الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14 - باب ثواب هذه الأمة
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
6283 -
[1] عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ خَلَا مِنَ الأُمَمِ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ،
ــ
تنبيه: علم أنه قد جاءت أحاديث في فضل الشام وبيت المقدس وصخر وعسقلان وغيرها من قزوين وأندلس ودمشق، وحكم المحدثون على أكثرها بالضعف، وذكرها السيوطي في (جمع الجوامع)، وقال: لم أذكر في هذا الكتاب موسومًا بالوضع، واللَّه أعلم.
14 -
باب ثواب هذه الأمة
فضل هذه الأمة المرحومة وكثرة ثوابها خارج عن حد الحصر، ولا يضبطه البيان، وكفى في ذلك قوله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110]، وقوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143]، وأنها أمة محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين وصفوة الخلائق أجمعين، الذي تمنى الأنبياء والرسل عليهم السلام أن يجعلوا من أمته، وما لهذه الأمة من الفضل والكمال، وما وجد فيه من الأولياء والعلماء والفضلاء وكراماتهم وكمالاتهم وفضائلهم، لم يوجد في أمة من الأمم السالفة، اللهم اجعلنا من أمته وارزقنا محبته، وتوفنا على ملته برحمتك يا أرحم الراحمين.
الفصل الأول
6283 -
[1](ابن عمر) قوله: (إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم) الأجل:
وَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَتَ الْيَهُودُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَتِ النَّصَارَى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ؟ أَلَا فَأَنْتُمُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، أَلَا لَكُمُ الأَجْرُ مَرَّتَيْنِ،
ــ
المدة المضروبة للشيء، وهي جملة مدة العمر، وقد يطلق على الموت بإرادة الجزء الأخير منها، فيقول: مدة عمركم في جنب مجموع أعمار الأمم السابقة، كالمدة التي بين صلاة العصر إلى المغرب في جنب أول النهار إلى العصر، ومع ذلك أنتم أكثر ثوابًا منهم، أي: من مجموعهم، ثم بين النسبة بين هذه الأمة وبين اليهود والنصارى، فروى بقوله:(وإنما مثلكم ومثل اليهود)، وفي بعض الأصول:(إنما مثلكم واليهود)، والعطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجار سواء كان حرفًا أو اسمًا ممتنع عند الجمهور، وجائز عند البعض لوقوعه في سعة الكلام وهو أرجح، وكفى به حجة قراءة حمزة في قوله تعالى:{تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: 1] بالجر والتأويل خلاف الظاهر.
وقوله: (على قيراط قيراط) كرر ليدل على أن لكل واحد قيراطًا لا لمجموع العمال.
وقوله: (مرتين) أي: ضعفين فضلًا من اللَّه تعالى، أو المراد مرة بتصديق نبيكم وأخرى بتصديق الأنبياء الماضية.
فَغَضِبَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالُوا: نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَقَلُّ عَطَاءً، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَهَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَإِنَّهُ فَضْلِي أُعْطِيهِ مَنْ شِئْتُ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 3459].
6284 -
[2] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي. . . . .
ــ
وقوله: (فغضبت اليهود والنصارى) اكتفى بذكر حال المشبه عن حال المشبه به اختصارًا، ثم الظاهر أن هذا تخييل وتصوير لا أن ثمة مقاولة ومغاضبة حقيقة، وحملها على حصولها عند إخراج الذر أو وقوعه يوم القيامة، والتعبير بالماضي لتحقق الوقوع تكلف مستغنى عنه، واللَّه أعلم.
وقوله: (فإنه فضلي) أي: العطاء الكثير المدلول عليه بالسياق أو الأجر مرتين.
6284 -
[2](أبو هريرة) قوله: (إن من أشد أمتي لي حبًّا ناس) يعني يكون منه ناس أشد حبًّا لي من بعض هو زماني من أصحابي، أو المراد -واللَّه أعلم- أنهم وإن لم يكن حبهم أشد لكن لما كانوا بعدي من غير رؤيتي كان أشدّ حكمًا، والمعنى الأول أظهر بالنظر إلى السياق، وفي هذا الحديث وما يأتي من الأحاديث دلالة على أنه قد يأتي بعد الصحابة من يكون مساويًا لهم أو أفضل، وقد ذهب إليه ابن عبد البر تمسكًا بهذه الأحاديث، ذكره في (الصواعق)(1)، مع أنهم أجمعوا على أن الصحابة أفضل الأمة، وحملوا الأحاديث في إثبات جهة من الخيرية، والفضل الكلي الذي
(1)"الصواعق"(2/ 611).
يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2832].
6285 -
[3] وَعَن مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّة قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3641، م: 1037].
وَذُكِرَ حَدِيثُ أَنَسٍ: "إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ" فِي "كِتَابِ الْقِصَاصِ".
ــ
هو عبارة عن أكثرية الثواب ثابت، وقيل: ذلك ثابت للصحابي بالمعنى الأخص، وهو من طالت صحبته وأخذه، وأما بالمعنى الأعم، وهو من رأى ولو مرة، فمحل نظر، والمسألة مذكورة محررة في موضعه، وقد ذكرنا نبذة منها في ترجمة (باب مناقب الصحابة)، واللَّه أعلم.
وقوله: (يود أحدهم لو رآني بأهله وماله) أي: يتمنى أحدهم أن أكون مفديًّا بأهله وماله لو اتفق رؤيته إياي ووصوله إلي، وهذا وإن لم يكن ممكنًا، لكن التمني لا يشترط فيه الإمكان، ويجوز أن يكون المراد -واللَّه أعلم- رؤيته صلى الله عليه وسلم بالكشف يقظة، كما يكون للكمل من الأولياء، ومنامًا أيضًا كما يكون لسائر المؤمنين، فإن من المشتاقين من يتمنى ذلك، ويرى أن لو كان حصل له ذلك بفداء أهله وماله بل روحه وجميع ماله لكان فيه سعادته في الدنيا والآخرة.
6285 -
[3](معاوية) قوله: (بأمر اللَّه) أي: شريعته ودينه وترويج سنته، وهم أصحاب الحديث، أو بالجهاد مع الكفار وهم الغزاة، وقالوا: المراد بهم المرابطون بئغور الشام في آخر الزمان، كما يشعر به قوله:(حتى يأتي أمر اللَّه)، وقد وقع في بعض الروايات:(وهم بالشام)، وفي بعضها:(حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال).
وقوله: (من خذلهم) أي: لم ينصرهم ولم يعاونهم.