الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة (لعب)، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي. ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع فقال: ما هذا الذي أرى وسطهن؟ قالت: فرس. قال: وما هذا الذي عليه؟ قالت: جناحان. قال: فرس له جناحان! قالت: أما سمعت لسليمان خيلا لها أجنحة. قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه (1)» ومن الألعاب الخاصة بالأطفال كذلك: المطاردة، التدبيج، القفز، الراية، الزحلوقة، الكرة - وفيها أنواع عديدة منها ما يشبه كرة القدم أو كرة المضرب - الغميضاء- (الاستغماية) ولا شك أن ما ذكر من أنشطة ترويحية تعد أصولا للترويح، وممكن أن ينبثق من كل نشاط العشرات من الألعاب والمسابقات، بأشكال وأنواع مختلفة، تتناسب والوسائل الحديثة في وقتنا المعاصر، ما دامت منضبطة بالضوابط الشرعية التي تقدمت الإشارة إليها. وهذا ما تم بالفعل، حيث واصل المسلمون تطوير الكثير من هذه الممارسات الترويحية، وفق تطور كل عصر يعيشونه.
(1) سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب في اللعب بالبنات، ج 2، ص 469
الخاتمة:
انتهى هذا البحث إلى مشروعية الترويح في الإسلام، بل قد يكون مطلوبا ومهما في حياة الفرد، كما يستطيع الفرد أن يحقق منه أقصى النتائج الإيجابية، إذا تعامل معه وفق النظرة الشرعية للترويح،
ووفق الضوابط المتعددة التي حرص الإسلام على تلازمها مع أي ممارسة ترويحية. فهناك ضوابط أساسية للترويح، حيث ينبغي ألا يكون محرما في ذاته أو يصاحبه محرم، مثل: الترويح الذي ينال الآخرين منه أذية، أو إيذاء، أو استهزاء، أو سخرية، أو كذب، أو يصاحبه موسيقى، أو تحريش بين البهائم. كما يوجد ضوابط أخر تتعلق بالمشاركين في الترويح، وضوابط في وقت الترويح، ومكانه، وزيه.
كما دل البحث على ضرورة انبثاق الترويح من عقيدة المجتمع. فلقد فشلت كثير من البرامج الترويحية في البلاد المسلمة بسبب استيراد الكثير من الأنشطة الترويحية من البلاد الخارجية، دونما مراعاة لخصوصية المجتمع المسلم.
وكان الترويح يمارس في العهد النبوي، وحرص عليه الصحابة - رضوان الله عليهم- وكانت له أهداف محددة وسامية، وأبرزها:
تعويد المجتمع المسلم على الجد، وتحقيق التآلف الأسري، والتودد إلى أفراد المجتمع المسلم، وإظهار الفسحة في هذا الدين العظيم. ولقد تعددت الممارسات الترويحية في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، فهناك: المسابقة على الأقدام، والمسابقة على الخيل والإبل، والمصارعة، والسباحة، والرمي، وحمل الأثقال، والصيد بالسهام والكلاب. كما وجد في عصره صلى الله عليه وسلم ألعاب أخر خاصة بالأطفال، مثل: العرايس، والمراجيح، والمسابقات بالأقدام. وكل هذه الممارسات أصول للترويح، يمكن أن تنبثق منها العشرات من الممارسات الترويحية الأخر، ما دامت منضبطة بالضوابط الشرعية. ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا البحث يصلح منطلقا لبحث آخر، يتعرض فيه باحث آخر لمعرفة الوسائل
الترويحية السائدة في المجتمع المسلم في وقتنا المعاصر، ومدى انضباطها بالضوابط الشرعية التي حددها الإسلام حين ممارسة الترويح.
هذا ما انتهيت إليه، فإن أصبت فمن الله وحده، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.