الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هؤلاء وغيرهم في مجال الدراسات القرآنية، فقد خيل إليهم أنهم أصبحوا مؤهلين ليس للكتابة في اتجاهات التفسير ومناهجه فحسب، بل أيضا في إمكانهم التصدي لتفسير القرآن نفسه.
ولإضفاء شكل من الموضوعية العلمية الكاذبة على مشروعهم للتفسير، وحتى لا يتهموا بالخوض بآرائهم الكليلة وتصوراتهم المدخولة في القرآن، وهم دعاة " البحث العلمي المنهجي "، فقد تضافرت جهودهم من أجل اقتراح منهج استشراقي للتفسير، وحررت أصول هذا المنهج من قبل المستشرق كلود كايو الذي نشرها في الطبعة الإنجليزية للموسوعة الكونية، ويقوم هذا المنهج على ثلاث خطوات: الأولى: إعادة البحث في تاريخ المصحف الشريف. والثانية: إعادة تفسيره اعتمادا على ما يصطلح عليه بالعلوم الإنسانية المعاصرة كما هي بالغرب. الخطوة الثالثة: القيام بدراسة نقدية لأمهات التفاسير التي يعتمدها المسلمون.
وللحقيقة لا يدري القارئ المسلم الذي له دراية بعلم التفسير وتاريخه كيف سينجز المستشرقون هذا المشروع؟ ومتى؟ ومن سيقوم بإنجازه والإشراف عليه؟ هذا دون أن نتساءل اليوم عن أسباب ذلك والغاية المقصودة منه؟!
المطلب الأول: دعوة المستشرقين إلى توثيق النص القرآني
وهذه هي الخطوة الأولى في منهجهم المقترح، وتقتضي مراجعة تاريخ المصحف الشريف حيث يتطلعون بالدرجة الأولى إلى
مرحلة جمع المصحف العثماني، والذي يتتبع الكتابات الاستشراقية بخصوص هذا الموضوع لا بد أن يستشف الغاية التي يرغبون الوصول إليها، وهي تحديدا: إمكانية التصرف في القرآن الكريم حذفا وزيادة، وفي سبيل هذه الغاية اتجهت كتاباتهم كما لا يخفى على أحد إلى الاهتمام بثلاث مجالات لا زالوا " يبحثون فيها حتى أيامنا الراهنة:
الأول منها: تتبع مصادر القراءات الشاذة والمنكرة والاحتفال بها، والعمل على نشرها. .
الثاني: بذل الجهد لدى بقايا مختلف طوائف الضلال من باطنية العصر الراهن، وجمع تراثهم وأضاليلهم التي يدعونها على المصحف، واهتم المستشرقون ببقايا الإسماعيلية - على الخصوص- في شمال الهند ولبنان وجبال العلويين قرب اللاذقية بسوريا حيث استقرت الطائفة النصيرية منهم.
المجال الثالث: تطلع المستشرقون من خلال هذا المشروع إلى إعادة تشكيل مصحف جديد يعتمد الترتيب النزولي حتى يتسنى لهم إدماج مختلف الضلالات فيه، ورغم استحالة هذا العمل لانقطاع الرواية في شأن زمن نزول الكثير من مقاطع القرآن، فإن هذا الترتيب النزولي استهوى - ولا زال- الكثيرين ممن تهفوا نفوسهم- التي غلبها التعصب- إلى إعادة تشكيل مصحف جديد للمسلمين!!!
أما الأسباب التي برر بها هؤلاء دعوتهم لمراجعة المصحف فهي:
أولا: طريقة جمع المصحف على عهد عثمان رضي الله عنه حيث يريد المستشرقون بحث المنهج الذي اتبعه المسلمون للتفريق بين القراءات المتواترة والمشهورة وغيرها من القراءات الشاذة التي استبعدت من المصحف، ويدعي هؤلاء أن الفصل في هذه المسألة لم ينته بعد (1).
ثانيا: أن المصحف العثماني الذي تلقاه المسلمون حتى اليوم لم يكن تدوينه كاملا، لذلك احتاج فيما بعد إلى آراء الفقهاء لبيان الناسخ والمنسوخ، وذلك حرصا على بعض التشريعات التي لم يتضمنها المصحف كعقوبة الرجم.
(1) C. Gilliot، ' exege du Coran in Ency. Universalis، Cor 6P:547.