الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونوقش من وجهن:
الأول: أنه يلزم من ذلك وجوب كفارة الظهار على المجنون وغير المميز؛ لوجوب الزكاة في ماله، ولم يقل به أحد.
الثاني: أنه منقوض باجتهاد مثله، فيقال: إن العبادات البدنية كالصلاة والصيام لا تجب عليه، فكذا كفارة الظهار.
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - قول جمهور أهل العلم من اشتراط البلوغ لصحة الظهار؛ إذ الأصل براءة ذمة الصبي، وعدم ما يدل صراحة على وجوب كفارة الظهار عليه.
المطلب السادس: شرط الاختيار
وعلى هذا فلا يصح ظهار المكره، وكذا الخاطئ، فإذا سبق لسانه إلى الظهار من غير قصد منه، فلا يصح الظهار.
وهذا قول جمهور أهل العلم.
ودليل ذلك:
1 -
قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} (1).
(1) سورة النحل الآية 106
وقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} (1).
2 -
حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه (2)» .
(1) سورة الأحزاب الآية 5
(2)
أخرجه ابن المنذر في الإقناع 2/ 584، وابن حبان في صحيحه (ح 1498) موارد، والطبراني في الصغير 1/ 270، وابن عدي في الكامل (ح 758)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 95، والدارقطني في سننه 4/ 170، والحاكم 2/ 216، والبيهقي في الكبرى 7/ 356، من طريق بشر بن بكر، وأيوب بن سويد، عن الأوزاعي عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن ابن عباس مرفوعا. وأخرجه ابن ماجه (ح 2045)، والعقيلي في الضعفاء 4/ 145، من طريق محمد بن المصفى، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا. وسئل الإمام أحمد كما في العلل 1/ 561 عن حديث محمد بن المصفى عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي به، فذكره وعن حديث عبد الله بن عمر؟ فأنكره جدا، وقال:" ليس يروى إلا عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم " وحديث الحسن الذي أشار إليه الإمام أحمد، أخرجه سعيد بن منصور في سننه 1/ 278، وابن أبي شيبة 4/ 82، وعبد الرزاق 6/ 409، من طريق منصور وعوف وهشام وجعفر العطاري كلهم عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تجاوز الله عز وجل لابن آدم عما أخطأ، وعما نسي، وعما أكره، وعما غلب عليه ". وقال أبو حاتم في العلل 1/ 431: " لم يسمع الأوزاعي هذا الحديث عن عطاء، والصواب إنما سمعه من رجل لم يسمه أتوهم أنه عبد الله بن عامر، أو إسماعيل بن مسلم، ولا يصح هذا الحديث، ولا يثبت إسناده ". والحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وقال ابن رجب في شرح الأربعين ص 325:" وهذا إسناد صحيح في ظاهر الأمر، ورواته كلهم محتج بهم في الصحيح "، وصححه أحمد شاكر في تعليقه على الأحكام (713). وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 172 عن ابن جريج قال عطاء بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن الله تجاوز لأمتي عن ثلاث، عن الخطأ، والنسيان وما استكرهوا عليه ".
القول الثاني: صحة الظهار من المكره، والخاطئ.
وهذا مذهب الحنفية (1).
وحجتهم: قياس الظهار على الطلاق، فكما يصح طلاق المكره والخاطئ، فكذا ظهاره (2).
ونوقش: بعدم تسليم الأصل المقيس عليه، فأكثر أهل العلم على عدم وقوع طلاق المكره والخاطئ.
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم؛ لقوة ما استدلوا به، ومناقشة دليل الحنفية.
وكذا يشترط العلم والذكر.
فإذا كان جاهلا بحكم الظهار، أو كان ناسيا فتلفظ بالظهار، فلا يقع منه (3).
وحجة ذلك:
1 -
ما تقدم من الأدلة على اشتراط الاختيار.
(1) بدائع الصنائع 3/ 231، والبحر الرائق 4/ 101.
(2)
بدائع الصنائع 3/ 231.
(3)
ينظر: المصادر السابقة.