الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - باب في أخلاقه وشمائله صلى الله عليه وسلم
ــ
3 -
باب في أخلاقه وشمائله صلى الله عليه وسلم
ذكر المؤلف في الباب السابق أسماءه وصفاته صلى الله عليه وسلم، وأراد بالصفات ما يتعلق بصورته الظاهرة التي يقال له: الخلق بفتح الخاء، فعقد بابًا في سيرته الباطنة التي تسمى خلقًا بضم الخاء، قال في (القاموس) (1): الخُلق بالضم وبضمتين: السجية، والطبع، والمروءة، والدين، وقال في (النهاية) (2): وحقيقته أنه صورة الإنسان الباطنة، ونقل صاحب (المواهب) عن الراغب (3): الخلق والخلق بالفتح والضم في الأصل بمعنى واحد كالشرب والشرب، لكن خص الخلق الذي بالفتح بالهيئات، والصور المدركة بالبصر، وخص الخلق الذي بالضم بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة، انتهى.
وقد اختلف أهو -أي حسن الخلق- غريزة أو مكتسب؟ وتمسك من قال بأنه غريزة بحديث ابن مسعود: (إن اللَّه قسم بينكم أخلاقكم كما قسم أرزاقكم)، الحديث. رواه البخاري (4).
وقال القرطبي (5): الخلق جبلة في نوع الإنسان، وهم في ذلك متفاوتون، فمن غلب عليه شيء منها كان محمودًا وإلا فهو مأمور بالمجاهدة فيه حتى يصير محمودًا، وكذا إن كان ضعيفًا فيرتاض صاحبه حتى يقوى، والحق أن للارتياض دخلًا في تهذيب
(1)"القاموس المحيط"(ص: 812).
(2)
"النهاية"(2/ 70).
(3)
"المواهب اللدنية"(2/ 325).
(4)
أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(4/ 413).
(5)
"المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم"(19/ 46).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأخلاق، وليس كما توهم بعضهم أنه لا دخل له فيه، كما في تغير الخلق الظاهر، وإلا لبطلت فائدة الشرائع وبعث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لكن ما كان جبليًّا راسخًا في الطبع صَعُبَ تغيره حتى كاد يعد متعذرًا، وإليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم:(إذا أخبرتم بأن جبلًا زال عن مكانه فصدقوه، وإذا أخبرتم بأن رجلًا زال عن خلقه فلا تصدقوا)(1)، أو كما قال، وما حصل من اعتياد أو صحبة الأشرار فيزول بالرياضة في اعتياد ضده، وملازمة صحبة الأخيار على أن قول القائل: لا يتغير الخلق الظاهر فلا يتغير الخلق الباطن؛ الملازمة ممنوعة، وهو قياس فاسد على أنه قد تتغير الصورة الظاهرة بأسباب وعوارض، فكذا الباطنة، نعم ما رسخ وغلب من الأخلاق والصفات في النفس صَعُبَ إزالتها وتهذيبها مع ما في الطبع والنفس من شدة المزاحمة والمعارضة لأحكام الشرع والعقل، فافهم وباللَّه التوفيق.
والشمائل: جمع شمال بالكسر، وهو الطبع، كذا في (القاموس)(2)، وفي (شرح الشفا) (3): الشمائل جمع شمال بكسر الشين، وهو الخلق، وفي (الصراح) (4): شمال بالكسر: دست جب، وخو وعادت، ويجمع الشمال بمعنى ضد اليمين على أشمل وعلى شمائل أيضًا، كما في قوله تعالى:{عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا} [النحل: 48]، والشمال بالفتح، وقد يكسر: الريح الذي مهبه بين مطلع الشمس وبنات النعش.
(1) أخرجه أحمد في "مسنده"(6/ 443).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 938).
(3)
"شرح الشفا"(1/ 44).
(4)
"الصراح"(ص: 432).