المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الرابع: أن يكون عاقلا - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٦٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الفتاوى

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ

- ‌سجدة (ص)

- ‌سجود التلاوة لا يشرع فيه التكبير في النهوض

- ‌تقدم ركعتا الطواف على صلاة الإشراق

- ‌صلاة التطوع قبل أذان المغرب

- ‌صلاة ركعتي الفجر بعده

- ‌صلاة الجماعة في المساجد

- ‌ قصر الصلاة

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌ رفع اليدين مع التكبيرات في صلاة الجنازة

- ‌من فاتته بعض تكبيرات صلاة الجنازة

- ‌ دخل مع الإمام وهو يصليصلاة الجنازة ظانا أنه يصلي الفريضة

- ‌تقدم صلاة الجنازةعلى الفرض

- ‌ حضر الجنازةفي مسجد وقد صلى الفرض في آخر

- ‌ الصلاة على الميت بعد دفنه

- ‌أقصى مدة يمكن الصلاة فيها على الميت بعد دفنه

- ‌حكم تكرار الصلاة على الميت

- ‌ الصلاة على القبر وقت النهي

- ‌ الصلاة على الميت في المغسلة

- ‌ الصلاة على الغائب

- ‌كيفية الصلاة على الغائب

- ‌ الصلاة على المنافق

- ‌الصلاة على أهل البدع

- ‌ الصلاة على المنتحر

- ‌الشهداء الذين ماتوا في المعركة لا تشرع الصلاة عليهم مطلقا

- ‌ الصلاة على من مات وعليه دين

- ‌ الصلاة على الجنين

- ‌الصلاة على الجنازة في المصلى أفضل من المسجد

- ‌ وضع الميت في غرفة حتى يصلى عليه

- ‌ دفن البهائية في مقابر المسلمين

- ‌ دفن ما بتر من إنسان

- ‌ اتباع الجنائز

- ‌تشييع الميت

- ‌حصول القيراطين لمن تبع جنازة ثم صلى عليها

- ‌ الإسراع بالجنازة

- ‌الجمع بين حديث النهي عن الصلاة والدفن في ثلاثساعات وحديث التعجيل بالجنازة

- ‌ المراد بالإسراع بالجنازة

- ‌ تأخير الجنازة في الثلاجة لعدة شهور

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ بعد أداء الصلاة الفريضة، الشروع في النافلة أم الاشتغال بالأذكار

- ‌ صلى العشاء قبل الأذان بعشر دقائق

- ‌ حكم التسبيح بالسبحة

- ‌ حكم من حدثه دائم

- ‌ حكم من يؤدي العمرة يوميا

- ‌ الأعمال المفضلة التي ينبغي أن أعملها ويكون أجرها لوالدي

- ‌ هل يجوز أن يكون ولي المرأة البكر جدها من أمها

- ‌ المرأة إذا قدمت للحج أو العمرة ووصلت إلى الميقات وهي حائض

- ‌ما تراه المرأة بعد الطهر من حيضها من الصفرة أو الكدرة

- ‌ الحامل، هل تحيض وهي حامل

- ‌الدم الذي يخرج من المرأة الحامل

- ‌ صيام المرأة وصلاتها وقت الحيض

- ‌ ماذا تفعل المرأة إذا جاءتها العادة الشهرية

- ‌ هل يحل للحائض دخول المسجد

- ‌ استعمال دواء لمنع الحيض في رمضان

- ‌ استعمال حبوب منع الحيض في رمضان والحج

- ‌وصف لها الطبيب حبوبا لجلب العادة الشهرية

- ‌ بعد وضع اللولب، أو استعمال الحبوب عند بعض النساء يتغير نظام دورة الحيض

- ‌ الدم الذي يخرج من المرأة من غير حيض ولا نفاس

- ‌ أحس كثيرا بخروج قطرات من ذكري في الصلاة وخارج الصلاة

- ‌ أصحاب السلس

- ‌ أتوضأ ثم يخرج البول فلا أحس به، وأقوم أصلي

- ‌ يخرج من الشخص ريح باستمرار فما يعمل وخاصة وقت الصلاة

- ‌ مصاب بالغازات وكثرة الرياح، ولا أستطيع أن أتوضأ إلا عند دخول الوقت

- ‌تفسير القرآن الكريمفي كتابات المستشرقين

- ‌توطئة:

- ‌مبحث تمهيدي

- ‌المطلب الأول: القرآن الكريم في تصورات المستشرقين

- ‌المطلب الثاني: بداية اهتمام المستشرقين بالتفسير

- ‌المطلب الثالث: أسباب اهتمام المستشرقين بالتفسير ودواعيه

- ‌المبحث الأول: منشورات المستشرقين المتصلة بدراسة التفسير

- ‌المطلب الأول: التفسير في التآليف الفردية الخاصة

- ‌المطلب الثاني: التفسير في الموسوعات الاستشراقية

- ‌المطلب الثالث: التفسير في المجلات والدوريات الاستشراقية

- ‌المبحث الثاني: موقف المستشرقين من التراث التفسيري المتراكم

- ‌المطلب الأول: وقوف مشاهير المستشرقين عند التفاسير المعاصرة

- ‌المطلب الثاني: إعلاء شأن التراث التفسيري المنحرف

- ‌المطلب الثالث: نقد المستشرقين لأمهات التفاسير عند أهل السنة

- ‌المبحث الثالث: المنهج المقترح للتفسير عند المستشرقين

- ‌المطلب الأول: دعوة المستشرقين إلى توثيق النص القرآني

- ‌المطلب الثاني: مطالبة المستشرقين بنقد التفاسير القديمة

- ‌المطلب الثالث: تبني المستشرقين الدعوة لإعادة تفسير القرآن

- ‌المبحث الرابع: تقييم كتابات المستشرقين عن التفسير

- ‌المطلب الأول: مصادر المستشرقين في الكتابة عن التفسير

- ‌المطلب الثاني: مميزات كتابات المستشرقين عن التفسير

- ‌المطلب الثالث: أسباب انحراف كتابات المستشرقين

- ‌خاتمة الدراسة:

- ‌صفة الاستواء لله عز وجل

- ‌الفصل الأول:

- ‌المبحث الأول: ورود الاستواء في القرآن:

- ‌المبحث الثاني: معنى الاستواء في اللغة

- ‌الفصل الثاني:

- ‌المبحث الأول:مذهب أهل السنة والجماعة في استواء الله على عرشه

- ‌المبحث الثاني: شرح ما نقل عن الإمام مالك في الاستواء:

- ‌المبحث الأول: مذهب المخالفين لأهل السنة في الاستواء

- ‌المبحث الثاني: الرد على المخالفين

- ‌الخاتمة

- ‌رسالة في ذم البدعة وأهلها

- ‌المقدمة:

- ‌منهج التحقيق:

- ‌التحقيق

- ‌الباب الأول: في البدعة

- ‌اهتمام المحدثين ومنهجهم في حفظ السنة النبوية

- ‌المبحث الأول: السن التي كانوا يخرجون فيها لطلب الحديث:

- ‌المبحث الثاني: الصيغة التي يستعملونها لأداء الحديث:

- ‌المبحث الثالث: نشرهم للحديث:

- ‌المبحث الرابع: طريقتهم في التحديث:

- ‌المبحث الخامس: كتابتهم للحديث وعنايتهم بالصحف:

- ‌المبحث السادس: رحلتهم في طلب الحديث:

- ‌المبحث السابع: تحذيرهم من الصحفي:

- ‌الخاتمة:

- ‌الاعتداد بخلاف الظاهريةفي الفروع الفقهية

- ‌المبحث الأول: تحرير محل النزاع في المسألة

- ‌المبحث الثاني: سبب الخلاف في المسألة:

- ‌المبحث الثالث:‌‌ خلاف أهل العلم في المسألة، وأدلتهم، والترجيح

- ‌ خلاف أهل العلم في المسألة

- ‌المبحث الرابع: أمثلة تطبيقية على خلاف الظاهرية

- ‌التمهيد

- ‌المطلب الأول: تعريف الشرط في اللغة، والاصطلاح:

- ‌المطلب الثاني: تعريف الظهار في اللغة والاصطلاح:

- ‌المطلب الثالث: حكمه وأدلته:

- ‌المبحث الأول: شروط صحة الظهار

- ‌المطلب الأول: شرط كون المظاهر زوجا

- ‌المطلب الثاني: شرط الإسلام

- ‌المطلب الثالث: شرط الحرية

- ‌المطلب الرابع: أن يكون عاقلا

- ‌المطلب الخامس: شرط البلوغ

- ‌المطلب السادس: شرط الاختيار

- ‌المطلب السابع: شرط الزوجة التي يمكن وطؤها

- ‌المطلب الثامن: كون المشبه به محلا للاستمتاع عادة

- ‌المبحث الثاني: تأقيت الظهار

- ‌المبحث الثالث: تعليق الظهار

- ‌الخاتمة:

الفصل: ‌المطلب الرابع: أن يكون عاقلا

وهو قول جمهور أهل العلم.

واحتجوا بما يلي:

1 -

قوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} (1) وهذا يشمل الحر والرقيق.

2 -

قوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ} (2) فقوله تعالى: منكم يقتضي صحة الظهار من العبد خلافا لمن منعه (3).

3 -

أنه مكلف يصح طلاقه فيصح ظهاره كالحر.

4 -

أن الظهار تحريم، والرقيق من أهل التحريم (4).

الترجيح:

الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم وهو صحة الظهار من الرقيق؛ للعمومات، ولأنه من جملة المسلمين، وأحكام النكاح في حقه ثابتة.

(1) سورة المجادلة الآية 2

(2)

سورة المجادلة الآية 2

(3)

أحكام القرآن لابن العربي 4/ 1750.

(4)

بدائع الصنائع 3/ 230.

ص: 350

‌المطلب الرابع: أن يكون عاقلا

وهذا باتفاق الأئمة.

ص: 350

وعلى هذا فلا يصح ظهار المجنون، والنائم، والمغمى عليه، والمعتوه.

ودليل ذلك:

حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رفع القلم عن ثلاث: عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ (1)» .

(1) أخرجه أحمد في مسنده 6/ 101، 144، والنسائي في الكبرى 3/ 360، وأبو داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق (ح 4398)، وابن ماجه، كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه (ح 2041)، والدارمي 2/ 225، وابن حبان 1/ 355، وابن الجارود 1/ 149، والحاكم 2/ 59، وأبو يعلى 7/ 366، والترمذي في العلل الكبير ص 225، والبيهقي في الكبرى 6/ 84، والطحاوي في المشكل 10/ 151، عن عفان بن مسلم، وعبد الرحمن بن مهدي، وشيبان بن فروخ، وروح بن عبادة، والحسن بن موسى، ويزيد بن هارون، وأبي داود الطيالسي، وموسى بن إسماعيل، ومحمد بن أبان. كلهم عن حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة، والحديث تفرد به حماد بن أبي سليمان، وأيضا في رواية حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان كلام، لكن قال الترمذي:" سألت محمدا - أي البخاري - عن هذا الحديث؟ فقال: أرجو أن يكون محفوظا، قلت له: روى هذا غير حماد؟ قال: لا أعلمه ". وقال الحافظ في الفتح 12/ 124 بعد أن ذكر حديث علي وابن عباس وعائشة: " وهذه طرق يقوي بعضها بعضا "، وقال الزيلعي في نصب الراية 4/ 162:" ولم يعله الشيخ في الإمام بشيء، وإنما قال: هو أقوى إسنادا من حديث علي ". فهو حديث ثابت وله شواهد منها حديث علي، وابن عباس، وأبي رافع، وأبي هريرة، وشداد، وثوبان. (انظر: نصب الراية 4/ 164).

ص: 351

ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده (1)» .

فقوله: «لا يدري أين باتت يده (2)» يدل على عدم مؤاخذة النائم، لتغطية عقله، فدل ذلك على اعتبار العقل.

ولأن خطاب التحريم لا يتناول من لا يعقل (3).

قال ابن قدامة: " ومن لا يصح طلاقه لا يصح ظهاره كالطفل، والزائل العقل بجنون، أو إغماء، أو نوم، أو غيره، وبه قال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا "(4).

(1) أخرجه البخاري في الوضوء / باب الاستجمار وترا (162)، ومسلم في الطهارة باب كراهة عمس المتوضئ. . (278).

(2)

أخرجه البخاري في الوضوء / باب الاستجمار وترا (162)، ومسلم في الطهارة باب كراهة عمس المتوضئ. . (278).

(3)

بدائع الصنائع 3/ 230.

(4)

المغني 11/ 57.

ص: 352

وأما السكران:

فإن كان معذورا بسكره كأن جهل كونه مسكرا، لم يصح ظهاره باتفاق الفقهاء (1)؛ لما يأتي من الأدلة على عدم اعتبار أقوال السكران.

وأما إن كان غير معذور بسكره، فاختلف العلماء في صحة ظهاره بناء على الاعتداد بأقواله على قولين:

القول الأول: أنه لا يعتد بأقواله فلا يعتد بظهاره:

وهو رواية عن الإمام أحمد (2)، وهو مذهب الظاهرية (3) واختاره شيخ الإسلام، وابن القيم (4).

وحجة هذا القول:

1 -

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} (5). فجعل سبحانه قول السكران غير معتبر.

2 -

ما رواه بريدة رضي الله عنه في «قصة ماعز رضي الله عنه، قال: يا رسول الله طهرني، قال: مم أطهرك؟ قال: من الزنا،

(1) حاشية الدسوقي 2/ 439، وروضة الطالبين 8/ 62، 261، وفتح الوهاب 2/ 93، 143.

(2)

زاد المعاد 5/ 211.

(3)

المحلي 1/ 208.

(4)

الاختيارات ص 254، وزاد المعاد 5/ 211.

(5)

سورة النساء الآية 43

ص: 353

فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال: أشرب خمرا؟ فقام رجل فاستنكهه فلم يجد ريح خمر، فقال النبي صلى الله وسلم: أزنيت؟ قال: نعم فأمر به فرجم (1)».

وهذا ظاهر في أن السكر يمنع من ترتب الحكم على من اتصف به.

3 -

حديث علي رضي الله عنه، في «قصة حمزة لما عقر شارفي علي رضي الله عنه فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فوقف عليه يلومه فصعد فيه النظر وصوبه وهو سكران، ثم قال: هل أنتم إلا عبيد لأبي؟ فنكص النبي صلى الله عليه وسلم على عقبيه (2)» .

قال ابن القيم رحمه الله: " وهذا القول لو قاله واحد غير سكران لكان ردة وكفرا، ولم يؤخذ بذلك حمزة ".

4 -

حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا طلاق ولا عتاق في إغلاق (3)» .

(1) أخرجه مسلم في الحدود، باب حد الزنا (ح 1695).

(2)

أخرجه البخاري في المغازي، باب شهود الملائكة بدرا (ح 4003).

(3)

أخرجه الإمام أحمد 6/ 27، وأبو داود في الطلاق، باب الطلاق على غلط (ح 2193)، وابن ماجه في الطلاق، باب طلاق المكره والناسي (ح 2046)، وابن أبي شيبة 5/ 49، والحاكم 2/ 198، الطحاوي في المشكل 2/ 278، وأبو يعلى (ح 4444)، والدارقطني 4/ 36، والبيهقي 7/ 357، من طريق ابن إسحاق عن ثور بن يزيد عن محمد بن عبيد عن صفية بنت شيبة عن عائشة، وفيه محمد بن عبيد ضعيف كما في التهذيب للمنذري (ح 2107). وأخرجه البيهقي عن زكريا بن إسحاق ومحمد بن عثمان عن صفية به، قال ابن أبي حاتم في العلل (ح 1292، 1300) بعد أن ذكره من طريق ابن إسحاق: " ورواه محمد بن عبيد، عن عطاء عن عائشة، قال: حديث صفية أشبه ". وأخرجه الدارقطني عن قزعة عن زكريا ومحمد بن عثمان به، وفي التعليق المغني 4/ 36:" قزعة، قال البخاري: ليس بذاك، وقال أحمد: ذاهب الحديث ".

ص: 354

قال شيخ الإسلام: " وحقيقة الإغلاق: أن يغلق على الرجل قلبه، فلا يقصد الكلام، أو لا يعلم به، كأنه انغلق عليه قصده وإرادته، ويدخل في ذلك طلاق المكره، والمجنون، ومن زال عقله بسكر، أو غضب، وكل من لا قصد له، ولا معرفة له بما قال ".

5 -

قول عثمان رضي الله عنه: " ليس لمجنون ولا سكران طلاق ".

وقال ابن عباس: " طلاق السكران، والمستكره ليس بجائز "(1).

القول الثاني: أنه يصح ظهار السكران:

وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.

وحجة هذا القول ما يلي:

1 -

عموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (2).

ونوقش هذا الاستدلال: بتخصيص السكران من هذا العموم؛

(1) علقه البخاري بصيغة الجزم 9/ 388 (فتح).

(2)

سورة المجادلة الآية 3

ص: 355

لما تقدم من أدلة الرأي الأول.

2 -

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} (1)، فخطاب السكران يدل على تكليفه.

ونوقش: بأن الخطاب هنا يجب حمله على الذي يعقل الخطاب؛ إذ مخاطبة الذي لا يعقل لا فائدة منه، وأنه نهي عن السكر عند إرادة الصلاة.

3 -

حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: «كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه، والمغلوب على عقله (2)» .

وكذا الظهار.

ونوقش: بعدم ثبوته، وأيضا لو ثبت لكان في المكلف.

وجواب ثالث: أن السكران الذي لا يعقل، إما معتوه، وإما ملحق به.

4 -

أن الصحابة رضي الله عنهم أوقعوا طلاق السكران، فمن

(1) سورة النساء الآية 43

(2)

أخرجه الترمذي في الطلاق، باب ما جاء في طلاق المعتوه (ح 1191)، عن عطاء بن عجلان عن عكرمة بن أبي خالد عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال الترمذي:" لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن عجلان وهو ضعيف ذاهب الحديث ". وأخرجه ابن عدي في الكامل 5/ 2003 في ترجمة عطاء بن عجلان، وروي في ترجمته عن يحيى بن معين قوله:" عطاء بن عجلان كوفي ليس بشيء، كذاب كان يوضع له الحديث فيحدث به ". وقال ابن حبان في المجروحين 2/ 129: " يروي الموضوعات عن الثقات ".

ص: 356

ذلك ما رواه أبو لبيد (1): " أن رجلا طلق امرأته وهو سكران، فرفع إلى عمر بن الخطاب، وشهد عليه أربع نسوة، ففرق عمر بينهما "(2).

وروى سعيد بن المسيب: " أن معاوية أجاز طلاق السكران "(3).

ويلحق الظهار بالطلاق.

ونوقش: بأن الصحابة رضي الله عنهم مختلفون في إيقاع طلاق السكران.

5 -

أن الصحابة رضي الله عنهم أقاموا السكران مقام الصاحي في كلامه، فقال:" إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وحد المفتري ثمانون ".

لكن لا يثبت قال ابن حزم: " وهو خبر مكذوب قد نزه الله عليا وعبد الرحمن بن عوف منه، وفيه من المناقضة ما يدل على بطلانه،

(1) لمازة بن زيار، الأزدي، البصري، صدوق، ناصبي. (تقريب التهذيب 2/ 138).

(2)

المحلي 10/ 209، وسنن البيهقي 7/ 359. (رجاله ثقات).

(3)

المحلى 10/ 209. (رجاله ثقات).

ص: 357

فإن فيه إيجاب الحد على من هذى، والهاذي لا حد عليه " (1).

6 -

أنه مكلف، ولهذا يؤاخذ بجناياته.

ونوقش: قال ابن القيم: " باطل؛ إذ الإجماع منعقد على أن شرط التكليف العقل، ومن لا يعقل ما يقول، فليس بمكلف. وأيضا: لو كان مكلفا لوجب أن يقع طلاقه إذا كان مكرها على شربها، أو غير عالم بأنها خمر، وهم لا يقولون به ".

وأما إلزامه بجناياته فمحل نزاع لا محل وفاق، فقال عثمان البتي: " لا يلزمه عقد ولا بيع، ولا حد إلا حد الخمر فقط، وهذا إحدى الروايتن عن أحمد: أنه كالمجنون في كل فعل يعتبر له العقل. والذين اعتبروا أفعاله دون أقواله فرقوا بفرقين:

أحدهما: أن إسقاط أفعاله ذريعة إلى تعطيل القصاص، إذ كل من أراد قتل غيره، أو الزنا، أو السرقة، أو الحراب سكر، وفعل ذلك، فيقام عليه الحد إذا أتى جرما واحدا، فإذا تضاعف جرمه بالسكر كيف يسقط عنه الحد؟ هذا مما تأباه قواعد الشريعة وأصولها.

والفرق الثاني: أن إلغاء أقواله لا يتضمن مفسدة؛ لأن القول المجرد من غير العاقل لا مفسدة فيه بخلاف الأفعال، فإن مفاسدها لا يمكن إلغاؤها إذا وقعت، فإلغاء أفعاله ضرر محض، وفساد منتشر بخلاف أقواله فإن صح هذان الفرقان بطل الإلحاق. . " (2).

(1) المحلى 10/ 209.

(2)

زاد المعاد 5/ 212.

ص: 358