الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستقامة، وكذلك إذا نقص الإيمان نقصت الاستقامة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، ولا يدخل رجل الجنة لا يأمن جاره بوائقه (1)» .
فوجود الإيمان أولا يشعر الشاب بأن الله سبحانه وتعالى يسمع ويرى، ويوضح ابن قيم الجوزية أثر الإيمان على الإنسان بقوله:(إذا علم الإنسان بتفرد الرب تعالى بالضرر، والنفع، والعطاء، والمنع، والرزق، والإحياء، والإماتة، يثمر له عبودية المتوكل عليه باطنا، ولوازم التوكل وثمراته ظاهرا، وعلمه بسمعه تعالى وبصره، وعلمه أنه لا يخفى عليه مثقال ذرة في السماوات والأرض، وأنه يعلم السر وأخفى، ويعلم خائنة الأعين، وما تخفى الصدور، يثمر له حفظ لسانه، وجوارحه، وخطرات قلبه، عن كل ما لا يرضى الله)(2).
(1) حديث ابن حنبل، 3/ 198.
(2)
ابن القيم الجوزية، مفتاح دار السعادة 2/ 90.
2 -
جزاء الاستقامة:
استقامة المسلم في هذه الحياة له جزاء من الله عز وجل، وهذا الجزاء أثر ناتج عن اتباع الاستقامة، ويتضح ذلك في الآيتين الكريمتين، قال الله تعالى
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} (1). قال ابن جرير في تفسيره أي " إن الذين قالوا ربنا الله، وحده لا شريك له، وبرئوا من الآلهة والأنداد - ثم استقاموا - على توحيد الله ولم يخلطوا توحيد الله بشرك غيره به وانتهوا إلى طاعته فيما أمر به ونهى، تتهبط عليهم الملائكة عند نزول الموت بهم "(2).
قال البيضاوي في تفسيره لهذه الآية: (فما يعن لهم بما يشرح صدورهم ويدفع عنهم الخوف والحزن، أو عند الموت أو الخروج من القبر)(3). وهذه الآية هي وعد للمؤمنين وعد بالآثار الطيبة والجوائز الربانية من الله عز وجل، وكلما كان المرء أشد استعدادا كان أسرع فوزا بفضل الله تعالى (4).
وقال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: (أي اعترفوا ونطقوا، ورضوا بربوبية الله تعالى، واستسلموا لأمره، ثم استقاموا على الصراط المستقيم علما، وعملا، فلهم البشرى في الحياة الدنيا، وفي الآخرة)(5)
(1) سورة فصلت الآية 30
(2)
الطبري تفسير الطبري 6/ 465.
(3)
البيضاوي، تفسير البيضاوي 2/ 353.
(4)
ابن عطية، المحرر الوجيز 5/ 14.
(5)
السعدي عبد الرحمن، تيسير الكريم الرحمن 7/ 84.
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (1){أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2).
قال ابن جرير في تفسيره " إن الذين قالوا ربنا الله - الذي لا إله غيره - ثم استقاموا - على تصديقهم بذلك فلم يخلطوه بشرك، ولم يخالفوا الله في أمره ونهيه - فلا خوف عليهم - من فزع يوم القيامة وأهواله - لا هم يحزنون - على ما خلفوا وراءهم بعد مماتهم "(3).
وقال ابن عطية، في تفسير هذه الآية:(إن الله عز وجل أخبر عن حسن حال المسلمين، ورفع عنهم الخوف والحزن؛ لأنهم استقاموا بالطاعات، والأعمال الصالحة)(4).
فهذا أثر واضح للاستقامة فالذين استقاموا بالأعمال الصالحة والطاعات، حالهم تكون حسنة، ويرفع عنهم الخوف والحزن.
قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: (أي إن الذين أقروا بربهم، وشهدوا بالوحدانية، والتزموا طاعته وداوموا
(1) سورة الأحقاف الآية 13
(2)
سورة الأحقاف الآية 14
(3)
الطبري، تفسير الطبري 7/ 14.
(4)
ابن عطية، المحرر الوجيز 5/ 96.