الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومما يؤكد خيرية الهدف من وراء الترويح في عصر الصحابة رضي الله عنهم أنه لم ينقل وقوع اختلاف أو تشاحن بينهم - بعد أو في أثناء الممارسات الترويحية التي يقومون بها.
ثانيا: نماذج من الترويح في العصر النبوي:
إن من يطلع على الكتب التي تناولت الترويح لا يجد في غالبها أية إشارة للأنشطة الترويحية التي كانت تمارس في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكأن مجتمع الصحابة خال من الممارسات الترويحية، في حين تشير العديد من المواقف والحوادث إلى وجود مثل هذه الممارسات الترويحية في المجتمع الإسلامي الأول، بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يمارس شيئا من ذلك ويحث عليه وينظم بعض الأنشطة الترويحية بنفسه. وسنعرض نماذج من الممارسات الترويحية التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته- رضوان الله عليهم- يمارسونها في حياتهم اليومية. ولقد تعددت الأنشطة الترويحية التي كانت تمارس في المجتمع المسلم الأول، ومنها ما يلي:
أ-
المسابقة بالأقدام:
وهي رياضة بدنية منشطة للجسم بشكل عام، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يسابق بعض أصحابه- رضوان الله عليهم- كما سابق عليه الصلاة والسلام زوجه عائشة رضي الله عنها وشجع على ممارسة هذا النشاط الترويحي بين الصحابة، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا منزلا، فقال لها:
تعالي حتى أسابقك، قالت: فسابقته فسبقته، وخرجت معه بعد ذلك في سفر آخر، فنزلنا منزلا، فقال: تعالي حتى أسابقك، قالت: فسبقني، فضرب بين كتفي وقال: هذه بتلك (1)».
ولقد كان صلى الله عليه وسلم ينظم مثل هذه المسابقة بالأقدام بين الأطفال، ففي الحديث أن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه، قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف عبد الله وعبيد الله وكثيرا من بني العباس، ثم يقول: من سبق إلي فله كذا وكذا، قال: فيتسابقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلزمهم (2)» .
وكانت المسابقة بالأقدام أمرا معتادا بين الصحابة- رضي الله عنهم «فعندما قفل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من غزوة تبوك قالت الأنصار: السباق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن شئتم (3)» . فكأن الأنصار يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم في المسابقة فيما بينهم، وأذن لهم. كما جاء في حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه في قصة رجوعهم أنه قال: «. . . وكان رجل من الأنصار لا يسبق شدا، قال: فجعل يقول: ألا مسابق إلى المدينة، هل من مسابق؟ فجعل يعيد ذلك، قال: فلما سمعت كلامه قلت: أما تكرم كريما ولا تهاب شريفا. قال: لا، إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي ذرني فلأسابق الرجل. قال: إن شئت. قال: قلت: اذهب إليك.
(1) الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار، ابن أبي شيبة، تحقيق: مختار الندوي، الدار السلفية، 1402، ج 12، ص 508. وكذلك سنن ابن ماجه، تحقيق: خليل شيحا، دار المعرفة، بيروت، 1416 هـ، كتاب النكاح، باب حسن معاشرة النساء، ج 2، ص 479.
(2)
مسند الإمام أحمد، ج 1، ص 214.
(3)
الكتاب المصنف، ج 12، ص 508.