الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِي طِلَاعَ الأَرْضِ ذَهَبًا لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ قَبْلَ أَن أرَاهُ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 3692].
* * *
5 - باب مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
6056 -
[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بَيْنمَا رَجَلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذْ أَعْيَا فَرَكِبَهَا، فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا إِنَّمَا خُلِقْنَا لِحَرَاثَةِ الأَرْضِ، فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ بَقَرَةٌ تَكَلَّمُ! "،
ــ
تعالى بقوله: (لو أن لي طلاع الأرض) بكسر الطاء المهملة، أي: ملأها، وكان رضي الله عنه شديد الخوف والخشية من اللَّه سبحانه.
وقوله: (من عذاب اللَّه) قيل: أي: من العذاب الذي يحتمل وقوعه عند ظهور الفتن.
5 -
باب مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
قد وقع في الأحاديث فضل أبي بكر وعمر جميعًا، فعقد بابًا آخر لبيانه، وقد كانا رضي الله عنهما مذكورين معًا في كثير من الأحوال، يقولون: أبو بكر وعمر، لكونهما وزيري رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقريبيه ومستشاريه في الأمور، وصاحبيه في جميع الأوقات والأحوال.
الفصل الأول
6056 -
[1](أبو هريرة) قوله: (إنا لم نخلق لهذا) فيه دلالة على أن ركوب
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَإِنِّي أُوْمِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ"، وَمَا هُمَا ثَمَّ، وَقَالَ: "بَيْنَمَا رَجُلٌ فِي غَنَمٍ لَهُ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ عَلَى شَاةٍ مِنْهَا فَأَخَذَهَا، فَأَدْرَكَهَا صَاحِبُهَا فَاسْتَنْقَذَهَا، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ: فَمَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ. . . . .
ــ
البقر والحمل عليها غير مرضي، وقال الشيخ (1): استدل به على أن الدواب لا تستعمل إلا فيما جرت العادة باستعمالها فيه، ويحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى الأفضل والأولى من غير أن تكون حقيقةُ الحصر مرادًا، فإن من جملة ما خلقت له أن تذبح وتؤكل بالاتفاق.
وقوله: (فإني أومن به) أي: بتكلم البقرة بأنه حق ليس من جملة الوهم والخيال أو من إلقاء الشيطان، أو بما تكلَّمُ به من أنها لم تخلق إلا للحراثة.
وقوله: (وأبو بكر وعمر) عطف على المستكن في (أومن)، وقد اجتمع ههنا الفصل والتأكيد معًا، وتخصيص أبي بكر وعمر بالذكر للإشارة إلى قوة إيمانهما وكماله، فإن قلت: كيف أخبر صلى الله عليه وسلم بإيمان أبي بكر وعمر به مع أنهما لم يعلما به ولم يصدر عنهما الإيمان به؟ قلنا: المراد أنه من شأنه أنهما إن اطلعا عليه آمنا وصدقا به ولا يترددان، وأما ما قيل: إنه محمول على أنه أخبرهما به فصدقاه فينافيه سوق الكلام، كما لا يخفى.
وقوله: (وما هما ثم) مبالغة في مدحهما وقدرهما عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، لأنهما لو كانا حاضرين ثم لأمكن أن يقال: تخصيص ذكرهما اتفاقي تقريبًا لحضورهما، ولما مدحهما بذلك غائبين كان أدخل في المقصود، فافهم.
وقوله: (فمن لها يوم السبع) روي بسكون الباء وضمها، وتعددت في
(1)"فتح الباري"(6/ 518).
يَوْمَ لَا رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي؟ فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّه ذِئْبٌ يتَكَلَّمُ! "، فَقَالَ: "أُومِنُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ"، وَمَا هُمَا ثمَّ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3471، م: 2388].
ــ
معناه أقاويل.
أما بالسكون، فقيل: هو الموضع الذي يكون إليه المحشر، والمعنى: من لها يوم القيامة.
ويعكر على هذا قول الذئب: (يوم لا راعي لها غيري)، والذئب لا يكون راعيًا يوم القيامة. وقيل: السبع: الفزع، والظاهر أن المراد الفزع المشار إليه بقوله:{فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} [النمل: 87]، وقوله:{لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} [الأنبياء: 103]، فيؤول بالمعنى الأول، وَيرِدُ عليه ما يرد على الأول. وقيل: المراد به يوم الفتن حتى يهمل بلا راع نهبة للذئاب والسباع، والسبع: الإهمال، قال الأصمعي: المُسْبعُ المهمل، وأسبع الرجل غلامه إذا تركه يفعل ما يشاء، فجعل الذئب لها راعيًا إذ هو متفرد بها، وهو إخبار بما يكون من شدائد وفتن تهمل فيها المواشي فيتمكن منها الذئاب.
وقيل: يوم السبع بالسكون عيد كان لهم في الجاهلية يجتمعون فيه للموسم يلهيهم عن كل شيء، ويهملون مواشيهم فتأكلها السبع، كذا في (المشارق)(1).
وأما بالضم على ما أملاه الحافظ أبو عامر العبدري وكان من العلم والإتقان بمكان، فالمراد هو الحيوان المفترس، ويحتمل بعض المعاني المذكورة في رواية السكون،
(1)"مشارق الأنوار"(2/ 205).
6057 -
[2] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنِّي لَوَاقِفٌ فِي قَوْمٍ فَدَعَوُا اللَّهَ لِعُمَرَ وَقَدْ وُضعَ عَلَى سَرِيرِهِ، إِذَا رَجُلٌ مِنْ خَلَفِي قَدْ وَضَعَ مِرْفَقُهُ عَلَى مَنْكِبِي يَقُولُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ؛ لِأَنِّي كَثِيرًا مَا كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "كُنْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَفَعَلْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَانْطَلَقْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ". فَالْتَفَتُّ فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3677، م: 2389].
ــ
وقيل: يوم العيد أيضًا بالضم.
هذا وقال في (المشارق)(1): قال بعضهم: إنما هو يوم السيع بالياء باثنتين، أي: يوم الضياع، يقال: أسيعت وأضعت بمعنى.
6057 -
[2](ابن عباس) قوله: (وقد وضع) أي: عمر رضي الله عنه (على سريره) أي: للغسل بعد موته، والخطاب في (يرحمك اللَّه) لعمر، والمراد بـ (صاحبيك) النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وجعله معهما في عالم القدس أو في المدفن.
وقوله: (لأني كثيرًا ما) بزيادة (ما) الإبهامية، وقد جاء في بعض الروايات بدونها.
وقوله: (كنت وأبو بكر وعمر، وفعلت وأبو بكر وعمر) دليل على جواز العطف على الضمير المتصل بلا فصل وتأكيد، وقد وقع مثل هذا في غير هذا الموضع أيضًا، وحكم النحويون بخلافه، وهذا حجة عليهم إلا أن يقيد بالأكثر.
(1) المصدر السابق (2/ 205).