الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّانِي:
5819 -
[19] عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، خَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا لَامَنِي عَلَى شَيْءٍ قَطُّ أُتِيَ فِيهِ عَلَى يَدَيَّ، فَإِنْ لَامَنِي لَائِمٌ مِنْ أَهْلِهِ قَالَ:"دَعُوهُ، فَإِنَّهُ لَوْ قُضِيَ شَيْءٌ كَانَ". هَذَا لَفَظُ "الْمَصَابِيحِ": وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". مَعَ تَغْيِيرٍ (1). [شعب: 5772].
ــ
الفصل الثاني
5819 -
[19](أنس) قوله: (خدمت) أي: دخلت في خدمته، فإنه رضي الله عنه كان ابن ثمان حين هاجر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة، فجاءت به أمه ليخدمه صلى الله عليه وسلم، فخدمه عشر سنين، وهي مدة إقامته صلى الله عليه وسلم بالمدينة.
وقوله: (أتي فيه) صفة (شيء)، و (فيه) نائب مناب الفاعل وضميره لشيء، و (أتي) بمعنى أهلك وأتلف، قال في (القاموس) (2): أتى عليه الدهر: أهلكه، فيكون المعنى ما لامني على شيء تلف وهلك على يدي، وقيل: ضمن أتي معنى عيب وطعن، فافهم.
وقوله: (فإنه لو قضي شيء كان) بيان سبب ترك الملامة على هلاك شيء؛ فإنه إنما هلك بقضاء اللَّه وقدره، وهذا كما ورد في خبر آخر:(لا تضربوا إماءكم على كسر الأواني، فإن لكل شيء أجلًا)(3)، أو كما قال.
(1) زاد في نسخة: "يسير".
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 1157).
(3)
أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(10/ 26).
5820 -
[20] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَلَا سَخَّابًا فِي الأَسْوَاقِ، وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَبَصْفَحُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 2016].
5821 -
[21] وَعَنْ أَنَسٍ يُحَدِّثَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَعُودُ المَرِيْضَ، وَيَتْبَعُ الْجِنَازَةَ، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ، وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَوْمَ خَيْبَرَ عَلَى حِمَارٍ خِطَامُهُ لِيفٌ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [جه: 4178، شعب: 7841].
5822 -
[22] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ، وَقَالَتْ: كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ،
ــ
5820 -
[20](عائشة) قوله: (فاحشًا ولا متفحشًا) الفاحش: ذو الفحش في كلامه بأن يكون ذلك عادته وديدنه، والمتفحش: من يتكلفه ويتعمده، أي: لم يكن الفحش له جبليًا ولا كسبيًا، و (السخاب) شديد الصوت، وقد مرّ شرحه في الفصل الأول من (كتاب فضائله).
5821 -
[21](أنس) قوله: (ويركب الحمار) فيه بيان تواضعه، وترك تكلفه، ونفي الكبر كما هو شأن الملوك والجبابرة.
5822 -
[22](عائشة) قوله: (يخصف نعله) خصف النعل يخصفها: خرزها، وأصله الضم، والجمع.
يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 325].
5823 -
[23] وَعَنْ خَارِجَةَ بْنِ زيدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: دَخَلَ نَفَرٌ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالُوا لَهُ: حَدِّثْنَا أَحَادِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كُنْتُ جَارَهُ، فَكَانَ إِذَا نزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بَعَثَ إِلَيَّ فَكَتَبْتُهُ لَهُ، فَكَانَ إِذَا ذَكَرْنَا الدُّنْيَا ذَكَرَهَا مَعَنَا، وَإِذَا ذَكَرْنَا الآخِرَةَ ذَكَرَهَا مَعَنَا، وَإِذَا ذَكَرْنَا الطَّعَامَ ذَكَرَهُ مَعَنَا، فَكُلُّ هَذَا أُحَدِّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 326].
ــ
وقوله: (يفلي ثوبه) في (القاموس)(1): فلا رأسه يفلي: بحثه عن القمل، وكذلك في (الصحاح)(2)، وغيره بهذا فسروه، ولكن نقل في (المواهب) عن بعض العلماء: لم يقع في ثوبه صلى الله عليه وسلم قمل قط، ولم يصل من بدنه الشريف على ثوبه دنس، ونقل عن الإمام فخر الدين الرازي: لم يجلس عليه صلى الله عليه وسلم ذباب، ولم تؤذه بقة، ولكن لما كان من لازم التفلي وجود شيء من المؤذيات كالقمل أو البرغوث وأمثالهما لم يكن بد من القول: يتعلق شيء منها بثوبه ولو من خارج لا من بدنه، واللَّه أعلم.
وفي الحديث دليل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن ملكًا جبارًا متكبرًا، فإنه لا يصدر منهم مثل هذه الأفعال بل نبيًّا مرسلًا متواضعًا واقفًا على حد البشرية، خصه اللَّه سبحانه بفضله العظيم، بل كان كل ما فعله في الحقيقة تعليمًا وإرشادًا للناس الآداب الكريمة والأخلاق الحميدة صلى الله عليه وسلم.
5823 -
[23](خارجة بن زيد) قوله: (إذا كرنا الدينا ذكرها معنا) المراد بها ما يتعلق بعادات الناس وأحوالهم مما لا يكره ولا يذم، وأما ما يذم ويكره فحاشاه
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1214).
(2)
"الصحاح"(6/ 2457).
5824 -
[24] وَعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا صَافَحَ الرَّجُلَ لَمْ يَنْزِعْ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَنْزِعُ يَدَهُ، وَلَا يَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْ وَجْهِهِ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْ وَجْهِهِ، وَلَمْ يُرَ مُقَدِّمًا رُكْبَتَيْهِ بَيْنَ يَدَيْ جَلِيسٍ لَهُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 2490].
5825 -
[25] وَعَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 2362].
5826 -
[26] وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَوِيلَ الصَّمْتِ. رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ". [شرح السنة: 3695].
ــ
أن يذكر في مجلسه صلى الله عليه وسلم.
5824 -
[24](أنس) قوله: (ولم ير) بلفظ المجهول من الرؤية، (مقدمًا) بكسر الدال وتشديدها من التقديم، قيل: المراد بالركبتين هنا الرجلان، وتقديمهما عبارة عن مدهما، أي: لم يكن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يمد رجليه بين يدي جليسه، وقيل: معناه لم يكن مقدمًا ركبته في الجلوس على ركب جلسائه، كما يفعله الجبابرة، بل يجلس مستويًا في الصف معهم، وقيل: معناه [لا] يرفع ركبته عند من يجالسه بل يحفظها تعظيمًا لجليسه، وكل ذلك كان لفرط أدبه وتعليم أصحابه، ولا ينافي هذا أنه قد كان يجلس رافعًا ركبتيه بالاحتباء وغيره، لأنه يجوز أن يكون في غير المجلس بل في الخلوة، أو مع بعض الأصحاب، واللَّه أعلم.
5825 -
[25](وعنه) قوله: (كان لا يدخر شيئًا لغد) لنفسه، وإلا فقد ثبت أنه ادخر نفقة سنة لنسائه.
5826 -
[26](جابر بن سمرة) قوله: (طويل الصمت) أي: كثير السكوت
5827 -
[27] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ فِي كَلَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْتِيلٌ وَتَرْسِيلٌ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 4838].
5828 -
[28] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْرُدُ سَرْدَكُمْ هَذَا، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ بَيْنَهُ فَصْلٌ، يَحْفَظُهُ من جَلَسَ إِلَيْهِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 3639].
5829 -
[29] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ تَبَسُّمًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 3641].
ــ
لا يتكلم إلا لحاجة.
5827 -
[27](جابر) قوله: (ترتيل وترسيل) قريب في المعنى، قال في (القاموس) (1): الرتل محركة: حسن تناسق الشيء، ورتل الكلام ترتيلًا: أحسن تأليفه، وترتَّلَ فِيه: ترسل، وتفسير الترتيل بالتؤدة ضد الاستعجال بتبيين الحروف والحركات مميزة، ويقال: ترتل في كلامه ومشيه، إذا لم يعجل، ومنه حديث:(إذا أذنت فترسل)(2) أي: تأنّ ولا تعجل.
5828 -
[28](عائشة) قوله: (بينه) أي: بين أجزائه وكلماته فصل وفرق، وفي رواية:(بكلام بيّن فصل) بتشديد الياء، أي: كلام واضح مفصول.
5829 -
[29](عبد اللَّه بن الحارث) قوله: (ابن جزء) بفتح الجيم وسكون الزاي آخره همزة.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 903).
(2)
أخرجه الترمذي في "سننه"(195).