الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن قال: ولقد أحسن من قال:
وإذا تذللت الرقاب تواضعا
…
منا إليك فعزها في ذلها (1)
وقيل: {وَاقْتَرِبْ} (2) أي: واقترب يا أبا جهل من النار. والأول أولى (3).
وفي قوله تعالى: واقترب تشريف لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتخصيصه بالقرب من الله عز وجل (4).
والحكمة من السجود هنا - والله أعلم - التأسي برسول الهدى صلى الله عليه وسلم حيث سجد في هذه السورة، وسجد معه أصحابه رضي الله عنهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:«سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في و (7)»
(1) الجامع لأحكام القرآن 20/ 128.
(2)
سورة العلق الآية 19
(3)
انظر: التفسير الكبير 32/ 26، وفتح القدير 5/ 470.
(4)
انظر التفسير الكبير 32/ 118، وأسرار ترتيب القرآن، للسيوطي 163.
(5)
صحيح مسلم. كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب سجود التلاوة 1/ 406.
(6)
سورة الانشقاق الآية 1 (5){إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}
(7)
سورة العلق الآية 1 (6){اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}
الخاتمة
وبعد هذه الوقفات مع أحكام سجدات القرآن وتوجيهاتها نستعرض في ختام المطاف أبرز النتائج والفوائد منها:
1 -
السجود لله عز وجل من أشرف العبادات، وأجل
الطاعات، وأقصى علامات التذلل لفاطر الأرض والسماوات، بل أقرب ما يكون العبد الضعيف من الخالق العظيم حال السجود.
2 -
سجدات القرآن التحقيق أنها خمسة عشر موضعا من كتاب الله عز وجل كما سبق.
3 -
سجود التلاوة ليس صلاة ولا يشترط له ما يشترط للصلاة من الطهارة والقبلة وغيرهما لعدم ورود خبر بذلك، والأصل في العبادات التوقيف.
4 -
ثبت من أذكار السجود ذكران هما: «سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، فتبارك الله أحسن الخالقين (1)» . و «اللهم اكتب لي بها عندك أجرا، وضع عنى بها وزرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وتقبلها منى كما تقبلتها من عبدك داود (2)» .
5 -
آيات السجود في القرآن على أقسام فهي: إما أمر بالسجود لله عز وجل، أو وصف لحال عباد الله الخاشعين الساجدين لله عز وجل، أو ذكر للمعرضين عن السجود لله جل جلاله وتقدست أسماؤه.
6 -
أشرف خلق الله عز وجل من الملائكة العظام والرسل الكرام والأولياء والصالحين لا يستكبرون عن السجود لله عز وجل
(1) صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (771)، سنن الترمذي الدعوات (3423)، سنن أبو داود الصلاة (760)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 95).
(2)
سنن الترمذي الجمعة (579).
والإذعان لعظمته والتقرب لرحمته.
7 -
السجود لا يجوز أن يصرف إلا لله وحده لا شريك له، لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل ولا لخلق من خلقه قال تعالى:{لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (1)
(1) سورة فصلت الآية 37
صفحة فارغة
تحصين الشباب من الغزو الفكري
لمعالي الدكتور / محمد بن سعد الشويعر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. . وبعد:
فإن الصراع بين الحق والباطل مستمر، فالحق قد أبانه الله سبحانه، وأوضح القرآن الكريم معالمه التي يسترشد بها من أنار الله عقله، وفتح على بصيرته.
والباطل قد جعل الله على دربه أعوانا من شياطين الجن والإنس، يزينون للناس سلوكه، ويمهدون لهم حسن الاتباع؛ لأنه لا يحلو لهم إلا جذبهم إلى حمأة هذا الباطل بالغين في سبيل ذلك نهاية الغواية. يقول الله جل وعلا لرسوله الكريم، محذرا له، وأمته بالتبعية، من الركون لأهل الباطل، والانقياد لشبههم وأقوالهم، أو الاستماع لمعسول كلامهم؛ لما وراء ذلك من شرور وآفات، تباعد عن الحق الذي يوجه إليه داعي الهدى.
وذلك في آيات كثيرة من كتاب الله الكريم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه. من ذلك قوله جل وعلا في سورة الأنعام، ضمن آيات تحاور أهل الباطل وترد على شبهاتهم:{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} (1). والشباب الذين قد تفتحت مداركهم على العلوم المختلفة، واستعدوا لتحمل المسئولية في الحياة، نحو أنفسهم ومن حولهم، ونحو دينهم وتوجيه أمتهم، يجب الاهتمام بهم، وإعانتهم على تخطي الصعاب المعترضة.
ذلك أن الشباب الذين هم الجوهرة الثمينة في جيد الأمة، والنجمة الساطعة في سمائها، هم في أمس الحاجة إلى النصح لهم، والمحافظة عليهم، ورعايتهم وتوجيههم، ضد الغزو الفكري، التي تتسع دائرته بين وقت وآخر، ويعرض بأساليب وشبهات.
ذلك الغزو الموجه من أعداء دينهم، الذين لا يريدون بهم خيرا، بل يثيرون الشكوك، حتى يباعدوا بينهم وبين دينهم بالشبهات، وقلب الحقائق. . في غزو فكري، يجعل بين الشباب، وبين تعاليم الإسلام، هوة سحيقة، ويجعلون بينهم وبين العلماء وولاة الأمر، عقبات كأداء، يتجسم أمام الشباب تخطيها.
(1) سورة الأنعام الآية 116
وإن في الاهتمام بتحصين عقول الشباب ضد ذلك الغزو الموجه، لمما يتوفر للأمة به - بتوفيق الله - جيل صالح، يعين على تخطي العقبات، وينشط معه البناء والتعمير في عقول الشباب: حصانة وتعليما، للوقوف أمام تيارات الأفكار الموجهة.
والأمم تحرص على الاهتمام والعناية بالشباب، وتبذل في سبيل رعايتهم وتعليمهم، الشيء الكثير من جهدها ومالها ونشاطها. . لأنها ترى من الضرورة المحافظة على صيانة وسلامة تلك الدرة الثمينة، في فترة التفتح، وإبان النظارة؛ لأنهم مناط الأمل، وركيزة التصدي - بعد توفيق الله - لكل ما فيه دفاع عن دين الله، ورد للشبهات التي تثار بين حين وآخر.
لكن هل حققت كثير من الأمم ما تريده من الأماني، وما ترجوه من ثمرة، وخاصة في المجتمعات الإسلامية، التي يصارع أبناؤها تيارات فكرية عديدة، موجهة نحو شبابها، ومقصود من وراء ذلك تصيد عقولهم بالشبهات، في محاولة لطمس معالم الإسلام، ونكران أثر حضارته على البشرية، وخاصة أثر هذه الحضارة المشرقة على الغرب. .؟؟!! ومن ثم تحصل الآثار السيئة في المجتمع، وهذا ما يهدف إليه الأعداء.
ذلك ما نرجوه للأمة الإسلامية، بأن تكون قد أخذت بالأسباب، في تنشيط عقول الشباب، حتى يتصدوا للغزو الفكري،
الموجه لهذه العقول بطرق شتى، وبأساليب عديدة، وحتى لا يتأثر الشاب بما يقصده الأعداء للصغير قبل الكبير، ولدين الإسلام قبل كل شيء، رغبة في أن تخف مكانته تدريجيا من النفوس؛ لأن الأعداء يدركون أن قوة المسلم في دينه، وحصانة الشاب في قوة إيمانه وتمكنه، وإدراكه ما تعنيه تعاليم دينه.
فهم يغزونه من هذا الجانب لإحداث ثغرة ينفذ منها فكرهم في عقول شباب المسلمين، لتخدم أغراض الأعداء، وتضر بالمجتمع المسلم.
إن واقع الدراسات والإحصائيات في كثير من أمم الأرض اليوم، وفي مقارنة الجريمة والاستقامة، ومقاربة النفع بالضر، ليبدو منه إجابة واضحة بعدم تحقيق ما كانت تلك الأمم تؤمل، سواء كان هذا في الأمم القديمة أو الحديثة.
فالجريمة والتفسخ الأخلاقي وذوبان الشخصية المستقلة، وتوسع دائرة النوازع الكثيرة، التي تضر بالفرد والجماعة، وما يضعون لذلك من دراسة، أو يفكرون في حلول، فإنهم مع هذا قد عجزوا أن يجدوا لتلك المشكلة المهمة علاجا، يتغلب على جذورها في مجتمعاتهم، وقد ضج من ذلك عقلاؤهم، ومن له فكر يوجهه لإيجاد العلاج.
فكل ذلك وأكثر منه، يلمس لدى الشباب في تلك الأمم، وسببه الرئيس - والله أعلم - عدم الاهتمام ببناء الروح، ومعرفة ما