الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6005 -
[27] وَعَن أبي هريرةَ قَالَ: جَاءَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ دَوْسًا قَدْ هَلَكَتْ عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّه عَلَيْهِمْ، فَظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ يَدْعُو عَلَيْهِمْ فَقَالَ:"اللهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 4392، م: 2524].
6006 -
[28] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَحِبُّوا الْعَرَبَ لِثَلَاثٍ: لِأَنِّي عَرَبِيٌّ، وَالْقُرْآنُ عَرَبِيٌّ، وَكَلَامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَرَبيٌّ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 1364].
* * *
2 - باب مناقب الصحابة
ــ
6005 -
[27](أبو هريرة) قوله: (قد هلكت عصت) بدون الواو، وقيل:(عصت) استئنافٌ لبيان سبب الهلاك.
وقوله: (وأت بهم) يعني: مسلمين.
6006 -
[28](ابن عباس) قوله: (والقرآن) بالرفع (1)، وكذا قوله:(وكلام أهل الجنة) يعني: للعرب فضل في الدنيا والآخرة.
2 -
باب مناقب الصحابة
الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به ومات على الإسلام وإن تخللت ردةٌ على الأصح كأشعث بن قيس، فإنه كان ممن ارتد، ثم أتي به إلى أبي بكر الصديق أسيرًا،
(1) قال القاري (9/ 3874): بالنصب ويرفع.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فعاد إلى الإسلام فقبل منه ذلك وزوجه أخته، ولم يتخلف أحد عن ذكره في الصحابة ولا عن تخريج أحاديثه في المسانيد وغيرها.
وإنما قال: على الأصح، إشارةً إلى الخلاف في المسألة، وتحقيق هذا التعريف يطلب من كتب أصول الحديث، وقد اشترط بعض الأصوليين طول صحبته مع النبي صلى الله عليه وسلم وملازمته له وأخذه منه وأقله ستة أشهر؛ لأن الصحبة في العرف لا تطلق على رؤية أو لُقِيٍّ، هذا ولكن لا يعرف لتعيين مدة ستة أشهر أو أكثر من ذلك دليل، واللَّه أعلم.
وقال الشيخ (1): لا خفاء في رجحان رتبة من لازمه صلى الله عليه وسلم وقاتل معه أو قتل تحت رايته على من لم يلازمه، أو لم يحضر معه مشهدًا، أو على من كلمه يسيرًا، أو ماشاه قليلًا، أو رآه من بعيد، أو في حال الطفولية، وإن كان شرف الصحبة حاصلا للجميع، انتهى.
ويعرف كونه صحابيًا بالتواتر، أو الاستفاضة، أو الشهرة، أو بإخبار بعض الصحابة، أو بعض ثقات التابعين، أو بإخباره عن نفسه بأنه صحابي إذا كان دعواه يدخل تحت الإمكان.
ثم إنه قد ثبت بالآيات والأحاديث فضل الصحابة وشرفهم ما لا سبيل معه إلى الإنكار والشك في ذلك، وموتهم على الكفر كما يزعم الروافض، وما نقل من ذلك عن واحد أو اثنين منهم كعبد اللَّه بن جحش وابن خطل فنادر، ولم يكن إيمانهم حقيقةً، أو لم يكونوا داخلين في حيطة هذه الفضائل والكرامات، وقد أُخذ من قوله:{لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: 29] كفرُ من يبغضهم ويغيظهم، مع ما ثبت منهم من الهجرة
(1)"نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر"(ص: 113).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والجهاد ونصرة الإسلام وبذل المهج والأموال وقتل الآباء والأولاد والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين.
وقال إمام عصره أبو زرعة الرازي (1) من أجل شيوخ مسلم: إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وما أدى إلينا ذلك إلا الصحابة، فمن جرحهم إنما أراد به إبطال الكتاب والسنة، فيكون الجرح به ألصق، والحكم عليه بالزندقة والضلال والكذب والعناد هو الأقوم الأحق.
وقال ابن حزم: الصحابة كلهم من أهل الجنة قطعًا، وفي الحقيقة يلحق منه المنقصة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حيث بُعث إلى كافة الخلق وهدايتهم وإخراجهم من الكفر والضلال، ويكون بحيث لم يهتد من صحابته ولم يُختم لهم بالإيمان إلا نفر قليل كستة أو سبعة، ومن سواهم كلهم ماتوا على الضلال والكفر، نعوذ باللَّه من أمثال هذه الكلمات، فمِن ثَم أجمع أهل السنة والجماعة أنه يجب على كل مسلم تزكية جميع الصحابة وتعديلهم، والكفُّ عن سبهم والطعن فيهم، والثناءُ عليهم؛ لأن اللَّه تعالى ورسوله عدلهم وزكاهم وأثنى عليهم.
ونحو ذلك قال شيخ شيوخ زمانه شهاب الدين عمر السهروردي في (أعلام الهدى): اعلم أن أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم مع نزاهة بواطنهم وطهارة قلوبهم كانوا بشرًا، وكانت لهم نفوس تظهر بصفاتها وقلوبُهم منكوة لذلك، فيرجعون إلى حكم قلوبهم وينكرون ما كان من نفوسهم، انتهى (2).
(1) انظر: "الصواعق المحرقة"(2/ 609).
(2)
انظر: "الأساليب البديعة في فضائل الصحابة"(ص: 36).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وذهب بعض العلماء الشافعية وغيرهم إلى أن اختصاص الحكم بالعدالة بمن لازم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ونصره دون من اجتمع به يومًا أو لغرض، وهذا قول غريب يخرج به كثير من المشهورين بالصحبة والرواية عن الحكم بالعدالة كوائل بن حجر ومالك بن الحويرث وعثمان بن أبي العاص، وغيرهم ممن وفد عليه صلى الله عليه وسلم ولم يُقم عنده إلا قليلا وانصرف، والقول بالتعميم هو الذي صرح به الجمهور وهو المعتبر، واللَّه أعلم.
وقال في (الصواعق المحرقة)(1): اعلم أنه وقع خلاف في التفضيل بين الصحابة ومن جاء بعدهم من صالحي هذه الأمة، فذهب أبو عمر بن عبد البر إلى أنه يوجد فيمن أتى بعد الصحابة من هو أفضل من بعض الصحابة، واحتج على ذلك بخبر:(طوبى لمن رآني وآمن بي ولمن لم يرني وآمن بي) سبع مرات، وبخبر عمر رضي الله عنه قال: كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أتدرون أيُّ الخلق أفضل إيمانًا؟ ) قلنا: الملائكة، قال:(وحق لهم بل غيرهم)، قلنا: الأنبياء، قال:(وحق لهم بل غيرهم)، ثم قال صلى الله عليه وسلم:(أفضل الخلق إيمانًا قوم في أصلاب الرجال يؤمنون بي ولم يروني، فهم أفضل الخلق إيمانًا)، وبحديث:(مثل أمتي كمثل المطر لا يُدرى آخره خير أم أوله)، وبخبر:(ليدركن المسيح أقوامًا إنهم لمثلكم أو خير) ثلاثًا، وبخبر:(تأتي أيام للعامل فيهن أجر خمسين)، قيل: منهم أو منا يا رسول اللَّه؟ قال: (بل منكم)، وبما روي عن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة كتب إلى سالم بن عبد اللَّه بن عمر: أن اكتب لي سيرة عمر بن الخطاب لأعمل بها، فكتب إليه سالم: إن عملت بسيرة عمر فأنت أفضل من عمر؛ لأن زمانك ليس كزمان عمر، ولا رجالك كرجال عمر، وكتب إلى فقهاء زمانه فكلهم كتب بمثل
(1)(2/ 611 - 614).