الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: مصادر المستشرقين في الكتابة عن التفسير
تختلف المصادر التي اعتمدها المستشرقون للكتابة عن التفسير، تبعا لعدة عوامل منها: تفرغهم " للدراسات القرآنية "، وإلمامهم بمختلف اللغات الأوربية، وأخيرا اطلاعهم على الآداب العربية؛ فالملاحظ أن أولئك الذين يكتبون في مختلف العلوم الإسلامية يطغى عليهم اختصار مؤلفات سابقيهم؛ أما مسألة الإلمام باللغات الأوربية فيظهر أثره بالنظر إلى أن إصدارات الحركة الاستشراقية المتصلة بالتفسير موزعة بين تآليف مكتوبة بالألمانية والفرنسية والإنجليزية، وترجمة هذه التآليف من إحدى هذه اللغات إلى أخرى قليل مقارنة بنشاط الترجمة في مختلف المعارف بالغرب. .، وأما العامل الأخير، وهو الاطلاع على الآداب العربية، فالمقصود بذلك ليس الإلمام بها، إذ الغالبية العظمى من المستشرقين لا يتكلمون العربية أصلا، وقلة منهم يفهمون ما يقال بالعربية بصعوبة، وحتى أكثرية أولئك الذين نشأوا، وعاشوا في البلاد العربية لا تخفى الصعوبة التي تعترضهم حين يتعاملون مع الكتاب العربي.
وحين نبحث في المصادر المعتمدة لدراسة التفسير عند المستشرقين؛ نجد بأن أكثرها مراجع وسيطة تتشكل بالأساس من تلك المؤلفات التي نشرها المستشرقون أنفسهم، وقد يحيل بعضهم إلى بعض مصادر ومراجع عربية.
تبعا لذلك، فالبحث في مصادر كتابات عن التفسير يتطلب
تقسيم هذه الكتابات إلى قسمين:
الأول منها: كتابات اعتمد مؤلفها الإحالة على مصادر ومراجع بالعربية لم تترجم إلى اللغات الأوربية، وهي قليلة نسبيا، من هذه الكتابات الاستشراقية " مذاهب التفسير الإسلامي " المنشور في ليدن 1920 م، ومنها أيضا مادة " قرآن " ضمن الموسوعة الإسلامية، الطبعة الثانية مكتبة بريل ليدن 1981 م.
القسم الثاني: كتابات استشراقية اهتمت بالتفسير، وكانت عالة على التراث الاستشراقي نفسه، وهذا القسم هو الأكثر، وقد تجسد هذا القسم بخاصة في المادتين اللتين حررتا عن "تاريخ التفسير"، وعن "القرآن والدراسات المعاصرة"، ونشرتا ضمن الموسوعة الكونية طبعة 1990 م، حيث نجد لائحة مراجع المادة تتضمن عشرين مرجعا، كلها بدون استثناء من كتابات المستشرقين أو تلامذتهم بشتى اللغات الأوربية.
ولتقييم مدى استفادة القسم الأول من هذه الكتابات من المصادر العربية، فإنه مما لا يخفى على المتبع أن هذه الاستفادة كانت محكومة بتوجهات المستشرقين، وتصوراتهم الخاصة للقرآن وتفسيره، فجولد تسيهر - مثلا- في كلامه عن القراءات القرآنية ضمن الفصل الذي خصصه "للمرحلة الأولى للتفسير" نجده يحيل في توثيق القراءات إلى الكشاف للزمخشري (1)، وهذا الكتاب رغم أنه من كتب التفسير
(1) انظر: على سبيل المثال: مذاهب التفسير ص 14 هـ 1، ص 21هـ 3، ص 23هـ 1، ص 24هـ 2.
إلا أنه ليس مصدرا للقراءات، وقد نجد الزمخشري يتعصب للقراءة المردودة والشاذة، لا لشيء إلا لأنها تنصر مذهبه، فالمستشرق يستغل هذا الجانب؛ ولهذا الغرض أيضا وجدنا المستشرقين ينشرون (شواذ القراءات) لابن خالويه، و (كتاب المصاحف) لابن أبي داود.
وفي هذا السياق أيضا وجدناهم يختارون من كتب علوم القرآن (الإتقان) للسيوطي حيث نشره النمساوي شبرنجر ت 1893 م، وكان المستشرقون يستندون في مطاعنهم إلى تلك الروايات الواهية التي ذكرها السيوطي.
نخلص من خلال تتبع الأمثلة السابقة إلى أن رجوع بعض المستشرقين للمصادر العربية للتفسير كان محكوما بتصوراتهم الخاصة عن القرآن، فلم تفدهم هذه المصادر من الناحية المعرفية في شيء، وأحيانا نجدهم يتعمدون الكذب، وينسبونه لهذه الكتب، وقد وجد من هؤلاء المستشرقين من لم يعرف العربية، ولم يرجع إلى المصادر، لكنه وجد بين يديه ركاما من كتابات أسلافه، فاعتمده وسعى