الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإضعاف مكانة الملك عبد العزيز.
وهدف الثاني: التنفير من دعوة الشيخ محمد لعلاقتها بالنصارى، وخدمة الكفار وأنها ضد الإسلام. والمتابعون لهذه الأمور والمحققون، لم يجدوا لذلك أصلا، ولم يسمعوا باسم (همفر) هذا من قبل.
- بل إن الوتري المولود في عام (1261هـ) بالمدينة، في محاكمته السلفية الوهابية بالمغرب، في تساؤلاته، قد رد عليه الأستاذ: أحمد الغماري، الذي حقق رسالته هذه، ومما قال: لماذا يتحيز للسلطان التركي، وللوالي محمد علي ضد محمد بن عبد الوهاب، فهل هو تزمت شديد للطرقية على حساب السلفية، أو توجد خلفيات أخرى وراء التحامل؟ (1).
- ولذا فلا نستبعد أن يخرج في يوم من الأيام كتاب للشيخ عبد الوهاب يرد فيه على ابنه محمد، وفقا لما أخرجوا لابنه سليمان، وما جاء في مذكرات (همفر) الجاسوس البريطاني، والكذب لا حدود له.
(1) انظر ص 4 من مجلة الآداب بفاس شعبة التاريخ (1406هـ)، ويقع التحقيق في (46) صفحة.
من وسائل الدفاع عنه:
- وإن مما يدافع عن الشيخ: سليمان بن عبد الوهاب، وما نسب إليه من أمور ضد أخيه، وضد الدعوة الإصلاحية، التي قام بها دعوة وتبليغا، بمؤازرة الإمام محمد بن سعود - رحم الله الجميع- ما كتبه بيده، وضمن رسائله التي وقع نظرنا على اثنتين: واحدة من الشيخ سليمان، والثانية جوابية إليه، وهي كما يلي:
أولا: أورد الشيخ فوزان السابق في كتابه: (البيان والإشهار) الطبعة الثانية عام (1413هـ)، وهي نسخة مصورة عن الطبعة الأولى عام (1372هـ)، أن الشيخ سليمان بن عبد الوهاب، أعلن عن خطئه، وأظهر توبته عما سلف، وكتب في ذلك رسالة هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم، من سليمان بن عبد الوهاب إلى الإخوان: أحمد بن محمد التويجري، وأحمد ومحمد أبناء عثمان بن شبانة، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فأحمد الله الذي لا إله إلا هو، وأذكركم ما من الله به علينا وعليكم، من معرفة دينه، ومعرفة ما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم من عنده، وبصرنا من العمى، وأنقذنا من الضلالة، وأذكركم بعدما جئتمونا في الدرعية من معرفتكم الحق على وجهه، وابتهاجكم وثنائكم على الله تعالى، الذي أنقذكم، وهذا دأبكم في سائر مجالسكم عندنا، وكل من جاءنا من المجمعة، يثني عليكم، والحمد لله على ذلك. وكتبت لكم بعد ذلك كتابين، غير هذا، أذكركم وأعظكم، ولكن يا إخواني معلومكم ما جرى منا، من مخالفة الحق، واتباعنا سبيل الشيطان، ومجاهدتنا في الصد عن اتباع سبيل الهدى.
واليوم معلومكم: لم يبق من أعمارنا إلا اليسير، والأيام معدودة، والأنفاس محسوبة، والمأمول منا: أن نقوم لله، ونفعل
مع الهدى، أكثر مما فعلنا مع الضلال، وأن يكون ذلك لله وحده، لا شريك له، لا لما سواه، لعل الله سبحانه، يمحو عنا سيئات ما مضى، وسيئات ما بقي، ومعلومكم عظم الجهاد في سبيل الله، وما يكفر من الذنوب، وأن الجهاد باليد والقلب واللسان والمال، وتفهمون أجر من هدى الله به رجلا واحدا.
والمطلوب منكم أكثر مما تفعلون الآن، وأن تقوموا لله قيام صدق، وأن تبينوا للناس الحق على وجهه، وأن تصرحوا لهم تصريحا بينا، بما كنتم عليه سابقا، من الغي والضلال.
فيا إخواني الله الله، فالأمر أعظم من ذلك، فلو خرجنا نجأر إلى الله في الفلوات، وعدنا الناس من السفهاء والمجانين في ذلك، لما كان بكثير منا، وأنتم رؤساء الدين والدنيا في مكانكم أعز من الشيوخ، والعوام كلهم تبع لكم، فاحمدوا الله على ذلك، ولا تتعللوا بشيء من الموانع.
إن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا بد أن يرى ما يكره، ولكن أرشدكم في ذلك إلى الصبر، كما حكى الله تعالى عن العبد الصالح في وصيته لابنه.
فلا أحق من أن تحبوا لله وتبغضوا لله، وتوالوا لله، وتعادوا لله، وترى يعرض للإنسان في هذا أمور شيطانية، وهي أن من الناس من ينتسب لهذا الدين، وربما يلقي الشيطان: أن هذا ما هو صادق وأن له ملحوظا دنيويا، وهذا
أمر ما يطلع عليه إلا الله تعالى، فإذا أظهر أحد الخير فاقبلوا منه ووالوه وإذا ظهر من أحد شر وإدبار فعادوه واكرهوه، ولو أنه أحب حبيب.
وجامع الأمر في هذا: أن الله خلقنا لعبادته، وحده لا شريك له، ومن رحمته بعث لنا رسولا يأمرنا بما خلقنا له، ويبين لنا طريقته، وأعظم ما نهانا عنه: الشرك بالله، وأمرنا بعداوة أهله وبغضهم، وتبيين الحق، وتبيين الباطل، فمن التزم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فهو أخوك، ولو هو أبغض بغيض، ومن تنكب عن الصراط المستقيم فهو عدوك، ولو هو ولدك أو أخوك، وهذا شيء أذكركموه مع أني بحمد الله أعلم أنكم تعلمون ما ذكرت لكم، ومع هذا فلا عذر لكم عن التبيين الكامل، الذي لا يبقى معه لبس، وأن تذكروا دائما في مجالسكم ما جرى منا ومنكم، وأن تقوموا للحق ومع الحق أكثر من قيامكم مع الباطل، فلا أحق من ذلك، ولا لكم عذر؛ لأن اليوم الدين والدنيا مجتمعة، ولله الحمد في ذلك.
فتذكروا ما أنتم فيه أولا، في أمور الدنيا، من الخوف والأذى، واعتداء الظلمة والفسقة عليكم، ثم رفع الله ذلك كله بالدين، وجعلكم السادة والقادة، ثم أيضا ما من الله به عليكم من الدين. انظروا إلى مسألة واحدة، فمما نحن فيه من الجهالة، كون البدو تجري عليهم أحكام الإسلام، مع معرفتنا أن الصحابة قاتلوا أهل الردة، وأكثرهم متكلمون بالإسلام،
ومنهم من أتى بأركانه.
ومع معرفتنا أن من كذب بحرف من القرآن، كفر ولو كان عابدا، وأن من استهزأ بالدين، أو بشيء منه فهو كافر، وأن من جحد حكما مجمعا عليه، فهو كافر، إلى غير ذلك من الأحكام المكفرات، وهذا كله مجتمع في البدو وأزيد، ونجري عليهم أحكام الإسلام، اتباعا لتقليد من قبلنا بلا برهان.
فيا إخواني تأملوا وتذكروا في هذا الأصل لديكم على ما هو أكثر من ذلك، وما أكثرت عليكم الكلام إلا لوثوقي بكم: أنكم ما تشكون في شيء فيما تحاذرون، ونصيحتي لكم ولنفسي.
والعمدة في هذا: أن يصير دأبكم في الليل والنهار أن تجأروا إلى الله أن يعيذكم من أنفسكم، وسيئات أعمالكم، وأن يهديكم إلى صراطه المستقيم، الذي كان عليه رسله وأنبياؤه، وعباده الصالحون، وأن يعيذكم من مضلات الفتن، فالحق وضح وابلولج وماذا بعد الحق إلا الضلال.
فالله الله ترى الناس اللي في جهاتكم، تبع لكم في الخير والشر، فإن فعلتوا ما ذكرت لكم، ما قدر أحد من الناس يرميكم بشر، فصرتوا كالأعلام، هداة للحيران.
فالله سبحانه وتعالى، هو المسئول أن يهدينا وإياكم سبل السلام. والشيخ وعياله، وعيالنا طيبين ولله الحمد، ويسلمون عليكم، والسلام، وصلى الله على محمد وأله وصحبه وسلم،
اللهم اغفر لكاتبه ولوالديه ولذريته، ولمن نظر فيه، فدعا له بالمغفرة، والمسلمين والمسلمات أجمعين (1).
ثانيا - وقد ذكر الشيخ فوزان السابق، قبل إيراده هذه الرسالة، وذلك في رده لكشف زيغ الملحد الحاج مختار، وهو موضوع الكتاب حجة أولئك الخصوم، وتعلقهم بالشيخ سليمان بن عبد الوهاب، ورده على أخيه محمد، ذلك الرد الذي يزكيهم، ويقوي شبهتهم، ونحن في هذا ننفيه، فيقول الشيخ فوزان: وأما قول المعترض: وممن تصدى للرد على محمد المذكور ومناظرته أخوه سليمان. ثم قال: وأقول: إنه لا دخل لقريب ولا بعيد في الهداية إلى الدين، وإن أنكر سليمان على أخيه ورد عليه وناظره (2)، فلا يلزم من ذلك كون سليمان على الحق، وكون أخيه محمد على الباطل، وفي الأنبياء عبرة بنوح وإبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم، ومع هذا فقد هدى الله سليمان إلى الحق، فرجع عن غيه وأعلن خطأه، وأظهر توبته عما سلف، وكتب في هذا رسالة هذا نصها (3)، ثم أورد الرسالة السابقة.
- كما حرص الشيخ فوزان في رده على الملحد الحاج مختار بن الحاج أحمد باشا، المؤيد العظمى، من أهل الشام برسالته المسماة:(جلاء الأوهام عن مذاهب الأئمة العظام) التي وصلت إليه في
(1) انظر: (البيان والإشهار) لفوزان السابق، ص 74 - 76.
(2)
لم نجد ما يدل على أنه ناظر أخاه الشيخ محمدا.
(3)
المصدر السابق، ص 73.
مصر عام (1331هـ) أن يتابع مثل هذه الأشياء، وشبهاتهم في ردودهم على الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وكانت من بين الشبهات علاوة على رد سليمان على أخيه المنوه عنه، قوله عن الشيخ محمد: بأنه كان يميل لمطالعة أخبار من ادعوا النبوة، ويكتم هذا الفكر في نفسه.
وقوله: وكان والده يتفرس في ابنه هذا- يعني الشيخ محمدا - الشقاوة. قال الشيخ فوزان: فهذه دعوى كاذبة باطلة مرذولة، تحكي دين وأمانة من اخترعها، فإن الشيخ عبد الوهاب رحمه الله قد أثنى على ولده محمد ثناء جميلا بقوله فيه: لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام، وقد كتب الشيخ عبد الوهاب رسالة إلى بعض إخوانه، نوه فيها بشأن ابنه محمد، وما هو بحائز عليه من الفهم، والحفظ والإتقان الذي يعد فيه آية من آيات الله، قال: وقد تحققت أنه بلغ الاحتلام قبل إكماله اثنتي عشرة سنة، فرأيته أهلا للإمامة في الصلاة بالجماعة، فقدمته لمعرفته بالأحكام. . . إلى آخر ما ذكره (1).
ثالثا - وقد أورد الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن (1225 - 1293هـ)، هذه الرسالة من الشيخ سليمان إلى المشايخ الثلاثة في المجمعة، في كتابه:(مصباح الظلام) وقال عنها: وقد رأيت له- يعني سليمان - رسالة يعترض فيها على الشيخ محمد، وتأملتها فإذا هي رسالة جاهل بالعلم والصناعة، مزجي
(1) المصدر السابق، ص 56.
التحصيل والبضاعة، لا يدري ما طحاها، ولا يحسن الاستدلال بذلك وسواها (1). إلى أخر ما ذكر.
وكأنه بذلك يستنكر نسبتها إليه؛ لأن سليمان عالم، ورسالته السابقة، تدل على مستواه وقدرته العلمية، وفهمه لكيفية الاستدلال، فقد قال بعد ذلك: هذا وقد من الله وقت تسويد هذا، بالوقوف على رسالة لسليمان، فيها البشارة برجوعه عن مذهبه الأول، وأنه قد استبان له التوحيد والإيمان، وندم على ما فرط من الضلالات والطغيان، ثم أورد نص الرسالة السابقة (2)، ولا استبعد أن تكون الرسالة التي انتقدها الشيخ عبد اللطيف مكذوبة على الشيخ سليمان.
وقد أوردنا عن ابن بشر في حوادث عام (1190هـ) أن سليمان بن عبد الوهاب قدم إلى الدرعية مع وفد من أهل الزلفي وأهل منيخ على الشيخ محمد في الدرعية، وأن الشيخ قد استقدمه، وأسكنه هو وأهله في الدرعية، وقام بما ينوبه، ويعتازه من النفقة حتى توفاه الله سبحانه (3).
ومن هذه ا f لرسالة، وما ذكرنا حولها، نستنتج أمورا دلت عليها القرائن المستمدة من هذه الرسالة المفيدة، والتي كان من الممكن أن تكون أوضح دلالة، لو حفلت بتاريخ
(1) انظر: هامش (عنوان المجد في تاريخ نجد) لابن بشر 1/ 71.
(2)
انظر: أيضا هامش (عنوان المجد في تاريخ نجد) لابن بشر 1/ 71.
(3)
انظر: (عنوان المجد في تاريخ نجد) لابن بشر 1/ 128.