الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن هنا يتبين وجه تسميته شرطا حيث كان علامة للمشروط يتعلق وجوده به.
قولنا: وصف: يخرج الذوات، فإنها لا تكون شروطا.
قولنا: يستلزم عدمه عدم الحكم: يخرج المانع، فلا يلزم من عدمه وجود ولا عدم.
قولنا: ولا يستلزم وجوده وجود الحكم: يخرج السبب فإنه يلزم من وجوده الوجود.
ومن أمثلته: الوضوء شرط لصحة الصلاة، يلزم من عدمه عدم الصحة، ولا يلزم من وجوده وجود الصلاة ولا صحتها، فقد يتوضأ ولا يصلي، وقد يصلي قبل دخول الوقت، والوضوء خارج عن حقيقة الصلاة ليس جزءا منها (1).
(1) ينظر روضة الناظر لابن قدامة ص 135، والسبب عند الأصوليين (1/ 103).
المطلب الثاني: تعريف الظهار في اللغة والاصطلاح:
أما في اللغة:
قال ابن فارس: الظاء والهاء والراء أصل صحيح واحد، يدل على قوة وبروز، من ذلك ظهر الشيء يظهر ظهورا فهو ظاهر
إذا انكشف وبرز، ولذلك سمي وقت الظهر والظهيرة، وهو أظهر أوقات النهار، وأضوؤها، والأصل فيه كله: ظهر الإنسان، وهو خلاف بطنه، وهو يجمع البروز والقوة، ويقال للركاب الظهر؛ لأن الذي يحمل منها الشيء ظهورها. . . (1)
وفي اللسان: الظهر من كل شيء: خلاف البطن، والظهر من الإنسان: من لدن مؤخر الكاهل إلى أدنى العجز عند آخره، مذكر لا غير. . . والجمع أظهر، وظهور، وظهران (2).
والظهار: مشتق من الظهر؛ لأن الوطء ركوب، والركوب غالبا إنما يكون على الظهر (3).
مصدر ظاهر من امرأته إذا قال لها: أنت علي كظهر أمي، ولفظ ظهر يطلق لغة على معان منها:
مقابلة الظهر للظهر حقيقة: يقال: ظاهرته إذا قابلت ظهرك لظهره حقيقة.
والبروز بعد الخفاء: يقال: ظهر لي رأي إذا علمت ما لم تكن علمته.
والغلبة: يقال: ظهر على عدوه إذا غلبه، قال تعالى:{فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} (4).
(1) معجم مقاييس اللغة 3/ 417، مادة (ظهر).
(2)
لسان العرب 4/ 520، مادة (ظهر).
(3)
الشرح الصغير 1/ 483.
(4)
سورة الصف الآية 14
والتبين: يقال ظهر الحمل إذا تبين.
والنصرة: يقال: تظاهر القوم، إذا تناصروا.
وعلى العلو: قال تعالى: {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} (1) أي يعلوه (2).
والتقاطع: يقال: تظاهروا أي تقاطعوا.
والتحري والاحتياط: يقال: استظهرت في طلب الشيء تحريت، وأخذت بالاحتياط.
والظفر: يقال: ظهر بالشيء أي ظفر به.
والتعاون: يقال ظاهر فلان فلانا عاونه.
والخروج: يقال: ظهر من بلد كذا إذا خرج منه.
والقوة: يقال: ظهر فلان على فلان، أي قوي عليه.
وفي المصباح: وإنما خص بذكر الظهر؛ لأنه من الدابة موضع الركوب، والمرأة مركوبة وقت الغشيان، فركوب الأم مستعار من ركوب الدابة، ثم شبه ركوب الزوجة بركوب الأم الممتنع، وهو استعارة لطيفة، فكأنه قال: ركوبك للنكاح حرام علي كركوب أمي (3).
وأما في الاصطلاح:
فقد ذكر العلماء رحمهم الله تعالى للظهار تعاريف متعددة،
(1) سورة الكهف الآية 97
(2)
انظر: الصحاح 2/ 731، لسان العرب، 4/ 526، مادة (ظهر).
(3)
المصباح المنير 2/ 388.
ترجع إلى ما استنبطوه من أدلة الظهار، مما يكون ظهارا، وما لا يكون، وما يشترط لصحة الظهار، وما لا يشترط، وغير ذلك.
فمن تعاريف الحنفية:
تشبيه المسلم زوجته، ولو كتابية، أو صغيرة، أو مجنونة، أو تشبيه ما يعبر به عنها من أعضائها، أو تشبيه شائع منها بمحرم عليه تأبيدا (1).
قوله: المسلم، أخرج الذمي.
قوله: ما يعبر عنها من أعضائها: أي يعبر به عن كل الزوجة كالرأس.
ومن تعاريف المالكية:
تشبيه المسلم من تحل بالأصالة من زوجة أو أمة، أو جزؤها بظهر محرم (2).
قوله: من تحل بالأصالة من زوجة أو أمة يشمل المحرمة لعارض كالمحرمة، والرجعية، فإذا قال لزوجته الرجعية: أنت علي كظهر أمي فظهار.
قوله محرم بضم الميم، وفتح الحاء، وتشديد الراء المفتوحة، قوله: أصالة، فلو شبه زوجته بامرأته الحائض، أو النفساء، أو المحرمة
(1) الدر المختار 3/ 466.
(2)
الشرح الكبير للدردير 2/ 439.
بحج أو عمرة، فلا ظهار.
قوله: أو جزؤها، يشمل الحقيقي كالرأس، والحكمي كالشعر والريق.
ومن تعاريف الشافعية:
تشبيه الزوجة غير البائن بأنثى لم تكن حلا (1).
قوله: الزوجة، يشمل الصغيرة، والكبيرة، والمسلمة، والذمية.
قوله: غير البائن، لكي يشمل الرجعية.
قوله: بأنثى لم تكن حلا ليخرج من طرأ تحريمها كزوجة ابنه ونحوها، فالتشبيه لا يكون ظهارا.
ومن تعاريف الحنابلة:
أن يشبه امرأته أو عضوا منها، بظهر من تحرم عليه على التأبيد، أو بها، أو بعضو منها (2).
قوله: أو عضوا منها كالوجه، والرأس، واليد، ونحو ذلك، دون ما هو في حكم المنفصل كالشعر، والظفر، والسن، وكذا العرق، والدم، والريق، والروح.
قوله: التأبيد، يشمل من تحرم عليه على التأبيد من ذوي رحمه كالعمة والخالة ونحوها، ومن ليس من ذوي رحمه كالأم المرضعة، وزوجة الأب، ونحوهما.
(1) مغني المحتاج 3/ 352.
(2)
المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 23/ 228.