الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان أبو حاتم السجستاني النحوي، البصري المتوفى سنة خمس وخمسين ومائتين: كان عفان ابن مسلم يجيء إلى الأخفش وإلى أصحاب النحو، يعرض عليهم الحديث يعربه.
فقال له الأخفش: عليك هذا- يعنيني- وكان بعد ذلك يجيء إلي حتى عرض علي حديثا كثيرا (1).
(1) الكفاية ص 255.
المبحث السادس: رحلتهم في طلب الحديث:
أما رحلتهم في طلب الحديث من بلد إلى آخر فأمر مشهور ومعروف لدى العامة والخاصة؛ إذ كانوا يقطعون المسافات الطويلة المحفوفة بالمخاطر من أجل رواية الحديث (1).
حتى أنهم كانوا يذهبون إلى الحج من أجل أن يجتمعوا بالمحدثين القادمين من شتى الأمصار.
قال أيوب السختياني: (كانوا يحجون للقي)(2).
فمن الأسباب الداعية لهم للرحلة في طلب الحديث اجتماعهم ولقاؤهم بالمشهورين من أهل العلم بالحفظ والإتقان؛ لأن الحديث لا يقبل إلا ممن كان إماما ثقة.
(1) انظر المحدث الفاصل ص 223، ما بعدها و 229 وما بعدها.
(2)
العلل ومعرفة الرجال: 1/ 369.
قال الإمام سفيان الثوري المتوفى سنة إحدى وستين ومائة: (خذ الحلال والحرام من المشهورين في العلم، وما سوى ذلك فمن المشيخة)(1).
أما عنايتهم بالإسناد فأمر مشهور، وجعلوا كل حديث لا سند له لا قيمة له.
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه المتوفى سنة أربع ومائتين: (مثل الذي يطلب العلم بلا إسناد مثل حاطب ليل، لعل فيها أفعى تلدغه، وهو لا يدري)(2).
وقال محمد بن سيرين: (إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم)(3).
قال الإمام الزهري لإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة المدني المتروك: (يا إسحاق تجيء بأحاديث ليست لها أزمة، ولا خطام! إذا حدثت فأسند)(4).
أما الأحاديث التي لا تتعلق بالحلال والحرام أو العقائد فإنهم يتساهلون في روايتها عن المشايخ والضعفاء، حتى أصبح عرفا بينهم. قال عبد الله: سئل أبي عن يحيى بن عبيد الله، فقال: منكر
(1) المحدث الفاصل: ص 456.
(2)
الإرشاد: 1/ 145
(3)
مقدمة صحيح مسلم:1/ 14
(4)
الإرشاد:1/ 194