المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نماذج من الإسراف والتبذير: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٦٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌تفسير أصل الإسلام- التوحيد

- ‌الجهل بأصل الإسلام ومضرته

- ‌الدعوة إلى التوحيد قبل الدعوة إلى الفروع

- ‌كما تجب الدعوة إلى التوحيد يجب النهي عن ضده

- ‌تعليم أصول الدين لعامة الناس

- ‌مع إظهار الإسلام لا تجب الهجرة

- ‌الرقى والتمائم ونحوها

- ‌النفث في الماء من الرقى الجائزة:

- ‌كتابة آيات قرآنية في إناء يغسله ثم يشربه

- ‌الرقية في الملح،وإذا تأخر استعماله الرقية، أو لم تكن لمعين، أو كانت من تربة يعتقد فيها

- ‌ الرقية باللسان الأعجمي

- ‌ أكل الحية لئلا تلدغه

- ‌منع تعليق التمائم ولو من القرآن

- ‌اتخاذ المصحف تميمة

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌ التعاون بالجهر أفضل أم بالسر

- ‌ التعاون على البر والتقوى في البيت

- ‌لا إكراه في قبول الإسلام

- ‌ التثبت في الفتوى

- ‌ النيل من شباب الصحوة بحجة أن فيهم تطرفا

- ‌ هداية الناس ثمرة لانتشار العلم الشرعي

- ‌ أحب الدعوة إلى الله ومتحمس لها، ولكن ليس عندي أسلوب حسن

- ‌ تشجيع الدعاة وطلبة العلم على إقامة الدروس والمحاضرات

- ‌مرئيات حول مستقبل الإسلام

- ‌ حكم من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو يستطيع ذلك

- ‌أسئلة وأجوبتها حول الدعوة إلى الله

- ‌ثقافة الداعية

- ‌أسلوب الدعوة فيمن تأثر بثقافة معينة

- ‌تهيئة الفرصة أمام المرأة للدعوة إلى الله عز وجل

- ‌ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحكمة المقصودة فيه

- ‌ الحملة الإعلامية من كثير من الصحف على الدعاة

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌حكم الإسبال

- ‌البدعة وحكمها

- ‌تجاوز الميقات ويريد العمرة

- ‌الحكمة من الإسراء والمعراج

- ‌حكم إيداع المال في المصارفوأخذ الفائدة عليها

- ‌ التصدي لمواقع الإنترنت المشبوهة

- ‌حكم مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية

- ‌الجمعة لا يدركها المسبوق إلا إذا أدرك ركعة

- ‌الدعاء للمسافر

- ‌حصر الورثة في المحكمة

- ‌ الشروط التي وضعها الإسلام لكي تكون التجارة حلالا

- ‌ حكم الشرع في الزوجة التي لم يدخل بها

- ‌ التسمية على الذبيحة

- ‌ هل يجب الدلك للتطهر من الجنابة

- ‌ لبس البنطلون بالنسبة للمرأة أمام زوجها والنساء الأجنبيات

- ‌الذهاب للكوافير للتزين

- ‌الزكاة للداخل أم للخارج

- ‌قراءة القرآن أعظم فضلا

- ‌الأموال المأخوذة بغير حق

- ‌ الرقص والغناء في ليلة الزفاف والضرب على الدف والطبول والتصفيق

- ‌ الثبات على الحق

- ‌حكم العلاقة بين الجنسين

- ‌صل أباك وناصحه

- ‌اختر صديقك والهجر لا يجوز

- ‌السكن مع العوائل الكافرة

- ‌الإحسان العام جائز

- ‌ قراءة المأموم الفاتحة في الجهرية بعد قراءة الإمام

- ‌تحريم تفضيل الأولاد بعضهم على بعض

- ‌من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ توضأ الإنسان ونسي فرضا

- ‌ تذكر بعد وضوئه أو شك في أنه نسي ركنا من أركان الوضوء

- ‌ الزيادة في الوضوء

- ‌ توضأ قبل أن يستنجي وبعد أن توضأ استنجى

- ‌ مسح الرقبة عند الوضوء

- ‌ تجفيف اليدين أو مسح الماء عنهما بعد الوضوء

- ‌ النتر بعد البول

- ‌ المسح على الشرابين

- ‌ المسح على الجوربين

- ‌ تخليل اللحية

- ‌ المسح على الجوارب إذا كان بها ثقوب أو شفافة

- ‌ غسل الرجل رجله اليمنى ثم يلبس بعد ذلك الجورب قبل أن يغسل رجله اليسرى

- ‌ صاحب جرح يخشى عليه من عدم البرء؛ هل يمسح على الجرح أم يتيمم

- ‌ المسح على العمامة إذا لم يكن هناك عذر

- ‌ لبس الرجل خفين ومسح عليهما وقتي الصبح والظهر ووقت العصر، وبعدما مسح عليهما لصلاة العصر خلعهما

- ‌ تيقن خروج الحدث

- ‌ الشخص متوضئا فسمع داخل بطنه صوت رياح

- ‌ هل الرائحة يجب بعدها استنجاء

- ‌الصراط المستقيم في إثبات الحرف القديم

- ‌مقدمة المحقق:

- ‌القسم الأول: التعريف بالمؤلف وبالكتاب:

- ‌المبحث الأول: التعريف بالمؤلف:

- ‌المبحث الثاني: التعريف بالكتاب ووصف المخطوطتين:

- ‌القسم الثاني تحقيق الكتاب:

- ‌(مقدمة المؤلف):

- ‌قول الله قديم:

- ‌(إذا لم يكن القرآن كلام الله فأين كلام الله

- ‌(بطلان دعوى الكلام النفسي):

- ‌ أن الله تعالى وصفه بأنه عربي

- ‌(الأمر بترتيل القرآن):

- ‌(إبطال زعم المشركين في القرآن):

- ‌(القرآن سور وآيات وحروف وكلمات)

- ‌(دلالة السنة على أن القرآن حروف):

- ‌(ثواب قراءة القرآن):

- ‌(أسماء السور توقيفية):

- ‌(الرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ أتم التبليغ):

- ‌(فضل قراءة القرآن):

- ‌(الإجماع على عد السور والآيات):

- ‌(القول بخلق القرآن ضلال وجهل):

- ‌(الكلام لا يكون إلا بصوت وحرف):

- ‌(سبب تسمية الكلام كلاما):

- ‌(شبهات وجوابها):

- ‌(تأويل بيت الشعر المنسوب إلى الأخطل):

- ‌(كلام الله تعالى لا يشبه كلام الآدميين):

- ‌(صفة الكلام ليست من المتشابه):

- ‌(القول في بعض الصفات كالقول في بعضها الآخر):

- ‌(أسماء الله قديمة):

- ‌(كلام الله تعالى لموسى):

- ‌(كلام الله تعالى بصوت يسمع):

- ‌(القرآن غير مخلوق):

- ‌(النزاع في شأن الحرف والصوت):

- ‌(القرآن الكريم هو الكتاب العربي الموجود في المصاحف):

- ‌الترويح في العصر النبويأهدافه ووسائله

- ‌مقدمة:

- ‌مدخل:

- ‌المبحث الأول: تعريف الترويح وخصائصه:

- ‌المبحث الثاني: الترويح في الإسلام:

- ‌المبحث الثالث: ضوابط الترويح في المجتمع المسلم:

- ‌أولا: ضوابط تتعلق بالنشاط الترويحي ذاته:

- ‌ثانيا: ضوابط تتعلق بالمشاركين في الترويح:

- ‌ثالثا: ضوابط تتعلق بوقت الترويح:

- ‌رابعا: ضوابط تتعلق بمكان الترويح:

- ‌خامسا: ضوابط تتعلق بزي الترويح:

- ‌سادسا: ضوابط عامة:

- ‌المبحث الرابع: الترويح في العصر النبوي:

- ‌أولا: أهداف الترويح في العصر النبوي:

- ‌ثانيا: نماذج من الترويح في العصر النبوي:

- ‌ المسابقة بالأقدام:

- ‌ الفروسية والمسابقة بالإبل:

- ‌ المصارعة:

- ‌ الرمي:

- ‌ السباحة:

- ‌حمل الأثقال:

- ‌ وسائل ترويحية أخرى:

- ‌ ألعاب خاصة بالأطفال:

- ‌الخاتمة:

- ‌سليمان بن عبد الوهاب الشيخ المفترى عليه

- ‌سبب الافتراء:

- ‌الحق لا يتبع الهوى:

- ‌التوقف لا يعني المعاداة:

- ‌قرائن النفي:

- ‌الغاية تبرر الوسيلة:

- ‌من وسائل الدفاع عنه:

- ‌تكملة قرائن النفي:

- ‌أحكام السواك

- ‌المبحث الأول: في تعريف السواك لغة واصطلاحا:

- ‌المبحث الثاني: في مشروعية السواك وفضله:

- ‌المبحث الثالث: في أن السواك خصلة من خصال الفطرة:

- ‌المبحث الرابع: في حكم السواك:

- ‌المبحث الخامس: في أوقات تأكد السواك:

- ‌المبحث السادس: في حكم السواك للصائم

- ‌المبحث السابع: في الاستياك أمام الناس:

- ‌المبحث الثامن: فيما يستاك به وما لا يستاك به:

- ‌المبحث التاسع: في صفة السواك:

- ‌المبحث العاشر: في فوائد السواك:

- ‌الإسراف والتبذير

- ‌ مفهوم الإسراف والتبذير:

- ‌أسباب الإسراف والتبذير:

- ‌نماذج من الإسراف والتبذير:

- ‌الآثار المترتبة على الإسراف والتبذير:

- ‌الإسراف والتبذير في واقع الناس:

- ‌معالجة ظاهرة الإسراف والتبذير:

- ‌بيان في لباس المرأة عند محارمها ونسائها

- ‌بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاءبشأن المجلات الخليعة ومخاطرها

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌نماذج من الإسراف والتبذير:

سلوكه يختل. . وقد تبين من خلال دراسة ميدانية (1) عن المشكلات الاقتصادية التي تواجه الشباب أن معظم التعبيرات الحرة من أفراد عينة البحث كانت تعبر عن التبذير والإسراف في غير مكانه بنسبة 2.8 %. ومن نماذج تعبيراتهم الحرة: إنني مبذر أذهب إلى المحل وأنا لا أحدد ما سأشتري، عدم التوازن في النفقات وعدم تنظيم الصرف، أحيانا أضع مالا في غير مكانه الصحيح، عدم قدرتي على حفظ نفسي من صرف المال. هذه التعبيرات تبرز حاجة الشباب خاصة إلى المنهج الإسلامي في معالجة ظاهرة الإسراف والتبذير وإنفاق المال في كل ما هو شرعي وغير ضار.

(1) وليد شلاش شبير (مشكلات الشباب) 9 مؤسسة الرسالة، بيروت، 1409 هـ ص 280.

ص: 344

‌نماذج من الإسراف والتبذير:

يذكر الإمام محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله صورا من الإسراف فيقول: " من الإسراف الأكل فوق الشبع، ومن الإسراف الاستكثار من المباحات والألوان، ومن الإسراف أن يضع على المائدة من الطعام فوق ما يحتاج إليه للأكل، ومن الإسراف أن يأكل وسط الخبز ويدع حواشيه، أو يأكل ما انتفخ من الخبز كما يفعله بعض الجهال يزعمون أن ذلك ألذ، ومن الإسراف التمسح بالخبز عند الفراغ من الطعام من غير أن يأكل ما يتمسح به، ومن الإسراف إذا سقط من يده لقمة أن يتركها. . . ثم يقول رحمه الله. وأمر اللباس

ص: 344

نظير الأكل في جميع ما ذكرناه. . . " (1).

ويذكر أبو الحسن الماوردي رحمه الله نماذج من التبذير فيقول: " من التبذير أن ينفق ماله فيما لا يجدي عليه نفعا في دنياه ولا يكسبه أجرا في أخراه، بل يكسبه في دنياه ذما ويحمل إلى آخرته إثما كإنفاقه في المحرمات وشرب الخمر وإتيان الفواحش وإعطائه السفهاء من المغنين والملهين والمساخر والمضحكين. ومن التبذير أن يشغل المال بفضول الدور التي لا يحتاج إليها وعساه لا يسكنها أو يبنيها لأعدائه ولخراب الدهر الذي هو قاتله وسالبه. ومن التبذير أن يجعل المال في الفرش الوثيرة والأواني الكثيرة الفضية والذهبية التي تقل أيامه ولا تتسع للارتفاق بها. . . "(2) ثم يقول: " وكل ما أنفقه الإنسان مما يكسبه عند الله أجرا ويرفع له إليه منزلة، أو يكسب عند العقلاء وأهل التمييز حمدا فهو جود وليس بتبذير وإن عظم وكثر. وكل ما أنفقه في معصية الله التي تكسبه عند الله إثما وعند العقلاء ذما فهو تبذير وإن قل ونزر "(3).

وليس واقع العالم الإسلامي ببعيد عن هذه النماذج وتلك

(1) محمد بن الحسن الشيباني (الكسب) ص 79 - 83.

(2)

أبو الحسن الماوردي (نصيحة الملوك) تحقيق خضر محمد خضر، مكتبة الفلاح، الكويت 1403 هـ ص 36.

(3)

أبو الحسن الماوردي (نصيحة الملوك) ص 36.

ص: 345

الصور. ونذكر فيما يلي نماذج أخرى من التبذير والتبديد، وأشكالا من الإسراف والسفه، وألوانا من الهدر والضياع، نتيجة السلوك الاستهلاكي غير الرشيد في واقع العالم الإسلامي، من ذلك:

1 -

الخمور والمخدرات والدخان: هذه صنوف استهلاكية ضارة من شأن الإنفاق عليها، أن يستنفذ جانبا من القوة الشرائية العامة، هذا الجانب يعد ضياعا، بمعنى أنه كان سينصرف على الضروريات لو لم يصرف عليها. ونجد العالم الإسلامي يستهلك مواد مخدرة بمئات الملايين من الدولارات. وقد أوضحت الدراسات التي شاركت فيها منظمة الصحة العالمية أنه في الوقت الذي بدأ فيه

ص: 346

التدخين يقل في بعض أجزاء العالم المتقدم بفضل زيادة الوعي الصحي في هذه البلدان، فأنه من المؤسف أن تعاطى التبغ مثلا ازداد في البلدان النامية ومنها العالم الإسلامي وبلغت نسبة الزيادة في آسيا 30%، أما في أفريقيا فقد زادت نسبة تعاطي التبغ بدرجات كبيرة بلغت 170% (1).

وفي دراسة أخرى أعدها أحد الباحثين أوضح فيها أن حجم الأموال التي تنفق على عمليات الاتجار بالمخدرات في الوطن العربي تجاوز مبلغ 50 مليار دولار سنويا.

2 -

الإفراط في الطعام: إن الإنسان إذا أكثر من الطعام، لم يستطع له هضما، حيث يصاب بالتخمة وعسر الهضم، وقد يحدث أن تصاب المعدة بالاتساع والتمدد نتيجة الإفراط في تناول الطعام فيفقد المرء شهيته للأكل وإن تناول طعاما لم يستطع له هضما، فقد يصاب نتيجة لذلك بالإسهال أو الإمساك، كما أن الإسراف في الطعام يؤدي إلى البدانة، ومن ثم يتعرض الإنسان لأمراض القلب وارتفاع الضغط وأمراض الكلى والسكر.

ولا تقتصر مشكلة الإسراف في الطعام على استهلاكه، بل تمتد لتشمل بعض السلوكيات المرتبطة به. وفي هذا الصدد تشير

(1) مجلة النور (الاستعمار السجائري)، تحقيق، الكويت، ع 72، صفر 1410 هـ، ص 6 - 10.

ص: 347

بعض الدراسات التي أجريت في الكويت أن ما يلقى ويتلف من مواد غذائية ويوضع في صناديق القمامة كبير إلى الحد الذي قد تبلغ نسبته في بعض الحالات 45% من حجم القمامة. وفي مدينة الرياض أظهرت دراسة أعدتها أمانة مدينة الرياض عن نفايات المدينة أن كمية النفايات اليومية لكل فرد من نفايات المواد الغذائية تبلغ 1060 جراما. والملاحظ في دول الخليج العربي أن كمية المواد الغذائية التي تلقى في القمامة كبيرة جدا بالمقارنة مع غيرها من دول العالم (1).

3 -

الإعلان والعادات الشرائية الخاطئة: من أهم مظاهر الضياع في الاستهلاك، الخسارة الاقتصادية الناجمة عن الجهل والخرافة في شراء الضروريات. فالعادات الشرائية تميل لأن تكون ثابتة مهما كانت خاطئة، وغالبا ما يقوم استهلاك الفرد على أساس عشوائي مرتجل لا على أساس رشيد، إذ هو يستند على عادات شرائية غالبا ما تكون خاطئة، ويستمر الفرد في أدائها؛ لأنه وجدها هكذا أو بدافع التقليد للغير. ومن أوضح الأمثلة للعادات الشرائية الخاطئة: أن الناس يشترون التفاح للونه الأحمر وليس لقيمته الغذائية، كما يفضلون الخبز الأبيض والأرز المقشور على الخبز الأسمر والأرز غير المقشور وهما الأفضل من الوجهة الغذائية. فإذا أمكننا بآية طريقة تعليم المستهلك والأصناف التي تعطي قيمة غذائية قصوى أقل نفقة لاقتصدنا الكثير من العمل الإنتاجي، وهذا ما تناوله بالتفصيل هنري

(1) محمد عبد القادر (الإسراف وتأثيره على البيئة)، ص 55، 56.

ص: 348

هاراب (1) في كتابه (تعليم المستهلك). ويعد الإعلان مسئولا إلى حد كبير عن تكوين مثل هذه العادات الشرائية الخاطئة.

فقد يعمد المعلنون إلى تشكيك الناس في سلع قديمة أو سلع جديدة في حوزتهم لم تبل أو تستنفذ بعد، لينصرفوا عنها إلى شراء سلع جديدة، وهذا أيضا يمثل ضياعا في المواد الاستهلاكية.

ومن خلال الدراسات والتحقيقات التي أجريت تبين أن الإعلانات التجارية تمارس دورا كبيرا في خداع المستهلك، وفي دفعه إلى المزيد من الشراء لأشياء كثيرة لا حاجة به إليها فعلا، وهذا هو الإسراف بعينه، بل وتمارس الإعلانات دورا في تقلب البواعث الوجدانية كالتقاليد وحب التميز والزهو والطموح والدهشة وما إلى ذلك من خلجات النفس التي تسعى الإعلانات لإثارتها في الإنسان.

4 -

جنون الأزياء وتعدد أنماط المنتجات: إن تغيرات الأزياء والنماذج المتعددة إن هي إلا تقلبات مفتعلة لحمل المستهلكين على الشراء، مع أنها لا تعكس رغباتهم، وقد تتنافر مع أذواقهم إلى حد كبير. وهم إذ يقبلون عليها فإنما يفعلون ذلك تحت تأثير الحملات

(1) H. Harrap - The Education Of The Consumer Mc Graw - Hill New York 1950 P. . 60 - 85.

ص: 349

الإعلانية الواسعة النطاق التي تولد في نفوسهم شعورا بأنهم يكونون متأخرين إذا لم يقبلوا عليها. وتبدو هذه الظاهرة بوضوح في أزياء النساء، كما امتدت أيضا إلى السيارات وأجهزة المذياع والتلفزيون والأثاث وبعض السلع التموينية؛ إذ أصبح الأغنياء يغيرون هذه الأشياء سنويا ليتمشوا مع الطراز الحديث. والمستهلك قد يترك بعض السلع قبل أن يحصل على الفائدة المرجوة منها، أو قبل أن تصبح غير صالحة للاستعمال. وهذا ما يعبر عنه اقتصاديا بنقص في جملة الإشباع العام، وهو ولا شك من أبرز نواحي الضياع في النظام الاقتصادي.

5 -

المبالغة في الإنفاق العسكري: وهو من أهم مظاهر الضياع في الموارد الاستهلاكية؛ وذلك لاستنفاذه لجانب كبير من ميزانيات الدول، كان سيعود على الجميع بالنفع الكثير، لو أنفق على المشروعات والخدمات العامة لرفع مستوى المعيشة.

ص: 350

وإن كان هذا الإنفاق العسكري قد يتمخض عنه اكتشاف فن إنتاجي يفيد في القطاع المدني خاصة في الدول النامية، كما أننا مطالبون بالاستعداد العسكري استجابة لقوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (1).

غير أن من السمات الرئيسية للدول النامية ومنها الدول الإسلامية وجود العديد من بنود الإنفاق الحكومي التي تتسم بالضخامة والتبذير والضياع، ولا تتحقق التنمية إلا بضغط بنود الاستهلاك الحكومي التي تتسم بالإسراف والتبذير.

إن الإنفاق العسكري المتصاعد يعني ضمنا افتقارا عاما إلى الاقتناع بإبقاء حجم القوات والترسانات العسكرية عند حجم ثابت، ناهيك عن تخفيضه.

(1) سورة الأنفال الآية 60

ص: 351

وثمة تناقض آخر بين الطلب المتزايد على الموارد من أجل التنمية والمخصصات المتزايدة لتلك الموارد للأغراض العسكرية.

وأستعرض فيما يلي بعضا من المتناقضات الواقعة بين الأولويات العسكرية والاجتماعية والبيئية ومن ذلك:

1 -

أنفق برنامج الأمم المتحدة للبيئة وعلى مدى عشر سنوات (450) مليون دولار، أي ما يعادل أقل من خمس ساعات من الإنفاق العسكري العالمي.

2 -

بلغ إجمالي قيمة المساعدات الإنمائية الرسمية السنوية المقدمة إلى البلدان النامية (35) مليار دولار، أي ما يعادل (15) يوما من الإنفاق العسكري العالمي.

3 -

يمكن استخدام (6 - 7 ساعات من الإنفاق العسكري العالمي 700 مليون دولار) للقضاء على الملاريا، ذلك المرض القاتل الذي يفتك بأرواح مليون طفل سنويا.

4 -

يعادل (يوم واحد من حرب الكويت 1991 م 5، 1 مليار دولار) برنامج عالمي مدته خمسة أعوام لتحصين الأطفال ضد ستة أمراض قاتلة، والحيلولة دون وفاة مليون طفل سنويا.

والجدول التالي (رقم 1) يبين حجم الإنفاق العسكري وأثره على محاولات التعليم والصحة وغيرها من الخدمات:

ص: 352