الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَتَّى رَوِيَ النَّاسُ وَضَرَبُوا بعَطَنٍ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 7019، م: 2393].
*
الْفَصْلُ الثَّانِي:
6042 -
[8] عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 3682].
6043 -
[9] وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: إِنَّ اللَّه وَضَعَ الْحَقَّ عَلَى لِسَان عمر يَقُول بِهِ. [د: 2962].
ــ
(يفري فريه) بكسر الراء وشدة الياء، ويقال بسكون الراء أيضًا، وبالوجهين ضبطناه على شيوخنا أبي الحسين وغيره، وأنكر الخليل التثقيل وغلَّط قائله، ومعناه: يعمل عمله ويقوي قوته، يقال: فلان يفري الفري، أي: يعمل العمل البالغ، ومنه:{لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} [مريم: 27] أي: عظيمًا عجبًا، يقال: فريت: إذا قطعت وشققت على جهة الإصلاح، وأفريت: إذا فعلته على جهة الإفساد، ومنه قول حسان:(لأفرينهم فري الأديم) يريد: لأقطِّعن أعراضهم تقطيع الأديم وتشقيقه.
وقوله: (حتى روي الناس) بكسر الواو من سمع، وأما بفتحها من ضرب فهو من الرواية.
الفصل الثاني
6042، 6043 - [8، 9](ابن عمر وأبو ذر) قوله: (إن اللَّه جعل الحق على لسان عمر) أي: أجراه على لسانه، وذلك أمر خَلْقي جِبِلِّي له، وفي رواية أخرى:(وضع الحق على لسان عمر) أي: جعله مستقرًا وموضعًا للحق.
وقوله: (وقلبه) أي: وفي قلبه، قريبًا من: علفته تبنًا وماءً، وباعتبار معنى الاستيلاء والاستقرار محمول على ظاهره.
6044 -
[10] وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: مَا كُنَّا نُبْعِدُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ". [6/ 369].
6045 -
[11] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اللهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ" فَأَصْبَحَ عُمَرُ فَغَدَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَ، ثُمَّ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ ظَاهِرًا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ. [فضائل الصحابة لأحمد: 311، ت: 3683].
ــ
6044 -
[10](علي) قوله: (ما كنا نبعد) من الإبعاد.
وقوله: (أن السكينة تنطق على لسان غمر) قال التُّوربِشْتِي (1): أي ينطق بما يستحق أن تسكن إليه النفوس، وتطمئن به القلوب، وأنه أمر غيبي ألقي على لسانه، ويحتمل أنه أراد بالسكينة المَلَك الذي يلهمه ذلك القول، انتهى.
قيل: أراد بها السكينة التي ذكرها اللَّه تعالى في كتابه العزيز، ولا يخفى بُعْدُ هذا المعنى لما عرف من تفسير تلك السكينة، وقد ذكرناه فيما سبق في (باب فضائل القرآن وسور منه).
6045 -
[11](ابن عباس) قوله: (اللهم أعز الإسلام) أي: قوِّه وانصره واجعله غالبًا على الكفر.
وقوله: (فغدا على النبي) وقال: اللات والعزى تعبد على رؤوس الجبال وفي بطون الأودية، ودين اللَّه عز وجل يعبد سرًّا، واللَّه لا يعبد اللَّه سرًّا بعد يومنا هذا، (فأسلم)، وقصة إسلامه رضي الله عنه قصة عجيبة مشهورة، وقد ذكرناها في ترجمته.
وقوله: (ثم صلى في المسجد ظاهرًا) يدل على أن قبل إسلام عمر [كانوا]
(1)"كتاب الميسر"(4/ 1318).
6046 -
[12] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ: يَا خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَا إِنَّكَ إِنْ قُلْتَ ذَلِكَ فَلَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ عَلَى رَجُلٍ خَيْرٍ مِنْ عُمَرَ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [ت: 3684].
6047 -
[13] وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كَانَ بَعْدِي نبِيٌّ لَكَانَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [ت: 3686].
6048 -
[14] وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ جَاءَتْ (1) جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّه! إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللَّه صَالِحًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْكَ بِالدُّفِّ وَأَتَغَنَّى. . . . .
ــ
يصلون في خفية من الناس، نعم كذلك، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مختفيًا في دار أرقم.
6046 -
[12](جابر) قوله: (على رجل خير من عمر) وجوه الخيرية مختلفة متعددة، فلا منافاة بين كون كل منهما خيرًا مع كون أبي بكر أفضل من جهة كثرة الثواب، فافهم.
6047 -
[13](عقبة بن عامر) قوله: (لو كان بعدي نبي) لو للفَرْض والتقدير ويستعمل في المستحيل.
وقوله: (لكان عمر بن الخطاب) لعله صلى الله عليه وسلم قاله ذلك لأجل كون عمر ملهمًا محدَّثًا يلقي المَلَك في رُوعه الحق، وله مناسبة بعالَم الوحي والنبوة، واللَّه أعلم.
6048 -
[14](بريدة) قوله: (إن ردك اللَّه صالحًا) أي: سالمًا صحيحًا، و (الدف)
(1) في نسخة: "جاءته".
فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ كُنْتِ نَذَرْتِ فَاضْرِبِي وَإِلَّا فَلَا"، فَجَعَلَتْ تَضْرِبُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَأَلْقَتِ الدُّفَّ تَحْتَ اسْتِهَا، ثُمَّ قَعَدَتْ عَلَيْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَخَافُ مِنْكَ يَا عُمَرُ، إِنِّي كُنْتُ جَالِسًا وَهِيَ تَضْرِبُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ، فَلَمَّا دَخَلْتَ أَنْتَ يَا عُمَرُ أَلْقَتِ الدُّفَّ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. [ت: 3690].
ــ
بضم الدال وقد يفتح، واختلف فيه فأباحها قوم مطلقًا، وكرهه آخرون مطلقًا، وبعضهم أباحوه في العرائس والأعياد ونحوها، وهو المذهب الصحيح المختار، وقد يفصل بين ما فيه الجلاجل وما ليس فيه، ويقال: الأول مكروه بالاتفاق.
وقوله: (إن كنت نذرت فاضربي) أمرها صلى الله عليه وسلم بوفاء نذرها؛ لأن الوفاء به واجب، وقد تقرر أن النذر لا يكون إلا ما هو من جنس الطاعة والقربة، وذلك مذهب الأئمة، وعندنا يكفي كونه مباحًا، والنذر عندنا إيجاب المباح، وأما بالمعصية فلا يجوز بالاتفاق، فدل الحديث على إباحة ضرب الدف بل على كونه مستحبًّا وهو هنا كذلك؛ لأن السرور بمقدمه صلى الله عليه وسلم وسلامته قربة، ودل أيضًا أن سماع أصوات النساء بالغناء مباح إذا خلا عن فتنة، كذا قالوا.
لكن الإشكال في الحديث من جهة أنه كيف قررها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على فعلها أولًا، بل أمرها بذلك، وكذلك عند دخول أبي بكر وعلي وعثمان، وسماها آخرًا شيطانًا؟
6049 -
[15] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا فَسَمِعْنَا لَغَطًا وَصَوْتَ صِبْيَانٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا حَبَشِتَّةٌ تَزْفِنُ وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهَا، فَقَالَ:"يَا عَائِشَةُ تَعَالَيْ فَانْظُرِي"، فجِئْتُ فَوَضَعْتُ لَحْيَيَّ عَلَى مَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهَا مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ إِلَى رَأْسِهِ. فَقَالَ لِي:"أَمَا شَبِعْتِ؟ أَمَا شَبِعْتِ؟ " فَجَعَلْتُ أَقُولُ: لَا،
ــ
وقالوا في الجواب عن ذلك: إنها لما عدَّت انصراف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سالمًا نعمةً من اللَّه موجبًا للسرور وهو كذلك في نفس الأمر، أمرها بوفاء نذرها، وخرج من صفة اللهو إلى صفة الحق ومن الكراهة إلى الاستحباب، ولكن ذلك كان يحصل بأدنى الضرب، فلما ازداد عاد إلى حد المكروه وصادف ذلك مجيء عمر، فقال ما قال إشارةً إلى منع الزيادة منه والإكثار، وفعله من غير ضرورة، ولم يمنعها صريحًا لئلا يرجع إلى حد التحريم، وأما ترك الجاريتين اللتين كانتا تدفان أيام منى وعدم تحديدهما إلى نهاية، وهو ظاهر في الاستمرار، فلكونها إيام عيد، فالحالات متفاوتة بعضها يقتضي الاستمرار وبعضها لا يقتضيه، ذكر ذلك التُّوربِشْتِي ونقل عنه الطيبي (1)، فتدبر.
6049 -
[15](عائشة) قوله: (فسمعنا لغطا) هو الصوت الذي لا يفهم، و (تزفن) بالزاي، أي: ترقص من ضرب، و (لحيي) بفتح اللام وسكون الحاء المهملة وتشديد الياء تثنية لَحْي، أضيف إلى ياء المتكلم، وهي منبت اللحية -بالكسر- من الخدين والذقن.
وقوله: (ما بين المنكب) بتقديرِ في ظرف لـ (أنظر) أو حال كون لحييَّ فيما بين
(1)"كتاب الميسر"(4/ 1318)، و"شرح الطيبي"(12/ 3862).