الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (1)، وقوله:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (2)، وقوله:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (3).
وأخبر أنه استوى إلى السماء في موضعين من كتابه:
قال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} (4)، وقوله:{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} (5).
(1) سورة الفرقان الآية 59
(2)
سورة السجدة الآية 4
(3)
سورة الحديد الآية 4
(4)
سورة البقرة الآية 29
(5)
سورة فصلت الآية 11
المبحث الثاني: معنى الاستواء في اللغة
بالنظر في بيان أهل العلم لمعنى الاستواء نجده كما يقول ابن القيم: لفظ الاستواء في كلام العرب الذي خاطبنا الله تعالى بلغتهم وأنزل بها كلامه، نوعان: مطلق ومقيد، فالمطلق: ما لم يوصل
معناه بحرف مثل قوله: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} (1). وهذا معناه كمل وتم، يقال: استوى النبات واستوى الطعام.
وأما المقيد: فثلاثة أضرب أحدها: مقيد بإلى كقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} (2)، واستوى فلان إلى السطح وإلى الغرفة، وقد ذكر سبحانه هذا المعدى بإلى في موضعين من كتابه في سورة البقرة في قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} (3)، والثاني في سورة فصلت:{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} (4)، وهذا بمعنى العلو والارتفاع بإجماع السلف كما سنذكره ونذكر ألفاظهم بعد إن شاء الله.
والثاني: مقيد بعلى كقوله: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} (5) وقوله: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} (6) وقوله: {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} (7) وهذا أيضا معناه العلو والارتفاع والاعتدال بإجماع أهل اللغة.
والثالث: المقرون بواو مع التي تعدي الفعل إلى المفعول معه نحو استوى الماء والخشبة بمعنى ساواها.
(1) سورة القصص الآية 14
(2)
سورة البقرة الآية 29
(3)
سورة البقرة الآية 29
(4)
سورة فصلت الآية 11
(5)
سورة الزخرف الآية 13
(6)
سورة هود الآية 44
(7)
سورة الفتح الآية 29
هذه معاني الاستواء المعقولة في كلامهم ليس فيها معنى استولى ولا نقله أحد من أئمة اللغة الذين يعتمد قولهم وإنما قاله متأخرو النحاة ممن سلك طريق المعتزلة والجهمية (1).
وقد قيل: إن الاستواء المعدى بإلى مثل: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} (2)، معناه قصد أو أقبل أو عمد ذكره أبو العباس ثعلب وأبو القاسم إسماعيل بن محمد الأصبهاني وابن الجوزي وغيرهم.
ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أنه تفسير مبتدع لم يقله أحد من الصحابة ولا من التابعين، بل المفسرون بخلافه، ولا
(1) مختصر الصواعق المرسلة 356.
(2)
سورة البقرة الآية 29
يعرف في اللغة أيضا (1).
وقد سبق أن حكى ابن القيم إجماع السلف على تفسير الاستواء المعدى بإلى بالعلو، والمتمعن في المأثور عن السلف يجد أن ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم صحيحا فلم ينقل عنهم تفسيره بالقصد وإنما نقل تفسيره بالعلو، قال البغوي في تفسير الآية 29 من سورة البقرة:(قال ابن عباس: وأكثر السلف ارتفع إلى السماء) وقال أبو العالية: (استوى إلى السماء ارتفع)(2) وقال الربيع بن أنس: (ثم استوى إلى السماء ارتفع إلى السماء)(3). وهو اختيار ابن جرير.، قال في تفسير الآية 29 من سورة البقرة:
(1) انظر فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 5/ 409، 521.
(2)
ذكره البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد باب وكان عرشه على الماء.
(3)
رواه ابن جرير في تفسيره 1/ 429.
وأولى المعاني في قول الله جل ثناؤه: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ} (1) علا عليهن وارتفع، وهذا الإمام أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي يقول: باب استواء الرب تبارك وتعالى على العرش وارتفاعه إلى السماء وبينونته من الخلق (2).
ومما يؤكد أن هذا التفسير صحيح أن الخليل بن أحمد أحد أئمة اللغة فسره بالعلو، قال الذهبي في العرش 2/ 15:(قال الخليل بن أحمد في {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} (3) ارتفع إلى السماء)، ونص قول الخليل قال:(أتيت أبا ربيعة الأعرابي وكان من أعلم من رأيت وكان على سطح فلما رأيناه أشرنا إليه بالسلام فقال: استووا فلم ندر ما قال فقال لنا شيخ عنده: يقول لكم ارتفعوا، قال الخليل: هذا من قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} (4) يقول:
(1) سورة البقرة الآية 29
(2)
الرد على الجهمية 33.
(3)
سورة البقرة الآية 29
(4)
سورة فصلت الآية 11