الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمستشرق- وقد أشرب إنكار ربانية القرآن - يسعى بدهاء كي يبرهن من خلال كتاباته عن هذا المعتقد، يستوي في ذلك متعصبتهم، ممن يكشفون عن أراجيفهم صراحة، مع أولئك المستشرقين الذين قادهم الدهاء إلى تغليف دعاويهم ببشرية القرآن بشتى الأساليب الملتوية.
المطلب الأول: القرآن الكريم في تصورات المستشرقين
لعل مما تقتضيه الموضوعية العلمية والإنصاف أن نقرر في هذا المطلب مدى التصاق المستشرقين بآرائهم وتصوراتهم الذاتية التي يضفونها على مواد كتابتهم، ثم إنهم لا يرون في عملهم ذاك إخلالا بالموضوعية، أو انحرافا عن جادة " البحث العلمي. . "، ومن أبرز ما يظهر ذاتية المستشرقين في مختلف كتاباتهم عن الإسلام تلك المواد التي حرروها " للموسوعة الإسلامية " التي صدرت طبعتها الأولى بين 1913 - 1942م بثلاث لغات أوربية، وبإمكان القارئ العربي أن يطلع على طائفة من تلك المواد في الأجزاء المترجمة من هذه الموسوعة- خلال عقد الستينات- حيث يلاحظ أن المترجمين اضطروا إلى إدراج تعليقات هامشية على الآراء المنحرفة التي تقصدها محرروا الموسوعة، وعلى الأخطاء العلمية، والجهالات والتهم الواهية التي تضمنتها المواد المحررة من قبل المستشرقين، فعلق على مادة الحديث الشيخ أحمد شاكر رحمه الله كما نجد تعاليق غيره، أمثال مصطفى عبد الرازق، وإبراهيم مذكور وغيرهم، وأحيانا يكون التعليق أطول من المادة بكثير.
ونظرا لأن هذه الموسوعات غدت في السنوات الأخيرة مصادر علمية عند الغربيين، وعند طائفة من المسلمين، فمن الأفضل الرجوع إليها أولا لمعرفة تصورات المستشرقين بخصوص القرآن الكريم.
ففي النشرة الحديثة " لموسوعة الإسلام " الصادرة بالفرنسية عام 1981م، وأعيد طبعها عام 1986م، نجد المستشرق " ويلتش " محرر مادة قرآن يقول في المبحث الذي عنونه بقوله (محمد والقرآن): اعتبارا لوجهة نظر أهل السنة (الأرثوذكس)، فإن القرآن تلقاه محمد من الله، وحيا على طريق جبريل، بدون أن يكون فيه دخل لأحدهما، لكن تحليل نص القرآن يبين وضعيته المركبة. ففي المقاطع الأولى منه ليس فيها ما يدل على مصدره، وفي مقاطع غيرها لا يوجد ما يدل على ربانية الرسالة، وفي أخرى يظهر أن محمدا هو الذي يتكلم، بل تضمن القرآن مقاطع وردت فيها الإشارة إلى إله محمد بضمير الغائب. . . إن هناك آيات مدنية كثيرة تشعرنا بأن محمدا يبحث بفاعلية، من أجل استقاء معلوماته عن اليهود. . وفي هذه المقاطع لا يصعب علينا أن نرى محمدا يأخذ قصصا ومعلومات من مصادر متعددة، بخاصة من اليهود والنصارى، ثم يعيد صياغة
ذلك في القرآن.
أما في النشرة الفرنسية " للموسوعة الكونية " الصادرة عام 1990م، فإننا نجد المستشرق " كلود ثكايو " حين كتب عن تفسير القرآن: يصرح في مبحث عقده للكلام عن " تشكيل متن القرآن "، بأن المصحف تشكل من آراء الفقهاء وأحكامهم، خلال القرون الثلاثة الأولى من الهجرة، وعبثا عمد " ثكايو " إلى اقتباس آراء طائفة من المستشرقين الذين تبنوا هذا البهتان، ليخلص في نهاية مبحثه إلى استنتاج مفاده: أن اختلاف مرويات القراءات التي تلقاها أصحاب محمد- القراءات الشاذة والمشهورة- يرجع في أصله إلى الحاجة لإدراج حواشي أو شروح، تتضمن تشريعات قديمة لنص لم يتم إنهاء جمعه، قبل القرن الثالث الهجري التاسع الميلادي،
والذي يتتبع كتابات المستشرقين في هذا الموضوع يقف على تصورهم الخاص الذي دافعوا عنه لتأكيد بشرية مصدر القرآن، لذلك حين كتبوا عن القرآن نظروا إليه على اعتبار أنه أثر أدبي محض، وقد وجد منهم من اعتبره دون التراث الأدبي العربي، والعياذ بالله