الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقت به؛ إذ المسلمون على شروطهم.
2 -
أنه إذا ظاهر مدة المانع من الوطء شرعا: لا يلزمه؛ لأنه بمنزلة من ظاهر، ثم ظاهر.
القول الثالث: أنه لغو.
وهو قول الشافعية (1).
وحجة ذلك: أنه لم يؤبد التحريم، فأشبه ما إذا شبهها بامرأة لا تحرم على التأبيد.
ونوقش: بأنه اجتهاد في مقابلة النص.
الترجيح: الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم؛ لدلالة السنة على ذلك.
(1) مغني المحتاج 3/ 357.
المبحث الثالث: تعليق الظهار
يصح تعليق الظهار بالشرط نحو أن يقول الزوج: إذا دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي؛ لأنها يمين، فجاز تعليقه على شرط كالإيلاء.
ولأن أصل الظهار كان طلاقا، والطلاق يصح تعليقه بالشرط، فكذلك الظهار.
وقد اختلف العلماء فيما إذا علق ظهاره على امرأة أجنبية. بأن قال: إن تزوجتك، أو تزوجت فلانة فهي علي كظهر أمي، أو
قال لامرأة أجنبية: أنت علي كظهر أمي ثم تزوجها.
على قولين:
القول الأول: أنه لا يكون ظهارا.
وبه قال الشافعي (1).
وحجة هذا القول:
1 -
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (2) والأجنبية ليست من نسائه.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن التخصيص خرج مخرج الغالب، فإن الغالب أن الإنسان إنما يظاهر من نسائه، فلا يوجب تخصيص الحكم بهن، كما أن تخصيص الربيبة التي في حجره بالذكر لم يوجب اختصاصها بالتحريم (3).
وأجيب من وجهين:
الوجه الأول: أن حمل الآية على الغالب، ومخالفة مقتضى اللفظ يحتاج إلى دليل، وأما قوله تعالى:{وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} (4)، فشمل التحريم الربيبة التي في حجره والتي ليست في حجره؛ لأمرين:
الأول: أن قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ} (5) يشمل كل ربيبة.
(1) روضة الطالبين 8/ 265.
(2)
سورة المجادلة الآية 3
(3)
المغني 11/ 76.
(4)
سورة النساء الآية 23
(5)
سورة النساء الآية 23
خلاف قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (1)، فلا يشمل الأجنبية.
الثاني: أن في الآية دلالة على عدم اعتبار شرط الحجر؛ لأن الله ذكر لتحريم الربيبة شرطين: كونها في الحجر، والدخول بالأم، ففصل الله في الدخول بالأم دون شرط الحجر فلم يفصل الله فيه، فدل ذلك على اعتبار شرط الدخول دون شرط الحجر.
2 -
أنها يمين ورد الشرع بحكمها مقيدا بنسائه، فلم يثبت حكمها في الأجنبية كالإيلاء، فإن الله تعالى قال:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (2) كما قال: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (3)(4).
ونوقش: بأن الإيلاء إنما اختص حكمه بنسائه، لكونه يقصد الإضرار بهن دون غيرهن، والكفارة وجبت ههنا لقول المنكر والزور.
وأجيب: بعدم تسليم المنكر والزور؛ لكونها حال التعليق أجنبية.
3 -
أنها ليست بزوجته، فلا يصح منها الظهار كأمته.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن الظهار من الأمة انعقد يمينا وجبت به الكفارة، ولم تجب كفارة الظهار؛ لأنها ليست امرأة له حال التكفير، بخلاف مسألتنا.
(1) سورة المجادلة الآية 3
(2)
سورة المجادلة الآية 3
(3)
سورة البقرة الآية 226
(4)
المغني 11/ 75.
4 -
ولأنه حرم محرمة، فلم يلزمه شيء كما لو قال: أنت علي حرام.
5 -
أنه نوع تحريم، فلم يتقدم النكاح كالطلاق (1).
ونوقش من وجهين:
الأول: أن الطلاق حل قيد النكاح، ولا يمكن حله قبل عقده، والظهار تحريم للوطء، فيجوز تقديمه على العقد كالحيض.
الثاني: أن الطلاق يرفع العقد، فلم يجز أن يسبقه، وهذا لا يرفعه، وإنما يعلق الإباحة على شرط.
القول الثاني: أنه يكون ظهارا.
وهو مذهب الحنفية (2)، والمالكية (3)، والحنابلة (4). وبه قال سعيد بن المسيب، وعروة وعطاء والحسن.
وحجة هذا القول:
1 -
ما روي عن عمر رضي الله عنه قال في رجل قال: إن تزوجت فلانة فهي علي كظهر أمي فتزوجها، قال: " عليه كفارة
(1) المغني 11/ 75.
(2)
الموطأ 2/ 559، والإشراف 2/ 148.
(3)
المغني 11/ 75.
(4)
الشرح الكبير مع الإنصاف 23/ 258.
الظهار " (1). وأعل بالانقطاع (2).
2 -
ولأنها يمين مكفرة فصح انعقادها قبل النكاح كاليمين بالله تعالى (3).
ونوقش: بالفرق؛ إذ اليمين بالله تعالى صح انعقادها؛ لتوفر شرط الانعقاد، وأما الظهار لم يصح؛ لأن المظاهر منها أجنبية.
الترجيح:
يترجح - والله أعلم - القول بعدم كونه ظهارا ذلك أن القائل: إن تزوجت فلانة فهي علي كظهر أمي مظاهر من أجنبية؛ لأنها حين الظهار المعلق أجنبية، والمتجدد هو نكاحها، والنكاح لا يكون ظهارا، فعلم أنه لو وقع الظهار، فإنما ذلك يكون استنادا إلى الظهار المتقدم معلقا، وهي إذ ذاك أجنبية، وتجدد الصفة لا يجعله متكلما بالظهار عند وجودها، فإنه عند وجودها مختار للنكاح غير مريد للظهار فلا يصح كما لو قال لأجنبية: إن دخلت الدار فأنت طالق فدخلت وهي زوجته لم تطلق بغير خلاف (4).
فرع:
إذا قال لزوجته: أنت علي كظهر أمي إن شاء الله لم ينعقد ظهاره.
(1) سنن البيهقي 7/ 383، القاسم بن محمد لم يدرك عمر رضي الله عنه
(2)
المغني 11/ 75.
(3)
ينظر: زاد المعاد 5/ 217.
(4)
ينظر: زاد المعاد 5/ 217.
قال الإمام أحمد: إذا قال لامرأته: عليه كظهر أمه إن شاء الله، فليس عليه شيء هي يمين (1).
وقال ابن عقيل: هو مظاهر (2).
والدليل على عدم حنثه إذا استثنى بالمشيئة:
ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: «قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، كل تلد غلاما يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه - قال سفيان يعني الملك - قل: إن شاء الله، فنسي، فطاف بهن فلم تأت امرأة منهن بولد إلا واحدة بشق غلام، فقال أبو هريرة يرويه قال: لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا في حاجته، وقال مرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو استثنى (3)» .
ولما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف فقال: إن شاء الله، فقد استثنى (4)» .
(1) المغني 11/ 70.
(2)
الشرح الكبير مع الإنصاف 23/ 264.
(3)
أخرجه البخاري في كفارات الأيمان، باب الاستثناء في الأيمان (ح.672)، ومسلم في الأيمان، باب الاستثناء (ح. 1653)(23).
(4)
أخرجه أحمد 2/ 10، وأبو داود في الأيمان والنذور (ح 3261)، والنسائي 7/ 25، وابن ماجه في الكفارات، باب الاستثناء في اليمين (ح 1206)، وابن الجارود (ح 128)، وابن حبان (ح 4339) إحسان، والبيهقي 7/ 360. من طريق ابن عيينة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما. وأخرجه النسائي 7/ 25، والحاكم 4/ 303، من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن كثير بن فرقد عن نافع به (إسناده صحيح)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.