الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استجمر فليوتر (1)».
قال ابن حجر في فتح الباري 1/ 262: " المراد بالاستنثار في الوضوء التنظيف لما فيه من المعونة على القراءة؛ لأن بتنقية مجرى التنفس تصح مخارج الحروف ".
(1) أخرجه البخاري في صححيه، "فتح الباري"، كتاب الوضوء، باب الاستنثار في الوضوء 1/ 262.
المبحث الخامس: العناية الصحية بالسبيلين:
السبيلان هما مخرجا البول والغائط وأكد الطب الحديث على أنهما أكثر الأسباب المؤدية لنقل العدوى والمرض وذلك عند إهمال نظافتها والعناية بهما.
فمعظم الأمراض الهضمية وغيرها تنتقل بسبب الغائط والبول ويؤكد الطب في عصرنا على أن البول والغائط هما الحاملان للجراثيم ولذا يعتمد على تحليلها في تحديد المرض وتشخيصه.
ولهذا أولى الإسلام السبيلين عناية فائقة وبين الطب أنها أساس صحي لا غنى للمرء عنه وذلك يتمثل فيما يلي:
1 -
نظافتهما وإزالة ما يعلق بهما بعد كل مخرج وهذا يسمى عند الفقهاء بالاستنجاء ويتحقق بنظافة المخرج بالماء وحصول الإنقاء وهذا واجب على المسلم وقد جاء الحث عليه في
مواضع عدة منها:
ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي معاذ قال: سمعت أنس بن مالك يقول: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج لحاجته أجيء أنا وغلام معنا إداوة من ماء. يعني يستنجي به (1)» .
وعن ابن عباس رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الخلاء فوضعت له وضوءا قال: من وضع هذا؟ فأخبر، فقال: اللهم فقهه في الدين (2)» .
وأخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث عويم بن ساعدة الأنصاري أنه حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد قباء فقال: «إن الله تبارك وتعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم فما هذا الطهور الذي تطهرون به؟ قالوا: والله يا رسول الله ما نعلم شيئا إلا أنه كان لنا جيران من اليهود فكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط فغسلنا كما غسلوا، وفي رواية: نتبع الحجارة بالماء، فقال: هو ذاك فعليكموه (3)» .
(1) صحيح البخاري بشرح فتح الباري، كتاب الوضوء، باب الاستنجاء بالماء 1/ 250.
(2)
صحيح البخاري بشرح فتح الباري، كتاب الوضوء، باب وضع الماء عند الخلاء 1/ 244.
(3)
مسند الإمام أحمد ج 3/ 422.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء فإن استحييتم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله (1)» . وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
قال الترمذي: " وعليه العمل عند أهل العلم: يختارون الاستنجاء بالماء وإن كان الاستنجاء بالحجارة يجزئ عندهم فإنهم استحبوا الاستنجاء بالماء ورأوه أفضل وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق "(2).
فإن عدم الماء وجب الاستجمار وهو تنظيف المخرج بالحجارة ونحوها شريطة الإنقاء وأن يكون وترا وأن يكون الاستجمار بكل شيء طاهر وتحريم الاستجمار بالروث وكل شيء نجس.
وأخرج البخاري في صحيحه من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر، ومن استجمر فليوتر، وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده (3)» .
(1) أخرجه الإمام الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الاستنجاء بالماء 1/ 25.
(2)
أخرجه الإمام الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الاستنجاء بالماء.
(3)
صحيح البخاري بشرح فتح الباري، كتاب الوضوء، باب الاستجمار وترا 1/ 263.
بل يستحب اتباع الحجارة بالماء عند توفره، كما جاء في الحديث السابق. كما حرص الإسلام على نظافة اليدين بعد الاستنجاء بغسلهما أو تنقيتها بالتراب.
وروي «أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فلما استنجى دلك يده في الأرض (1)» .
وأخرج النسائي من حديث جرير قال: «كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فأتى الخلاء فقضى حاجته ثم قال: يا جرير هات طهور فأتيته بماء فاستنجى وقال بيده فدلك بها الأرض (2)» .
وفي هذا تطهير لليد ومنع انتقال الجراثيم إلى الجسم.
ويعد التعقيم بالتراب من أقوى أمور التطهير.
وأخرج مسلم في صحيحه، من طريق ابن عباس قال: حدثتني خالتي ميمونة قالت: «أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة فغسل كفيه مرتين أو ثلاثا ثم أدخل يده في الإناء ثم أفرغ به على فرجه، وغسله بشماله ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكا شديدا ثم توضأ وضوءه للصلاة ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات (3)» . ومن نظافة السبيلين ما يلي:
(1) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحيض، باب صفة غسل الجنابة 1/ 210 من طريق ابن عباس عن خالته ميمونة رضي الله عنها.
(2)
أخرجه النسائي في كتاب الطهارة، باب دلك اليد بالأرض بعد الاستنجاء 1/ 45.
(3)
أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحيض، باب صفة غسل الجنابة 1/ 210.
أ - حلق العانة (1):
تتميز منطقة العانة والشرج بوجود غدد تسمي " الغدد العرقية المفرزة " مفرزة للعرق لا تنمو إلا بسن البلوغ ولهذه الغدد رائحة خاصة مميزة تميز رائحة كل شخص فتكاثف الشعر وبقاؤه مع ما تفرزه الغدد من عرق يكون رائحة كريهة تكون سببا لنمو الجراثيم والميكروبات التي تفتك بالإنسان (2).
كما أن عدم العناية بهذه المنطقة يؤدى إلى نمو جرثومة تحت الشعر تخترق الجلد وهي بحمد الله لا توجد لدى من يحلق الشعر أو يزيله كما أن عن طريق شعر العانة ينتقل التيفؤس الوبائي والذي ينتقل عن طريق قمل الجلد والعانة حيث تشرع القملة في تناول غذائها وتفرز فضلاتها على الموضع الذي وخزته فتسبب الأحياء الدقيقة المفرزة في تلوث الموضع حيث تبدو أعراض المرض بعد أسبوعين على شكل حمى وألم ثم تتبعها اندفاعات قرنفلية على الجذع (3).
لهذا جاء الإسلام في الحث على حلق شعر العانة أخرج البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن
(1) العانة: هي الشعر الغليظ حول الفرج.
(2)
الطب الوقائي بين العلم والدين للدكتور نضال سميح ص 22.
(3)
الطب الوقائي في الإسلام، عادل دبور وآخرون ص 167.
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظافر وقص الشارب (1)» .
بل حدد الإسلام وقتا لحلقها أخرج مسلم بسنده من طريق جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك، قال: قال أنس: «وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة، أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة (2)» .
ب - الختان:
الختان هو: قطع قلفة الذكر وهي الجلدة التي تستر الحشفة (رأس القضيب)، والختان له أثر صحي أثبته الطب الحديث. من ذلك:
يتخلص المرء من الإفرازات وتراكمها على الحشفة التي تتسبب في تولد الجراثيم بسبب تخمر الإفرازات من البول وغيره.
إن سرطان القضيب نادر جدا فيمن يختتن وكذلك الإصابة بسلس البول الليلي (3).
وقد عد الرسول صلى الله عليه وسلم الختان من الفطرة كما جاء في الحديث السابق «خمس من الفطرة وذكر منها الختان (4)» .
(1) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب اللباس، باب يقلم الأظفار 7/ 56.
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة 1/ 222.
(3)
الطب الوقائي في الإسلام، عادل دبور وآخرون ص 214.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة 1/ 223.
هذا في حق الرجل أما في حق المرأة فيسمى خفضا وذلك بقطع جلدة تكون في أعلى فرجها فوق مدخل الذكر كالنواة أو كعرف الديك وهو ليس على الوجوب في حق النساء عند الإمام أحمد وفي وجه للشافعية، وذهب أكثر العلماء وبعض الشافعية بعدم وجوبه على النساء واستدلوا بحديث شداد بن أوس رفعه:«الختان سنة للرجال مكرمة للنساء (1)» .
وقد حذر الإسلام من عدم التحرز من البول أخرج البخاري في صحيحه من طريق مجاهد عن طاوس قال ابن عباس رضي الله عنهما: «مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير. ثم قال: بلى، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله قال: ثم أخذ عودا رطبا فكسره باثنتين. ثم غرز كل واحد منهما على قبره ثم قال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا (2)» .
وقد حرم الإسلام التقاء الختانين ببعضهما في حالة الحيض والنفاس وذلك لما تتأذى به المرأة وسيأتي الكلام عليه في مبحث العناية بالصحة الجنسية.
(1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري 10/ 340.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب عذاب القبر من الغيبة والبول (فتح الباري بشرح صحيح البخاري) 3/ 242.