الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأستطيع أن أقرر أن المجال الذي نجح فيه هؤلاء، ليس هو مجال البحث العلمي، ولا هو ميدان التكوين الأكاديمي، ولم ينجحوا أيضا في مجال الاختراق الثقافي والعقدي. . .، إنما نجحوا في ميدان النشر والتوزيع على نطاق واسع.
ونظرا للإمكانيات المادية والمعنوية، التي ترصد لهم، وللأكاديميات والمجامع، التي يعملون في إطارها، فلا زالوا يستطيعون نشر أو إعادة نشر كتاباتهم، وأيضا ترجمتها سواء كان ذلك بالغرب أو بالبلاد الإسلامية نفسها.
وبخصوص كتاباتهم عن التفسير فقد كانت متنوعة، فهناك التأليف المستقل، وهناك الأبحاث والمقالات التي تقدم للمؤتمرات، أو تنشر ضمن مختلف الدوريات العالمية، وأخيرا هناك تلك المواد المحررة للموسوعات ودائرة المعارف.
المطلب الأول: التفسير في التآليف الفردية الخاصة
وتشمل هذه التآليف نوعين من الكتابات:
الأول: يتضمن الرسائل والأطروحات التي تقدم للجامعات من أجل نيل الدرجات العلمية، والكتابات التي يؤلفها المستشرقون باعتبارها " أبحاثا " ودراسات ينشرونها ضمن أنشطتهم المختلفة.
والنوع الثاني: هو الأهم، المؤلفات التي أصبحت مصادر لأخذ المعرفة في موضوع التفسير رغم ما احتوته من أوهام وأضاليل، وأحيانا يتجاوز الأمر البيئة الغربية، لنجد لهذه المؤلفات مصداقية علمية حتى في العالم الإسلامي، فتطبع هذه الكتب وتترجم ويستدعى أصحابها، ليحاضروا في المؤسسات العلمية التابعة للبلدان الإسلامية، وحتى في حالة وفاتهم، نجد من المؤسسات الثقافية من يسهر على ترويج هذا التراث. . .
ومن أشهر كتابات المستشرقين عن التفسير كتاب جولد تسهير ت 1921م عن " مذاهب التفسير الإسلامي " الذي ترجم إلى العربية مرتين الأولى: قام بها د. علي حسن عبد القادر، والثانية: أنجزها د. عبد الحليم النجار عام 1954م، وقد كان هذا الكتاب ولا زال من المراجع الرئيسية، التي يأخذ منها الدارسون رغم تعصب مؤلفه ضد الإسلام والقرآن، ورغم الكثير من الأخطاء العلمية والجهالات التي تعمدها المؤلف، فضلا عن ذلك نجد لكتاب "مذاهب التفسير" مكانة فريدة في أوساط المستشرقين، كما نجد
لصاحبه سمعة علمية مصطنعة، حتى أننا نصادف المستشرق جوينبول محرر مادة (حديث) في " دائرة المعارف الإسلامية "، يعتبر العلم مدينا دينا كبيرا لما كتبه جولد تسيهر (1)، ونجد المستشرق كاراديفو محرر مادة (تفسير) في نفس الموسوعة يستظهر بأقواله (2)، ولا زالت افتراضاته الخاطئة في هذا الكتاب تؤخذ على أنها مسلمات علمية حتى الآن.
بعد كتاب تسهير تأتي في الدرجة الثانية تآليف المستشرق الفرنسي ريجس بلاشير ت 1973م، وقد اكتسبت كتابات هذا الرجل عن التفسير قيمتها وسط دوائر المستشرقين والمتغربين لأسباب ثلاثة:
الأول: طول مدة إقامته في العالم الإسلامي، وبخاصة في المغرب، ثم تدريسه هناك.
الثاني: كثرة تلاميذه من أبناء المسلمين في المشرق والمغرب، حيث أشرف على عدد من الرسائل التي أنجزها الطلبة العرب بالجامعة الفرنسية. .
السبب الثالث الذي أضفى عليه المصداقية العلمية: دخوله للمجامع العلمية العربية. وقد اشتهر من كتاباته عن القرآن مؤلف " مدخل إلى القرآن " بالفرنسية، لكن أوسع ما ألفه عن التفسير تلك المباحث التي كتبها ضمن الجزء الثاني من " تاريخ الأدب العربي " التي استلت
(1) دائرة المعارف الإسلامية ج7 ص 333
(2)
دائرة المعارف الإسلامية ج 5 ص 347