ سعيد صحاح لا نرى أصحّ منها. وقال أيضًا: أفضل التابعين لسعيد بن المُسيِّب، وقيل له: سعيد بن المُسيِّب؟ فقال: ومَنْ مثل سعيد ثقةً من أهل الخير؟ قيل له: سعيدٌ عن عمر حجة؟ فقال: هو عندنا حجة، قد رأى عمر وسمع منه، وإذا لم يُقْبل سعيد عن عمر، فمن يقبل؟ قال النووي في "تهذيب الأسماء": قولهم: إنه أفضل التابعين، مرادهم أفضلهم في علم الشرع، وإلا ففي "صحيح" مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ خير التابعين رجلٌ يقال له: أُوَيْس، وبه بياضٌ، فمروه فلْيَستغفر لكم".
وهو أحد الفقهاء السبعة باتفاق، ورُوي عنه أنه قال: ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة، وما نظرت في قفا رجل غير الإِمام منذ خمسين سنة لمحافظتي على الصف الأول، وقيل: إنه صلى الصبح بوضوء العشاء خمسين سنة.
وقال ابن حِبّان في "الثقات": كان من سادات التابعين فقهًا ودينًا وورعًا وعبادةً وفضلًا، وكان أفقه أهل الحجاز، وأعْبَر الناس للرؤيا، ما نُودي بالصلاة من أربعين سنة إلا وسعيد بالمسجد، فلما بايع عبد الملك للوليد وسُليمان وأبَى سعيدٌ ذلك، ضربه هشام بن إسماعيل المَخْزومي ثلاثين سوطًا، وألبسه ثيابًا من شَعْر، وأمر به فطيف به، وسجن بأمر عبد الملك بن مروان لما كُتب له أن أهل المدينة قد أطبقوا على البيعة للوليد وسليمان إلا ابن المسيِّب، فكتب إليه أن اعرضه على السَّيْف، فإن مضى فاجلِده خمسين جلدةً، وطُف به أسواق المدينة، فلما قدم الكتاب على الوالي دخل سليمان بن يَسار وعُروة بن الزُّبير وسالم بن عبد الله على سعيد بن المُسيِّب، وقالوا له: جئناك في أمر، قد قدم كتاب من أمير المؤمنين إن لم تُبايع ضُرِبت عُنُقُك ونحن نعرض عليك خصالًا ثلاثًا، فأعطنا واحدة منهن، فإن الوالي قد قبل أن يقرأ عليك الكتاب، فلا تقل لا ولا نعم، قال: يقول الناس: بايع سعيد ابن المُسيِّب، ما أنا بفاعل، وكان إذا قال لا، لم يستطيعوا أن يقولوا نعم. قالوا: فتجلس في بيتك ولا تخرُجُ إلى الصلاة أيامًا، فإنه يقبل منك إذا طلبك من مجلِسِك فلم يجِدْك. قال: فأنا أسمع الأذان فوق أُذُني "حيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح"، ما أنا بفاعل. قالوا: فانتَقل من مجلِسِك إلى غيره فإنه يرسل من مجلسك، فإن لم يَجِدْك أمْسَكَ عنك. قال أفرقًا من مخلوقٍ؟ ما أنا بمتقدم شبرًا ولا متأخرٍ، فخرجوا وخرج إلى صلاة الظهر، فجلس في مجلسه الذي كان يجلس فيه، فلما صلى الوالي بعث إليه، فأتي به، فقال: إن أمير المؤمنين كتب يأمرنا إن لم تُبايع ضَرَبنا عُنُقَكَ قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين. فلما رآه لم يُجب أُخْرِجَ إلى السُّدّة، فَمُدَّت عنقه، وسُلَّت السيوف، فلما رآه قد مضى أمر به، فجُرّد، فإذا عليه ثياب شعر، فقال: لو علمت بهذا ما اشتهرت بهذا الشأن، فضربه خمسين سوطًا، ثم طاف به أسواق المدينة، فلما ردوه والناس منصرفون من صلاة العصر، قال: إنَّ هذه لَوجوهٌ ما نظرت إليها منذ أربعين سنة،
ومنعوا الناس من مجالسته، وكان من ورعه إذا جاء إليه أحد يقول: قُم من عندي كراهيةَ أن يُضرب بسببه.
وقال مالك رضي الله عنه بلغني أن سعيد بن المُسيِّب كان يلزم مكانًا من المسجد لا يصلي ذهب غيره من المسجد، وأنه لياليَ صنع به عبد الملك ما صنع، قيل له أن يَترُكَ الصلاة فيه، فأبى إلا أن يصلي فيه، وكان يقول: ما أعزت العباد نفسها بمثل طاعة الله، ولا أهانت نفسها بمثل معصية الله، وكان قد حَجّ أربعين حجة لا يأخذ العطاء، وكان له بضاعة أربع مئة دينار يَتَّجِرُ بها في الزيت، ودعي إلى نَيِّفٍ وثلاثين ألفًا ليأخذها، فقال: لا حاجة لي فيها، ولا في بني مروان حتى ألقى الله تعالى فيحكم بيني وبينهم.
وقيل له وقد نزل الماء في عينيه: ألا تقدح عينيك؟ قال: فيم أفتحها؟ وكان يقول: لا تملؤوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار قلوبكم، لكي لا تحبطَ أعمالكم.
وكان جابر بن الأسود على المدينة، فدعا سعيدًا إلى البيعة لابن الزُّبير، فأبى، فضربه ستين سوطًا، وطاف به المدينة.
وخطب عنده عبد الملك ابنته لابنه الوليد حين ولاه العهد، فأبى أن يزوجه، فلم يزل عبد الملك يحتال على سعيد حتى ضربه في يوم باردٍ وصبَّ عليه الماء، وكان أبو وداعة يجالس سعيد بن المسيِّب ففقده أيامًا، قال: فلما جئته، قال: أين كنت؟ قلت: توفيت زوجة لي فاشتغلت بها.
فقال: ألا ما أخبرتنا فشهدناها، ثم قال: ثم أردت أن أقوم، فقال: هل تزوجت امرأة غيرها؟ فقلت: يرحمك الله، ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة؟ فقال: إن أنا فعلت تفعل؟ قلت: نعم. ثم حمد الله، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، وزوجني على دِرهمين أو قال: ثلاثة. قال: فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح والسرور، فسرت إلى منزلي، وجعلت أتفكر ممن آخذ، وصليت المغرب، وكنت صائمًا فقدمت عشاي لأفطر، وكان
خبزًا وزيتًا، وإذا بالباب يقرع، فقلت: من هذا؟ فقال: سعيد. ففكرت في نفسي في كل إنسان اسمه سعيد، إلا سعيد بن المُسيِّب؛ لأنه لم يُرَ منذ أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد، فقمت، وخرجت، وإذا بسعيد ابن المُسيِّب، فظننت أنه قد بدا له، فقلت له: يا أبا محمَّد هَلَّا أرسلت إلي فآتيك، قال: لا أنت أحق أن تؤتى، قلت: فماذا تأمرني؟ قال: رأيتك رجلًا عَزَبًا قد تزوجت، فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وهذه زوجتك، فإذا هي قائمة خلفه في طوله، ثم دفعها في الباب ورَدَّ الباب، فسقطت المرأة من الحياء، فاستوْثَقْت من الباب، ثم صعدت إلى السطح، فناديت الجيران، فجاؤوني، وقالوا: ما شأنك؟ قلت: زوجني سعيد بن المُسيِّب اليوم ابنته، وقد جاء بها على غَفْلة، وها هي في الدار، فنزلوا إليها، وبلغ أمي الخبر، فجاءت وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مَسَسْتها قبل أن أصلحها ثلاثة أيام، فمكثت ثلاثًا، ثم دخلتُ بها، فإذا هي من أجمل الناس، وأحفظهم لكتاب الله تعالى، وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرفهم بحق الزوج. قال: فمكثت شهرًا لا يأتيني ولا آتيه، ثم أتيته بعد شهر وهو في حَلْقته، فسلمت عليه، فرد علي ولم يكَلِّمني حتى انفضَّ مَنْ في المسجد، فلما لم يبق غيري، قال: ما حال ذاك الإنسان؟ قلت: هو على ما يُحِبُّ الصديق ويكره العدو. قال: إن رابك منها شيء فالعصا، فانصرفت إلى منزلي.
وقال الليث عن يحيى بن سعيد: كان سعيد يُسمّى راوية عمر، كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته. وقال إبراهيم بن سعد عن أبيه عن سعيد: ما بقي أعلم بكل قضاء قضاهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل قضاء قضاه أبو بكر، وكل قضاء قضاه عُمر، وكل قضاء قضاه عثمان مني. وقال مالك: بلغني أن ابن عُمر كان يُرسل إلى ابن المُسيِّب يسأله عن بعض شأن عمر وأمره.
قال مالك: لم يَسْمع من عُمر، ولكنه أكب على المسألة في شأنه وأمره حتى كأنه روى منه. وقال قَتادة: كان الحسن إذا أشكل عليه شيء كتب إلى سعيد بن المُسيِّب. وقال أبو زُرْعة: مدني قُرشيٌّ إمام ثقة. وقال يزيد
ابن أبي مالك: كنت عند سعيد بن المُسيِّب، فحدثني بحديث، فقلت له: من حدثك يا أبا محمَّد بهذا؟ فقال: يا أخا أهل الشام، خذ ولا تسأل، فإنا لا نأخذ إلا عن الثقات. وقال إياس بن مُعاوية: قال لي سعيد ابن المُسيّب: ممن أنت؟ قلت: من مُزَيْنة. قال: إني لأعقل يوم نَعَى عمر ابن الخطاب النعمان بن مُقَرِّن على المِنْبر. وروى عِمران بن عبد الله الخُزَاعيّ عنه أنه قال: أنا أصلحت بين عليّ وعُثمان رضي الله تعالى عنهما. وأنكر ابن مَعين هذا الحديث، وقال: قد رأى عُمر وكان صغيرًا.
وقال الواقِديّ: لم أرَ أهلَ العلم يصححون سماعه من عمر، وإن كانوا قد رووه. قال ابن حَجَر: قد وقع لي حديث بإسناد صحيح لا مَطْعَن فيه، فيه التصريح بسماعه من عُمر من طريق داود بن أبي هِند، عن سعيد بن المُسيِّب، قال: سمعت عُمر بن الخطاب على هذا المنبر يقول: عسى أن يكون بعدي أقوام يُكذِّبون بالرَّجم، يقولون لا نجدُهُ في كتاب الله، لولا أن أزيد في كتاب الله ما ليس منه لكتبت: إنه حقٌّ، قد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجم أبو بكر، ورجمت أنا. وانظر إسناده إلى داود بن أبي هند في "تهذيب التهذيب" إن شئت.
روى عن أبي بكر مُرسلًا، وعن عُمر، وعن عثمان، وعلي، وسعد ابن أبي وقّاص، وحَكيم بن حِزام، والعبَادلة ما عدا ابن الزُّبير، وأبيه المُسيِّب، وأبي الدَّرداء، وأبي ذَرّ، وحسان بن ثابت، وزيد بن ثابت، وعائشة، وأسماء بنت عُمَيْس، وأم سُلَيْم، وخلق كثير.
وروى عنه: ابنه محمَّد، وسالم بن عبد الله بن عُمر، والزُّهريّ، وقَتادة، وداود بن أبي هِند، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، وأبو جَعفر الباقِر، وابن المُنْكَدر، وعبد المجيد بن سُهيل، وهاشم بن هاشم بن عُتبة، وخلق كثير.
مات سنة أربع وتسعين في خلافة الوليد وهو ابن خمس وسبعين سنة.
قال ابن حَجَر: وعلى تقدير ما ذَكروا عنه أن مولده لسنتين مضتا من خلافة
عُمر، والإِسناد إليه صحيح، يكون مبلغ عمره ثمانين سنة إلا سنة، لا كما قال الواقِدِيّ، ويؤيده ما ذكره ابن أبي شَيْبة عنه أنه قال: قد بلغت ثمانين سنة وإن أخوفَ ما يكون علي النساء.
وأبوه المسيِّب -بضم الميم وفتح الياء على المشهور عند المحدثين، وفي "القاموس": وكمحدث والد سعيد ويفتح- وقال بعض المحدثين: أهل العراق يفتحونه، وأهل المدينة يكسرونه، ويُحكى أن سعيدًا كان يكره فتح الياء ويقول: سَيَّب الله من سَيَّب أبي، والكسر حكاه عِياض، وابن المديني.
والمُسيَّب غير والد سعيد بالفتح من غير خِلاف، كالمسَيَّب بن رافع، ابنه العلاء بن المُسَيَّب.
وفي نسب سعيد هذا يتفاضل النّسابون، لأن في بني مخزوم عابدًا بالدال المهملة والباء الموحدة، وعايذًا بالمثناة آخر الحروف والذال المعجمة، فالأول: هو عابد بن عبد الله بن عُمر بن مَخزوم، ومن ولده السائب والمُسيَّب ابنا أبي السائب، واسم أبي السائب صَيْفي بن عابد بن عبد الله، وولده عبد الله بن السائب شريك النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه:"نعم الشريك" وقيل: الشريك أبوه السائب، وعتِيق بن عابد بن عبد الله كان على أُمِّنا خديجة رضي الله عنها قبل النبي صلى الله عليه وسلم، وأما عائِذ فهو ابن عِمران ابن مَخْزوم، ومن ولده: سعيد، وأبوه، وفاطمة أم عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم بنت عُمر بن عائذ بن عِمران، وهُبيرة بن أبي وُهَيب بن عَمْرِو بن عائذ بن عمران، وهُبيرة هذا هو زوج أم هانىء بنت أبي طالب، فَرَّ عن الإِسلام يوم فتح مكة، ومات كافرًا بنجران، والله تعالى أعلم.
وعن ابن قُتَيْبة قال: أتى جَدُّه حزنٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال له: ما اسمك؟ قال له: حزن. قال له: أنت سَهْل. قال: بل أنا حزن، ثلاثًا. قال سعيد: فما زِلنا نعرف تلك الحُزُونة فينا، ففي ولده سوءُ خلق.
السادس: أبو هُريرة وقد مر في الثاني من كتاب الإِيمان.