الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علما (1) أن العلماء رضي الله تعالى عنهم قد ألفوا في هذا الشأن كثيرا. ومن تواليفهم أخرجت (2) هذا الكتاب واختصرته (وهو المسئول أن يمدنا بحسن توفيقه وأن ييسرنا لما فيه رشدنا وهو على كل شيء قدير (3)) وبالله تعالى التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
(1) وفي (ب- ج)(على)
(2)
وفي الأصل (ب- ج)(استخرجت)
(3)
ما بين القوسين زيادة من (ب)
الباب الأول: في البدعة
(1):
اعلم أن البدعة: ما خرج عن الكتاب والسنة والإجماع. وسنبين ذلك إن شاء الله تعالى، فنقول- وبالله التوفيق-: البدعة فتنة وبلاء (2) عظيم على هذه الأمة، وهي من الذنوب التي لا يكفرها إلا الخلود في النار- نسأل الله العافية- وسبب ذلك مخالفتهم في العقائد (3)، فإن سلف العلماء قد ألفوا الكتب في الرد عليهم، وقد بقيت الآن آثارهم (4) بل كلامنا في شرذمة غلبت (5) وانتشرت في
(1) وفي الأصل- ب- ج- (باب في البدعة)
(2)
وفي (د)(ووبال)
(3)
وفي (الأصل- ب- ج)(لأن) وما هو مثبت أظهر كما في (ج)
(4)
وفي الأصل- ج (وقد قبل اليوم آثارهم) وفي (د)(فبقيت آثارهم في شرذمة قليلة فانتشروا)
(5)
وفي هامش (ب)(متغيبة)
مغربنا هذا في البوادي والحواضر، وفي البوادي أكثر، وتلك طريقة (1) أحدثها رجال ليأكلوا بها حطام (2) الدنيا، فجعوا العوام والجهال من الذكور والإناث الذين صدورهم فارغة وعقولهم قاصرة، فدخلوا عليهم من جهة الدين وتقرر عندهم أن التوبة إنما هي بحلق الرءوس وتلقيم اللقمات، والمبيتات والاجتماع عند حلق رأس التائب والوليمة للتوبة، والذكر بالمداولة، والترونين والشطح والزعقات واستعمال العباءات والكتفات (3) والتسابيح والتمنعات (4) والاعتراف بأن سيده فلانا شيخه في ذلك، وأن لا شيخ له سواه. فأخذوا في علل الناس، فإذا أشربوا على العمار (5) أخذوا في الذكر على المدولة، فتذبح لهم البقر والغنم، ولهم خدام، بعضهم على خيولهم وبعضهم مشاة (6)،
(1) وفي الأصل- ب- ج (وذلك طريق) وما وهو مثبت أظهر كما في (د)
(2)
وفي (د)(ليأكلوا أموال الناس بالباطل)
(3)
وفي هامش (ب) قال: هي: التصنعات
(4)
وفي هامش (ب) قال: هي: العكوفات
(5)
وفي هامش (ب) قال: هي: العمران
(6)
زيادة من (ب)
ويأخذون (1) من موضع إلى موضع، ومن بلد إلى بلد يتوبون الناس، وزعموا أنهم أظهروا الدين بذلك وأحيوه، وألقوا عندهم أن العلماء قطعوا طريق الله وحذروهم منهم (2)، فاعتقد بعضهم عداوتهم فافترقوا (3) بكثرة أشياخهم على طوائف شتى كل طائفة تحيد (4) إلى شيخها وتطعن في الطائفة الأخرى وشيخها، فتوارثت (5) لأجل ذلك المشاحنة والمباغضة بين الأشياخ حتى يود كل واحد منهم لو شرب دم الآخر بسبب حطام الدنيا، فباعوا الآخرة بالدنيا، فأضلوا من مخلوقات الله كثيرا، فأفسدوا بذلك (دينهم)(6) وإيمانهم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل الناس يطمع في مغفرة الله وتنالهم شفاعتي يوم القيامة (8) كل من مات منهم على توبة إلا من مات منهم على بدعة شرعها للناس وسنها لهم» .
(1) وفي (ج)(ويؤخذون) وهو خطأ
(2)
وفي (ب)(فحذروهم)
(3)
وفي (ب)(وافترقوا)
(4)
وفي (الأصل- ج) تجر
(5)
وفي (الأصل- ج)(وتوارثت)
(6)
زيادة من (ب)
(7)
سورة البقرة الآية 174
(8)
ساقط من (الأصل- ب).
وقال صلى الله عليه وسلم: «رجلان لا تنالهم شفاعتي يوم القيامة إمام ضال (1)، وغال في الدين. . .» الحديث.
وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله لصاحب بدعة صوما ولا حجا ولا صلاة ولا عمرة ولا صرفا ولا عدلا يخرج من الإسلام كما تخرج الشعرة من العجين (2)» .
وقال صلى الله عليه وسلم: «من فارق الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه (4)» . أراد عليه السلام عقيدة الإسلام والتابع للسنة والتارك للبدعة.
وقال صلى الله عليه وسلم: «من غش أمتي فعليه لعنة الله
(1) وفي السنة (إمام ظلوم غاشم)
(2)
رواه ابن ماجه عن حذيفة برقم 49، انظر: كنز العمال حديث 1108، والمنذري في الترغيب والترهيب ج1 ص87
(3)
أخرجه أبو داود في السنة باب قتل الخوارج برقم (758)، وأحمد ج5 ص180. انظر: جامع الأصول حديث 76
(4)
وفي سنن أبي داود (شبرا). (3)
والملائكة والناس أجمعين، قيل له: وما غش أمتك يا رسول الله؟ قال: أن يبتدع بدعة يحمل الناس عليها (3)»، وقال صلى الله عليه وسلم:«إن لله ملكا ينادي كل يوم: من خالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم لن تناله شفاعته (4)» وحكى أبو حامد في الإحياء أن إبليس لعنه الله بعث (5) جنوده في وقت الصحابة رضي الله عنهم فرجعوا منتكسين (6)، فقال ما شأنكم؟ فقالوا (7): ما رأينا مثل هؤلاء القوم ما (8) نصيب منهم
(1) رواه الدارقطني في الأفراد عن أنس بسند ضعيف جدا. انظر: كنز العمال حديث 1118، والإحياء ج1 ص138، (المتن والحاشية) تخريج الحافظ العراقي، كما ذكره إدريس الحنفي في اللمع ج1 ص43
(2)
وفي الكنز (قالوا يا رسول الله وما الغش) وفي الإحياء (قيل يا رسول الله وما غش أمتك)(1)
(3)
وفي الأصل- ج- (يحمده)(2)
(4)
أورده الغزالي في الإحياء - وقال الحافظ العراقي (لم أجد له أصلا) انظر: الإحياء ج1 ص 138 (المتن والحاشية).
(5)
وفي الأصل- ب- (حث)
(6)
وفي (د)(منكسين) وفي الإحياء (محسورين)
(7)
وفي الإحياء (قالوا) وهو أظهر
(8)
(ما) ساقط من (ج)
شيئا، وقد أتعبونا، فقال: إنكم لن تنالوا (1) منهم شيئا قد صاحبوا نبيهم وشاهدوا نزول (2) الوحي، ولكن سيأتي بعد هؤلاء (3) قوم فتنالون منهم حاجتكم، فلما جاء التابعون بعث (4) جنوده فرجعوا إليه منتكسين، قال: ما شأنكم. قالوا: ما رأينا أعجب من هؤلاء نصيب منهم الشيء بعد الشيء من الذنوب فإذا كان آخر النهار أخذوا في الاستغفار فيبدل الله سيئاتهم حسنات، قال (5): إنكم لن تصيبوا (6) من هؤلاء شيئا لصحة توحيدهم واتباعهم لسنة نبيهم، ولكن سيأتي بعد هؤلاء قوم تقر أعينكم بهم، وتلعبون بهم لعبا، وتقودونهم (7) بأزمة أهوائهم (8) كيف شئتم، لا يستغفرون (9) فيغفر لهم ولا يتوبون فيبدل الله سيئاتهم حسنات، قال: فجاء قوم بعد القرن الأول (10) فبث فيهم
(1) وفي الإحياء (لا تقدرون عليهم)
(2)
وفي الإحياء (تنزيل ربهم)
(3)
وفي الإحياء (بعدهم)
(4)
وفي الإحياء (بث)
(5)
وفي الإحياء (فقال)
(6)
وفى الإحياء (لن تنالوا)
(7)
وفي (ب)(وتقودوهم)
(8)
وفي الأصل (ب)(بأزمتهم إلى أهوائهم) وفي ج- د (بأزمتهم إلى هواهم) والتصحيح من الإحياء
(9)
وفي الإحياء (إن استغفروا لم يغفر لهم) وما هو مثبت أظهر
(10)
وفي الأصل- ب- (القرون) والتصحيح من الإحياء
الأهواء وزين لهم (1) البدع فاستحلوها (2) واتخذوها دينا لا يستغفرون منها ولا يتوبون عنها فسلطت (3) عليهم الأعداء وقادوهم أين شاءوا (4)، وقال الفضيل بن عياض:"صاحب البدعة لا تأمنه على دينك ولا تشاوره في أمرك ولا تجلس إليه، فإن من جالس صاحب البدعة ورثه الله العمى" يعني عمى القلب.
وقال الفضيل بن عياض: "من أحب صاحب بدعة (5) أحبط الله عمله وأخرج نور الإسلام من قلبه"، وقال الفضيل: "إذا
(1) وفي الأصل (ب)(فهم) والتصحيح من الإحياء
(2)
وفي الأصل- ب- ج- (واستعملوها) وما هو مثبت أظهر كما في الإحياء
(3)
كذا في د وفي الأصل- ب- ج- (فصالت) وفي الإحياء (فسلط)
(4)
انظر: الإحياء ج1 ص138، 139
(5)
وفي الأصل- ب- ج- (من تراحب بصاحب) وهو خطأ
علم الله تعالى من رجل بغض صاحب بدعة غفر الله (1) له ولو قل عمله"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة (2)» .
وقال سفيان الثوري: "من اتبع جنازة مبتدع لم يزل في سخط الله حتى يرجع"(3)، ولا يرفع لصاحب بدعة عمل إلى الله تعالى، ومن عظم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام".
(1) ساقط من (الأصل- ج)
(2)
ذكره الطبراني في الأوسط برقم 4360، من طرق عن هارون بن موسى حدثنا أبو صخرة عن حميد عن أنس مرفوعا قال الألباني: هذا إسناد صحيح قال الهيثمي: في مجمع الزوائد ج10 ص189 (رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح غير هارون بن موسى الفروي وهو ثقة، ورواه ابن أبي عاصم في السنة برقم 37 من طريق بقية بن الوليد حدثني محمد بن عبد الرحمن حدثني حميد عن أنس. وقال الألباني: حديث صحيح. انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث 1620 والسنة لابن أبي عاصم ج1 ص21 وظلال الجنة ج1 ص21، كما أورده الشاطبي في الاعتصام برقم 73.
(3)
ذكره إدريس الحنفي في اللمع ج1 ص43
وقال مالك رضي الله تعالى عنه: (لا تجالسوهم إلا أن تغلظوا عليهم، ولا يعاد مريضهم ولا تحدث عليهم الأحاديث".
وقال الشافعي: "إذا سمعتم (1) الرجل يسمي الله (2) بغير اسمه، والشيء بغير الشيء فاشهدوا له بالزندقة".
(1) وفي (ج)(إذا سمعتم من الرجل)
(2)
(الله) زيادة من (د)
(1) رواه أحمد في المسند ج4 ص126، 127، وأبو داود في السنة باب لزوم السنة حديث 4607 والترمذي في العلم باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع حديث 2678، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين حديث 42، والبغوي في شرح السنة ج1 ص205 حديث 102، وابن أبي عاصم في السنة ج1 ص17 - 20، 29، 30، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ج1 ص74، 75، وانظر: جامع الأصول ج1 ص278، 279 (المتن والحاشية).
(2)
ساقطة من النسخ الأربع (1)
(3)
وفي الأصل (فما) وهو خطأ (2)
(4)
فيه سقط (فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا)(3)
(5)
وفي الأصل- ب- ج (وعليكم) وهو خطأ (4)
(6)
فيه سقط (الراشدين المهديين)(5)
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: «قليل في سنة خير من اجتهاد في بدعة (2)» .
وفي الموطأ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد (3)» .
وفي صحيح البخاري ومسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد (4)» .
(1) انظر: سنن الترمذي كتاب العلم باب 16 حديث 2676.
(2)
أخرجه القضاعي في مسند الشهاب برقم 1270 مرسلا عن الحسن، والرافعي في تاريخ قزوين ج1 ص257 مرفوعا من حديث أبي هريرة، والديلمي في الفردوس برقم 4098 مرفوعا من حديث ابن مسعود بلفظ (عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة) وانظر: كنز العمال، حديث 1096، قال أحمد الشافعي في فتح الوهاب: - (ورواه الرافعي في تاريخ قزوين من حديث أبي هريرة، ورواه الديلمي في الفردوس من حديث ابن مسعود والصحيح أنه من حديثه موقوفا. كذلك أخرجه الحاكم وصححه، والطبراني في الكبير وغيرهما) انظر: فتح الوهاب ج2 ص295 والطبراني في الكبير حديث 10488 والحاكم ج1 ص103.
(3)
هو حديث عائشة الآتي ذكره انظر: فتح الباري ج13 ص 248، والاعتصام برقم 58، 263 والسنة لابن أبي عاصم ج1 ص83. ولم أقف عليه في الموطأ.
(4)
أخرجه البخاري في البيوع باب النجش، وفي الصلح باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود برقم 2697، ومسلم في الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة برقم 1718، وأبو داود في السنة باب لزوم السنة من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وانظر: جامع الأصول ج1 ص289، 295 برقم 75.
وقال صلى الله عليه وسلم: «افترقت بنو إسرائيل على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاثة وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: فمن هم يا رسول الله؟ قال: من كان على ما أنا عليه وأصحابي (1)» أخرجه أبو داود والترمذي.
وقال صلى الله عليه وسلم: «من أهان مبتدعا أمنه الله يوم الفزع الأكبر (3)» .
(1) أخرجه: الترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في افتراق هذه الأمة برقم 643، وقال: هذا حديث حسن مفسر غريب. انظر: جامع الأصول ج10 ص33، 34 (المتن والحاشية)، والبغوي في شرح السنة ج1 ص213 وابن الجوزي في تلبيس إبليس ص15، والحاكم في المستدرك ج1 ص128، 129 وذكره الآجري في الشريعة ص15، 16، والسيوطي في الأمر بالاتباع ص43، 44، عن عبد الله بن عمرو، ولأصل الحديث شواهد كثيرة منها حديث معاوية بن أبي سفيان أخرجه أبو داود، وحديث أبي هريرة: أخرجه أبو داود والترمذي وحديث أبي سعيد الخدري أخرجه البخاري ومسلم. انظر: جامع الأصول حديث 7489، 7490، 7493.
(2)
أورده أبو نعيم في الحلية والغزالي في الإحياء بلفظ (. . . ومن أهان صاحب بدعة. . الحديث) وقال الحافظ العراقي (رواه أبو نعيم في الحلية والهروي في ذم الكلام من حديث ابن عمر بسند ضعيف) انظر: الحلية ج8 ص200، والإحياء ج2 ص169 (المتن والحاشية) كما ذكره إدريس الحنفي (التركماني) في اللمع ج1 ص 43.
(3)
وفي الأصل- ب- (من أعان على) والصواب ما هو مثبت كما في (ج)(د) وكما في الحلية والإحياء (2)
وقال صلى الله عليه وسلم: «من صافح مبتدعا فقد نقض الإسلام عروة عروة (1)» .
وقال أبي بن كعب: (الاقتصاد في سنة خير من الاجتهاد في بدعة).
وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: (النظر (2) إلى
(1) أخرجه ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص 23 من مقولات سفيان الثوري كما ذكره السيوطي في الأمر بالاتباع ص 67 من مقولات سفيان الثوري أيضا.
(2)
وفي الأصل- ب- (من النظر) وهو خطأ
الرجل من أهل السنة يدعو إلى السنة وينهى عن البدعة خير من عبادة سنة) (1).
وقال أبو يزيد البسطامي: (إذا رأيتم من يطير في الهواء (2) فلا يغرنكم بفعله) يريد إذا لم يتبع السنة.
وقال الأوزاعي: (رأيت ربي سبحانه في المنام فقال لي: (3)
(1)(سنة) غير موجودة في شرح أصول اعتقاد أهل السنة- والإبانة، وتلبيس إبليس، ومفتاح الجنة.
(2)
في (الهواء) غير موجودة في (خ)
(3)
(لي) ساقطة من الأصل- ب- ج.
يا عبد الرحمن أنت الذي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فقلت: بفضلك يا رب، وقلت (1) يا رب أمتني على الإسلام، فقال: وعلى السنة).
وقال الجنيد: (الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على المقتفين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين للسنة).
وقال أيوب السختياني: (ما زاد صاحب بدعة اجتهادا إلا زاد من الله بعدا).
(1) وفي (ج- د)(وقلت يا رب) غير موجودة
وقال سفيان الثوري (1): (البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ لأن البدعة لا يتاب منها، والمعصية يتاب منها).
وقال ابن سيرين: (بالله الذي لا إله إلا هو لقد يفسد في دينه ما لا يصلح).
وقال: عبادة الجاهل في حجرة إذا قام اهتزت (2)(3).
ومما كان ينشد مالك (4) رضي الله تعالى عنه (بيتا، كان
(1) سبقت ترجمته ص 202.
(2)
وفي (د)(متى قام انحرفت).
(3)
لم أقف عليه.
(4)
سبقت ترجمته ص 203.
يردده كثيرا) (1).
وخير أمور الدين ما كان سنة
…
وشر الأمور المحدثات البدائع (2)
وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم أنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ليس وراء
(1) ما بين قوسين زيادة من (ج).
(2)
ذكره الشاطبي في الاعتصام والقاضي عياض في ترتيب المدارك ج 1 ص 169 وابن عبد البر في الانتقاء ص 37.
(3)
أخرجه مسلم في الإيمان- باب كون النهي عن المنكر من الإيمان. عن عبد الله بن مسعود، والإمام أحمد في المسند ج 1 ص 458. انظر: جامع الأصول حديث 108، وكنز العمال حديث 5532.
(4)
في الأصل ب- د- (إلا كان في أمته) والصواب ما هو مثبت كما في (د) وصحيح مسلم. (3)
(5)
في الأصل ب- ج- د (ثم إنه تختلف) وهو خطأ (4)
(6)
في الأصل ب- ج- د (بقلبه) وهو خطأ. (5)
(7)
في الأصل ب- ج- د (موفق) وهو خطأ. (6)
ذلك من الإيمان حبة خردل (1)».
وجاء في تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (2) الآية، قال عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه:«خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا وخط عن يمينه وعن شماله خطوطا- وقال: هذه سبل وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليه يريد أهل البدعة {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} (4) يعني (5) الخط {فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} (6) يعني الخطوط {فَتَفَرَّقَ} (7) {بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (8)» .
(1) ما بين قوسين ساقط من (الأصل- ب- ج- د). (7)
(2)
سورة الأنعام الآية 153
(3)
الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند وقال الشيخ شاكر: إسناده صحيح، المسند بشرح الشيخ شاكر ج 6 ص 89، وأورده اللالكائي فى شرح أصول اعتقاد أهل السنة ص 80، 81 والآجري في الشريعة ص 10، والبغوي في شرح السنة ج 1 ص 196، 197 وابن وضاح في ما جاء في البدع ص 73، وابن بطة في الإبانة ص 114، وأبو شامة في الباعث على إنكار البدع والحوادث ص 57. وابن الجوزي في تلبيس إبليس ص 14، والحاكم في المستدرك ج 2 ص 318، والشاطبي في الاعتصام ج 1 ص 42، وابن أبي عاصم في السنة ج 1 ص 13، وقال الألباني: حديث صحيح. انظر: ظلال الجنة في تخريج السنة ج 1 ص 13، وانظر: إحياء السنة ص 51.
(4)
(3).
ثم تلا هذه الآية: سورة الأنعام الآية 153
(5)
يعني الخط غير موجودة في (ج)
(6)
سورة الأنعام الآية 153
(7)
سورة الأنعام الآية 153
(8)
سورة الأنعام الآية 153
قال عبد الله بن عمر لعبد الله بن مسعود: يا أبا عبد الرحمن ما الصراط المستقيم؟ قال: هو ورب الكعبة الذي وجدت (1) عليه أباك حتى دخل الجنة ثم حلف على ذلك ثلاثا) (2).
وقال مجاهد وزيد بن أسلم: صراط الله الإسلام والسنة، والسبل: البدعة (3)؛ لقوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} (4)
(1) كذا في النسخ الأربع- وفي الاعتصام (ثبت)
(2)
أخرجه الشاطبي في الاعتصام ج 1 ص 42.
(3)
كذا في النسخ الأربع. وفي إحياء السنة (البدع والأهواء)
(4)
سورة الأنعام الآية 159
يعني يا محمد.
الباب الثاني (1):
في الرد عليهم وذكر صفاتهم، وبيان الحق الذي هو السنة والباطل الذي هو البدعة (بدليل من الكتاب والسنة والإجماع)(2).
قال سبحانه وتعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (3) الآية. وقال جل وعلا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (4) الآية. وقال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} (5){وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (6). وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (7).
(1) كذا في (د) وفي الأصل- ب- ج- (باب الرد عليهم).
(2)
ما بين قوسين زيادة من (ب- د).
(3)
سورة الحشر الآية 7
(4)
سورة الأحزاب الآية 21
(5)
سورة النساء الآية 115
(6)
سورة النساء الآية 115
(7)
سورة النور الآية 63
ومن السنة قال مالك بن أنس: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام (1)» . وقال عمر رضي الله تعالى عنه في آخر عمره في خطبة خطبها: (أيها الناس (2) قد سنت لكم السنن، وفرضت لكم الفرائض، وتركتم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يمينا وشمالا، وضرب بإحدى يديه على
(1) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب الجامع باب النهي عن القول في القدر بلاغا، لكن يشهد له حديث ابن عباس عند الحاكم ج 1 ص 93 بسند حسن فيتقوى به انظر: جامع الأصول ج 1 ص 277 (المتن والحاشية).
(2)
(أيها الناس) ساقطة من الأصل- ب- ج
الأخرى).
فلا عمل إلا عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عمل أصحابه من بعده وغير ذلك ضلال وبدعة.
وقال الحسن: (لا يصلح قول إلا بعمل، ولا يصلح عمل (1) إلا بنية ولا يصلح قول ولا عمل ولا نية (2) إلا بموافقة السنة).
وقال أويس القرني لهرم (3) بن حيان في وصيته: إياك أن
(1) كذا في (الأصل ب- ج) وفي مفتاح الجنة (ولا يصلح قول وعمل) وهو أظهر
(2)
كذا في (الأصل ب- ج) وفي مفتاح الجنة (ولا يصلح قول وعمل ونية) وهو أظهر
(3)
وفي الأصل (مرة) وفي (ب)(لهرمز) والصواب ما هو مثبت كما في (ج- د) وكما في تاريخ دمشق
تفارق الجماعة فتفارق دينك وأنت لا تشعر فتدخل النار يوم القيامة في أول من يدخل.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل: «يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق فإن أردتم أن تسكنوا بحبوحة الجنة ونعيمها فالزموا السنة والجماعة، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (3)» .
(1) أخرجه أبو الليث السمرقندي في كتابه تنبيه الغافلين ص 288 ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، ولم أقف عليه بهذا اللفظ فيما سواه من كتب السنة لكن لما أورده من الحديث شواهد منها: ما رواه البخاري ومسلم وأبو داود عن سويد بن غفلة قال: قال علي رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (سيخرج قوم في آخر الزمان. . . إلى أن قال: يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. . . الحديث) انظر: جامع الأصول حديث 7552. ومنها ما رواه مسلم عن عبد الرحمن بن شماسة رضي الله عنه قال: قال كنت عند مسلمة بن مخلد وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص فقال عبد الله: لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق. . . الحديث) وفي رواية عن عبد الله بن مسعود قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس)) انظر: جامع الأصول حديث 7916، 7917. ومنها ما أخرجه الديلمي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((من سره أن يسكن بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة. . الحديث)) انظر: كنز العمال حديث 1033، كما أخرجه ابن الجوزي عن عمر انظر: تلبيس إبليس ص 14. ومنها حديث العرباض بن سارية قال: ((صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم. . . إلى أن قال: فقال رجل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ قال: أوصيكم بتقوى الله. . . إلى أن قال: فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)) أخرجه أبو داود والترمذي وأحمد وابن ماجه. انظر: جامع الأصول ج 2 ص 278، 279 (المتن والحاشية).
(2)
وفي تنبيه الغافلين (فإن سركم) وهو أظهر (1)
(3)
(بحبوحة) زيادة من (د)(2)
فإن قيل لأي شيء أنكرتم التوبة بالاجتماع (1) والوليمة عليها وحلق الرءوس واتخاذ الشيخ في ذلك؟.
فالجواب: أن تقول: إنما أنكرنا ذلك على تلك الصفة؛ لأنه من المحدثات التي نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عنها، إذ لم ترو عنه ولا عن أحد من أصحابه، ولا عن أحد (2) من التابعين ولا العلماء الذين يجب الاقتداء بهم.
قال أبو حامد الغزالي رضي الله تعالى عنه: (كلما جاء وراء قدر الضرورة والحاجة فهو من اللهو واللعب).
(1) وفى الأصل- ب- (والجماعة) وما هو مثبت أظهر كما في (ج) - (د)
(2)
(أحد) غير موجودة في (ج- د)
فإن قيل: ولأي شيء تنكرون في رد العصاة للتوبة والطريق إلى الله؟
فالجواب: أن نقول: إنما ردوهم من المعصية إلى البدعة، وقطعوهم عن طريق الله تعالى، وقد اتفق العلماء أن العاصي أحسن حالا من المبتدع؛ لأن العاصي يزعم أنه عاص ويقول (1): نتوب ونرجع إلى الله تعالى.
وأما المبتدع: فيزعم أنه على الحق حتى يموت على بدعته، ومن مات مبتدعا وجد قبره حفرة من حفر النار.
فإن قيل: هذه بدعة مستحسنة فالجواب: أن نقول له: بل تلك بدعة مستخشنة وإنما البدعة المستحسنة: ما استحسنه الصحابة وعلماء الأمة جميعا.
قال أبو حامد (2): قال أبو سليمان الداراني: (لا ينبغي لمن
(1) وفي (د)(ويرجو من الله التوبة)
(2)
سبقت ترجمته ص 119
ألهم شيئا من الخير (1) أن يفعله حتى يسمع به (2) في الآثار (3)) (4).
فإن قيل: وكيف ذلك؟ وفينا من يسرد الصيام ويحج ويغزو ويقوم الليل ويطعم الطعام ويفعل المعروف.
فالجواب: أن نقول له ذلك باطل مع البدعة لما تقدم في الحديث. وفي كتاب مناطق الحكماء: وثلاثة ردية. البدعة والزنا، والمال الممزوج، لا ينفع (5) مع واحد منهن- الصلاة ولا الصوم ولا الحج ولا عمل صالح حتى يتوب من ذلك. ووقف مالك رضي الله تعالى عنه عند زمزم فقال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني (أنا أعرفه بنفسي)(6)، فأنا مالك بن أنس أنا النذير لكل من حج هذا البيت-
(1) وفي الأصل (ب)(الخيرات) والصواب ما هو مثبت كما في (ج)(د) وكما في الإحياء
(2)
وفي الأصل (ب)(له) والصواب ما هو مثبت كما في (ج)(د) وكما في الإحياء
(3)
كذا في النسخ الأربع وفي الإحياء (في الأثر).
(4)
إحياء علوم الدين ج 1 ص 137.
(5)
وفي الأصل- ب- ج (لا ينبغي) وما هو مثبت أظهر كما في (د)
(6)
زيادة من (ج)
وهو على بدعة فلا يعني نفسه باطلا (1)(2) فإن قيل فما تقول في الترونين؟ إذ هو ما هو مما يحرك الخشوع ويرقق القلب. فالجواب أن نقول له الترونين حرام، وقد نهى عنه صلى الله عليه وسلم، وهو سنة إبليس لعنه الله، حين طرد من الجنة، وهو من عمل الجاهلية- قال في كتاب البر: حدثنا أبو إسحاق عن أبيه. قال: سمعت مقاتل بن سليمان يقول: نزل (3) آدم بأرض قفر خالية يبكي على نفسه لعظيم ما حل به من المعصية، وما نزل به. فلذلك يحب الله تعالى البكائين من خلقه؛ لأنه سنة آدم، وكره الله النواحين؛ لأنه من سنة إبليس لعنه الله، فكان (4) ينوح على نفسه إلى يوم القيامة.
فإن قيل: فالشطح والاهتزاز مما يحرك الخشوع ويهيج الوجد
(1)(باطلا) ساقطة من الأصل (ب).
(2)
أورده عثمان فودي في إحياء السنة ص 61.
(3)
وفي (د)(أنزل) وهو أظهر
(4)
وفي (ج)(وكان)
فلم أنكرتموه؟
فالجواب: أن نقول الرقص والتواجد أول من أحدثه أصحاب السامري لما اتخذ لهم عجلا جسدا له خوار ظلوا يرقصون حوله ويغنون (1)، وهو دين الكفار، وعباد العجل، وقد تقدم في حديث العرباض بن سارية أنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب (2). ولم يقل صرخنا ولا زعقنا، ولا ضربنا على رءوسنا، ولا ضربنا على صدورنا، ولا رقصنا كما يفعل كثير من الجهال يصرخون عند الموعظة ويزعقون ويتعانقون (3).
وهذا كله من الشيطان لعنه الله يلعب بهم، وهذا (4) كله بدعة وضلالة. يقال لمن فعل هذا: أكان (5) النبي صلى الله عليه وسلم أصدق
(1) وفي (ب)(يعثون) وهو خطأ
(2)
سبق تخريجه ص 204
(3)
وفي الأصل ب- ج (ويتناغصون) والصواب ما هو مثبت كما في (د).
(4)
وفي (ب)(فهذا)
(5)
وفي (د)(يقال لم لم يفعل هذا النبي صلى الله عليه وسلم)
الناس موعظة وأنصح الناس لأمته وأرق الناس قلبا، وأصحابه أرق الناس قلوبا وخير الناس ممن جاء بعدهم، ولا يشك عاقل في هذا، فما صرخوا عند موعظة ولا زعقوا ولا رقصوا، ولو كان هذا صحيحا لكانوا (1) أحق الناس بهذا أن يفعلوه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه بدعة وباطل ومنكر بين (2).
فإن قيل: وكيف أنكرتم (3) المحدثات وقد أحدثت المحاريب (4) والحصر بعد النبي صلى الله عليه وسلم وجمع المصاحف وغير ذلك؟ فالجواب: أن نقول أيها السائل أظنك نائما لا تعقل الذرة من الفيل، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم:«عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي (5)» .
وقال صلى الله عليه وسلم: «اقتدوا بمن بعدي أبي بكر وعمر (6)» . وقال صلى الله عليه وسلم: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم (7)» . وقال: «مثل أصحابي كمثل سفينة
(1) وفي (ج)(لكان) وهو خطأ
(2)
(لكنه بدعة وباطل ومنكر بين) ساقط من (ج).
(3)
وفي الأصل (ب- ج)(ينكرون) وما هو مثبت أظهر كما في (د)
(4)
وفي الأصل (ب- ج)(أحدثوا المحراب) وما هو مثبت أظهر كما في (د).
(5)
سبق تخريجه ص 204.
(6)
أخرجه الترمذي في المناقب باب مناقب عبد الله بن مسعود، والإمام أحمد في المسند ج 5 ص 399. وهو حديث حسن كما قال الترمذي انظر: جامع الأصول: ج 8 ص 573 (المتن والحاشية) وذكره أبو نعيم في الحلية ج 9 ص 109 وابن أبي عاصم في السنة ج 2 ص 545 وقال الألباني: حديث صحيح. انظر: ظلال الجنة في تخريج السنة ج 2 ص 545.
(7)
رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله من حديث سلام بن سليم عن الحارث بن غصين عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثم ذكره قال أبو عمر: هذا إسناد لا تقوم به الحجة؛ لأن الحارث بن غصين مجهول. وقال عبد القادر الأرناؤوط: إسناده ضعيف وقال الألباني موضوع. انظر: جامع بيان العلم وفضله ج 2 ص 90، 91، وجامع الأصول ج 8 ص 556، 557 (المتن والحاشية) وسلسلة الأحاديث الضعيفة برقم 58. وذكره العجلوني في كشف الخفاء وقال: رواه البيهقي، وأسنده الديلمي عن ابن عباس بلفظ أصحابي بمنزلة النجوم في السماء بأيهم اقتديتم اهتديتم انظر: كشف الخفاء حديث 381.
نوح عليه السلام من دخل فيها نجا ومن تخلف عنها غرق (1)» وهذه هي البدعة المستحسنة، فإن قيل: وتشكيل المصاحف ليس من عمل الصحابة بل ذلك حدث بعدهم؟
فالجواب: أن نقول: هذا مما اجتمعت عليه الأمة. وقد تقدم أن البدعة: مما خرج عن الكتاب والسنة والإجماع وهي أيضا بدعة مستحسنة، بل لا يقال في ذلك بدعة لأن البدعة ما خرج عن الأدلة الثلاث (2).
(1) رواه البزار ج 2 ص 245 برقم 2615، وذكره الطبراني في الكبير برقم 2628، 12388. وأبو نعيم في الحلية ج 4 ص 306، والقضاعي عن ابن عباس بلفظ (مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق) وفيه عندهم الحسن بن أبي جعفر وهو ضعيف انظر: مسند الشهاب ج 2 ص 273. كما رواه الحاكم في المستدرك عن أبي ذر بلفظ (مثل أهل بيتي. . .) وقال: هذا الحدث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وقد تعقبه الذهبي فقال (مفضل بن صالح- أحد رجال السند- خرج له الترمذي فقط وضعفوه) انظر المستدرك ج 2 ص 343 (المتن والحاشية) وفتح الوهاب ج 2 ص 330، 331. وكنز العمال حديث 34151.
(2)
كذا في النسخ الأربع- ولعل الأولى الثلاثة.
فإن قيل: فمن أين لكم أن تقولوا: إن المبتدع الذي يموت على بدعته يبتليه الله بسوء الخاتمة، ولا تناله شفاعة الشافعين؟
فالجواب: أن نقول له: لنا هنا من الأحاديث الصحاح الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) وقد تقدم (2) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «رجلان من أمتي لا تنالهم شفاعتي» . . . «وكل الناس يطمع في مغفرة الله وتنالهم شفاعتي يوم القيامة كل من مات منهم على توبة، إلا من مات منهم على بدعة» . . .
وقال أبو حامد: الأسباب التي تورث سوء الخاتمة، فذكر منها: البدعة (3)، (4).
وذكر أبو الليث، (5) ذلك أيضا.
(1) زيادة من (ب).
(2)
(وقد تقدم) غير موجودة في (ب).
(3)
وفي الأصل (ب- ج)(فذكر منهم المبتدع) وما هو مثبت أظهر كما في (د).
(4)
انظر: الإحياء ج5 ص33، 37.
(5)
(ذلك) زيادة من (د).
وقال أبو حامد: " جمع عالم (1) في بني إسرائيل ثمانين تائبا من " أهل العلم " (2) وقد كان أحدث شيئا من هذه المحدثات فتاب إلى الله تعالى من ذلك وندم (3) واستغفر ربه فأوحى الله إلى نبي ذلك الزمان: " قل للعالم: لو جمعت ذلك ومثله معه، أو قال: لو شفع أهل السماوات وأهل الأرض ما قبلت شفاعتهم فيك؛ لأنك أضللت عبادي وأدخلتهم النار ولو كان الذي بيني وبينك لغفرته لك " نقلته بالمعنى (4).
فإن قيل: لأي شيء أنكرتم (5) ذكر الله تعالى والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم والتوبة، والاجتماع على الموائد، والمحبة في ذات الله تعالى، والبكاء من خشية الله تعالى، والتزاور (6) بين الإخوان؟
فالجواب: أن نقول: (7) إنما أنكرنا هذه الخصال على الجملة، بل ذكرنا منها صفة فعلها على ما وصفنا قبل هذا، إنما أنكرنا (8) من الذكر (9) ما يكون بالمداولة، لا الذكر بنفسه، وأنكرنا الاجتماع على
(1)(عالم) ساقطة من (ب).
(2)
(أهل العلم) مكانها بياض في الأصل- ج-.
(3)
وفي (ب)(وندب) وهو خطأ.
(4)
انظر: الإحياء ج4 ص49.
(5)
وفي الأصل- ب- ج (ولأي شيء ينكر في ذكر الله) وما هو مثبت أظهر كما في (د).
(6)
وفي الأصل- ب- (والمتزاورين) وما هو مثبت أظهر كما في (ج)(د).
(7)
(أن نقول) زيادة من (د)
(8)
وفي الأصل- ب- ج (كرهنا) وما هو مثبت أظهر كما في (د).
(9)
وفي (د) بل أنكرنا منها صفة من الذكر مما يكون بالمداولة.
التوبة والجهر فيها، والوليمة عليها لا التوبة بنفسها، وأنكرنا الاجتماع على الموائد؛ لأنهم يحيون بذلك بدعتهم، ويزيدون فيها، ولا ينكر إطعام الطعام على غير هذه الصفة، وأنكرنا محبة البدعة، ولا ينكر (1) ذلك بين أهل السنة؛ لأن ذلك يورث الدرجات العلى في الجنة، وأنكرنا البكاء في ملأ من الناس بالنياح والصراخ لا البكاء من خشية الله تعالى؛ لأن الدمعة من البكاء من خشية الله تطفئ بحورا من النيران، ولا يكون ذلك- والله تعالى أعلم- إلا في الخلاء، وكذلك الزيارة جائزة بين أهل السنة، ولها فضل عظيم، وأما بين أهل البدعة فهي حرام؛ لأن ذلك يهيج بدعتهم وضلالتهم (2) ويقال للمبتدع الذي أحدث ما ليس عليه الأمة مثل ما ذكرنا من التحريم في اللقمة والاجتماع للتوبة وغير ذلك.
فيقال له: هذا دين أو ليس بدين؟ فإن قال: دين، فقد كفر بالله ورسوله؛ لأنه كذب (3) الله عز وجل في كتابه إذ قال (4) عز وجل:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (5) وجعل الرسول عليه الصلاة والسلام
(1) أي المحبة في ذات الله.
(2)
وفي (د)(ومقالاتهم).
(3)
وفي (د)(لأنه كذب على الله. . .).
(4)
وفي (د)(لقوله تعالى).
(5)
سورة المائدة الآية 3
خائنا (1) في رسالته؛ إذ يقول فعله ولسان مقاله (2) هذا من (3) الدين لم يكمل ولم يأت به الرسول، ولو لم يقله بلسانه قاله بفعله ولسان حاله. قال عمر بن الخطاب وابن عباس رضي الله تعالى عنهم:" لم ينزل بعد هذه الآية حلال ولا حرام ولا فرض ولا ندب، وترك صلى الله عليه وسلم أمته على الواضحة من بيان الكتاب والسنة ولله الحمد. ومن (4) أحدث في هذه الأمة اليوم شيئا لم يكن عليه سلفها، فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خان (5) الرسالة؛ لأن الله تعالى قال في كتابه العزيز: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (6) فما لم يكن يومئذ دينا لم يكن اليوم دينا "(7).
(1) وفي الأصل- ب- (خاتما) وهو خطأ.
(2)
وفي الأصل ب- ج (ولسان حاله بغير هذا) وما هو مثبت أظهر كما في (د).
(3)
(من) ساقطة من (ب).
(4)
(من) ساقطة من الأصل- ب- ج) والصواب ما هو مثبت كما في (د).
(5)
(خان) ساقطة من الأصل- ب)، وفي (ج) مكانها بياض والصواب ما هو مثبت كما في (د).
(6)
سورة المائدة الآية 3
(7)
مقولة للإمام مالك انظر: الاعتصام ج1 ص 5، 35، 301، 327.
فإن قيل: لأي شيء أنكرتم التسابيح والكثرفات، (1)
(1)(الكثرفات) غير موجودة في (ج).
والعباء إذ فيها إعانة على الطاعة؟
فالجواب: أن نقول: أنكرنا هذه الأشياء وإن كان (1) فيها إعانة على الدين مخافة الشهرة، والشهرة حرام.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لبس ثياب شهرة ألبسه الله لباس الذل يوم القيامة (5)» وصغره وحقره؟ لأنها من التصنعات، والتصنعات بدعة. وقد كان يوسف بن أسباط يقول: لأن ألقى الله بجميع الذنوب أحب إلي من أن ألقاه بذرة من التصنعات،
(1)(كان) ساقطة من الأصل- ب-.
(2)
رواه أبو داود في كتاب اللباس باب لبس الشهرة، وأحمد في المسند ج2 ص 92، وابن ماجه في كتاب اللباس، باب من لبس شهرة الثياب، وابن الجوزي في تلبيس إبليس ص238. وقال عبد القادر الأرناؤوط: إسناده حسن، حسنه المنذري وغيره، انظر جامع الأصول ج 10 ص 657 (المتن والحاشية) وكنز العمال حديث 41201.
(3)
كذا في النسخ الأربع- ولعلها ثوب كما في سنن أبي داود وغيره. (2)
(4)
(شهرة) ساقطة من (ب) - وفي (ج- د)(بشهرة) وما هو مثبت أظهر، كما في الأصل، وسنن أبي داود. (3)
(5)
وفي مسند أحمد، وسنن أبي داود (ثوب مذلة) وهو أظهر. (4)
ولعل من ألقى على نفسه سيما (1) الصالحين وزي المتعبدين هو بخلاف ذلك عند الله، أما يستحي منه. وعلى أن الكف إنما يراد للميزان (2)، والميزان يتحفظ به على أوقات الصلاة ففيه تشبيه للكفار وهي القناديس التي نهي عنها؛ لأنهم يحملون فيها أصنامهم ويسجدون لها من دون الله.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من تشبه بقوم حشر معهم (3)» .
وقد تكلم العلماء رضي الله تعالى عنهم في الميزان، فأنكره ابن العربي، ورخص (4) فيه أبو حامد (5)، وأما على الصفة المخصوصة المشهورة فلا تحل لأجل الشهرة. وإن كان كما يفعله سائر الناس مثل الجبة فلا بأس بها (6) فإن قيل: لأي شيء أنكرتم علينا
(1) وفي (ب)(سيم) وما هو مثبت أظهر كما في الأصل- ج-.
(2)
وفي (ج)(الميزان).
(3)
لم أقف على هذا اللفظ، وإنما أخرجه أبو داود في كتاب اللباس، باب في لباس الشهرة برقم 4031، والإمام أحمد في المسند ج 2 ص50، وابن كثير في تفسيره ج1 ص153 عن ابن عمر بلفظ:(من تشبه بقوم فهو منهم) وصححه ابن حبان. انظر: جامع الأصول، حديث رقم 8287، كنز العمال حديث 24680، وكشف الخفاء 2436 وإحياء علوم الدين تخريج الحافظ العراقي 34211، الأحاديث المشكلة في الرتبة ص 241.
(4)
وفي الأصل- ب- وأرخص) وما هو مثبت أظهر كما في (ج).
(5)
انظر الإحياء ج 1 ص194.
(6)
من قوله (لأنهما من التصنعات .. إلى قوله- فلا بأس بها غير موجودة في (د).
الاجتماع في أيام المواسم؟ كليلة النصف من شعبان، وسبعة وعشرين من رمضان، وعاشوراء، أليس أنكم تقولون بكثرة الناس تكثر الأجور، وربما يكون في الجماعة الكثيرة رجل مقبول فنجد (1) من بركته؟
فالجواب: أن نقول: قيام غير رمضان من الليالي لا يجوز في جماعة إلا في اليسير من الناس كالاثنين والثلاثة؛ لأن الجمع الكثير يؤدي إلى السمعة، والشهرة كما يصنعون في النصف من شعبان وسبعة وعشرين من رمضان، وعاشوراء وبعض المساجد خصوصا، كما ذكرت (2) بل ينهون عن ذلك ويفرق جمعهم، وقد أفتى (3) أبو عمران الفاسي رحمه الله تعالى بأن تهدم تلك المواضع ويبدد شملهم. والتنفل في البيوت أفضل إلا في رمضان ما لم يكن ممن يعمل ذلك في المساجد فيصلي في بيته أفضل له.
(1) وفي الأصل - ب- ج - (فيجد) وما هو مثبت أظهر كما في (د).
(2)
(كما ذكرت) غير موجودة في (د).
(3)
انظر: أبو عمران الفاسي- عبد الله كنون ص9، 10.
فإن قيل: لأي شيء أنكرتم السلام على المبتدعة، ومخالطتهم ومحبتهم والجلوس معهم وهل في ذلك إثم أم لا؟
فالجواب: أن نقول إنما أنكرنا ذلك لما تقدم من الأحاديث، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«من صافح مبتدعا فقد نقض الإسلام عروة عروة (1)» .
وقال الفضيل: " من جالس صاحب بدعة أورثه الله العمى "(2) أي: عمى القلب عن الطاعة والهدى.
وقال: " من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله، وأخرج نور الإسلام من قلبه "(3) بل يهجرون زجرا (4) وردعا وغضبا لله تعالى؛ ولأنه لا يؤمن على مخالطهم (5) أن يلقوا عليه شبهة فتتمكن من قلبه. ولذلك قال بعضهم: لا تمكن زائغ القلب من دينك (6)،؛ لأنه ينسب إليهم لقوله عليه الصلاة والسلام: «المرء على دين
(1) سبق تخريجه ص 207.
(2)
سبق تخريجه ص201.
(3)
سبق تخريجه ص201.
(4)
وفي (ج)(جزرا) وهو خطأ.
(5)
وفي الأصل- ب- ج (مخالطهم) وما هو مثبت أظهر كما في (د) وكما يظهر من الكلام بعدها.
(6)
كذا في جميع النسخ- ولعلها (من أذنيك) كما في الجامع.
خليله. . . (1)» الحديث. وقال عليه الصلاة والسلام: «اختبروا الناس بإخوانهم (2)» وقال: «جليس القوم منهم (3)» وإن قال قائل: (4) عرفت بدعتهم ولا تغتر نفسي بغرورهم، بل نأكل معهم، ونأخذ من أموالهم وأسكت عن حالهم، وندعهم في أهوائهم، وأي شيء علي في ذلك واستسخاري بهم؟
فالجواب: إن هذا المسكين غره سراب الطمع ووقع في مهوات لا قعر لها، فأهلكته شهوته مع الهالكين وخسر مع الخاسرين، ولا يدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا ظهرت البدعة للعالم فسكت فعليه لعنة الله (6)» وأي شيء أعظم من المداهنة
(1) أخرجه أبو داود برقم 4833 في الأدب، باب من يؤمر أن يجالس، والترمذي برقم 2379، في الزهد باب رقم 45، وقال الأرناؤوط: إسناده حسن. انظر: جامع الأصول حديث 4967.
(2)
لم أقف عليه.
(3)
لم أقف عليه.
(4)
وفي الأصل- ب- ج (وإن قال أما أنا فطالب) وما هو مثبت أظهر كما في (د).
(5)
أخرجه نصر المقدسي والشاطبي بلفظ: عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا ظهرت البدع في أمتي وشتم أصحابي فليظهر العالم علمه فمن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " قيل للوليد بن مسلم، ما إظهار العلم؟ قال: إظهار السنة، انظر: مفتاح الجنة ص 66 والاعتصام ج1 ص65، وابن عساكر عن معاذ بلفظ:" إذا ظهرت البدع ولعن آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم فلينشره فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله على محمد ". انظر: كنز العمال حديث 903.
(6)
وفي الأصل- ب- ج (إذا ظهرت البدع في العالم فعليه. . .) وهو خطأ. (5)
على عرض الدنيا، وكذلك الجاه عندهم به يهلك. وفي فتاوى بعض الفاسيين أن من جلس معهم أو مشى معهم أو تكلم معهم أو أكل معهم أو حضر في مجلسهم فقد نقض الإسلام عروة عروة.
قال: وكان أهل السنة وأهل الشرع والورع إذا نظروا إليهم يثبون منهم كما يثب البعير إذا انحل عقاله.
فإن قال قائل: (1) صف لنا هؤلاء القوم مع بدعتهم حتى يتبينوا فيقع الاحتراز منهم، ونأمن (2) من (3) غوائل (4) مكرهم وشؤمهم؟
فالجواب: أن نقول أيها السائل ما أراك تعقل المعقولات ولا تفهم الواضحات، ولا يكفيك ما ذكرت لك من صفتهم وحالهم حتى تقول في صفتهم: صفهم (5) لنا، ولكن أريد (6) أن أزيدك بيانا ووضوحا فاعلم أنه جاء في بعض الأخبار عن ابن عباس (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سيأتي أقوام يستبدعون البدائع يحلقون رءوسهم ويسمون أنفسهم مرابطين يلبسون الدنافس (8) ويجعلون في
(1)(. فإن قال قائل) زيادة من (ب)، وفي (الأصل- ج)(فاوصف لنا)؛ وفي (د)(فإن قيل صف لي هؤلاء القوم).
(2)
وفي الأصل- ب- (ونؤمن) وما هو مثبت أظهر كما في (ج، د).
(3)
(من) غير موجودة في (ب).
(4)
(غوائل) غير موجودة في (ج).
(5)
(صفهم) ساقطة من الأصل- ب-.
(6)
(أريد أن) زيادة من (ج - د).
(7)
لم أقف له على أصل.
(8)
وفي (ب- ج)(الدنافيس).
أعناقهم القناديس (1)، ويلبسون التلاليس ويأكلون أموال الناس بالبدايع ويجعلون لهوهم بالبنادير (2)، (3) ويشطحون ويرقصون فإذا رأيتهم على (4) تلك الحالة فلا تخاطبهم لقوله تعالى:{الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} (5) وقوم يستبدعون العبايات والتسابيح (6) ويخيرون شيخهم على الأشياخ، ويجعلون صديقهم في شيخهم ويتبركون (7) فيما بينهم، فإذا التقوا (8) يقول كل واحد منهم شيخي أفضل من شيخك. والله تبارك وتعالى يقول (9):{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (10) وأيضا لا فضل لأحد منهم على أحد (11) فإذا رأيتهم (12) كل واحد منهم يقول: (13) شيخي
(1) قال في حاشية (ب) هي السبح.
(2)
وفي (ب)(البنادير).
(3)
هي الدف.
(4)
وفي (ب)(في).
(5)
سورة الأنعام الآية 70
(6)
وفي الأصل- ب- ج (التسبيحات) وما هو مثبت أظهر كما في (د).
(7)
وفي (ب)(ويتركون).
(8)
وفي (د)(فإذا لقي بعضهم بعضا).
(9)
(يقول) ساقطة من (ب).
(10)
سورة الحجرات الآية 13
(11)
(وأيضا لا فضل لأحد منهم على أحد) غير موجودة في (د).
(12)
وفي (د) فإذا رأيتم.
(13)
(يقول) ساقطة من (ج).
شيخي نزلوا (1) منزلة: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} (2)» وقيل لمالك رحمه الله تعالى: "هنا قوم يأكلون كثيرا ويشربون كثيرا ويرقصون كثيرا".
فقال "في جوابه"(3): على جهة الإنكار- مجانين هم أم صبيان؟ ثم قال: لا يفعل هذا أهل (4) العقل والمروءة، فتبسم استهزاء منهم بهم) (5) فقال رجل للسائل: إنك لمشؤم علينا. الإمام مالك لم يضحك منذ ثلاثين سنة إلا هذه الساعة (6).
وقال الإمام الطرطوشي -حين وصف له حالهم - (هذا مذهب جهالة وبطالة (7) وبدعة وضلالة وما الإسلام إلا كتاب الله
(1) وفي (ج)(تركوا) وهو خطأ.
(2)
سورة الزخرف الآية 67
(3)
زيادة من (ج).
(4)
(أهل) ساقطة من (ج).
(5)
انظر: ترتيب المدارك ج1 ص 180.
(6)
انظر: ترتيب المدارك ج1 ص 180.
(7)
في الصواعق (مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة .. ).
وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم (1) فإن قيل قد نهي عن الغيبة، ولم تغتابوهم (2)؟ فالجواب: أن نقول لا غيبة فيهم إذا ذكروا في حال بدعتهم وزيغهم، بل الخائض فيهم مأجور؛ ليقع الحذر منهم ومن مذهبهم الفاسد.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا ذكر الفاجر بما فيه ليحذره الناس فليس ذلك بغيبة (3)» وإنما الغيبة إذا ذكروا (4) بشيء
(1) ذكرها محمد صفي الدين الحنفي في كتابه الصواعق المحرقة ص 34.
(2)
وفي (د)(فإن قيل: قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغيبة فلا تغتابوهم).
(3)
ذكره الغزالي في الإحياء بلفظ (أترعوون عن ذكر الفاجر، اهتكوه حتى يعرفه الناس، اذكروه. مما فيه حتى يحذره الناس). قال الحافظ العراقى: أخرجه الطبراني وابن حبان في الضعفاء، وابن عدي من رواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده دون قوله:(حتى يعرفه الناس)، ورواه بهذه الزيادة ابن أبي الدنيا في الصمت، انظر: إحياء علوم الدين ج3 ص 221 (المتن والحاشية كما ذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة برقم 583. . . . (أترعون عن ذكر الفاجر اذكره بما فيه يحذره الناس) وقال: موضوع إلى أن قال: وقال ابن حبان: (والخبر في أصله باطل) ثم قال الألباني: (وقد روي بلفظ آخر: وهو (ليس لفاسق غيبة) وقال: باطل. رواه الطبراني في المعجم الكبير وأبو الشيخ في التاريخ ص 236 إلى أن قال: (والحديث ذكره ابن القيم في الموضوعات في كتابه المنار). وقال: (قال الدارقطني والخطيب: قد روي من طرق وهو باطل". انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني ح 2 ص 52 - 54. وقال شيخ الإسلام: ليس هو من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه مأثور عن الحسن البصري أنه قال: أترغبون عن ذكر الفاجر اذكروه بما فيه يحذره الناس، ثم قال شيخ الإسلام: وهذان النوعان يجوز فيهما الغيبة بلا نزاع بين العلماء: أحدهما: أن يكون الرجل مظهرا للفجور، مثل: الظلم والفواحش والبدع المخالفة للسنة
…
) انظر الفتاوى ج 28 ص 219.
(4)
وفي (ب)(ج)(ذكر) وهو خطأ.
من أبدانهم، وأما في بدعتهم فلا.
فإن قيل: هؤلاء القوم يحبون نبيهم ويصلون عليه ويرجون شفاعته ولهم نية خالصة في عبادتهم وأفعالهم لله تعالى.
فالجواب: أن نقول ما قال الحسن: (1)(2)" لا يغرنكم قول من يقول المرء مع من أحب"، فإنك لا تلحق الأبرار إلا "أن تعمل"(3) بعملهم واتباع سنتهم. فإن اليهود أحبوا موسى عليه الصلاة والسلام، وليسوا معه؛ إذ لم يتبعوه وأهل البدع يحبون (4) أنبيائهم وليسوا معهم؛ إذ لم يتبعوهم بل كذبوا.
ولقد أحسن من قال:
من يدع حب المرء ولم يكن
…
بسنته مستمسكا فهو كاذب
علامة صدق المرء في الحب أن يرى
…
على منهج كانت عليه الحبايب
ولا يرجون شفاعته؛ لأنهم قد خرجوا عن ملته، والنية لا تنفع إلا مع اتباع السنة. وقد كان للكافر نية خالصة مع ضميره (5)، ولا ينفعه ذلك.
(1) سبقت ترجمته ص 216.
(2)
انظر المقاصد الحسنة للسخاوي ص 380، والحكم الجديرة بالإذاعة لابن رجب ص 133.
(3)
(أن تعمل) زيادة من (د).
(4)
وفي الأصل- ب- (محبون) وما هو مثبت أظهر كما في (ج)(د).
(5)
وفي (ج)(صحيحة) وهو خطأ.
فإن قيل: كيف يسمون هؤلاء القوم (1) الذين على هذه الصفة؟
(1)(القوم) ساقطة من (ج).
فالجواب: أن نقول خوارج، قال إسماعيل بن إسحاق القاضي في أحكام القرآن له:" كل من (1) ابتدع في الدين بدعة فهو من الخوارج " وبهذا قال بعض الفقهاء المتأخرين - وأفتى (2) بقتلهم. فإن قيل: وكيف ذلك وهم يدعون (3) الكرامات (4) والفراسات، ويرون بنور الله وتظهر لهم بركات وإشارات يقينا (5) بلا شك ولا ارتياب، وهل يكون مثل هذا إلا لأهل الاستقامة ومن هو على الصراط المستقيم والمنهج (6) القويم؟
فالجواب: أن نقول ظهور هذه الأشياء لا يخلو من أحد أمرين: إما أن تظهر على يد متبع، أو على يد مبتدع. فإن ظهرت على يد
(1) وفي (ب)(كل مبتدع من الدين).
(2)
وفي (د)(وأفتوا).
(3)
وفي (د)(وهم يرون).
(4)
وفي الأصل - ب- (الكرامة) وما هو مثبت أظهر كما في (ج).
(5)
وفي (ب)(ويقينا) بزيادة الواو وهو خطأ.
(6)
وفي (ج)(المنهاج).
متبع فلا شك في صحتها وصحة استقامته وإخلاصه إن شاء الله تعالى؛ لأن كل ما يقع للنبي صلى الله عليه وسلم من المعجزات جاز أن تكون للولي كرامات (1)، وإن ظهرت هذه الأشياء على يد مبتدع، فلا يشك عاقل أنما هو مكر من الله تعالى واستدراج، علم الله تعالى شقاوته وأراد (2) ضلالته، قال الله تبارك وتعالى:{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} (3) ولا يغتر العاقل بذلك ولو رأيتموه يطير في الهواء ويمشي (4) على الماء. قال أبو يزيد البسطامي رضي الله تعالى عنه: "إذا رأيتم من يطير في الهوى فلا يغرنكم بفعله حتى تروه واقفا عند الأمر والنهي"(5) ألم تعلم (6) أن إبليس يطير في الهوى ويغوص في الماء (7) ويخترق الأرضين السفلى، وأن الرجل الكافر الذي يدعي الربوبية وينسب إلى نفسه الألوهية سخرت له الجمادات، وأحييت له الأموات، واليهودي السامري (8) حين (9) ألقى الحلي في النار فأخرج الله له عجلا جسدا له خوار. والنمرود بن كنعان - لعنه
(1) وفي (ج)(جاز للولي أن تكون كرامة).
(2)
وفي (ب)(وأرد) وهو خطأ.
(3)
سورة الأعراف الآية 182
(4)
وفي (د)(ولو رأيتموهم يطيرون في الهواء ويمشون على الماء).
(5)
سبق تخريجه ص 208.
(6)
وفي الأصل - ب- ج (ولتعلم) وما هو مثبت أظهر كما في (د).
(7)
(في الماء) - زيادة من ج- د.
(8)
وفي (ج)(والسامري)، بزيادة الواو- وهو خطأ.
(9)
(حين) زيادة من (ج).
الله - حين ارتفع في تابوته في الهوى فكان يرمي إلى السماء بنشابه ليقتل إله إبراهيم بزعمه فكانت (1) قد ترجع (2) إليه النشابة مخضوبة (3) بالدم، وقال: قتلته. فكان ذلك فتنة واستدراجا من الله تعالى ليزيد في كفره وطغيانه. فإذا كانت (4) هذه الخوارق العظيمة يظهر مثلها على يد هؤلاء الضالين، فكيف يغتر عاقل بها أو بما (5) يحدثون (6) من (7) الأوهام والخيال (8) على يد (9) أهل البدع والضلالة، فكل ما يظهر من هذا على يد من هو غير متبع للسنة فهو فتنة وبلية يضل بها الله من خالف أمره واتبع هواه، وقد يلبس ملبس كاذب على العوام والجهال
(1) وفي الأصل- ب- (فكان) وفي (ج)(وكان) - ما هو مثبت أظهر كما في (د).
(2)
وفي الأصل - ب- (يرجع) وما هو مثبت أظهر كما في (ج)(د).
(3)
وفي (ج)(مخضبة) وما هو مثبت أظهر كما في الأصل (ب)(د).
(4)
وفي (ج)(كان) وهو خطأ.
(5)
وفي الأصل - ب- ج (أولى) وهو خطأ.
(6)
كذا في النسخ الأربع ولعل الأولى (يحدث).
(7)
(من) زيادة من (د).
(8)
وفي (د)(والحيل).
(9)
وفي الأصل- ب (إلا على يد) وما هو مثبت أظهر كما في (ج- د).
بخديم من الجن فيكون (1) معه مطيعا سميعا لما يأمر (2) فيرون ذلك من الكرامات وبركات الصالحين وليس كذلك بل الحق (3) عبد الجن إلى أن كفر بالله ورسوله، بل ويشترط عليه الجني (4) أن يسجد له من دون الله ويترك الصلاة أربعين يوما وغير ذلك فيلتزم له شروطه، ويلتزم الآخر بشروطه. وهذا هو اللعب بالله تعالى، هذا كله لغرض من أغراض الدنيا الفانية، فباع نصيبه به من الدار الباقية. فإن قيل: ما تقول في الشيخ الذي يتوب الناس، وهل تكون (5) التوبة بلا شيخ، وكيف ذلك - وهم يقولون: من (6) لا شيخ له فشيخه إبليس-؟
فالجواب: أن نقول: لا شيخ اليوم إلا في أمرين: في تعليم العلم، وتعليم الصنعة لا غير. وأما الشيخ في البدايع المذكورة فهو ضال مضل وغوايته أشد على الناس من إبليس اللعين؛ لأن إبليس يخدع الناس بالوسوسة، وهذا الشيخ المبتدع يخدعهم بالمشاهدة، وكل من مات ماتت ذنوبه، إلا الشيخ المبتدع الذي يدعو الناس إلى البدعة، فإنه وإن (7) مات لم تمت ذنوبه.
(1) وفي (د)(يكون له مطيعا).
(2)
وفي الأصل - ج (لما به) وهو خطأ، وفي (ب)(لما ربه) وما هو مثبت أظهر كما في (د).
(3)
(الحق) زيادة من (ب).
(4)
(الجني) ساقطة من (ب).
(5)
وفي (ج)(وهل تكون له) وما هو مثبت أظهر كما في الأصل ب- د.
(6)
وفي (ج)(ومن).
(7)
وفي الأصل (ب)(لو) وما هو مثبت أظهر كما في (ج).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزارهم شيء (2)» وقال أبو حامد: "طوبى لمن مات وماتت ذنوبه، وهؤلاء الأشياخ المبتدعة ولو ارتحلوا من الدنيا ففي كل يوم (3) بل في (4) كل ساعة تلحقهم جبال من الذنوب والخطايا؛ لما أحدثوه في دين الله، وغيروه (5) على حسب كثرة تلاميذهم (6) وقلتهم، وهذا البلاء العظيم نسأل الله العافية منه. وأما قولكم: وهل تكون التوبة بلا شيخ، ومن لا شيخ له فشيخه الشيطان (7) فاعلم أن هذه الكلمة
(1) أخرجه مسلم في الزكاة باب الحث على الصدقة برقم 1017، والترمذي برقم 2675 والنسائي في الزكاة، باب التحريض على الصدقة ج5 ص75 - 77، وابن ماجه برقم 203، وأحمد ج4 ص 37 - 359، والبغوي برقم 1661، وقال هذا صحيح. وذكره الشاطبي في الاعتصام برقم 69، وانظر: جامع الأصول ج 4663، وكنز العمال حديث 43078، وشرح السنة ج 6 ص 160، 161.
(2)
قوله (من سن
…
إلى يوم القيامة) ساقط من (ج). (1)
(3)
(يوم) ساقطة من (ب).
(4)
(في) غير موجودة في (ج).
(5)
وفي الأصل- ب (وغيره) وهو خطأ.
(6)
وفي الأصل- ب- ج (تلاميذه) وما هو مثبت أظهر كما في (د) وكما يظهر من الكلام قبلها.
(7)
وفي (د)(إبليس).
يخدع (1) الأشياخ (2) بها (3) العوام الجهال، ومن هذا الباب يدخلون عليهم. إنما (4) التوبة هي التي تكون بين العبد وخالقه سرا لا يطلع عليها أحد بأن يذكر ما سلف من ذنوبه ويخاف أن يؤخذ بسطوة الانتقام، ويندم على ما فات، ويرجع إلى الله تعالى كالعبد الآبق من مولاه متضرعا باكيا راجيا داعيا ليتقبلها منه وأن لا يعاقبه، ويتوب أن (5) لا يفعل معصية أبدا، ولا يعود إلى (6) شيء من ذنوبه حتى يعود اللبن في الضرع. وأما قولك: ومن لا شيخ له فشيخه إبليس فهذا صحيح، ولكن ليس على الوجه المذكور فعلى (7) هذا بل جاء (8) ذلك في تعليم العلم والدين؛ لأنه يسأل العلماء حتى يعلم أمر دينه، فكل من تعلم منه مسألة فأكثر فهو شيخه حتى يكون له أشياخ كثيرة من قديم الزمان إلى يوم القيامة.
فإن قيل: فما تقول في الشيوخ المتصوفة كأبي القاسم الجنيد
(1)(ب)(يحدث) وهو خطأ.
(2)
وفي (د)(المبتدع).
(3)
(بها) ساقطة من (ج).
(4)
وفي (د)(وإنما) وهو أظهر.
(5)
وفي (د)(وأن لا يفعل).
(6)
وفي الأصل- ب- ج (في) وما هو مثبت أظهر كما في (د).
(7)
كذا في الأصل- ب- ج، وفي (د) غير موجودة- ولعل الأوفى (قولي).
(8)
(جاء) ساقطة من (ب).
والحارث المحاسبي وابن عطاء وعمرو بن عثمان وذي النون المصري، وبشر الحافي، ومعروف الكرخي، وسري السقطي
وأبي بكر الشبلي، وسهل بن عبد الله، وأبي يزيد البسطامي وغيرهم رضي الله تعالى عنهم أجمعين أو لم يكونوا شيوخا لأهل التصوف؟
وما لكم أنكرتم الأشياخ (1) إلا في تعليم العلم أو تعلم الصناعة؟ فالجواب: أن نقول زلت بك (2) الأقدام أيها السائل، رأيت سرابا ظننته ماء، لو كان لك (3) فهم وعقل ذكي حين قلت أنا في الجواب عن الشياخة: لا شيخ اليوم تعلمه، إن تلك الشياخة أعني في التصوف انقطعت بقولي: لا شيخ اليوم، إذ قيدت (4) ولم أطلق، نعم إن هؤلاء المذكورين مشائخ علماء حكماء كل واحد منهم له فنون
(1) وفي الأصل- ب- (وما لكم في كريم للشياخة) وما هو مثبت أظهر كما في (ج- د).
(2)
وفي الأصل- ب- (بذلك) وهو خطأ.
(3)
(لك) زيادة من (ج).
(4)
وفي (ب- ج)(إذا) وهو خطأ.
من العلم، منهم من هو (1) مقدم في الفقه ومنهم من هو مقدم في القراءة، ومنهم من هو مقدم في اللغة، لكنهم انتقلوا من درجة إلى درجة أعلى منها، وهو الكلام فيما يفسد الأعمال ويصلحها في الأمور الباطنة كالرياء، والفجور (2)(وغير ذلك)(3)، ويتكلمون في التوبة الحقيقية والفرق بين خاطر الخلق وخاطر الملك، وخاطر النفس، وخاطر الشيطان، أخذوا طريقتهم عن الحسن البصري رضي الله عنه، وأخذ الحسن عن علي رضي الله عنه، وعبد الله بن مسعود، وحذيفة اليماني، ويتعلمون رياضة (4) النفوس وميل -
(1)(منهم من هو) زيادة من (د).
(2)
وفي (د)(والعجب) وهو أظهر.
(3)
(وغير ذلك) زيادة من (د).
(4)
(رياضة) ساقطة من (ب).
الطبائع من الخلق السوء إلى الخلق الحسن، ومن البخل إلى الكرم إلى غير ذلك (1) من الخير؛ لأن هذا كله من باب تعلم العلم، فتكون الشياخة منحصرة في أمرين كما ذكرت لك.
(1) وفي (د) وغير ذلك.
فإن قيل: فنحن من التابعين لهؤلاء ومقتفين لآثارهم، وإن كنا لا نبلغ مبلغهم.
فالجواب: أن نقول: أيها السائل ما أبعد فهمك حيث تشبهت بالقوم المنقطعين إلى الله تعالى الذين طلقوا الدنيا ثلاثا، وانقطعوا إلى الله تعالى بالكلية، وأماتوا نفوسهم بالرياضة والمجاهدة الطويلة، وسلبوها من الحظوظ الشهوانية، لم يرو عنهم أنهم رقصوا، ولا شطحوا، ولا تابعوا (1)، ولا حلقوا، ولا لقموا، ولا سمعوا ولا هم (2) من القوم المنهكين في اللذات وأغراض النفوس، وكثرة الاتباع والانكباب على حطام الدنيا وأعراضها (3) وقلة معرفتهم وكثرة لهوهم ولعبهم وتقبيل الأرض بين يدي الشيوخ اللاهين، ومن ليس فيه مناقب الصالحين، وكثرة الشهوات، والرياء، وكثرة جهلهم بالسنة والفرايض، وجهلهم بمعرفة الله تعالى، وهم مجوس هذه الأمة؛
(1) وفي الأصل (د)(ولا تألفوا) وفي (ج)(ولا تنابلوا) وما هو مثبت أظهر كما في (ب).
(2)
وفي- د- (ولا كانوا).
(3)
وفي (ج)(وأغراضها).
إذ لا مستند لبدعتهم. فإن تشبيهك القوم بالقوم كمن شبه الملائكة بالحدادين، فما لحماقتك دواء ولا يرجى لعلتك شفاء، بل بينهم مسافة تزيد على مسيرة مائة ألف مضروبة في مائة ألف ألف للطير السريع (1)، والعجب العجب ممن يشبه الخوارج اللعنة بأهل التصفية المرضية الذين قلوبهم كقلوب الأنبياء.
والله ما يظن مثل هذا ولا يتوهمه إلا جاهل أحمق بين الحماقة.
ولا أظن يتوهم هذا من خلق الله إلا أن يكون غبيا منهم، ومن طائفتهم وجليسهم، يا عجبا كيف افترقوا على طوائف كل طائفة تنسب (2) إلى شيخ وطريقته، فمن أين لهم اختصاص بطريق غير طريق " أهل السنة وما أكثر طرقهم، أقل الله مثلهم في الوجود، فإن طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة، وهي طريقة جميع الأنبياء، فمن أين تكلف (3) أن يخص نفسه بطريق غير طريق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهذا هو الافتراء على الله ورسوله.
فإن قيل: فما تقول في الصباح والمساء بين الناس (4)؟
(1) وفي الأصل (بياض) وفي (ب)(لنظر المصرع) وفي (ج)(لنظر المسوع) وما هو مثبت أظهر كما في (د).
(2)
وفي (ج)(تنهب) وهو خطأ، وفي (د)(تنتسب إلى شيخ وطريقه) وهو أظهر.
(3)
كذا في الأصل- ب- وفي (ج)(لكلب) وفي (د) لكلب من الكلاب.
(4)
(بين الناس) زيادة من (د).
فالجواب: أن نقول هذا بدعة تميت السنة وهو السلام، وأما تقبيل اليد: فلا يجوز إلا للعالم، وقيل ممنوع مطلقا؛ لأنه جاء تقبيل اليد أحد السجدتين (1) ومن البدع التي تميت السنة قولهم: الصلاة رحمكم الله عند دخول الوقت، ليجتمع للصلاة؟ لأن هذه البدعة تميت الأذان الذي هو من أفضل شعائر الإسلام. وما أشبه ذلك على أن المساء والصباح تحية، الأولى تركه، وإن يشأ الإنسان قدم السلام ثم ثنى بالمساء والصباح، والصباح دعاء وتركه أحسن، إذ لا يؤجر إلا على السلام.
فإن قيل: قد قلتم إنه لا يقتدى إلا بالعلماء في الدين، وهؤلاء شيوخنا علماء.
فالجواب: أن نقول: إن العقلاء ينظرون للأشياء (2) ويميزون بين الأموات والأحياء، فما كل سحاب أبرق وأمطر، ولا كل عود أورق وأثمر (3)، ولا كل مستدير هلال، ولا كل أخضر حلال، إنما يقتدى بالفقيه العالم المدرس العامل (4) بالكتاب والسنة، العارف بهذه (5)
(1) لأنه جاء تقبيل اليد أحد السجدتين) غير موجودة في (د).
(2)
كذا في (الأصل- ب-) وفي (ج)(الأشياء) وفي (د)(إلى الأشياء) وهو أولى.
(3)
وفي (ج)(فما كل سحاب وبرق مطر ولا كل عود وورق ثمر).
(4)
وفي الأصل ب- ج (العالم) وما هو مثبت أظهر كما في (د).
(5)
وفي (د)(العارف بها المتعبد في المجالس).
الآداب في الملبس والمسكن والقوت، المؤثر للعزلة والخمول، الذي يعرض عن الهوى والفضول، ويواظب على الذكر والصلاة، ويكثر الصمت ويقلل الكلام، ويكتفي (1) بما وجد، ويقلل المنام، ويوصي (2) بالمعروف، ويحفظ الحدود (3)، قليل الطمع، شديد الورع، لا يفرح بالدنيا إذا أقبلت، ولا يحزن عنها (4) إذا أدبرت، همه وهمته في آخرته ظهور حسناته كما يكره ظهور (5) سيئاته، يكره (6) الجاه، ويحب في الله، ويبغض في الله، مشهور في العلم، يستفاد (7) منه كل خير.
وأما من (8) ينتمي إلى طريق العبادة ويدعو الناس إليها ويحب الاجتماع والمبيتات وظهور المنزلة عند الناس وتعظيمه في قلوب الأمراء وشيوخ العامة، ولم يتخذ الأتباع بل هو راغب في أموال الناس والابتداع، ويبغض العلماء ويذكرهم بالسوء وأنهم قطاع طريق الله والدين، فلا يقتدى بهم (9)، فهو ومن اقتدى به من أهل النار إلا من
(1) وفي (ج)(ويكفي) وهو خطأ.
(2)
وفي (ج-د)(ويوفي بالعهود).
(3)
وفي (ج)(ويحافظ عن الحدود) وهو خطأ.
(4)
كذا في الأصل - ب ج (ولعل الأولى عليها)، وفي (د)(ولا يحزن إذا أدبرت) وهو أظهر.
(5)
وفي الأصل - ب - ج (المرء) وما هو مثبت أظهر كما في (د)
(6)
وفي (ب)(ويكره).
(7)
وفي (ج)(مستفاد).
(8)
وفي (ج)(وأما ما) وهو خطأ.
(9)
وفي (الأصل- ج)(به).
تاب عن ذلك وخرج بالظاهر والباطن.
فإن قيل: فإن كان الشيخ ضالا مضلا وهو عالم بضلالته، وأن فعله (1) ذلك ليس سبيل المؤمنين، وإنما فعل ذلك لأجل منفعة دنيوية، فلبس على العوام بذلك فلم لا يكون من أهل النار إلا لعلمه ولاقتحام (2) المحظور ومداهنته واستغراره، وأما العوام الجهال الذين ظنوا أن ذلك هو الحق المبين والصراط المستقيم فلم لا يعذرون؟ فالجواب: أن نقول لو لم يعذب الله إلا الضال المغر (3) ما دخل النار إلا إبليس، لكن الضال والمضل في النار، ألم تسمع قوله تعالى:{يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا} (4){وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} (5){رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} (6) وقوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلانَا} (7){مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ} (8) فإن قيل: هذا الطريق مسلوك وعليه خلق كثير فاتبعناه وما أحدثنا نحن شيئا فيكون جميع هؤلاء مع كثرتهم وفيهم علماء وصلحاء وقوام الليل وصوام النهار وحجاج
(1) وفي الأصل- (فعل) وهو خطأ.
(2)
وفي (ب- ج)(والاقتحام) وهو خطأ.
(3)
ولعل الأولى (المضل).
(4)
سورة الأحزاب الآية 66
(5)
سورة الأحزاب الآية 67
(6)
سورة الأحزاب الآية 68
(7)
سورة فصلت الآية 29
(8)
سورة فصلت الآية 29
لبيت (1) الله الحرام، وغزاة في سبيل الله وفعال (2) المعروف ووجوه البر، والدنيا عامرة بالفقهاء والسلاطين والخدام (3) والحكام ولم ينهوا (4) عن ذلك لو كان ذلك (5) باطلا.
فالجواب: أن نقول قولك: وجدنا الطريق مسلوكا واتبعناه.
فهذا الجواب قديم أصله من الكفار لما عرض عليهم الإسلام.
قال الله تعالى حكاية عنهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (6)، ولا شك أن السنة في البدايع كالإسلام في الأديان، فمن خرج من البدعة إلى السنة وتلقاها بالقبول كمن خرج من الكفر إلى الإسلام:"ومن خرج من السنة إلى البدعة وتلقاها بالقبول كمن خرج من الإسلام إلى الكفر"(7) وأما قولك (8) ما أحدثنا نحن (9) شيئا. فجوابه (10) أنه أحدثه بدعي عدو
(1) وفي ب - ج (بيت)
(2)
وفي (ج)(وأفعال) وهو خطأ.
(3)
(والخدام) زيادة من (ج).
(4)
وفي (ج)(ولم ينه) وهو خطأ.
(5)
وفي الأصل- ب- ج (إن كان باطلا) وما هو مثبت أظهر كما في (د) وكما يظهر من الكلام قبلها.
(6)
سورة الزخرف الآية 23
(7)
ما بين قوسين زيادة من (ب).
(8)
(قولك) ساقطة من الأصل.
(9)
وفي (ج)(ما أحدثنا شيئا نحن).
(10)
وفي الأصل- ج (جوابه) وما هو مثبت أظهر كما في (ب).
لدين الله واتبعته أنت (1).
وأما (2) الاستدلال بكثرة القوم الضالين فلا يغتر به عاقل؛ لأن أهل الكفر أكثر من أهل الإيمان والإسلام بأضعاف مضاعفة، ألم تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم:«يقول الله عز وجل يوم القيامة يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك - زاد في رواية والخير في يديك- فينادى بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار قال يا رب وما بعث النار؟ قال: أخرج من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار. . . (5)» الحديث.
وأما قولك: فيهم علماء وصلحاء إلى آخر ما ذكرت.
فجوابه: تقدم. وأما قولك: ولم ينههم الفقهاء ولا السلاطين. فالجواب: أن الفقهاء إذا سئلوا عن هذه العلة لم يجيبوا
(1)(أنت) زيادة من (ب)
(2)
وفي (ج)(وأن) وهو خطأ.
(3)
رواه البخاري في تفسير سورة الحج باب قوله تعالى: (وترى الناس سكارى وما هم بسكارى)، وفي الأنبياء باب قصة يأجوج ومأجوج. وفي الرقاق، باب قول الله عز وجل:(إن زلزلة الساعة شيء عظيم) وفي التوحيد باب قول الله تعالى: (ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له)، ومسلم برقم 222 في الإيمان باب قوله:" يقول الله لآدم: أخرج بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين ".
(4)
ما بين قوسين ساقط من الأصل و (ب). (3)
(5)
وفي الأصل- ب- ج (اختر) والصواب ما هو مثبت كما في (د) وكما في الصحيحين. (4)
فيها إلا بالحق كما وصفت لك، ولهم فيها تواليف عدة (1) بالرد والإنكار، والقتل والنفي (2).
وأما السلطان: فهو مشغول عنهم (3) بدنياه، وبعض السلاطين قد أمروا بقتلهم ونفيهم قبل هذا الزمان.
والبدعة ضلالة قديمة وشجرة تعرقت وتفرعت، وانتشرت في البلاد (4) كما انتشر الكفر فلا تزول إلى يوم القيامة إلا من وفقه الله يقتدي بالسنة وأهلها. وترك السنة أعظم وزرا من كل معصية، لا من الزنى ولا من شرب الخمر ولا من قتل النفس، عصمنا الله وإياكم منها بمنه وكرمه.
قال الفقيه العالم الصالح الزاهد الورع أبو عبد الله محمد الفشتالي رحمه الله تعالى: ضرر هذه المعاصي إنما هو في الفروع التي هي أعمال الجوارح الظاهرة، وضرر هذه البدعة إنما هو في
(1)(عدة) زيادة من (د).
(2)
وفي الأصل (ج)(البغي) والصواب ما هو مثبت كما في (ب)(د).
(3)
وفي (ج)(عليهم) وهو خطأ.
(4)
(في البلاد) زيادة من (ب).
الأصول (1) التي هي العقائد الباطنة، إذا انقطع (2) الأصل ذهب الفرع والأصل، وإذا انقطع (3) الفرع وبقي الأصل يرجى أن يحيى الفرع، ولم تبطل بالكلية منفعة الأصل.
تم بحمد الله تعالى وحسن عونه وتوفيقه. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
(1) وفي الأصل - ب - ج (الأقوال) وهو خطأ
(2)
وفي الأصل - ب - ج (انقضى) وما هو مثبت أظهر كما في (د)
(3)
وفي الأصل ب - ج (انصرف) وفي (ج)(ضر) وما هو مثبت أظهر كما في (د)