الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخامس: أن الحروف يدخلها التعاقب، فالباء تسبق السين، والسين تسبق الميم، وكل مسبوق مخلوق.
السادس: أن هذا يدخله التجزي والتعداد، والقديم لا يتجزأ، ولا يتعدد، قلنا: الجواب عن الأول من وجوه:
(تأويل بيت الشعر المنسوب إلى الأخطل):
الأول: يحتاجون إلى إثبات هذا الشعر ببيان إسناده ونقل الثقات له ولا نقنع بشهرته، فقد يشتهر الفاسد، وقد سمعت شيخنا أبا محمد بن الخشاب إمام أهل العربية في زمانه يقول: قد فتشت دواوين الأخطل القديمة فلم أجد هذا البيت فيها.
الثاني: لا نسلم أن لفظه هكذا، إنما قال:(إن البيان من الفؤاد) فحرفوه وقالوا: (الكلام).
الثالث: أن هذا مجاز أراد به أن الكلام من عقلاء الناس في الغالب إنما يكون بعد التروي فيه واستحضار معانيه في القلب، كما قيل: لسان الحكيم من وراء قلبه، فإن كان له قال، وإن لم يكن له سكت، وكلام الجاهل على طرف لسانه، والدليل على أن هذا مجاز من وجوه كثيرة:
أحدها: ما ذكرناه، وما تركنا أكثر مما ذكرنا، مما يدل على أن الكلام هو النطق (وحمله على حقيقته بحمل كلمة)(1) الأخطل على مجازها أولى من العكس، الثاني: أن الحقيقة يستدل عليها بسبقها (2) إلى الذهن وتبادر الأفهام إليها، وإنما يفهم من إطلاق الكلام ما ذكرناه.
الثالث: ترتيب الأحكام على ما ذكرنا دون ما ذكروه.
الرابع: قول أهل العربية الذين هم أهل اللسان، وهم أعرف بهذا الشأن.
الخامس: الاشتقاق الذي ذكرناه.
السادس: أنه لا تصح إضافة ما ذكروه إلى الله تعالى، فإنه جعل الكلام في الفؤاد، والله تعالى لا يوصف بذلك، وجعل اللسان دليلا عليه، ولأن الذي عنى الأخطل بالكلام هو التروي والفكر واستحضار المعاني وحديث النفس ووسوستها، فلا يجوز إضافة شيء من ذلك إلى الله تعالى (بلا خلاف بين المسلمين)(3)، ومن أعجب الأمور أن خصومنا ردوا على الله وعلى رسوله وخالفوا جميع الخلق
(1) في ب (وجملة القول أن حمل كلام).
(2)
في (ب) غير واضحة.
(3)
في ب (وخالفوا جميع الخلق).