الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 - باب مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ورضي اللَّه عنهم
(1)
ــ
ثان، أو خلّاه والحال كذلك، والمراد من الصَّديق هنا من كانت صداقته للمراعاة والمداهنة.
10 -
باب مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ورضي اللَّه عنهم
اعلم أنه قد جاء أهل البيت بمعنى من حَرُم الصدقة عليهم وهم بنو هاشم، فيشمل آل العباس وآل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث، فإن كل هؤلاء يحرم عليهم الصدقة، وقد جاء بمعنى أهله صلى الله عليه وسلم شاملًا لأزواجه المطهرات، وإخراجُ نسائه صلى الله عليه وسلم من أهل البيت مكابرة ومخالفٌ لسوق الآية الكريمة، وهي قوله تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]؛ لأن الخطاب معهن سياقًا وسباقًا، فإخراجهن مما وقع في البين يخرج الكلام عن الاتساق والانتظام.
قال الإمام فخر الدين الرازي: إنها شاملة لنسائه صلى الله عليه وسلم؛ لأن سياق الآية ينادي على ذلك، فإخراجهن عن ذلك وتخصيصه بغيرهن غير صحيح، والوجه في تركه الخطاب في قوله:{لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} و {وَيُطَهِّرَكُمْ} باعتبار لفظ الأهل أو لتغليب الرجال على النساء، ولو أنث الخطاب لكان مخصوصًا بهن، ولابد من القول بالتغليب على كل تقدير، وإلا لخرجت فاطمة سلام اللَّه عليها وهي داخلة في أهل البيت بالاتفاق، وقد دل بعض الأحاديث أيضًا على ذلك، روي عن زينب بنت أبي سلمة: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان عند أم سلمة، فجعل الحسن من شق والحسين من شق وفاطمة في حجره، فقال: رحمة اللَّه وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد، وكنت أنا وأم سلمة نائمتين،
(1) سقطت الترضية في نسخة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فبكت أم سلمة، فنظر إليها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: ما يبكيك؟ فقالت: خصصتهم وتركتني وابنتي، فقال: أنت وابنتك من أهل البيت، رواه ابن عساكر في (تاريخه).
وعن أم سلمة: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان عندها فجاءت الخادم، فقالت: علي وفاطمة بالسدة، فقال: تنحي لي عن أهل بيتي، فتنحيت في ناحية البيت، فدخل علي وفاطمة وحسن وحسين فوضعهما في حجره، وأخذ عليًّا بإحدى يديه فضمه إليه، وأخذ فاطمة باليد الأخرى فضمها إليه وقبلها، وعطف عليهم خميصة سوداء، ثم قال: اللهم إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي! فناديته فقلت: وأنا يا رسول اللَّه! قال: وأنت، رواه ابن أبي شيبة، وروى الطبراني نحوه، وهذا الحديث يحتمل الوجهين دخول أم سلمة رضي الله عنها في أهل البيت وخروجها عنهم بأن يكون المعنى: وأنت أيضًا إليه لا إلى النار، وإن لم تكن من أهل بيتي، إلا أن يُحْتَمَل المحتمل على النص، وهو الحديث السابق، وكذا الحديث الآخر عن أم سلمة: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: (ائتيني بزوجك وابنيك)، فجاءت بهم، فألقى عليهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كساء كان تحتي خيبريًّا أصبناه من خيبر، ثم رفع يديه فقال:(اللهم إن هؤلاء آل محمد، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد)، فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من يدي وقال: إنك على خير، رواه أبو يعلى وابن عساكر في (تاريخه)، وأخرج الترمذي نحوه، وزاد: وأنت على مكانك، فيحتمل أن يكون معناه: أنت على خير وعلى مكانك من كونك من أهل بيتي، ولا حاجة لك في الدخول تحت الكساء، كأنه منعها عن ذلك لمكان علي رضي الله عنه، وأن يكون المعنى: أنت على خير وإن لم تكوني من أهل بيتي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال في (فصل الخطاب) نقلًا عن الإمام فخر الدين: الأولى أن يقال: هم -يعني أهل البيت- أولاده وأزواجه صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين رضي الله عنهم منهم، وعلي أيضًا من أهل بيته بسبب معاشرته بنت النبي صلى الله عليه وسلم وملازمته صلى الله عليه وسلم.
وقد جاء إطلاق أهل البيت بحيث يفهم اختصاصه بفاطمة وعلي والحسن والحسين، وعن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى الفجر فيقول: (الصلاة يا أهل البيت، {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]) رواه الترمذي وابن أبي شيبة. وعن أم سلمة قالت: قال: (إن مسجدي هذا حرام على كل حائض من النساء وكل جنب من الرجال إلا على محمد وعلى أهل بيته علي وفاطمة والحسن والحسين)، رواه البيهقي وضعفه، ويأتي في الكتاب من حديث سعد بن أبي وقاص وعائشة ما يدل على ذلك.
وذكروا في التطبيق بين هذه الأقوال: أن البيت بيت النسب وبيت السكنى وبيت الولادة، فبنو هاشم وهم أولاد عبد المطلب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم نسبًا، كما يقال لأولاد الجد القريب: بيت فلان، وأزواجه صلى الله عليه وسلم أهل بيت السكنى، وإطلاق أهل البيت على هؤلاء أخص وأعرق بحسب العرف من الأول، وأولاده صلى الله عليه وسلم أهل بيت الولادة، وقع شمول أهل البيت لكل هؤلاء، قد خص علي وفاطمة والحسن والحسين سلام اللَّه عليهم أجمعين بمزيد الفضل والكرامة ووجوب المحبة وزيادة المودة، بل هم المفهومون بالتبادر من إطلاق أهل البيت.
وقد صح في فضائلهم ومناقبهم من الأحاديث والأخبار ما لا يعد ولا يحصى، وقد ورد في تفسير قوله سبحانه:{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23]،