المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثالث: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٩

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(28) كتاب أحوال القيامة وبدء الخلق

- ‌1 - باب النفخ في الصور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الحشر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب الحساب والقصاص والميزان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب الحوض والشفاعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب صفة الجنة وأهلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب رؤية اللَّه تعالى

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب صفة النار وأهلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب خلق الجنة والنار

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب بدء الخلق وذكر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(29) كتاب الفضائل والشمائل

- ‌1 - باب فضائل سيد المرسلين صلوات اللَّه وسلامه عليه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب في أخلاقه وشمائله صلى الله عليه وسلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب المبعث وبدء الوحي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب علامات النبوة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب في المعراج

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب في المعجزات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الكرامات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌(30) [كتاب المناقب]

- ‌1 - باب مناقب قريش وذكر القبائل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب مناقب الصحابة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب مناقب أبي بكر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب مناقب عمر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب مناقب عثمان رضي الله عنه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب مناقب هؤلاء الثلاثة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب مناقب علي بن أبي طالب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب مناقب العشرة رضي الله عنهم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ورضي اللَّه عنهم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب مناقب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب جامع المناقب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌ تَسْمِيَةُ مَنْ سُمِّيَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ فِي "الْجَامِعِ" لِلْبُخَارِيِّ:

- ‌13 - باب ذكر اليمن والشام وذكر أويس القرني

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌14 - باب ثواب هذه الأمة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الثالث:

قُلْتُ: أَكْحَلُ الْعَيْنَيْنِ، وَلَيْسَ بِأَكْحَلَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 3645].

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

5797 -

[22] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفْلَجَ الثَّنِيَّتَيْنِ، إِذَا تَكَلَّمَ رُئِيَ كَالنُّورِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ ثَنَايَاهُ. رَوَاهُ الدَّارمِيُّ. [دي: 1/ 203، خ: 59].

ــ

وقوله: (قلت: أكحل العينين وليس بأكحل) الظاهر أن المراد ظننت أنه اكتحل، أي: استعمل الكحل في عينيه، والحال أنه لم يكتحل، بل كان كحل في عينه، فإنه قد ورد في صفته صلى الله عليه وسلم:(في عينه كحل) بفتحتين، أي: سواد في أجفان العين خلقة، والرجل أكحل وكحيل، فلفظ الحديث لا يخلو عن إشكال، قال في (القاموس) (1): الكحل محركة: أن يعلو منابت الأشفار سواد خلقة، فهو أكحل، انتهى. والمراد ما ذكرنا فلعله جاء أكحل بمعنى المكتحل، واللَّه أعلم.

الفصل الثالث

5797 -

[22](ابن عباس) قوله: (أفلج الثنيتين) وجاء في رواية: (مفلج الأسنان)، والمراد منهما الثنايا والثنية، والثنايا من الأسنان الأربعة في مقدم الفم ثنتان من فوق وثنتان من أسفل، والرباعيات اثنتان حولهما، والفلج بالتحريك: تباعد ما بين الأسنان، وقال صاحب (النهاية) (2): إن الفلج بالتحريك: فرجة بين الثنايا والرباعيات، والفرق: فرجة بين الثنيتين، انتهى. فعلى هذا استعمل (فلج) موضع (فرق)، فتدبر.

وقوله: (رئي) بلفظ المجهول على وزن ضرب، (كالنور) أي: شيء مثل النور

(1)"القاموس المحيط"(ص: 970).

(2)

"النهاية"(3/ 468).

ص: 282

5798 -

[23] وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، حَتَّى كَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3556، م: 2769].

5799 -

[24] وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ غُلَامًا يَهُودِيًّا كَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ، فَوَجَدَ أَبَاهُ عِنْدَ رَأْسهِ يَقْرَأُ التَّوْرَاةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا يَهُودِيُّ! أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى هَلْ تَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ نَعْتِي وَصِفَتِي وَمَخْرَجِي؟ ". قَالَ: لَا. قَالَ الْفتَى: بَلَى وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا نَجِدُ لَكَ فِي التَّوْرَاة نَعْتَكَ وَصِفَتَكَ وَمَخْرَجَكَ، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ:"أَقِيمُوا هَذَا مِنْ عِنْدِ رَأْسهِ وَلُوا أَخَاكُمْ". . . . .

ــ

في الظهور والبيان، أو الكاف زائدة، وهذا أظهر معنى، والضمير في (يخرج) للنور.

5798 -

[23](كعب بن مالك) قوله: (إذا سرّ) بلفظ المجهول من السرور.

وقوله: (قطعة قمر) إنما قال: (قطعة) لقلة استدارته بالنسبة إلى استدارة القمر.

وقوله: (وكنا نعرف ذلك) إشارة إلى أنه كان في غاية الجلاء والظهور.

5799 -

[24](أنس) قوله: (يخدم) من باب نصر وضرب.

وقوله: (نعتي وصفتي) كان أحدهما عبارة عن الخلق بالفتح، والآخر عن الخلق بالضم، والظاهر من المخرج المبعث مصدر ميمي أو ظرف مكان أو زمان، ويمكن أن يراد به الهجرة، والخروج من مكة إلى المدينة، ومجيئهم إليهم.

وقوله: (أقيموا هذا) أي: أخرجوه من عنده، (ولوا أخاكم)(لوا) أمر بلفظ الجمع

ص: 283

رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "دَلَائِل النُّبُوَّة". [دلائل النبوة: 6/ 272].

5800 -

[25] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ". رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [دي: 1/ 166، ح: 15، شعب الإيمان: 2/ 529، ح: 1339].

* * *

ــ

المذكر من ولي الأمر، و (لِ) واحد، مثل قِ وقوا، أي: تولوا أمره من التمريض والتجهيز والتكفين.

5800 -

[25](أبو هريرة) قوله: (إنما أنا رحمة مهداة) كقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، وفي قوله:(مهداة) تعظيم وتبجيل لنفسه الكريمة، وتشريف وتكريم للأمة؛ لأن الإهداء إنما يكون بشيء نفيس إلى من أريد إكرامه.

تكملة: هذا ما أورده المؤلف من الأحاديث في كمال خلقته وجمال صورته، وفاته أشياء منها ما جاء في وصف بصره وسمعه، فقد جاء عن ابن عباس: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يرى بالليل في الظلمة كما يرى بالنهار، وإنه كان يرى من خلفه ما يرى من أمامه، واختلف في أنها بآلة في قفاه، أو بعين رأسه، أو لا بهذا ولا بذاك بل كان بطريق العلم، وفيه كلام طويل ذكر في (المواهب)، وقد ذكرنا طرفًا منه في (باب الإمامة).

وذكر القاضي عياض في (الشفا)(1): أنه صلى الله عليه وسلم يرى في الثريا أحد عشر نجمًا، وعند السهيلي: اثني عشر، وقال صلى الله عليه وسلم: (إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، وإني

(1)"الشفا بتعريف حقوق المصطفى"(1/ 164).

ص: 284

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لأسمع أطيط السماء وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدًا للَّه تعالى). وفي رواية:(وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم)، وجاء في حديث أبي هالة:(خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة)، وهي مفاعلة من اللحظ، وهو النظر بشق العين الذي يلي الصدغ، وأما الذي في جانب الأنف فالموق.

وجاء في حديث علي رضي الله عنه: (كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عظيم العينين)، ولعل المراد به ما فسر به بعضهم:(أشكل العين) بطويل شق العين، والمقصود نفي صغرهما وغورهما مما ينافي الحسن والجمال، وهذا هو الضابطة في وصفه وجماله أنه كان في غاية الحسن والاعتدال، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واضح الجبين، مقرون الحاجبين بهذا وصفه علي رضي الله عنه، فقال: مقرون الحاجبين، صلت الجبين، أي: واضحة، والقرن: اتصال شعر الحاجبين.

وجاء في وصفه: (رجل حسن الجسم، عظيم الجبهة، دقيق الحاجبين)، وورد:(أزج الحواجب)، وفسر بالقوس، والطويل الوافر الشعر، وورد: من غير قرنٍ بينهما عِرْقٌ يُدِرُّهُ الغضبُ، أي: يمتلئ، وما إذا غضب كالممتلئ الضرع لبنًا إذا أدر. وقوله:(من غير قرن) ينافي رواية: (مقرون الحاجبين)، والأول هو الصحيح في صفته، يعني سوابغ من غير قرن، وقد جاء:(أقنى الأنف)، والقنا في الأنف: طوله ودقة أرنبته مع حدب في وسطه، وفسرها السائل المرتفع وسطه.

وجاء في رواية الترمذي: (أقنى العرنين له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشم)، و (العرنين) بكسر العين وسكون الراء وكسر النون: أعلى الأنف، وجاء: (كث اللحية

ص: 285

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عظيم الهامة)، وهو في معنى ما في الكتاب:(ضخم الرأس واللحية)، وجاء:(الواضح الخدين وسهل الخدين)، وجاء في حديث ابن أبي هالة فقال:(أشنب مفلج الأسنان)، والشنب: رونق الأسنان وماؤها، وقيل: رقتها وتحديدها، وجاء:(براق الثنايا)، وقال:(كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحسن عباد اللَّه شفتين وألطفهم ختم فم)، وقال قائلهم:

بحر من الشهد في فيه مراشفه

ياقوته صدف فيه جواهره

وعن بعض الصحابة أنه قال: بايعنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنا وأمي وخالتي، فلما رجعنا قالت لي أمي وخالتي: يا بني! ما رأينا مثل هذا الرجل أحسن وجهًا، وأنقى ثوبًا، ولا ألين كلامًا، ورأينا كالنور يخرج من فيه.

وأما ريقه صلى الله عليه وسلم فقد جاء: أتي بدلو من ماء فشرب من الدلو ثم صب في البئر -أو قال: مج في البئر- ففاح منها مثل رائحة المسك، ولم يكن بئر أعذب منها، وهذا معجزة، وبصقه صلى الله عليه وسلم في عين علي وهو أرمد وبرؤه كأن لم يكن به وجع، مشهور، ويأتي في المعجزات إن شاء اللَّه تعالى، ولهذا أمثال مذكورة في موضعه.

وأما فصاحة لسانه، وجوامع كلمه، وبديع بيانه فمما لا يمكن وصفه حتى كان كلامه يأخذ القلوب، ويسلب الأرواح.

وأما صوته فلقد كان أحسن الناس صوتًا وأصدقهم لهجة، فعن أنس قال: ما بعث اللَّه نبيًّا إلا حسن الوجه، حسن الصوت، حتى بعث اللَّه نبيكم صلى الله عليه وسلم فبعث حسن الوجه حسن الصوت، وقد كان صوته يبلغ حيث لا يبلغه صوت غيره، فعن البراء: خطبنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى أسمع العواتق في خدورهن، وجاء: خطبنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمنى ففتحت أسماعنا -وفي رواية: ففتح اللَّه أسماعنا- حتى إن كنا لنسمع ما يقول

ص: 286

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ونحن في منازلنا.

وعن أم هانئ: كنا نسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في جوف الليل عند الكعبة وأنا على عريشي.

وورد: جل ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام، أي: يبدي أسنانه ضاحكًا، وحب الغمام: البرد، وورد: إذا ضحك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تلألأ في الجدر، أي: يشرق نوره عليها إشراقًا كإشراق الشمس، كذا فسروه.

وكان بكاؤه صلى الله عليه وسلم من جنس ضحكه لم يكن بشهيق ورفع صوت، كما لم يكن ضحكه بقهقهة، ولكن تدمع عيناه حتى تهملان، ويسمع لصدره أزيز كأزير المرجل خصوصًا عند سماع القرآن، وأحيانًا في صلاة الليل.

وقد حفظه اللَّه من التثاؤب، فورد: ما تثاءب النبي قط، وفي رواية: ما تثاءب نبي قط، وجاء في وصفه صلى الله عليه وسلم: سائل الأطراف بالمهملة، وفي رواية: شائل الأطراف بالمعجمة، ويروى: سائن بالنون بدل اللام، وفسروه بطويل الأصابع.

وكان منبسط الوجه، ولم ينقبض وجهه حتى مات، وكان أبيض الإبطين، وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الإبط من جميع الناس يكون متغير اللون، وزاد القرطبي: ولا شعر عليه، ولم يثبت ذلك، وبياض الإبط لا يستلزم ذلك، وقد ورد في بعض الروايات: نتف إبطيه، واللَّه أعلم.

وجاء: بادن متماسك سواء البطن والصدر، ووصفت بطنه أم هانئ فقالت: ما رأيت بطن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلا ذكرت القراطيس المثنية بعضها على بعض، وجاء: مفاض البطن، فقيل: واسع البطن، وقيل: مستوى البطن مع الصدر، وجاء عن بعض

ص: 287

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصحابة أنه قال: نظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة، وقد جاء: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أبيض، كأنما صيغ من فضة، وكان عريض الصدر، وفي رواية: رحب الصدر، وكان قلبه أنقى القلوب، وأصلحها، وأنورها، وقد غسل مرارًا كما جاء في الأخبار.

وأما جماعه صلى الله عليه وسلم فقد كان يدور على نسائه في الليلة الواحدة، وهي إحدى عشرة امرأة، وقد ورد: أنه أعطي قوة ثلاثين، وفي رواية: قوة أربعين، وزاد أبو نعيم عن مجاهد: كل رجل من رجال أهل الجنة، وقد يروى أنه يعطى كل رجل في الجنة قوة مئة، وقد حفظه اللَّه من الاحتلام، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما احتلم نبي قط، وإنما الاحتلام من الشيطان، رواه الطبراني (1).

وقد مر: أنه كان شثن القدمين، أي: غليظ أصابعهما، وعن بعض الصحابة أنه قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فما نسيت طول أصبع قدميه السبابة على سائر أصابعه، وكانت خنصره من رجله متظاهرة.

وقد اشتهر على الألسنة أن سبابة النبي صلى الله عليه وسلم كانت أطول من الوسطى، قال الحافظ ابن حجر: وهو غلط ممن قاله، وإنما ذلك في أصابع رجليه، وكذا قال السخاوي وبين منشأ غلطه، وقد نقله صاحب (المواهب)(2)، وورد في حديث ابن أبي هالة عند الترمذي: خمصان الأخمصين مسيح القدمين (3)، والأخمص من القدم: الموضع الذي لا يلصق بالأرض منها عند الوطء، والخمصان: المبالغ فيه، أي: كان ذلك الموضع

(1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 304، رقم: 11812).

(2)

"المواهب اللدنية"(2/ 292).

(3)

أخرجه الترمذي في "الشمائل"(7).

ص: 288

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

من أسفل قدميه شديد التجافي عن الأرض، وقد ورد في حديث أبي هريرة: كان إذا وطئ بقدمه وطئ بكلها ليس له أخمص، ويوفق بينهما بأنه كان أخمص، ولكن عند وطء القدم يطأ على قدمه كلها. ومسيح القدمين: أي ملساوتان لينتان ليس فيهما تكسر ولا شقاق، فإذا أصابهما الماء نبا عنهما، وورد: أنه كان صلى الله عليه وسلم أحسن البشر قدمًا.

أما طوله فقد عرف أنه كان أقرب إلى الطول من القصر، وورد: ليس بالذاهب طولًا، وفوق الربعة، إذا جاء مع القوم غمرهم، رواه عبد اللَّه ابن الإمام أحمد رحمة اللَّه عليهما، وورد: أنه كان ينسب إلى الربعة إذا مشى وحده، ولم يكن على حال يماشيه أحد من الناس ممن ينسب إلى الطول إلا طال صلى الله عليه وسلم، وربما اكتنفه الرجلان الطويلان فيطولهما، فإذا فارقاه نسب إلى الربعة، وهذا معجزة له صلى الله عليه وسلم. وجاء في خصائصه: أنه كان إذا جلس يكون كتفه أعلى من جميع الجالسين.

واختلف في سدله الشعر وفرقه، فقيل: كان يسدل موافقة لأهل الكتاب ثم فرق، وكلاهما جائز، وقيل: الفرق أفضل، وقالت أم هانئ: قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم علينا مكة وله أربع غدائر، والصحيح عند المحدثين أنه صلى الله عليه وسلم لم يخضب، ولم يبلغ شيبه الخضاب، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يكثر دهن رأسه، وتسريح لحيته، ولم يحلق رأسه في غير نسك حج أو عمرة، وكان شعره عند أصحابه.

وعن محمد بن سرين قال: قلت لعبيدة: عندنا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم أصبناه من قبل أنس، قال: لأن يكون عندي شعرة منه أحب إلي من الدنيا وما فيها، وقال في (الشفاء) (1): كث اللحية تملأ صدره، وورد: أنه صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها

(1)"الشفا بتعريف حقوقه المصطفى"(1/ 148).

ص: 289

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وطولها، رواه الترمذي (1) وقال: حديث غريب، وكان يقص شاربه وقال:(من لم يأخذ شاربه فليس منا)، والكلام فيه طويل مذكور في موضعه ولا بأس بترك سباليه فعل ذلك عمر رضي الله عنه.

وأما العانة فقد روي أنه كان يطلأها بالنورة. وجاء في حديث أنس: أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يتنور، وكان إذا كثر شعره حلقه، ولكن سنده ضعيف، وكان يأخذ من شاربه وأظفاره يوم الجمعة، ولم يثبت في كيفيته شيء، وعند البعض في تعيين يوم أيضًا كلام، وكان لا يفارقه سواكه ومشطه، وكان ينظر في المرآة إذا سرح لحيته، وكانت له مكحلة يكتحل منها كل ليلة، ثلاثة في هذه وثلاثة في هذه قبل أن ينام.

وأما مشيه فقد عرف حاله، وأما مشيه مع أصحابه فكانوا يمشون بين يديه وهو خلفهم، وهو معنى ما ورد: كان يسوق أصحابه، ولم يكن له صلى الله عليه وسلم ظل في شمس ولا في قمر، رواه الحكيم الترمذي عن ذكوان. وقال ابن سبع: كان صلى الله عليه وسلم نورًا، وكان إذا مشى في الشمس والقمر لا يظهر له ظل، وقال: ويشهد له قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه: (واجعلني نورًا)(2)، قال العبد الضعيف: عجبا من هؤلاء الأعلام كيف فاتهم: ولا عند سراج، والدليل قائم.

وأما لونه فقد مضى الكلام فيه، واتفقت الروايات على بياضه، قالوا: كان أبيض مليح الوجه، وعند الطبراني: ما أنسى شدة بياضه في شدة سواد الشعر، وقال عمه أبو طالب في مدحه:

(1) أخرجه الترمذي في "سننه"(2762).

(2)

انظر: "المواهب اللدنية"(2/ 307).

ص: 290

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأبْيَض يُسْتَسْقَى الغمامُ بوجهه

ثمال اليَتامى عصمة للأرامِل

وأما طيب ريحه فقد ورد فيه عجائب يتحير العقل فيه.

وأما البول والدم: فقد شربهما بعض الناس فلم يمرض أبدًا، وجاءت فيه أحاديث، وفيها دلالة على طهارة بوله ودمه، وقد ورد: أنه إذا كان أراد أن يتغوط انشقت الأرض وابتلعت بوله وغائطه، وفاحت لذلك رائحة طيبة، ولم يطلع على ما يخرج منه بشر، وقد يروى: ابتلاع الأرض ما يخرج عن الأنبياء عليهم السلام.

وقال الشيخ الحافظ ابن حجر (1): قد تكاثرت الأدلة على طهارة فضلاته صلى الله عليه وسلم، وعد ذلك من خصائصه، فكله حسن وجمال، وكله طهارة ونظافة، وكله فضل وكمال، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه في كل حين وفي كل حال، وهذا نقلته من صفاته صلى الله عليه وسلم مما فات المؤلف في هذا الباب، وبعض ذلك وإن كان ذكره في أبواب أخر لكني أردت إيراده متسقًا ومنتظمًا شوقا وغرامًا وتمسكًا واعتصامًا، ولا أخاف في أمثال ذلك من التطويل فأيّ تطويل عند ذكر الحبيب، وهو يصحح العليل ويشفي الغليل، فعلى اللَّه التوكل، وعلى فضله وكرمه التعويل:

أكرمْ بخلقِ نبيٍّ زانهُ خُلُقٌ

بالحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بالبِشْرِ مُتَّسِمِ

كالزَّهرِ فِي تَرَفٍ والبَدْرِ فِي شَرَفٍ

والبَحْر في كَرَمٍ والدهْرِ فِي هِمَمِ

مُنَّزَّهٌ عن شريكٍ فِي محاسنهِ

فَجَوْهَرُ الحُسْنِ فِيهِ غيرُ مُنْقَسِمِ

(1)"فتح الباري"(1/ 273).

ص: 291