الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يؤخرها إلى طلوع الشمس؟
والجواب عنها ما يلي، وبالله تعالى التوفيق:
من دخل المسجد في وقت من أوقات النهي، فالمشهور عن الإمام أحمد بن حنبل أنه لا يصلي تحية المسجد وهذا اختيار كثير من أصحابه، وروي عنه جواز صلاة تحية المسجد ونحوها من ذوات الأسباب في أوقات النهي، وهذا اختيار أبي الخطاب، وإليه يميل شيخ الإسلام ابن تيمية.
وأما من دخل المسجد فأدرك الناس وهم في صلاة الصبح، فصلى معهم، فله أن يصلي ركعتي الفجر بعد فراغه من صلاة الصبح، ولكن الأولى له التأخير إلى ارتفاع الشمس قيد رمح، وفي ذلك يقول ابن قدامة في (الكافي): رأي الإمام أحمد في ركعتي الفجر إن صلاهما بعد الفجر أجزأه.
صلاة الجماعة في المساجد
فرض عين،
وليست الدراسة والتدريس عذرا
حضرة صاحب الفضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ
مفتي المملكة العربية السعودية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام، وبعد:
قد بدا لي أن أستفتيكم عن تأخر الصلاة لوقتها لمن يسمع
النداء مع قربه للمسجد، معتذرا أنه يدرس العلم أو يدرسه كما هو واقع في المدارس. فهل هذا يقوم عذرا لمن يتخلف عن الصلاة بالجماعة مع معرفتنا لما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم أجمعين في غزواتهم والرسول صلى الله عليه وسلم معهم لم يؤخروها وهم في صفوف القتال. فإذا تفضلتم بالأمر إلى عمل جداول (أوقات للدراسة) تتفق مع المحافظة على حضور الجماعة حتى يشب الطلاب (على الخصوص) بالمحافظة على الصلاة لوقتها، وحتى لا يكون هناك عذر للمتخلفين الذين تثقل عليهم الصلاة. ودمتم سالمين.
الجواب: الحمد لله، صلاة الجماعة واجبة على الأعيان حضرا وسفرا. ولا يعذر بالتخلف عنها إلا من عذره الشرع بالمرض والخوف وما في معناهما. هذا الذي تدل عليه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما في مسند الإمام أحمد عن ابن أم مكتوم:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المسجد فرأى في القوم رقة فقال: إني لأهم أن أجعل للناس إماما ثم أخرج فلا أقدر على إنسان يتخلف عن الصلاة في بيته إلا أحرقته عليه (1)» . وفي لفظ لأبي داود: «ثم آتي قوما يصلون في بيوتهم ليس بهم علة فأحرق عليهم بيوتهم (2)» «وقال له ابن أم مكتوم وهو رجل أعمى: هل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي قال: لا أجد لك رخصة (3)» وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد،
(1) سنن أبو داود الصلاة (552)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (792)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 423).
(2)
صحيح البخاري الأذان (644)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (651)، سنن الترمذي الصلاة (217)، سنن النسائي الإمامة (848)، سنن أبو داود الصلاة (549)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (791)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 537)، موطأ مالك النداء للصلاة (292)، سنن الدارمي الصلاة (1212).
(3)
سنن النسائي الإمامة (851)، سنن أبو داود الصلاة (552)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (792).
فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (1)». وعن جابر بن عبد الله قال: «فقد النبي صلى الله عليه وسلم قوما في صلاة فقال: ما خلفكم عن الصلاة؟ فقالوا: الماء كان بيننا، فقال: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» رواه الدارقطني، ولدلائل أخر ليس مع من خالف ما يقاومها.
قال ابن القيم رحمه الله في (كتاب الصلاة): ومن تأمل السنة حق التأمل تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان إلا لعارض يجوز معه ترك الجمعة والجماعة. فترك حضور المسجد لغير عذر كترك أصل الجماعة لغير عذر؛ وبهذا تتفق جميع الآثار والأحاديث.
ولما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغ أهل مكة موته خطبهم سهيل بن عمرو، وكان عتاب بن أسيد عامله على مكة قد توارى خوفا من أهل مكة، فأخرجه سهيل وثبت أهل مكة على الإسلام، فخطبهم بعد ذلك عتاب، وقال: يا أهل مكة والله لا يبلغني أن أحدا منكم تخلف عن الصلاة في المسجد في الجماعة إلا ضربت عنقه. وشكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الصنيع وزاده رفعة في أعينهم. فالذي ندين الله به أنه لا يجوز لأحد التخلف عن الجماعة في المسجد إلا من عذر. اهـ، فقد عرفت مما تقدم أن الجماعة واجبة على الأعيان، وأنه لا يعذر عن فعلها جماعة في المسجد إلا من عذره الشرع بالبيان المتقدم. أما ما ذكرت عن درس العلم وتدريسه فليس عذرا في عدم الحضور، والله أعلم.
(1) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (653)، سنن النسائي الإمامة (850).