الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا من عمل مثله تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين (1)» الحديث، وهذا لفظ البخاري.
وقد أخبر ابن عباس رضي الله عنهما أنهم كانوا يعرفون انقضاء صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير، ومقصوده أنهم كانوا يرفعون أصواتهم بالذكر عقب الصلاة فمن كان في طرف الصف يعلم انقضاء الصلاة بذلك والله أعلم.
فإذا انتهى من الأذكار يقرأ آية الكرسي، والمعوذتين، وقل هو الله أحد، ثم يصلي الراتبة البعدية في الظهر والمغرب والعشاء. هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم وينبغي لنا أن نتأسى به في أقواله وأفعاله:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (2).
(1) صحيح البخاري الأذان (843)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (595)، سنن أبو داود الصلاة (1504)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (927)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 238)، موطأ مالك النداء للصلاة (488)، سنن الدارمي الصلاة (1353).
(2)
سورة آل عمران الآية 31
س: ما حكم من
صلى العشاء قبل الأذان بعشر دقائق
، وذلك لأنة خارج البلد؟
ج: الله سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (1) أي محددة بالأوقات والنبي صلى الله عليه وسلم قد علمه جبريل عليه السلام مواقيت الصلاة بداية ونهاية فلا يجوز أن يصلي المسلم قبل الوقت ولو فعل لم تصح صلاته، كما
(1) سورة النساء الآية 103
أنه لا يجوز له تأخيرها عن وقتها ولو فعل أثم وصحت صلاته قضاء لا أداء، إلا في حالة الجمع، فإن المسلم له أن يجمع بين صلاتي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في وقت إحداهما إذا كان على سفر أو به مرض أو كان هناك مطر أو لعذر الخوف ونحو ذلك من الأعذار المبيحة للجمع، وما سوى ذلك فالحكم على ما قدمنا، وهذا الفعل المنوه عنه في السؤال إن كان قصده أنه كان مسافرا فجمع بين المغرب والعشاء في آخر وقت المغرب فهذا لا بأس به، وإن كان قصده أنه لم يكن مسافرا أو كان مسافرا ولم يجمع بين الصلاتين بل صلى المغرب في أول وقتها ثم صلى العشاء قبل وقتها بعشر دقائق فهذا مخطئ ولا تصح صلاته وعليه إعادتها فهي باقية في ذمته، والله تعالى أعلم.
س: ما حكم من زرع المزارع من غير الحبوب كالفواكه والطماطم هل يجب عليه الزكاة؟
ج: الفواكه والخضروات ليس فيها زكاة، وقد روي في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه لا يصح؛ لأنه مرسل، وإنما جاءت آثار عن الصحابة رضي الله عنهم في مصنف ابن أبي شيبة وغيره تدل على أنه ليس في الخضروات والفواكه زكاة وقد قال الترمذي رحمه الله: (والعمل على هذا عند أهل العلم أن ليس في
الخضروات صدقة). والله تعالى أعلم.
س: ما هي النصيحة التي توجهونها للذين يحتفلون بالمولد النبوي؟
ج: نقول في البداية إنه من الواجب على المسلم بل على العباد مسلمهم وكافرهم من النافع والمهم لهم جميعا أن يعلموا أمرا مهما وهو أن الله لم يخلقنا عبثا وأنه سبحانه لن يتركنا سدى بل خلقنا لأجل أمر عظيم وغاية كبيرة وهو سبحانه سيحاسبنا عليها يوم القيامة حفظنا أم ضيعنا يقول الله سبحانه: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} (1). ويقول سبحانه وتعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} (2). ويقول سبحانه مبينا الغاية العظيمة من خلقنا وإيجادنا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (3). ويقول سبحانه: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (4){الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (5).
فتبين مما سبق أن الله سبحانه لم يخلقنا عبثا وأنه سبحانه لم
(1) سورة المؤمنون الآية 115
(2)
سورة القيامة الآية 36
(3)
سورة الذاريات الآية 56
(4)
سورة الملك الآية 1
(5)
سورة الملك الآية 2
يتركنا سدى وأنه عز وجل إنما خلقنا لعبادته وسيحاسبنا على ذلك يوم لقائه، وأن الموت والحياة إنما خلقهما الله ابتلاء لعباده لينظر أيهم أحسن عملا، ولم يقل سبحانه (أكثر عملا) فالعبرة ليست بالكثرة والقلة وإنما العبرة بإحسان العمل، وإحسانه بأن يكون خالصا لله موافقا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول أبو الدرداء رضي الله عنه:(يا حبذا نوم الأكياس وإفطارهم كيف يغبنون سهر الحمقى وصيامهم، ومثقال ذرة من بر مع تقوى ويقين أعظم وأفضل وأرجح من أمثال الجبال عبادة من المغترين).
ثم نقول ثانيا لمن رأى الاحتفال بالمولد النبوي: لماذا تحتفل بالمولد؟، فنعرف أن المؤمن الصالح منهم سيقول بداهة: أحتفل به لإظهار محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وإجلاله وتقديره وأن له عندنا مكانة عظمى نعبر عنها بفرحتنا بيوم مولده واحتفالنا بهذا اليوم العظيم الذي ولد فيه سيد البشر. فنقول له: هذه الغاية التي تذكرها من إظهار محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وتقديره، غاية عظيمة بل هي واجب من الواجبات يجب على كل مسلم يخاف الله ويرجوه أن يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق محبة كل أحد من البشر حتى من نفسه التي بين جنبيه هذا مما لا يختلف فيه المسلمون أبدا ودلائل الكتاب والسنة متظاهرة عليه بل هو من العقائد الثابتة عند المسلمين، لكن بأي طريق يكون إظهار
محبة النبي صلى الله عليه وسلم، هل ترك هذا لرغباتنا واستحسان عقولنا أم أن الشرع الحكيم قد ضبط هذا الأمر وبينه؟ نقول إن الله سبحانه قد أمر نبيه صلى الله عليه وسلم في كتابه أن يعلمنا سبيل محبة الله ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم من محبة الله الذي أرسله فيقول سبحانه:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (1) إذن لا سبيل لمحبة الله إلا باتباع هذا النبي الكريم المصطفى صلى الله عليه وسلم، إذا ثبت هذا عندك أيها المسلم المحب لربك عز وجل ثم لنبيك صلى الله عليه وسلم فابحث عن مسألة الاحتفال بالمولد هل فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، أم هل فعلها أصحابه في زمنه صلى الله عليه وسلم، أم هل فعلها خلفاؤه الراشدون المهديون، أم هل فعلها بقية أهل بدر من أصحابه رضي الله عنهم، أم هل فعلها أصحاب بيعة الشجرة والرضوان، أم هل فعلها السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، أم هل فعلها الذين اتبعوهم بإحسان من أهل القرون المفضلة، أم هل فعلها الأئمة الكبار المتبعون؟، إنك أيها الموفق مهما بحثت في كتب السير والتاريخ لن تجد أن أحدا من هؤلاء الأبرار فعل هذا الاحتفال ولو كان خيرا لسبقونا إليه، بل لو كان خيرا لبينه لنا نبينا صلى الله عليه وسلم إما بقوله أو بفعله؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم في
(1) سورة آل عمران الآية 31
صحيحه: «إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها (1)» . الحديث، فلما علمنا أنه صلى الله عليه وسلم قد عاش ثلاثا وستين عاما وقد مر عليه في حياته ما يوافق يوم مولده ثلاثا وستين مرة وبعد مبعثه مر عليه ذلك ثلاثا وعشرين مرة ولم ينقل أنه احتفل به، وقد صحبه وآمن به أناس هم أشد منا حبا وتعظيما بل فدوه بأموالهم وأهليهم وأنفسهم ومع ذلك لم ينقل ناقل عنهم أنهم احتفلوا به، فدل ذلك على أنه غير مشروع بل لا خير فيه ولو كان خيرا لفعلوه وبينوه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» ويقول: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (3)» .
والمقصود أن هذا الاحتفال إنما حصل في القرن الرابع الهجري على يد من يسمون أنفسهم بالفاطميين وهم بنو عبيد القداح وقد بين أهل العلم كفرهم وضلالهم فليسوا أهلا للاقتداء. هذا تقرير مختصر لمن أراد الله هدايته للحق في هذه المسألة وقد بسطنا الكلام عليها في كلمات سابقة وفي رسالة لنا بعنوان: " حقيقة شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم "، بل وبسطها قبلنا أئمة الهدى رحمهم الله، أسأل الله لي ولسائر إخواني الهداية للحق والصواب
(1) صحيح مسلم الإمارة (1844)، سنن النسائي البيعة (4191)، سنن أبو داود الفتن والملاحم (4248)، سنن ابن ماجه الفتن (3956)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 191).
(2)
صحيح مسلم الأقضية (1718)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 180).
(3)
صحيح البخاري الصلح (2697)، صحيح مسلم الأقضية (1718)، سنن أبو داود السنة (4606)، سنن ابن ماجه المقدمة (14)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 256).