الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذه المسألة لم ينفرد بها الظاهرية بل وافقهم عليها بعض أهل القياس، فقال أبو الوفا ابن عقيل (ت 513 هـ) من الحنابلة، وغيره.
فإن قبلنا خلافه، ورددنا خلاف الظاهرية فهو تحكم. وإن قلنا برد خلاف الجميع فلا فائدة من تخصيص الظاهرية بعدم الاعتداد بقولهم، بل نرد خلاف جميع من خالف في هذا القياس.
والراجح في هذه المسألة - والله تعالى أعلم - هو الاحتجاج بخلاف الظاهرية مطلقا، وعدم انعقاد الإجماع بدونهم. وأن خلافهم مانع من انعقاده. ولا يصح رد قولهم بإجماع معاصريهم.
وأما ما شذوا فيه فيرده كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهما اللذان يحكمان ببطلانه حال عرضه عليهما.
المبحث الرابع: أمثلة تطبيقية على خلاف الظاهرية
سبق في بيان محل البحث والنزاع أن الحديث هنا فيما إذا انفرد الظاهرية بقول ولم يسبقوا إليه بقول أحد من الصحابة أو التابعين، أو لم يوافقهم عليه أحد من علماء المذاهب الأربعة المعروفة.
وبالنظر إلى كثير من المفردات التي ذكرها من حرص على جمع مفردات الظاهرية، أو ابن حزم بالخصوص، نجد أنهم يذكرون ما خالف فيه مشهور أقوال الأئمة الأربعة فقط، وهذا في الحقيقة خلاف المقصود بالبحث.
وسأذكر بضع مسائل، لا بقصد الاستيعاب، بل لقصد التمثيل فحسب.
مسألة: وجوب تقديم العضو الأيمن على الأيسر في الوضوء.
قال ابن حزم بوجوبه (1).
وقد حكى الإجماع على الاستحباب دون الوجوب جمع من العلماء؛ منهم ابن المنذر (2)، والنووي (3).
مسألة: وجوب الاضطجاع على الشق الأيمن على من صلى ركعتي الفجر.
ذكر ابن حزم (4) أنه يجب على من صلى ركعتي الفجر أن يضطجع على شقه الأيمن قبل صلاة الفجر سواء صلاها في وقتها أو قاضيا لها من نسيان أو عمد نوم، فإن عجز عن الضجعة أشار إلى ذلك حسب طاقته. ولم يجز له أن يصلي الصبح إلا بأن يضطجع
(1) في (المحلي 2/ 66).
(2)
في (الأوسط 1/ 387).
(3)
في (المجموع 1/ 383).
(4)
في (المحلي 3/ 196).
على شقه الأيمن.
مسألة: جواز قص المحرم لأظفاره.
ذكر ابن حزم (1) أنه يجوز للمحرم قص أظفاره وأنه لا شيء عليه فيه.
وقد حكى الإجماع على حرمتها جمع من أهل العلم؛ كابن المنذر (2)، وابن قدامة (3)، وغيرهم.
مسألة: عدم توريث الجدة أم الأب.
أنكر ابن حزم الإجماع على توريث أم الأب، وقال (4):" إن أبا بكر رضي الله عنه لم يورث إلا جدة واحدة فقط؛ وهي أم الأب، فلا ميراث لغيرها من الجدات ".
وقد حكى الإجماع على توريث أم الأم جمع من العلماء؛ منهم ابن المنذر (5)، والماوردي (6)، والبغوي (7)، والعمراني (8)، وغيرهم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1) في (المحلي 7/ 246).
(2)
في (كتاب الإجماع ص 17).
(3)
في (المغني 5/ 146).
(4)
في (المحلي 10/ 350).
(5)
الإجماع لابن المنذر ص 34.
(6)
الحاوي للماوردي 8/ 110.
(7)
شرح السنة للبغوي 8/ 347.
(8)
البيان للعمراني 3/ 704.
صفحة فارغة
شروط صحة الظهار
للدكتور / خالد بن علي بن محمد المشيقح (1)
المقدمة:
إن الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأستغفره، وأعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} (4){يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (5).
(1) أستاذ مشارك بكلية الشريعة وأصول الدين بالقصيم.
(2)
سورة آل عمران الآية 102
(3)
سورة النساء الآية 1
(4)
سورة الأحزاب الآية 70
(5)
سورة الأحزاب الآية 71
أما بعد:
فإن من تمام نعم الله وعظيم منته أن هدى هذه الأمة إلى هذا الدين القويم، والصراط المستقيم الذي به تصلح نفوسهم، وتهذب أخلاقهم، وتنظم معاملاتهم، ويصح سلوكهم وتقوم حياتهم وفق توجيه قرآني وهدي نبوي تضمنا علما هو أجل العلوم قدرا، وأعلاها فخرا، وأبلغها فضيلة وأشرفها مكانة، وهو علم الشرع الشريف وبيان أحكامه وتفصيل حلاله وحرامه.
كل ذلك ليقوم العباد بالحق الذي من أجله خلقوا؛ وهو عبادته على الوجه الذي ارتضى لهم، قال الله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1)، وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (2) وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (3).
ولقد شرع الله عز وجل الزواج بين الذكر والأنثى، لما يترتب على ذلك من مصالح عظيمة منها: الاستجابة لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وموافقة الفطرة، وتكثير الأمة، وتحقيق مباهاة
(1) سورة الذاريات الآية 56
(2)
سورة الحج الآية 77
(3)
سورة البينة الآية 5
النبي صلى الله عليه وسلم، وحفظ المجتمع، والأعراض والأنساب، والفروج والأبصار، وسعادة الجنسين، وغير ذلك مما لا يخفى، ورتب لهذا الاقتران بين الجنسين أحكاما كثيرة، منها أحكام الظهار.
ولما كانت الحاجة قائمة إلى تبيين أحكام هذا الباب من كلام أهل العلم المعتمد على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقوال صحابته، ولم أقف على مؤلف جامع لمسائل هذا الباب، فقمت بجمع مسائله وقد أفردت منه في هذه الكتابة مبحث:(شروط صحة الظهار) وقد تضمن هذا البحث ما يلي:
المقدمة:
التمهيد، وفيه مطالب:
المطلب الأول: تعريف الشروط في اللغة والاصطلاح.
المطلب الثاني: تعريف الظهار في اللغة والاصطلاح.
المطلب الثالث: حكمه وأدلته.
المبحث الأول: شروط صحة الظهار.
المبحث الثاني: تأقيت الظهار.
المبحث الثالث: تعليق الظهار.
هذا وقد سلكت في كتابته المنهج العلمي المتعلق بتحرير مذاهب الأئمة من كتبهم، وذكر أدلتهم، مع ترقيم الآيات القرآنية، وتخريج الأحاديث والآثار. . . إلخ.