المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الأول: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٩

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(28) كتاب أحوال القيامة وبدء الخلق

- ‌1 - باب النفخ في الصور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الحشر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب الحساب والقصاص والميزان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب الحوض والشفاعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب صفة الجنة وأهلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب رؤية اللَّه تعالى

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب صفة النار وأهلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب خلق الجنة والنار

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب بدء الخلق وذكر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(29) كتاب الفضائل والشمائل

- ‌1 - باب فضائل سيد المرسلين صلوات اللَّه وسلامه عليه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب في أخلاقه وشمائله صلى الله عليه وسلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب المبعث وبدء الوحي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب علامات النبوة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب في المعراج

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب في المعجزات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الكرامات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌(30) [كتاب المناقب]

- ‌1 - باب مناقب قريش وذكر القبائل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب مناقب الصحابة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب مناقب أبي بكر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب مناقب عمر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب مناقب عثمان رضي الله عنه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب مناقب هؤلاء الثلاثة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب مناقب علي بن أبي طالب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب مناقب العشرة رضي الله عنهم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ورضي اللَّه عنهم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب مناقب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب جامع المناقب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌ تَسْمِيَةُ مَنْ سُمِّيَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ فِي "الْجَامِعِ" لِلْبُخَارِيِّ:

- ‌13 - باب ذكر اليمن والشام وذكر أويس القرني

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌14 - باب ثواب هذه الأمة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الأول:

*‌

‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

5549 -

[1] عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا هَلَكَ". قُلْتُ: أَوَ لَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 8] فَقَالَ: "إِنَّمَا ذَلِكَ الْعَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ فِي الْحِسَاب يَهْلِكُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 103، م: 2876].

5550 -

[2] وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْكُم مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ. . . . .

ــ

عَدَّهُ، والمعدود: محسوبٌ، والقصاص: أن يفعل بالشخص مثل ما فعله من قتل أو قطع أو ضرب أو جرح، وهو في الأصل بمعنى المساواة، والميزان: عبارة عما تعلم به مقادير الأعمال، والجمهور على أنه ميزان حقيقة له لسان وكفتان توزن به صحائف الأعمال، وقيل: توزن الأشخاص، وقيل: تصور الحسنات بالصور الحسنة، والسيئات بالسيئة، وأَوّلَ البعض الوزن بمقابلة الأعمال بالجزاء، والميزان تمثيل وتصوير لإرصاد الحساب، وقد جاء:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ} [الأنبياء: 47]، والجمع باعتبار أنواع الأعمال، أو يكون لكل أحد من المكلفين ميزانٌ، واللَّه أعلم.

الفصل الأول

5549 -

[1](عائشة) قوله: (إنما ذلك العرض) أي: الحساب اليسير عرض الأعمال على العبد من غير مناقشة واستقصاء، وإنما المراد بقولنا:(من حوسب): من نوقش في الحساب، والمناقشة: الاستقصاء في الحساب، كذا في (القاموس)(1).

5550 -

[2](عدي بن حاتم) قوله: (ترجمان) هو بفتح مثناة وقد تضم وضم

(1)"القاموس المحيط"(ص: 562).

ص: 33

وَلَا حِجَابٌ يَحْجُبُهُ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6539، م: 1016].

5551 -

[3] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: . . . . .

ــ

جيم وقد يفتحان، كذا قال الكرماني (1)، وهو المفسر للسان بلسان، وقد ترجمه عنه، والفعل يدل على أصالة التاء.

وقوله: (فينظر أيمن) وكذا قوله: (وينظر أشأم منه) النصب في (أيمن) و (أشأم) على الظرفية، والمراد جانب اليمين والشمال، وفي (القاموس) (2): الشأمة والمشأمة: ضد اليمنة والميمنة، واليد الشؤمى: ضد اليمنى، انتهى. وفي (مجمع البحار) (3) في صفة الإبل: ولا يأتي خيرها إلا من جانبها الأشأم يعني الشمال، ومنه لليد الشمال: الشؤمى، تأنيث الأشأم، يريد بخيرها لبنها؛ لأنها إنما تحلب وتركب من الجانب الأيسر، ومنه حديث:(فينظر أيمن منه وأشأم منه).

وقوله: (ولو بشق تمرة) له معنيان؛ أحدهما: فاتقوا النار ولا تظلموا أحدًا ولو بشق تمرة، وثانيهما: اتقوها ولو بتصدق شق تمرة، وقد أورد هذا الحديث في (باب الصدقة)، وقد أشار بذكره في الموضعين إلى صحة إرادة المعنيين، والثاني أظهر، واللَّه أعلم.

5551 -

[3](ابن عمر) قوله: . . . . .

(1)"شرح الكرماني"(23/ 44).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 1037).

(3)

"مجمع بحار الأنوار"(3/ 170).

ص: 34

"إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْب كَذَا؟ فَيَقُول: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ. قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيُنَادَى بِهِمْ عَلَى رُؤُوْسِ الْخَلَائِقِ: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2441، م: 2768].

5552 -

[4] وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دَفَعَ اللَّهُ إِلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا، فَيَقُولُ: هَذَا فكَاكُكَ مِنَ النَّارِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2767].

ــ

(كنفه) يقال: أنت في كنف اللَّه تعالى محركة، أي: في حرزه وستره، وهو الجانب، والظل، والناحية، ومن الطائر: جناحه، كذا في (القاموس)(1)، وذلك لئلا يفتضح عند أهل المحشر ويخزى.

5552 -

[4](أبو موسى) قوله: (هذا فكاكك من النار) فك الرهن فكًّا وفكوكًا: خلّصه، كافْتَكّه، وفك الأسير فكًّا وفكاكًا: خلّصه، وفكاك الرهن بفتح الفاء ويكسر: ما يفك به، ولما كان لكل مكلف مقعد في الجنة ومقعد من النار فلما دخل المؤمن الجنة صار الكافر كالفكاك للمؤمنين خلص به عن النار، ولم يرد به تعذيب الكتابي بما اجترحه المسلم من الذنوب؛ لأنه لا يعذب أحد بذنوب أحد، وتخصيص اليهود والنصارى بالذكر لاشتهارهم لمضارة المسلمين، ومعرفة الحكم في غيرهم بطريق الأولى.

(1)"القاموس المحيط"(ص: 785).

ص: 35

5553 -

[5] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُجَاءُ بِنُوحٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ! فَتُسْأَلُ أُمَّتُهُ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا جَاءَنَا مِنْ نَذِيرٍ. فَيُقَالُ: مَنْ شُهُودُكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَيُجَاءُ بِكُمْ فَتَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بلَّغَ"، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143]. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 3339].

5554 -

[6] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَحِكَ فَقَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مِمَّا أَضْحَكُ؟ ". قَالَ: قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ يَقُولُ: يَا رَبِّ! أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ؟ ". . . . .

ــ

5553 -

[5](أبو سعيد) قوله: (محمد وأمته) لما كان محمد صلى الله عليه وسلم مزكيًا لهم وهو معنى قوله: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143]، وكان صلى الله عليه وسلم بتزكيته مقررًا لشهادتهم ومثبتًا كان كأنه معهم في الشهادة، فلهذا قال:(محمد وأمته).

وقوله: (أمة وسطًا) والوسط محركة من كل شيء: أعدله، أي: عدولًا وخيارًا.

قوله: (فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: فيجاء بكم) الخطاب للصحابة، ويحتمل أن يكون للحاضرين من الأمة والغائبين على سبيل التغليب.

5554 -

[6](أنس) وقوله: (ألم تجرني من الظلم؟ ) أجاره: أنقذه؛ لقوله تعالى: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 49]، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40] وغيرهما من الآيات.

ص: 36

قَالَ: "يَقُولُ: بَلَى"، قَالَ:"فَيَقُولُ: فَإِنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلَّا شَاهِدًا مِنِّي". قَالَ: "فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا". قَالَ: "فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ فَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي". قَالَ: "فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ". قَالَ: "فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2969].

ــ

وقوله: (فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني) طلب العبد شاهدًا من نفسه زاعمًا أنه لا شاهد عليه من نفسه؛ لأنه لا يشهد أحد على نفسه، فهذا موضع غلطه ووقوعه فيما هرب عنه، وهذا الذي أضحك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

وقوله: (وبالكرام الكاتبين) هذا زيادة على المراد الأصلي وتأكيد له، وقد يدل مراده وملتمسه، فافهم.

وقوله: (فيقال لأركانه: انطقي) إفراد الضمير باعتبار جماعة الأركان.

وقوله: (ثم يخلى بينه) أي: بين العبد (وبين الكلام) مع أركانه، (فيقول) العبد لأركانه، وهذا أيضًا محل الضحك. و (السحق) بالضم وضمتين: البعد، فيكون تأكيدًا لقوله:(بعدًا)، وله معان تناسب المراد وهو السهك والدق، وسحقت الريح الأرض: عفت آثارها، وسحق الشيء الشديد: لينه، والثوب: أبلاه، والقملة: قتلها، وبالجملة فيه معنى الهلاك والفناء ونحوهما.

وقوله: (كنت أناضل) أي: أخاصم وأدافع، ناضل عنه: دافع، ونضلته: سبقته، وناضله مناضلة ونضالًا: باراه في الرمي، أي: عنكن كنت أخاصم الخصماء وأدافعهم عنكن، وكنت معينًا ناصرًا لَكُنّ في الأمور، ثم شهدتن عليّ، وفضحتموني فيّ وخذلتموني، وجاء هذا البلاء والفضح على هذا العبد لمخاطبة الرب تعالى واحتجاجه

ص: 37

5555 -

[7] وَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَة؟ قَالَ: "فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ فِي الظَّهِيرَةِ لَيْسَتْ فِي سَحَابَةٍ؟ " قَالُوا: لَا، قَالَ:"فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ فِي سَحَابَةٍ؟ " قَالُوا: لَا، قَالَ: . . . . .

ــ

له تعالى منافيًا لما تقتضيه العبودية والمسكنة، بخلاف العبد الأول الذي وضع عليه كنفه وستره وحفظه عن الفضح.

5555 -

[7](أبو هريرة) قوله: (هل تضارون) روي بوجوه:

أحدها: بضم التاء وتشديد الراء من الضرر من باب المفاعلة كضره وضاره، ويحتمل أن يكون مبنيًّا للفاعل أو للمفعول، أي: لا تضارون بالمجادلة والمنازعة في صحة النظر إلى الشمس والقمر لوضوحهما وظهورهما، فلا يخالف بعضكم بعضًا ولا ينكره، بل كنتم متفقين على رؤيتهما.

وثانيهما: بفتح التاء وتشديد الراء من التفاعل أيضًا من الضرر، أصله تتضارون حذفت إحدى التائين مبنيًّا للفاعل، والمعنى ما ذكر.

ونقل في (مجمع البحار)(1) عن الجوهري: أضرني: إذا دنا مني دنوًّا شديدًا، فيكون المراد بالمضارة الاجتماع والازدهام عند النظر، وقال القاضي عياض (2): معناه لا تضايقون، والمضارة والمضايقة بمعنى قوله في الرواية الأخرى: تضامون، والمضايقة إنما تكون في الشيء يرى في حين واحد، وجهة مخصوصة، وقدر مقدور، واللَّه تعالى متعال عن الأقدار والأحواز. وقيل: معناه لا يحجب بعضكم عن رؤيته فيضره بذلك،

(1)"مجمع بحار الأنوار"(3/ 399).

(2)

"مشارق الأنوار"(2/ 57).

ص: 38

"فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ إِلَّا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا". قَالَ: "فَيَلْقَى الْعَبْدَ فَيَقُولُ: أَيْ فُلْ! . . . . .

ــ

وقيل: لا تضارون: لا يمنعكم منه مانع.

وثالثها: بضم التاء وتخفيف الراء من الضير بمعنى الضر على صيغة المجهول.

ورابعها: بفتح التاء وتخفيف الراء على لفظ المعلوم، والأصل تضيرون فأبدلت الياء ألفًا.

وخامسها: لا تضامون بضم التاء وتشديد الميم من الضم من المفاعلة مبنيا للفاعل أو للمفعول.

وسادسها: بفتح التاء من التفاعل.

وسابعها: بضم التاء وتخفيف الميم من الضم على صيغة المجهول.

وثامنها: تضامون بالفتح والتخفيف.

ومآل المعنى في الجميع واحد، والاعتماد على الرواية، هذا والمشهور هو بضم التاء تشديدًا وتخفيفًا، وبالراء والميم، ورواية فتح التاء أيضًا ثابتة، فتدبر.

وقوله: (إلا كما تضارون في رؤية أحدهما) هو من قبيل: لا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن سلول، و (أنا أفصح العرب بيد أني من قريش).

وقوله: (فيلقى العبد) الضمير للَّه فاعله، و (العبد) مفعوله، أي: عبدًا من عباده.

وقوله: (أي فل) الرواية المشهورة بسكون اللام مبنيًّا عليه، ولذا قالوا: إنه اسم برأسه بمعنى فلان، وليس ترخيمًا له، وإلا لكان مفتوح اللام أو مضمومه على المذهبين في الترخيم، ونقل عن سيبويه أنه صيغة مرتجلة في باب النداء، وعند بعضهم في غير النداء أيضًا، وأيضًا لا يجوز حذف الألف والنون معًا في مثله لعدم بقاء ثلاثة

ص: 39

أَلَمْ أُكْرِمْكَ وَأُسَوِّدْكَ وَأُزَوِّجْكَ وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالإِبِلَ، وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟ فَيَقُولُ: بَلَى"، قَالَ: "فَيَقُولُ: أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ: فَإِنِّي قَدْ أَنْسَاكَ كَمَا نسَيتَنِي، ثُمَّ يَلْقَى الثَّانِيَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ، ثُمَّ يَلْقَى الثَّالِثَ فَيَقُولُ لَهُ مثل ذَلِك، فَيَقُول: يَا رَبِّ! آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرُسُلِكَ، وَصَلَّيْتُ وَصُمْتُ وَتَصَدَّقْتُ،

ــ

أحرف كمروان، وقيل: ترخيم، والرواية بالفتح والضم ثابتة، وحذف النون للترخيم والألف بسكونها، وفيه ما فيه.

وقوله: (وأسودك) أي: أجعلك سيدًا، و (أذرك) أي: أدعك، (ترأس) تصير رئيس القوم، (وتربع) أي: تأخذ الربع، وكان رئيس القوم في الجاهلية يأخذ ربع الغنيمة.

وقوله: (ملاقي) بالتشديد بإدغام الياء المحذوفة العائدة بحذف التنوين في ياء المتكلم.

وقوله: (فإني قد أنساك) في الجزاء (كما نسيتني) في الشكر، ونسبة النسيان إلى اللَّه سبحانه إما على المجاز عن الترك أو بطريق المشاكلة، وفي نسبة النسيان إلى العبد تغليب؛ لأنه قد يكون بطريق التعمد والتكبر أيضًا، فافهم.

وقوله: (فذكر مثله) أي: ذكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مثل ما ذكر في الأول من سؤال اللَّه وجواب العبد، ويحتمل أن المعنى فذكر اللَّه تعالى، أي: سأله مثل ما سأل الأول، وجواب العبد مطوي الذكر، لكن الوجه هو الأول، والظاهر على الثاني: فيذكر أو فيقول، كما ذكر من قوله:(فيقول له) أي: اللَّه للعبد (مثل ذلك) أي: السؤال، غير أن جواب العبد هنا على خلاف الأولين، فهنا ادعى العبد الشكر فكذب ورد عليه، وفيهما

ص: 40