الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما تكون بالنفس، ومن العجز أيضا ما يكون بسبب المال فهنا لا يجب عليه الحج، فمن المعلوم أن الحج له كلفة ومئونة فمن لم يقدر عليها يكون غير مستطيع للحج فلا يجب عليه، وأولى من هذا من عجز بماله وبدنه فإن هذا لا يجب عليه الحج.
وهذان الصنفان يبقى الحج في ذممهما إلى أن يوسرا فمتى استطاع بالمال وجب عليه الحج أو التوكيل وإن لم يقدر حتى مات فلا شيء عليه لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (1) وقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، ولا ينبغي للمسلم أن يكلف نفسه ما لا يطيق من الديون ونحوها حتى يحج، بل إن استطاع الحج فيجب عليه المبادرة به وإن لم يستطع وعجز فهو معذور والحمد لله، فإن تكلف مع ذلك وحج فقد أجزأه وصح حجه.
(1) سورة البقرة الآية 286
(2)
سورة التغابن الآية 16
س: من الأمور الملاحظة أثناء الطواف
التزام بعض الطائفين أدعية معينة يقرءونها من كتيبات
فهل للطواف دعاء خاص به؟
ج: جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهر رد (1)» ، وفي الصحيحين عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم
(1) صحيح البخاري الصلح (2697)، صحيح مسلم الأقضية (1718)، سنن أبو داود السنة (4606)، سنن ابن ماجه المقدمة (14)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 256).
قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)» ، ومعنى (رد) أي مردود عليه، فيكون باطلا غير معتد به، وهذا الحديث أصل في رد كل البدع.
وهذه الأدعية المعينة التي تقال في الطواف بحيث يجعل لكل شوط دعاء ونحو ذلك، لا أصل لها ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم من الأدعية المعينة في الطواف إلا قوله بين الركنين {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (2) والمشروع له في الطواف الاشتغال بالذكر والدعاء وتلاوة القرآن من غير تعيين أدعية وأذكار يلتزمها في مواضع من طوافه.
(1) صحيح البخاري الصلح (2697)، صحيح مسلم الأقضية (1718)، سنن أبو داود السنة (4606)، سنن ابن ماجه المقدمة (14)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 256).
(2)
سورة البقرة الآية 201
س: من الحجاج من يرفع صوته بالدعاء سواء في الطواف أو السعي أو غيرهما، ما حكم ذلك؟
ج: رفع الصوت بالذكر مشروع في مواضع منها رفع الصوت بالتلبية، فالحاج إذا لبى رفع صوته وكذلك رفع الصوت بالذكر عقيب الصلاة ونحو ذلك، هذا كله ثابت بالسنة، أما حال الطواف والسعي فلا أعلم أصلا لرفع الصوت بالدعاء في تلك الحال بل لعل المشروع خفض الصوت لحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا إذا أشرفنا على واد أهللنا وكبرنا وارتفعت أصواتنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
" يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنه معكم إنه سميع قريب تبارك اسمه وتعالى جده (1)» أخرجه البخاري. قال الطبري رحمه الله: " فيه كراهة رفع الصوت بالدعاء والذكر وبه قال عامة السلف من الصحابة والتابعين ".
(1) صحيح البخاري الجهاد والسير (2992)، صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2704)، سنن الترمذي الدعوات (3374)، سنن أبو داود الصلاة (1526)، سنن ابن ماجه الأدب (3824)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 419).
س: ظاهرة الدعاء الجماعي من الظواهر الملحوظة ولا سيما في الطواف أو السعي أو في المشاعر، هل لذلك أصل، وهل يعذر من لا يحسن الدعاء؟
ج: الدعاء على هذه الصفة غير مشروع؛ لأنه لم ينقل، والتعلل بأنه لا يحسن الدعاء غير مبرر لهذا العمل، لأنه لا يشرع في الطواف دعاء مخصوص بل يدعو العبد بما أحب من خيري الدنيا والآخرة، وإن عجز عن الدعاء فلن يعجز أن يقول: اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار فإنه قد «قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم حين سأله: كيف تقول في الصلاة؟ قال: أتشهد وأقول: اللهم إني أسالك الجنة وأعوذ بك من النار. أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " حولها ندندن (1)» . وكل هذه أمور يدركها آحاد المسلمين والله سبحانه لا يشرع لعباده إلا ما يطيقون، فالواجب الاتباع والتأسي فليس الشأن بكثرة الدعاء وطوله وتحسين ألفاظه، لكن الشأن في صلاح القلب والقول والعمل وموافقة السنة.
(1) سنن أبو داود الصلاة (792)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 474).