الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج: ليس على الأولاد صلاة للوالدين بعد الوفاة، ولا غيرهما، وإنما يشرع الدعاء لهما، والاستغفار لهما، والصدقة عنهما، وهكذا الحج عنهما والعمرة. أما الصلاة فلا يشرع لأحد أن يصلي عن أحد أو لأحد، وإنما يصلى على الميت المسلم قبل الدفن، ومن لم يصل عليه قبل الدفن شرع له أن يصلي عليه بعد الدفن إذا كانت المدة لا تزيد على شهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر أم سعد بن عبادة وقد مضى لها شهر.
وهكذا سنة الطواف، وهي: ركعتان بعد الطواف تشرع لمن طاف، ومن ذلك الحاج أو المعتمر عن الغير فإنه يشرع له إذا طاف عن المنوب عنه أن يصلي ركعتين تبعا للطواف. والأصل في هذا كله أن العبادات توقيفية، لا يشرع فيها إلا ما ثبت في الكتاب أو السنة. والله ولي التوفيق.
إهداء تلاوة القرآن الكريم للآخرين
س: هل يجوز أن أختم القرآن الكريم لوالدي، علما بأنهما أميان لا يقرآن ولا يكتبان؟ وهل يجوز أن أختم القرآن لشخص يعرف القراءة والكتابة ولكن أريد إهداءه هذه الختمة؟ وهل يجوز لي أن أختم القرآن لأكثر من شخص؟ (1).
(1) نشرت في (مجلة الدعوة) العدد (1642) في 25/ 1 / 1419 هـ.
ج: لم يرد في الكتاب العزيز، ولا في السنة المطهرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن صحابته الكرام رضي الله عنهم ما يدل على شرعية إهداء تلاوة القرآن الكريم للوالدين ولا لغيرهما، وإنما شرع الله قراءة القرآن للانتفاع به، والاستفادة منه، وتدبر معانيه والعمل بذلك، قال تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (1)، وقال تعالى:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (2)، وقال سبحانه:{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (3)، وقال نبينا عليه الصلاة والسلام:«اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه (4)» ، ويقول صلى الله عليه وسلم:«إنه يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما (5)» .
(1) سورة ص الآية 29
(2)
سورة الإسراء الآية 9
(3)
سورة فصلت الآية 44
(4)
رواه مسلم في (صلاة المسافرين وقصرها) باب فضل قراءة القرآن برقم (804).
(5)
رواه مسلم في (صلاة المسافرين وقصرها) باب فضل قراءة القرآن برقم (805).
والمقصود أنه أنزل للعمل به وتدبره والتعبد بتلاوته والإكثار من قراءته لا لإهدائه للأموات أو غيرهم، ولا أعلم في إهدائه للوالدين أو غيرهما أصلا يعتمد عليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» .
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك وقالوا: لا مانع من إهداء ثواب القرآن وغيره من الأعمال الصالحات، وقاسوا ذلك على الصدقة والدعاء للأموات وغيرهم، ولكن الصواب هو القول الأول؛ للحديث المذكور، وما جاء في معناه، ولو كان إهداء التلاوة مشروعا لفعله السلف الصالح، والعبادة لا يجوز فيها القياس؛ لأنها توقيفية لا تثبت إلا بنص من كلام الله عز وجل، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم للحديث السابق وما جاء في معناه.
أما الصدقة عن الأموات وغيرهم، والدعاء لهم، والحج عن الغير ممن قد حج عن نفسه، وهكذا العمرة عن الغير ممن قد اعتمر عن نفسه، وهكذا قضاء الصوم عمن مات وعليه صيام، فكل هذه العبادات قد صحت بها الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان المحجوج عنه والمعتمر عنه ميتا أو عاجزا لهرم أو مرض لا يرجى برؤه. والله ولي التوفيق.
(1) رواه البخاري معلقا في كتاب (البيوع) باب النجش 4/ 355 فتح، ومسلم في (الأقضية) باب نقض الأحكام الباطلة برقم 1718.