الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
5694 -
[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوْثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: فَمَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ وَغِرَّتُهُمْ. . . . .
ــ
الفصل الأول
5694 -
[1](أبو هريرة) قوله: (تحاجت الجنة والنار) أي: تكلمتا فيما بينهما كشفًا عن حالهما مع إظهار نوع شكاية منهما، وليس المراد محاجتهما بمعنى مغالبتهما بالحجة، كما في (حج آدم موسى عليهما السلام، كذا قال الطيبي (1)، فتدبر (2).
وقوله: (إلا ضعفاء الناس وسقطهم) أي: أراذلهم وأدوانهم، كذا في (مجمع البحار)(3) عن (النهاية)، وقال الكرماني (4):(وسقطهم) هو بفتحتين، أي: الساقطون عن أعين الناس.
وقوله: (وغرتهم) الغر بالكسر: الغافل لا تجربة له كما في قوله: (المؤمن غر كريم)، والتاء على وصف الجماعة، والغرة أيضًا اسم من اغتر فيكون من قبيل الوصف بالمصدر؛ فإن قيل: يدخل فيها من الأنبياء والملوك العادلة والعلماء المشهورين؟ قلت: يريد أن أكثرهم الفقراء والبله، وأما غيرهم من الأكابر فهم قليلون، وهم
(1)"شرح الطيبي"(10/ 290).
(2)
زاد في (ك) بعد هذا: ويجوز أن يكون المقصود المباهاة والمفاخرة، فإن الجاهلين يتباهون بوجود صحبة المتكبرين والمتجبرين جهلًا منهم، وزعمًا بعزتهم وعطمتهم عندهم.
(3)
"مجمع بحار الأنوار"(3/ 87)، و"النهاية"(2/ 378).
(4)
"شرح الكرماني"(18/ 4).
قَالَ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ: إِنَّمَا أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ رِجْلَهُ تَقُولُ: قَطْ قَطْ قَطْ، فَهُنَالِكَ (1) تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، فَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ فإِنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا". . . . .
ــ
أصحاب الدرجات العلى، وقيل: معنى الضعيف: الخاضع للَّه المذل نفسه له، المتواضع للخلق.
وقوله: (إنما أنت رحمتي) بلفظ خطاب المؤنث، أي: محلها ومكانها، وقد سميت الجنة رحمة في قوله تعالى:{فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ} [آل عمران: 107]، وهذا إفحام وإسكات لهما بأن ذلك من مشيئتي وفي اختياري أفعل ما أشاء، جعلت إحداكما رحمة للضعفاء والمساكين، والأخرى عذابًا للجبابرة والمتكبرين، أفعل ما أشاء، ولا علة لفعلي.
وقوله: (حتى يضع اللَّه رجله) هذا من المتشابهات كاليد والأصبع والعين والوجه، وقد علم حكمها إما الوقف وإما التأويل.
وقوله: (قط قط قط) مكرر ثلاثًا، وهو بسكون الطاء بمعنى حسب، وقد يلحقها نون الوقاية، وقد تكسر الطاء منونة وغير منونة، وقد يدخلها الفاء، وأما بضم الطاء مشددة، فهو الذي يكون للنفي في الماضي.
وقوله: (ويزوى) على صيغة المجهول، أي: يضم ويجمع فتضيق.
وقوله: (ينشئ لها خلقًا) أي: لم يعملوا عملًا، وهذا فضل من اللَّه لا يدخل
(1) في نسخة: "فهناك".