الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأَنْظُرَ مَنْزِلَتِي عِنْدَهُ، إِذْ طَلَعَ عُمَرُ فَارْفَضَّ النَّاسُ عَنْهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنِّي لأَنْظُرُ إِلَى شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالْجنِّ قَدْ فَرُّوا مِنْ عُمَرَ"، قَالَتْ: فَرَجَعْتُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. [ت: 3691].
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
6050 -
[16] عَنْ أَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّه! لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى؟ فَنَزَلَتْ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]. وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّه! يَدْخُلُ عَلَى نِسَائِكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَهُنَّ يَحْتَجِبْنَ؟ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ،
ــ
منكبه ورأسه.
وقوله: (لأنظر منزلتي) أي: مرتبتي عنده في محبته إياي وطلبه رضاي.
وقوله: (فارفض) بوصل الهمزة وتشديد الضاد المعجمة كاحمرّ، أي: تركوها وتفرقوا عنها من هيبة عمر.
وقوله: (إني لأنظر إلى الشياطين) كأنه قال باعتبار كونه في صورة اللهو واللعب، ولابد أن يكون فيه شيء ولكنه ليس بحرام، وإلا كيف رآه النبي صلى الله عليه وسلم وأراه عائشة، وتوجيه هذا الحديث أيضًا مثل السابق.
الفصل الثالث
6050، 6051 - [16، 17](أنس، وابن عمر) قوله: (وافقت ربي في ثلاث) إن كان صدور هذا القول منه رضي الله عنه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقت وجود هذه الموافقات الثلاث فقط فلا إشكال، وإن كان بعده صلى الله عليه وسلم وبعد زمان حدوث أخواتها فالجواب أن تخصيص الثلاث لا يمنع الزيادة، ولعله وقع تقريب ذكرها في الوقت فقال: . . . واللَّه أعلم.
وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْغَيْرَةِ فَقُلْتُ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: 5]، فَنزلت كَذَلِك.
6051 -
[17] وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ: فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، وَفِي الْحِجَابِ، وَفِي أُسَارَى بَدْرٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 402، م: 2399].
6052 -
[18] وَعَن ابْن مَسْعُود قَالَ: فَضَلَ النَّاسَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِأَرْبَعٍ: بِذِكْرِ الأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ، أَمَرَ بِقَتْلِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى:{لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ، وبذكره الْحِجَابَ، أَمَرَ نِسَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحْتجِبْنَ، فَقَالَتْ لَهُ زَيْنَبُ: وَإِنَّكَ عَلَيْنَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ فِي بُيُوتِنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53]، وَبِدَعْوَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"اللهُمَّ أَيِّدِ الإِسْلَامَ بِعُمَرَ"، وَبِرَأْيِهِ فِي أَبِي بَكْرٍ كَانَ أَوَّلَ نَاسٍ بَايَعَهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 1/ 456].
ــ
وقوله: (وفي الغيرة) وذلك في قصة شرب العسل، والروايات فيه متعددة مذكورة في كتب السير.
6052 -
[18](ابن مسعود) قوله: (فضل الناس) بنصب الناس.
وقوله: (أمر بقتلهم) بعد ما أشار أبو بكر بأخذ الفدية عنهم، ورضي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر رضي الله عنه، والمراد بـ (كتاب اللَّه) حكمه السابق بأن لا يعاقب المجتهد بخطئه أو بأن لا يعذب أهل بدر، وتمام هذه القضية مذكورة في التفسير في (سورة الأنفال).
وقوله: (وإنك علينا) أي: تحكم علينا، قالته بطريق الاستفهام الإنكاري.
وقوله: (برأيه) أي: برأي عمر في أبي بكر وبيعته بعد ما اختلف المهاجرون
6053 -
[19] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ذَاكَ الرَّجُلُ أَرْفَعُ أُمُّتي دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَاللَّه مَا كُنَّا نُرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ إِلَّا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. [جه: 4077].
6054 -
[20] وَعَنْ أَسْلَمَ قَالَ: سَأَلَنِي ابْنُ عُمَرَ بَعْضَ شَأْنِهِ -يَعْنِي عُمَرَ- فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حِينِ قُبِضَ كَانَ أَجَدَّ وَأَجْوَدَ. . . . . .
ــ
والأنصار.
6053 -
[19](أبو سعيد) قوله: (ذاك الرجل أرفع أمتي درجة في الجنة) قالوا: (ذاك) إشارة إلى مبهم، والمقصود منه أن يجتهد كل واحد أن ينال تلك المرتبة، وإنما تنال بالمواظبة وغاية الجد على الطاعات والعبادات، والاتصاف بالأخلاق والكمالات، أو كان قد جرى ذكر من يتصف بهذه الصفات فأشار إليه أن من يتصف بها أرفع درجة، وعلى التقديرين ظنوا أن ذلك الرجل هو عمر بن الخطاب لما شاهدوا فيه من الخيرات والمبرات، مبالغة في شأنه ورفعة مكانه، ولكن لا يلزم منه أن يكون هو أفضل قطعًا من غيره فيها، فلا يلزم كونه أفضل من أبي بكر، هكذا قرروه، فافهم.
وقوله: (حتى مضى لسبيله) كناية عن الموت، والمراد بيان استمراره على تلك الحالة مدة عمره.
6054 -
[20](أسلم) قوله: (من حين قبض) يدل على أن المراد بقوله بعد وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وإن احتمل أن يراد بعده في الخصال المرضية.
وقوله: (أجد) من الجد وهو الاجتهاد، و (أجود) من الجودة، أي: في أعمال الخير.
حَتَّى انْتَهَى مِنْ عُمَرَ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 3687].
6055 -
[20] وَعَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمةَ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَعَلَ يَأْلَمُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكَأَنَّهُ يُجَزِّعُهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا كُلُّ ذَلِكَ، لَقَدْ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقَكَ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ أَبَا بَكْرٍ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقَكَ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ الْمُسْلِمِينَ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُمْ، وَلَئِنْ فَارَقْتَهُمْ لَتُفَارِقَنَّهُمْ وَهُمْ عَنْكَ رَاضُونَ. قَالَ: أَمَّا مَا ذَكرْتَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرضَاهُ فَإِنَّمَا ذَلِكَ مَنٌّ مِنَ اللَّه مَنَّ بِهِ عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ وَرِضَاهُ فَإِنَّمَا ذَلِك مَنٌّ مِنَ اللَّه مَنَّ بِهِ عَلَيَّ. وَأَمَّا مَا تَرَى مِنْ جَزَعِي فَهُوَ مِنْ أَجْلِكَ وَمِنْ أَجْلِ أَصْحَابِكَ،
ــ
وقوله: (حتى انتهى) أي: إلى آخر عمره، قالوا: هذا محمول على وقت مخصوص وهو مدة خلافته ليخرج أبو بكر من ذلك.
6055 -
[21](مسور بن مخرمة) قوله: (وعن المسور) بكسر الميم وسكون السين المهملة وفتح الواو (ابن مخرمة) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الراء، (يجزعه) بتشديد الزاي، أي: ينسبه إلى الجزع ويلومه عليه، أو يزيل عنه الجزع ويسلبه، كقوله تعالى:{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: 23] أي: أزيل عنهم الفزع.
وقوله: (ولا كل ذلك) أي: لا تبالغ فيما أنت فيه من الجزع.
وقوله: (منّ من اللَّه) أي: عطاء منه.
وقوله: (فهو منه أجلك ومن أجل أصحابك) كأنه رضي الله عنه غلب عليه الحزن لما استشعر من فتن تقع بعده في أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم أظهر غاية الخوف من غنى اللَّه