الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترويحية، كما نضمن حسن استغلال الوقت وجعله ثروة تمتلكها الأمة ضمن ما تمتلكه من ثروات. أما بغير ذلك فسنجد أنفسنا في تخبطات يمارسها المخططون لبرامج ترويحية وترفيهية تعجز عن تلبية حاجيات المجتمع المسلم وأفراده، فضلا عن الآثار السلبية التي سيجنيها المجتمع اجتماعيا واقتصاديا. . . إلخ.
المبحث الرابع: الترويح في العصر النبوي:
أولا: أهداف الترويح في العصر النبوي:
إن مما ينبغي ملاحظته في الممارسات الترويحية التي كانت تمارس في المجتمع الإسلامي الأول أنها كانت تستهدف في غايتها النهائية عددا من الأمور، ولم يكن هدفها الترويح فحسب، بل يصاحب ذلك أهداف أخر، ومن ذلك:
أ- تربية المجتمع المسلم على الجد، وتهيئة أفراده لخدمة الإسلام، من خلال هذه الأنشطة الترويحية، مثل: التدريب على المنازلة في الحرب، والرمي، وركوب الخيل. وهذا واضح في الحديث الصحيح الذي يرويه ابن عمر رضي الله عنهما:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بالخيل التي قد أضمرت من الحفياء، وكان أمدها ثنية الوداع. وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق، وكان ابن عمر فيمن سابق بها (2)» . وكذلك في الحديث
(1) صحيح مسلم، كتاب الإمارة باب المسابقة بين الخيل وتضميرها، ج 5، ص 15.
(2)
الخيل المضمرة هي: الخيل التي تجهز للجري وتشد سروجها. (1)
الآخر الذي يرويه عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: «ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي (2)» . قال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: وفي الحديث فضيلة الرمي والمناضلة والاعتناء بذلك بنية الجهاد في سبيل الله تعالى. . .، والمراد بهذا كله التمرن على القتال، والتدرب والتحذق فيه، ورياضة الأعضاء (3).
ب- التودد إلى أفراد المجتمع المسلم، وتحبيبهم في الإسلام، كما في مشاركته صلى الله عليه وسلم مع بعض الصحابة- رضي الله عنهم في الرمي بالنبال، ففي الحديث الذي يرويه سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على قوم من أسلم يتناضلون بالسوق فقال:«ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميا، وأنا مع بني فلان- لأحد الفريقين- فأمسكوا بأيديهم، فقال: ما لهم؟ قالوا: وكيف نرمي وأنت مع بني فلان؟ قال: ارموا وأنا معكم كلكم (4)» .
ج- العمل على زيادة الترابط الأسري والتحبب إلى الزوجة، ومصداق ذلك مسابقته صلى الله عليه وسلم لزوجه عائشة رضي الله عنها فعنها أنها قالت: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا فقال لها: تعالي حتى أسابقك، قالت: فسابقته فسبقته، وخرجت معه بعد ذلك
(1) صحيح مسلم الإمارة (1917)، سنن الترمذي تفسير القرآن (3083)، سنن أبو داود الجهاد (2514)، سنن ابن ماجه الجهاد (2813)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 157)، سنن الدارمي الجهاد (2404).
(2)
سورة الأنفال الآية 60 (1){وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}
(3)
صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الرمي والحث عليه، ج 5، ص 56.
(4)
صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب نسبة اليمن إلى إسماعيل، ج 3، ص 1292.
في سفر آخر، فنزلنا منزلا فقال: تعالي حتى أسابقك، قالت: فسبقني، فضرب بين كتفي وقال: هذه بتلك (1)». كما يروي عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل شيء يلهو به الرجل باطل، إلا رمي الرجل بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنهن من الحق (2)» .
د- إعداد المؤمن القوي بدنيا ونفسيا واجتماعيا، وكل ذلك مصداقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم:«المؤمن القوي خير وأحب عند الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير (3)» . . . . الحديث.
هـ- إظهار الفسحة في الدين، وإبراز محاسن الإسلام وسماحته؛ ففي الحديث الذي أخرجه أحمد في المسند:«أن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تلعب بالبنات، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي بصواحبي يلعبن معي، وقالت رضي الله عنها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ: لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة، إني أرسلت بحنيفية سمحة (4)» .
(1) الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار، ابن أبي شيبة، تحقيق: مختار الندوي، الدار السلفية، 1402، ج 12، ص 508. وكذلك سنن ابن ماجه، تحقيق: خليل شيحا، دار المعرفة، بيروت، 1416 هـ، كتاب النكاح، باب حسن معاشرة النساء، ج 2، ص 479.
(2)
سنن الدارمي، كتاب الجهاد، باب فضل الرمي والأمر به، ص 142.
(3)
صحيح مسلم كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز، ج 6، ص 164.
(4)
المسند، أحمد بن حنبل، مؤسسة قرطبة، القاهرة، بدون تاريخ ج 6، ص 116.