الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذه تزكي النفس، وتطهر القلب وتنميه، وتذهب عنه الآفات الرذيلة، وتحليه بالأخلاق الجميلة، وهي كلها ترجع إلى أصول الإيمان وأعمال القلوب.
والثاني: ما يعود إلى تطهير الظاهر ونظافته، ودفع الأوساخ والأقذار عنه، وهي هذه العشرة، وهي من محاسن الدين الإسلامي، إذ هي كلها تنظيف للأعضاء، وتكميل لها؛ لتتم صحتها وتكون مستعدة لكل ما يراد منها (1).
(1) انظر: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ص 47.
المبحث الرابع: في حكم السواك:
أكثر أهل العلم يرون أن السواك سنة وليس بواجب.
وذهب إسحاق وداود وابن حزم إلى أنه واجب (1).
استدل أصحاب القول الأول بالأدلة الآتية:
1 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على أمتي - أو على الناس - لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة (2)» .
(1) انظر: شرح الزرقاني على الموطأ 1/ 133، الحاوي 1/ 82، المغني 1/ 133، المحلى 2/ 8.
(2)
صحيح البخاري التمني (7240)، صحيح مسلم الطهارة (252)، سنن الترمذي الطهارة (22)، سنن النسائي الطهارة (7)، سنن أبو داود الطهارة (46)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (287)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 433)، موطأ مالك الطهارة (147)، سنن الدارمي الطهارة (683).
وجه الدلالة من الحديث من وجهين:
الوجه الأول: ما ذكره الإمام الشافعي أنه لو كان واجبا لأمرهم به شق أو لم يشق (1).
الوجه الثاني: أن في قوله: " لأمرتهم " دليلا على أنه لم يأمرهم به (2).
2 -
حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء (3)» قال زكريا: " قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة "(4).
وجه الدلالة من الحديث:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصف السواك بأنه من الفطرة، والفطرة من معانيها السنة؛ فيكون السواك مسنونا لا واجبا (5).
3 -
ولأن السواك من النظافة وهي مندوب إليها (6).
(1) انظر: الأم 1/ 20.
(2)
انظر: الحاوي 1/ 84.
(3)
صحيح مسلم الطهارة (261)، سنن الترمذي الأدب (2757)، سنن النسائي الزينة (5040)، سنن أبو داود الطهارة (53)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (293)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 137).
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
انظر: المغني 1/ 134.
(6)
انظر: المعونة 1/ 118.
واستدل أصحاب القول الثاني بالأدلة الآتية:
1 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على أمتي - أو على الناس - لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة (1)» .
وجه الدلالة من الحديث من وجهين:
أحدهما: أنه نفى الأمر مع ثبوت الندبية، ولو كان للندب لما جاز النفي.
ثانيهما: أنه جعل الأمر مشقة عليهم، وذلك إنما يتحقق إذا كان للوجوب، إذ الندب لا مشقة فيه؛ لأنه جائز الترك (2).
2 -
حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب (3)» .
وجه الدلالة من الحديث:
أن في ترك السواك إغضابا للرب تبارك وتعالى أخذا بمفهوم المخالفة، ولا يكون ذلك إلا بترك ما أمر به على سبيل القطع والوجوب، وإلا لما كان غضب الله على ترك تلك السنة.
3 -
حديث عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان لا يرقد ليلا ولا نهارا فيستيقظ إلا تسوك (4)» .
(1) صحيح البخاري التمني (7240)، صحيح مسلم الطهارة (252)، سنن الترمذي الطهارة (22)، سنن النسائي الطهارة (7)، سنن أبو داود الطهارة (46)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (287)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 433)، موطأ مالك الطهارة (147)، سنن الدارمي الطهارة (683).
(2)
انظر: شرح الزرقاني على موطأ مالك 1/ 133، فتح الباري 2/ 375.
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
أخرجه أبو داود 1/ 47 في كتاب الطهارة باب السواك لمن قام الليل، وضعفه الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير 1/ 63.
وجه الدلالة من الحديث:
أن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم للسواك وعدم تركه والمبالغة فيه يدل على الوجوب.
وقد نوقشت هذه الأدلة بما يأتي:
1 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على أمتي (1)» . . . أجيب عنه بما ذكره الحافظ ابن حجر: في الحديث دليل على أن الاستدعاء على جهة الندب ليس بأمر حقيقة إلا أن السواك عند كل صلاة مندوب إليه، وقد أخبر الشارع أنه لم يأمر به (2).
وما سبق من قول الشافعي أن الحديث فيه دليل على أن السواك ليس بواجب؛ لأنه لو كان واجبا لأمرهم به، شق عليهم أو لم يشق (3).
قلت: ففي ذلك دلالة صريحة على أنه لم يأمرهم به.
2 -
حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «السواك مطهرة للفم (4)» . . . أجيب عنه بأنه استدلال بالمفهوم يعارضه الاستدلال بالمنطوق في قوله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي - أو على الناس - لأمرتهم (5)» . . . . ومعلوم عند الأصوليين أن الاستدلال بالمنطوق مقدم على الاستدلال بالمفهوم (6).
(1) صحيح البخاري التمني (7240)، صحيح مسلم الطهارة (252)، سنن الترمذي الطهارة (22)، سنن النسائي الطهارة (7)، سنن أبو داود الطهارة (46)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (287)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 433)، موطأ مالك الطهارة (147)، سنن الدارمي الطهارة (683).
(2)
انظر: فتح الباري 2/ 375.
(3)
انظر: الأم 1/ 20.
(4)
سنن النسائي الطهارة (5)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 62)، سنن الدارمي الطهارة (684).
(5)
صحيح البخاري التمني (7240)، صحيح مسلم الطهارة (252)، سنن الترمذي الطهارة (22)، سنن النسائي الطهارة (7)، سنن أبو داود الطهارة (46)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (287)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 433)، موطأ مالك الطهارة (147)، سنن الدارمي الطهارة (683).
(6)
انظر: إرشاد الفحول ص 464.