المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثاني: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٩

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(28) كتاب أحوال القيامة وبدء الخلق

- ‌1 - باب النفخ في الصور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الحشر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب الحساب والقصاص والميزان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب الحوض والشفاعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب صفة الجنة وأهلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب رؤية اللَّه تعالى

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب صفة النار وأهلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب خلق الجنة والنار

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب بدء الخلق وذكر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(29) كتاب الفضائل والشمائل

- ‌1 - باب فضائل سيد المرسلين صلوات اللَّه وسلامه عليه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب في أخلاقه وشمائله صلى الله عليه وسلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب المبعث وبدء الوحي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب علامات النبوة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب في المعراج

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب في المعجزات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الكرامات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌(30) [كتاب المناقب]

- ‌1 - باب مناقب قريش وذكر القبائل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب مناقب الصحابة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب مناقب أبي بكر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب مناقب عمر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب مناقب عثمان رضي الله عنه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب مناقب هؤلاء الثلاثة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب مناقب علي بن أبي طالب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب مناقب العشرة رضي الله عنهم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ورضي اللَّه عنهم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب مناقب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب جامع المناقب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌ تَسْمِيَةُ مَنْ سُمِّيَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ فِي "الْجَامِعِ" لِلْبُخَارِيِّ:

- ‌13 - باب ذكر اليمن والشام وذكر أويس القرني

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌14 - باب ثواب هذه الأمة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الثاني:

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

5754 -

[16] عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةً فَأَطَالَهَا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه! صلَّيتَ صَلَاةً لَمْ تَكُنْ تُصَلِّيهَا، قَالَ:"أَجَلْ، إِنَّهَا صَلَاةُ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ، وَإِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ فِيهَا ثَلَاثًا، فَأَعْطَانِي اثْنتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً؛ سَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِسَنَةٍ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ فَمَنَعَنِيهَا". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ. [ت: 2175، ن: 1638].

5755 -

[17] وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ عز وجل أَجَارَكُمْ مِنْ ثَلَاثِ خِلَالٍ: أَنْ لَا يَدْعُوَ عَلَيْكُمْ نبَيُّكُمْ فَتَهْلَكُوا جَمِيعًا،

ــ

المتقدمة بحيث لا يبقى للريب فيها احتمال ومجال، وقد تكفل ببيانها (كتاب الوفاء) لابن الجوزي وغيره، وباللَّه التوفيق.

الفصل الثاني

5754 -

[16](خباب بن الأرت) قوله: (عن خباب) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الموحدة الأولى (ابن الأرت) بفتح الهمزة والراء، وتشديد المثناة. (والرغبة والرهبة) بسكون الغين والهاء.

وقوله: (أن لا يذيق) الضمير للَّه سبحانه، و (البأس) العذاب والشدة في الحرب، يعني: لا يحاربون ولا يقاتلون فيما بينهم.

5755 -

[17](أبو مالك الأشعري) قوله: (أجاركم) أي: أنقذكم. و (الخلال)

ص: 232

وَأَنْ لَا يُظْهِرَ أَهْلَ الْبَاطِلِ عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ، وَأَن لَا تَجْتَمِعُوا عَلَى ضَلَالَةٍ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 4253].

5756 -

[18] وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَنْ يَجْمَعَ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ سَيْفَيْنِ: سَيْفًا مِنْهَا وسَيفًا مِنْ عَدُوِّهَا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 4301].

ــ

بالكسر: جمع خلة بالفتح بمعنى الخصلة، وحروف النفي زائدة، كما في قوله تعالى:{مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدْ} [الأعراف: 12]، وزيادتها لرعاية معنى النفي في (أجار) وتأكيد له، والمراد بعدم ظهور أهل الباطل على أهل الحق غلبتهم بحيث يمحق الحق ويطفئ نوره مطلقًا، ولم يكن ذلك قطعًا ولن يكون أبدًا، فالدين قائم وإن تسلط أعداؤه وقتًا خذلهم اللَّه ونصر الدين وأهله.

وقوله: (أن لا تجتمعوا على ضلالة) كقوله: (لن تجتمع أمتي على الضلالة)، وهو دليل على حجة الإجماع.

5756 -

[18](عوف بن مالك) قوله: (سيفًا منها وسيفًا من عدوها) قال التُّورِبِشْتِي (1): معناه أن السيفين لا يجتمعان فيقع بهما الاستئصال، لكن إذا جعلوا بأسهم بينهم سلط عليهم العدو وكف عن أنفسهم بأسهم، وقال الطيبي (2): الظاهر أن يقال: إنه تعالى وعدني أن لا يجمع أبدًا على أمتي محاربين معًا بل تكون إحداهما، فإذا كانت إحداهما لا تكون الأخرى، فافهم.

(1) انظر: "كتاب الميسر"(4/ 1246)، و"مرقاة المفاتيح"(9/ 3683).

(2)

"شرح الطيبي"(10/ 351).

ص: 233

5757 -

[19] وَعَنِ الْعَبَّاسِ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَأَنَّهُ سَمِعَ شَيْئًا، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ:"مَنْ أَنَا؟ " فَقَالُوا: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ:"أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ، ثم جَعَلَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِم فِرْقَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ قَبَائِلَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ قَبِيْلَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ بُيُوتًا فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ بَيْتًا، فَأَنَا خَيْرُهُمْ نَفْسًا وَخَيْرُهُمْ بَيْتًا". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 3607].

5758 -

[20] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَتَى وَجَبَتْ لَكَ النُّبُوَّةُ؟ قَالَ: "وآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ". . . . .

ــ

5757 -

[19](العباس) قوله: (فكأنه سمع شيئًا) أي: جاء العباس غضبان بسبب ما سمع طعنًا من الكفار في رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وفي استحقاقه النبوة دون غيره من عظماء العرب، فأرشدهم صلى الله عليه وسلم إلى ما يستلزم من تعظيمه، وأنه أولى بهذا من العرب؛ لأن نسبه أعرف، وفيه أن النبي إنما يكون ذا نسب عظيم في قومه، كما علم من حديث هرقل، وهذا تفهيم له على سبيل التبكيت وإلا فالنبوة فضل من اللَّه يختص به من يشاء، كما قال:{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124].

وقوله: (إن اللَّه خلق الخلق) أي: الملائكة والثقلين.

وقوله: (فجعلني في خيرهم) أي: في الإنس، ففيه فضل البشر على الخلق، ويحتمل أن يكون المراد بالخلق الجن والإنس، والأول أظهر، لأن الخلق اسم للكل فلا وجه للتخصيص، والمراد (بالفرقتين): المعجم والعرب، وخير الفرقتين العرب، المراد بـ (خيرهم قبيلة) قريش، والمراد بـ (خيرهم بيتًا) هاشم وبنوه، كذا قالوا.

5758 -

[20](أبو هريرة) قوله: (قال: وآدم بين الروح والجسد) أي: ثبت

ص: 234

رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 3609].

5759 -

[21] وَعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ مَكْتُوبٌ: خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَسَأُخْبِرُكُمْ بِأَوَّلِ أَمْرِي، دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ، وَبَشَارَةُ عِيسَى،

ــ

نبوتي في حال أن آدم صورة بلا روح، أي: قبل تعلق روحه بجسده، والمراد السبق والتقدم.

5759، 5760 - [21، 22](العرباض بن سارية، وأبو أمامة).

قوله: (وعن العرباض) بكسر العين المهملة والباء الموحدة في آخره ضاد معجمة.

وقوله: (وإن آدم لمنجدل) أي: مطروح في الأرض، والجدل مطاوع جدله، أي: صرع على الجدالة، وهي الأرض، و (الطينة): قطعة من الطين، ويجيء بمعنى الخلقة والجبلة، وقد اشتهر على الألسنة:(كنت نبيًّا وآدم بين الماء والطين)، ومحصل معناه ما ذكره، وقال الشيخ محمد السخاوي في (المقاصد الحسنة) (1): لم نقف عليه بهذا اللفظ، وقد جاء في رواية:(كتبت نبيًّا) من الكتابة، والمراد إظهار نبوته صلى الله عليه وسلم قبل وجوده العنصري في الملائكة والأرواح، وإعلامهم بذلك كما ورد كتابة اسمه الشريف على العرش، والسموات، وقصور الجنة، وغرفها، وعلى نحور الحور العين، وعلى ورق قصب آجام الجنة، وعلى ورق شجرة طوبى، وعلى ورق سدرة المنتهى، وعلى أطراف الحجب، وبين أعين الملائكة، وقد ذكر في (الشفا) وغيره في كتابة اسمه عجائب قدرة اللَّه سبحانه، وإلا فعلم اللَّه بذلك وتقديره في المستقبل لا يختص به صلى الله عليه وسلم، ويشترك

(1)"المقاصد الحسنة"(1/ 521).

ص: 235

وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْنِي وَقَدْ خَرَجَ لَهَا نُورٌ أَضَاءَ لَهَا مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ". رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ". [شرح السنة: 3626].

5760 -

[22] وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مِنْ قَوْلِهِ: "سَأُخْبِرُكُمْ" إِلَى آخِرِهِ. [حم: 4/ 127].

5761 -

[23] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ،

ــ

فيه جميع الأنبياء سلام اللَّه عليهم أجمعين، وقال بعض العارفين: إن روحه الشريفة كانت نبيًّا في عالم الأرواح مربيًا لها، وقد ثبت أن اللَّه خلق الأرواح قبل الأجساد، واللَّه أعلم بحقيقة الحال.

والمراد بدعوة إبراهيم قوله: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ} [البقرة: 129]، وببشارة عيسى عليه السلام قوله:{وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]، وإنما ذكره عيسى بأحمد؛ لأن اسمه صلى الله عليه وسلم في السماء أحمد، وقد كان عيسى عليه السلام سماويًّا في عاقبة أمره، ولعله كذلك ذكر في كتابه الإنجيل، هذا ما يسنح لي ولم أره في الكتب، واللَّه أعلم.

وقوله: (التي رأت حين وضعتني) صفة (رؤيا)، وظاهر هذا الكلام أن رؤية نور أضاء به قصور الشام كانت في المنام، وقد جاءت الأخبار أنها كانت في اليقظة، وأما الذي رأت في المنام فهو أنها رأت: أنه أتاها آت فقال لها: هل شعرت أنك حملت بسيد هذه الأمة نبيِّها، فينبغي أن تحمل الرؤيا على الرؤية بالعين في اليقظة، واللَّه أعلم.

5761 -

[23](أبو سعيد) قوله: (ولا فخر) أي: لا أقوله تبحجًا وافتخارًا، ولكن شكرًا للَّه وتحدثًا بنعمته المأمور به بقوله تعالى:{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11]،

ص: 236

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأداءً لما وجب عليه تبليغه إلى أمته ليعرفوه، ويعتقدوه، ويعملوا بمقتضاه في توقيره، ومحبته، والإيمان به على حسبه، كما أمرهم اللَّه تعالى، والفخر ادعاء العظم والكبر والشرف، وكان صلى الله عليه وسلم يحب مدحه والثناء عليه لما أن ذلك صدق لا يشوبه كذب قطعًا، وكان يقول: إن اللَّه يؤيد حسانًا بروح القدس ما دام ينافح عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ويضع له منبرًا يقوم عليه.

ولبعض الأولياء العارفين من أمته قدوة وأسوة حسنة به صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال الشيخ ابن عطاء اللَّه الإسكندري في (كتاب الحكم): الزهاد إذا مدحوا انقبضوا لشهودهم الثناء من الخلق، والعارفون إذا مدحوا انبسطوا لشهودهم ذلك من الملك الحق، وفي شرحه لابن عباد رحمه الله: كان بعضهم يمدح وهو ساكت، فقيل له في ذلك، فقال: وما عليَّ من ذلك، ولست أغلط في نفسي بل لست في البين والمجري والمنشئ هو اللَّه، وقيل: هذا المعنى في الخبر المروي: (إذا مدح المؤمن ربا الإيمان في قلبه)(1).

وقال الشيخ أبو طالب المكي رحمه الله (2): وفيه طريق العارفين أن يعلو الإيمان العلي إلى المولى الأعلى، فيفرح بذلك لمولاه ويضيفه إلى وصفه ولا يعجب بنفسه، وبهذا النظر الجمعي استقام لهم من مدحهم لأنفسهم، وثنائهم عليها ما لم يستقم لغيرهم، كما وقع لجماعة منهم، وقد روي في ذلك عن سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني، وسيدي أبي الحسن الشاذلي، وسيدي أبي العباس المرسي رحمهم الله وغيرهم غير شيء، وعلامة الصدق في حب المدح وإن كان صاحب هذا المقام لا يحتاج إلى علامة

(1) أخرجه الحاكم في "المستدرك"(6535).

(2)

انظر: "قوت القلوب"(1/ 293).

ص: 237

وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ آدَمُ فَمَنْ سِوَاهُ إِلَّا تَحْتَ لِوَائِي، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ وَلَا فَخْرَ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 3148].

5762 -

[24] وَعَنِ ابْن عَبَّاسٍ قَالَ: جَلَسَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْهُمْ سَمِعَهُمْ يَتَذَاكَرُونَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَقَالَ آخَرُ: مُوسَى كَلَّمَهُ اللَّهُ تَكْلِيمًا، وَقَالَ آخَرُ: فَعِيسَى كَلِمَةُ اللَّهِ وَرُوحُهُ. وَقَالَ آخَرُ: آدَمُ اصْطَفَاهُ اللَّهُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: "قَدْ سَمِعْتُ كَلَامَكُمْ وَعَجَبَكُمْ، إنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلُ اللَّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمُوْسَى نَجِيُّ اللَّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ،

ــ

أن لا يكره ذم الناس له من حيث نسبه ذلك إليهم؛ لأنهم متصرفون في قبضة القدرة فيسمح لهم ويصفح عنهم، ولا يجد في قلبه عليهم شيئًا، انتهى.

وقوله: (وبيدي لواء الحمد) يريد به: شهرته وانفراده يوم القيامة بالحمد على رؤوس الخلائق، والعرب تضع اللواء موضع الشهرة، فله صلى الله عليه وسلم نسبة خاصة بالحمد، فاسمه محمد وأحمد، وله المقام المحمود، وأمته الحمادون، يحمدون اللَّه في السراء والضراء، وظاهر قوله:(ما من نبي. . . إلخ)، أنه يكون له صلى الله عليه وسلم يوم القيامة لواء يسمى لواء الحمد، وقد مر في (باب الشفاعة) أن اللَّه تعالى يعلِّمه حمدًا يحمده به فيفتح باب الشفاعة.

5762 -

[24](ابن عباس) قوله: (وموسى نبي اللَّه) النجي كالغني: من تساره، والنجوى: السر، كذا في (القاموس)(1).

(1)"القاموس المحيط"(ص: 1227).

ص: 238

وَعِيْسَى رُوْحُهُ وَكَلِمَتُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَآدَمُ اصْطَفَاهُ اللَّهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، أَلَا وَأَنَا حَبِيبُ اللَّهِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا حَامِلُ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، تَحْتَهُ آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ،

ــ

وقوله: (ألا وأنا حبيب اللَّه) وهو جامع للخلة والتكليم والاصطفاء والمناجاة مع شيء زائد لم يثبت لأحد، وهو كونه محبوب اللَّه تعالى بالمحبة الخاصة التي هي من خواصه صلى الله عليه وسلم، ولبعض العلماء في الفرق بين الخليل والحبيب عبارات ينبغي أن ننقلها شرحًا لصدور المؤمنين وتنويرًا لقلوب العارفين، وقال: إن الخليل من الخلة، أي: الحاجة، فإبراهيم عليه الصلاة والسلام كانت حاجته وافتقاره إلى اللَّه تعالى، فمن هذا الوجه اتخذه خليلًا، والحبيب فعيل بمعنى الفاعل أو المفعول فهو صلى الله عليه وسلم محب ومحبوب.

والخليل محب لحاجته إلى من يحبه، والحبيب محب لا لغرض، والخليل يكون فعله برضى اللَّه تعالى، والحبيب يكون فعل اللَّه برضاه، قال اللَّه تعالى:{فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144]، {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5].

والخليل لا يحب الاستعجال إلى لقاء حبيبه، كما قيل: إن ملك الموت جاء إلى قبض روح إبراهيم، وقال له:[هل رأيت خليلًا يميت خليله، فأوحى اللَّه تعالى إليه قل له]: هل رأيت خليلًا يكره لقاء خليله. والحبيب يحب الاستعجال إلى لقاء حبيبه كما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: (اللهم أسألك النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك).

والخليل مغفرته في حد الطمع، كما قال إبراهيم:{وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 82]، والحبيب مغفرته في حد اليقين من غير سؤال قال اللَّه تعالى:

ص: 239

وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُحَرِّكُ حَلَقَ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُ اللَّهُ لِي فَيُدْخِلُنِيهَا وَمَعِي فُقَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا فَخْرَ وَأَنَا أَكْرَمُ الأَوَّلِينَ وَالآخَرِينَ عَلَى اللَّهِ وَلَا فَخْرَ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالدَّارِمِيُّ. [ت: 3616، دي: 48].

5763 -

[25] وَعَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "نَحْنُ الآخِرُونَ، وَنَحْنُ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِنِّي قَائِلٌ قَوْلًا غَيْرَ فَخْرٍ: إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ، ومُوسَى صَفِيُّ اللَّهِ، وَأَنَا حَبِيبُ اللَّهِ، وَمَعِي لِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ وَعَدَنِي فِي أُمَّتِي،

ــ

{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} [الفتح: 2].

والخليل قال: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ} [الشعراء: 87]، والحبيب قال له:{يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} [التحريم: 8].

والخليل قال: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات: 99]، والحبيب قال له:{وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى: 7].

والخليل قال: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} [الشعراء: 84]، وقال للحبيب:{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4].

والخليل قال: {وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} [الشعراء: 85]، والحبيب قال له:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1]صلى الله عليه وسلم على حبيبه وخليله وسائر النبيين وآل كل وسائر الصالحين.

وقوله: (يحرك حلق الجنة) جمع حلقة، وقد مر تحقيق هذا اللفظ في (كتاب الدعوات) في حديث:(إذا مررتم برياض الجنة)، الحديث.

5763 -

[25](عمرو بن قيس) قوله: (وإن اللَّه وعدني) أي: خيرًا كثيرًا، ولم

ص: 240

وَأَجَارَهُمْ مِنْ ثَلَاثٍ: لَا يَعُمُّهُمْ بِسَنَةٍ، وَلَا يَسْتَأْصِلُهُمْ عَدُوٌّ، وَلَا يَجْمَعُهُمْ عَلَى ضَلَالَةٍ". رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ. [دي: 55].

5764 -

[26] وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَنَا قَائِدُ الْمُرْسَلِينَ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَمُشَفَّعٍ وَلَا فَخْرَ". رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ. [دي: 50].

5765 -

[27] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجًا إِذَا بُعِثُوا، وَأَنَا قَائِدُهُمْ إِذَا وَفَدُوا، وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إِذَا أَنْصَتُوا، وَأَنَا مُسْتَشْفِعُهُمْ. . . . .

ــ

يذكر للتعميم.

5764 -

[26](جابر) قوله: (أنا قائد المرسلين) أي: مقدمهم، فإن القود يكون من قدام، والسوق من خلف.

5765 -

[27](أنس) قوله: (إذا وفدوا) أي: جاؤوا إلى حضرة اللَّه وحكمه.

وقوله: (وأنا خطيبهم إذا أنصتوا) أي: أنا المتكلم عنهم إذا سكتوا عن الاعتذار، أي: يكون لي قدرة على التكلم في ذلك اليوم فأعتذر عن الناس عند الرب تعالى، والأحسن أن يكون ذلك إشارة إلى سكوت الأنبياء عن الشفاعة، وعدم قدرتهم على التكلم، فيفتح هو صلى الله عليه وسلم باب الشفاعة، ويحمد اللَّه تعالى، ويثني عليه بما هو أهله، ويتكلم بالشفاعة.

وقوله: (وأنا مستشفعهم) يروى بفتح الفاء، أي: يطلب الناس مني الشفاعة إلى اللَّه تعالى، استشفعته إليه، أي: طلبت منه أن يشفع إليه، وبكسرها أي: أسأل اللَّه أن أشفع لهم إليه.

ص: 241

إِذَا حُبِسُوا، وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إِذَا أَيِسُوا، الْكَرَامَةُ وَالْمَفَاتِيحُ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي، وَلِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي، وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي، يَطُوفُ عَلَيَّ أَلْفُ خادِمٍ كأنَّهُمْ بَيْضٌ مُكْنُونٌ أَوْ لُؤْلُؤٌ مَنْثُورٌ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالدَّارِمِيُّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [ت: 3611، دي: 49].

ــ

وقوله: (إذا حبسوا) أي: في الموقف، وهو أول محال الشفاعة كما عرفت في (باب الشفاعة).

وقوله: (الكرامة) صحح بالرفع في أكثر النسخ فيكون مبتدأ، (والمفاتيح) أي: مفاتيح باب كل خير عطفًا عليه، وفي بعضها بالنصب، أي: إذا قنطوا من حصول الكرامة والرحمة.

وقوله: (ألف خادم) لعل المراد التكثير دون التحديد.

وقوله: (كأنهم بيض مكنون) قال البيضاوي (1) في قوله تعالى: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} [الصافات: 49]: شبههن ببيض النعام المصون عن الغبار ونحوه في الصفاء والبياض المخلوط بأدنى صفرة، فإنه أحسن ألوان الأبدان، وفي (مجمع البحار) (2): بيض مكنون: أي لؤلؤ مصون عن الأيدي والأبصار.

وقال في شرح (لؤلؤ منثور): أي كأنهم في الحسن والصفاء مستورون في الصدف لم تمسه الأيدي، وفي الحواشي:(أو) للشك، وهو على المعنى الثاني أظهر.

(1)"تفسير البيضاوي"(2/ 294).

(2)

"مجمع بحار الأنوار"(4/ 450).

ص: 242

5766 -

[28] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "فَأُكْسَى حُلَّةً مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ أَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ لَيسَ أَحَدٌ مِنَ الْخَلَائِقِ يَقومُ ذَلِكَ الْمَقَامَ غَيْرِي". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَفِي رِوَايَةِ "جَامِعِ الأُصُولِ" عَنهُ: "أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ فَأُكْسَى". [ت: 3611، جامع الأصول: 6328].

5767 -

[29] وَعَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا الْوَسِيلَةُ؟ قَالَ: "أَعْلَى دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ لَا يَنَالُهَا إِلَّا رَجُلٌ واحدٌ، وَ (1) أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 3612].

5768 -

[30] وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ كُنْتُ إِمَامَ النَّبِيِّينَ وَخَطِيبَهُمْ. . . . .

ــ

5766 -

[28](أبو هريرة) قوله: (يقوم ذلك المقام غيري) لعله هو المقام المحمود.

5767 -

[29](وعنه) قوله: (سلوا اللَّه لي الوسيلة) وهي المذكورة في دعاء الأذان، وفسر معناه هنالك.

وقوله: (إلا رجل واحد) الإبهام للتواضع والأدب، وأما في قوله:(وأرجو) تأكيد للوقوع لأنه صلى الله عليه وسلم لا يخيب رجاؤه.

5768 -

[30](أبي بن كعب) قوله: (كنت إمام النبيين) بكسر الهمزة والفتح وإن وافقه حديث كونه قائد المرسلين، لكنهم قالوا: إنه خطأ.

(1) سقطت الواو في نسخة.

ص: 243

وَصَاحِبَ شَفَاعَتِهِمْ غَيْرَ فَخْرٍ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 3613].

5769 -

[31] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ وُلَاةً مِنَ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ وَلِيِّيَ أَبِي وَخَلِيلُ رَبِّي، ثُمَّ قَرَأَ:{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 68]. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 2995].

5770 -

[32] وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي لِتَمَامِ مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ، وَكَمَالِ محَاسِنِ الأَفْعَالِ". رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ". [شرح السنة: 3623].

ــ

وقوله: (وصاحب شفاعتهم) أي: أكون من بينهم صاحب شفاعة مطلقة عامة.

5769 -

[31](عبد اللَّه بن مسعود) قوله: (إن لكل نبي ولاة من النبيين) أي: أحبابًا وأخلاء هم أولى وأقرب إليه من غيرهم، وظاهر الحديث يقتضي أن يكون لكل نبي أولياء متعددة، والمراد أن لكل نبي وليًّا على قصد التوزيع.

وقوله: (وإن وليي أبي) وهو إبراهيم عليه السلام.

وقوله: (وخليل) عطف تفسير له، وفي كتاب (المصابيح):(وإن وليي ربي وخليل ربي)، قال التُّورِبِشْتِي (1): وهو غلط، ولعل الذي حَرَّفَ هذا دخل عليه الداخل من قوله سبحانه:{إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ} [الأعراف: 196]، والرواية على ما ذكرنا وهو الصواب، وإدخال الواو لتغاير الوصفين.

5770 -

[32](جابر) قوله: (لتمام مكارم الأخلاق) المكارم جمع مكرمة،

(1)"الميسر"(4/ 1248).

ص: 244

5771 -

[33] وَعَنْ كَعْبٍ يَحْكِي عَنِ التَّوْرَاةِ قَالَ: نَجِدُ مَكْتُوبًا: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، عَبْدِي الْمُخْتَارُ، لَا فظٌّ وَلَا غَلِيظٌ، وَلَا سَخَّابٌ فِي الأَسْوَاقِ، وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ، وَهِجْرَتُهُ بِطَيبَةَ، وَمُلْكُهُ بِالشَّامِ، وَأُمَّتُهُ الْحَمَّادُونَ، يَحْمَدُونَ اللَّهَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، يَحْمَدُونَ اللَّهَ فِي كُلِّ مَنْزِلَةٍ، وَيُكَبِّرُونَهُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ، رُعَاةٌ لِلشَّمْسِ، يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ إِذَا جَاءَ وَقْتُهَا،

ــ

وهي خصلة مرضية يكرم الشخص بها، والمحاسن جمع حسن على غير قياس، والإضافة من باب جرد قطيفة.

5771 -

[33](كعب) قوله: (وملكه بالشام) قيل: أراد بالملك هنا: النبوة والدين، فإن ذلك يكون بالشام أغلب، وإلا فملكه في جميع آلافاق، وقيل: معناه الغزو والجهاد ثمة، ولهذا لا ينقطع الجهاد في بلاد الشام أصلًا، وأمر بالمسافرة إليها لإدراك فضيلة الجهاد.

وقوله: (يحمدون اللَّه في كل منزلة) أي: في كل منزل، والتاء باعتبار البقعة أي: إذا نزلوا منزلة شكروا اللَّه على أن آواهم وبوأهم، كذا نقل الطيبي (1)، وفي (الحواشي): أي في مكان أسفل، ويناسبه قوله:(ويكبرونه على كل شرف) أي: مكان عال كما هو السنة، وقد مر ذكره في (كتاب الدعوات والأذكار)، والحكمة فيه.

وقوله: (رعاة) بضم الراء: جمع راع، أي: يراقبون طلوع الشمس وغروبها

(1)"شرح الطيبي"(10/ 364).

ص: 245

يَتَأَزَّرُونَ عَلَى أَنْصَافِهِمْ، وَيَتَوَضَّؤُونَ عَلَى أَطْرَافِهِمْ، مُنَادِيهِمْ يُنَادِي فِي جَوِّ السَّمَاءِ، صفُّهُمْ فِي الْقِتَالِ وَصَفُّهُمْ فِي الصَّلَاةِ سَوَاءٌ، لَهُمْ بِاللَّيْلِ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ. هَذَا لَفْظُ "الْمَصَابِيحِ". وَرَوَى الدَّارِمِيُّ مَعَ تَغْيِيرٍ يَسِيرٍ. [دي: 1/ 156، ح: 5].

5772 -

[34] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ صِفَةُ مُحَمَّدٍ، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يُدْفَنُ مَعَهُ، قَالَ أَبُو مَوْدُودٍ: وَقَدْ بَقِي فِي الْبَيْتِ مَوضعُ قَبْرِهِ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 3617].

ــ

لمعرفة مواقيت الصلاة.

وقوله: (يتأزرون على أنصافهم) أي: يشدون الإزار على أوساطهم، أي: يشدون مقعده على السرة، والمراد المبالغة في ستر عوراتهم، ويجوز كون (على) بمعنى (إلى) أي: أزرهم إلى أنصاف سوقهم.

وقوله: (ويتوضؤون على أطرافهم) أي: يسبغون الوضوء، كذا فسروه.

وقوله: (مناديهم ينادي في جو السماء) أي: مؤذنهم ينادي في مواضع مرتفعة.

وقوله: (دوي) أي: أصوات خفية بالتسبيح، والتهليل، وقراءة القرآن، والذكر.

5772 -

[34](عبد اللَّه بن سلام) قوله: (عيسى ابن مريم يدفن معه) أي: ومكتوب هذا وهو أن عيسى ابن مريم يدفن معه، وهذا أحد تأويل قوله صلى الله عليه وسلم:(أنا أولى بعيسى) كما مر، واللَّه أعلم.

ص: 246