الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثا: أنه يجب علينا أن ندرس القرآن باعتباره تراثا أدبيا، وبناء على ذلك يرى المستشرقون الاستفادة من مختلف المناهج التي طبقت على التوراة والأناجيل، وذلك في مجال دراسة القرآن بعد أن صيروه جزءا من التراث الأدبي للمسلمين (1).
وهذا المشروع الاستشراقي لمراجعة المصحف الشريف لا يكاد يخفى غاياته وأهدافه، وهو لا يعدو كونه حلقة من سلسلة طويلة من المحاولات للتخلص من القرآن الكريم وإزالته من الوجود، ويأبى الله إلا أن يخلد كتابه ويحفظه ولو كره المستشرقون.
(1) Gilliot، Ibid P 548، et J. Wausbrough، Quranic Studies، Oxford-univ. Press، Oxford 1977.
المطلب الثاني: مطالبة المستشرقين بنقد التفاسير القديمة
وعملية النقد التي يطلبها هؤلاء لا تعني إطلاقا تطبيق مناهج النقد عند أئمة الرواية على آثار التفسير، كما فعل بعض أعلام المفسرين، وكثير من محدثي المفسرين، كما أن هذا النقد لا يمكن أن يطال الاتجاهات المنحرفة التي شهدها تاريخ التفسير؛ بل إن المستشرقين لا يهمهم بالدرجة الأولى سوى نقد أمهات التفاسير الأثرية التي صنفها أئمة علماء أهل السنة، ثم بيان كيف أن علوم الإسناد لعبت دورا أساسيا في تثبيت " أيديولوجية " أهل السنة عن طريق ربط الجماعة المسلمة بسلاسل من الرواة تنتهي إلى مختلف الأحاديث. . . "، وفي هذا الموضوع نجد المستشرق كلود تكايو، قال:.
" إن عملية نقد مصنفات التفسير بالمأثور عند المسلمين يمكن أن تقودنا إلى الإسهام الإيجابي في مشروع إعادة تفسير القرآن، فأعلام المفسرين- في الواقع- هم أهم شاهد على الطريقة التي تشكلت بها الذاكرة الإسلامية المشتركة، إن تفسيرا أثريا كتفسير الطبري، نجده فضلا عن شروحه الفلسفية والنحوية، وشواهده الشعرية يجمع قدرا كبيرا من مرويات التفسير المنقولة بواسطة أكثر من خمس وثلاثين ألف سلسلة رجال، وهذا المصنف يمدنا بالطريقة التي تنتقل بها المرويات (الأحاديث)، هذه الأخيرة التي عملت دائما على تجديد التصورات الوجدانية، وفي هذه البوتقة فإن المفسر التقليدي ليس مجرد جامع للمرويات يكتفي بتسجيل، ثم نقل تلك الأحاديث لمن يأتي من بعده، بل أنه يرتب الأحاديث ويرجح فيما بينها، ويدلي برأيه فيها، ويعطي لتلك المرويات دلالة في التصور الإسلامي العام، على أن هذه الدلالة يتم تأكيدها وإثباتها من قبل المفسر بواسطة سلاسل الرواة التي يضمن بها تماسك "أيديولوجية " الجماعة المؤمنة؛ ولجوء المفسر إلى هذا النوع من الخطاب الذي يعتمد على إسناد الحديث يكشف لنا مختلف الإسقاطات التي وقعت في كتب التفسير، حيث كانت الرغبة متجهة لتكريس مرويات بعض الصحابة الذين خصتهم كتب التراث بسير أسطورية مثل ابن عم محمد- صلى الله عليه