الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسراف والتبذير
للدكتور / زيد بن محمد الرماني (1)
-
مفهوم الإسراف والتبذير:
المعنى اللغوي للإسراف هو مجاوزة الحد (2)، وقد ذكر القليوبي هذا المعنى اللغوي في تعريفه للإسراف، ولكن بعض العلماء خص استعمال الإسراف بالنفقة والأكل، يقول الجرجاني في تعريفاته: الإسراف تجاوز الحد في النفقة. وقيل: أن يأكل الرجل ما لا يحل له، أو يأكل ما يحل له فوق الاعتدال ومقدار الحاجة. وقيل: الإسراف تجاوز الكمية فهو جهل بمقادير الحقوق. وقيل: هو إنفاق الكثير في الغرض الخسيس.
ومما سبق نستطيع القول: إن الإسراف هو تجاوز الحد في كل فعل يفعله الإنسان. أو قول: وإن كان في الإنفاق أشهر.
ومما سبق نستطيع القول: إن الإسراف هو تجاوز الحد في كل فعل يفعله الإنسان. أو قول: وإن كان في الإنفاق أشهر.
(1) عضو هيئة التدريس في قسم الاقتصاد الإسلامي بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
(2)
ينظر: ابن منظور (لسان العرب) 11/ 48. والفيروز آبادي (القاموس المحيط) ج 4/ 156.
وكما يكون الإسراف في الشر يكون في الخير، كمن تصدق بجميع ماله كما في قوله تعالى:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (1). والإسراف كما يكون من الغني، فقد يكون من الفقير أيضا، لأنه أمر نسبي. . والإسراف يكون تارة بالقدر، ويكون تارة بالكيفية، ولهذا قال سفيان الثوري رضي الله عنه:" ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سرف، وإن كان قليلا "(2)، وكذا قال ابن عباس رضي الله عنه:" من أنفق درهما في غير حقه فهو سرف "(3).
الإسراف والتبذير: التبذير هو تفريق المال وإنفاقه في السرف.
قال تعالى: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} (4). . وخصه بعضهم بإنفاق المال في المعاصي، وتفريقه في غير حق (5).
ويعرف بعض الفقهاء التبذير بأنه: عدم إحسان التصرف في المال، وصرفه فيما لا ينبغي، وأما صرف المال إلى وجوه البر فليس
(1) سورة الأنعام الآية 141
(2)
الراغب الأصفهاني (المفردات في غريب القرآن) ص 230.
(3)
القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) دار الكتاب العربي، القاهرة، 1987 م، 13/ 72.
(4)
سورة الإسراء الآية 26
(5)
ينظر: ابن منظور (لسان العرب) 4/ 50.
بتبذير، وصرفه في الأطعمة النفيسة التي لا تليق بحاله تبذير.
وعلى هذا فالتبذير أخص من الإسراف؛ لأن التبذير يستعمل في إنفاق المال في السرف أو المعاصي، أو في غير حق، والإسراف أعم من ذلك، لأنه مجاوزة الحد، سواء أكان في الأموال أم في غيرها، كما يستعمل الإسراف في الإفراط في الكلام أو القتل وغيرهما.
وقد فرق ابن عابدين بين الإسراف والتبذير من جهة أخرى، فقال:" التبذير يستعمل في المشهور بمعنى الإسراف، والتحقيق أن بينهما فرقا، وهو أن الإسراف: صرف الشيء فيما ينبغي زائدا على ما ينبغي، والتبذير: صرف الشيء فيما لا ينبغي "(1).
ومثله ما جاء في " أدب الدنيا والدين ": " والتبذير: الجهل بمواقع الحقوق، والسرف الجهل بمقادير الحقوق ". . ويقول الراغب الأصفهاني: " إن التبذير في الحقيقة أقبح من الإسراف؛ لأن بجانبه حقا مضيعا، ولأنه يؤدي بصاحبه إلى أن يظلم غيره، ولهذا قيل إن المبذر أقبح؛ لأنه جاهل بمقدار المال الذي هو سبب استبقاء
(1) ابن عابدين: حاشية رد المحتار، 5/ 484.