الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمته، وقال القاضي أبو محمد: والظاهر أن يكون أمرا لجميع الناس، أي اتبعوا ملة الإسلام والقرآن) (1).
وبذلك يتضح أن الأمر بالاستقامة ورد بصيغة المفرد والجمع بفعل الأمر اتبع.
وهذا الأمر موجه للنبي صلى الله عليه وسلم بالدوام والثبات على الاستقامة، وللمسلمين جميعا باتباع الاستقامة علما وعملا، مع التأكيد على امتثال الأوامر، واجتناب النواهي.
(1) ابن عطية، المحرر الوجيز 2/ 373.
ب -
من الحديث النبوي:
أما في الحديث النبوي: فقد ورد الأمر بالاستقامة بفعل استقم، في حديث سفيان بن عبيد الله الثقفي قال:«قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك؟ قال: قل: آمنت بالله ثم استقم (1)» . رواه مسلم، وقد ورد في صحيح مسلم بشرح النووي لهذا الحديث أن القاضي عياضا رحمه الله قال:(هذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، وهو مطابق لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} (2) (أي وحدوا الله، وآمنوا به، ثم استقاموا فلم يحيدوا عن التوحيد، والتزموا طاعته سبحانه وتعالى
(1) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، 1/ 24، وابن حنبل 3/ 413.
(2)
سورة فصلت الآية 30
إلى أن توفوا على ذلك) (1).
وورد في كتاب رياض الصالحين معنى استقم: أي استقم على عمل الطاعات (2).
أما في كتاب شرح الأربعين حديثا النووية، فقد ورد أن معنى قوله: قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك أي علمني قولا جامعا لمعاني الإسلام، واضحا في نفسه، بحيث لا يحتاج إلى تفسير غيرك، أعمل عليه، وأتقي به، فأجابه صلى الله عليه وسلم بقوله:«قل: آمنت بالله ثم استقم (3)» وهذا من جوامع الكلم للنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه جمع لهذا السائل في هاتين الكلمتين معاني الإسلام والإيمان كلها، فإنه أمره أن يجدد إيمانه بلسانه، متذكرا بقلبه، وأمر أن يستقيم على أعمال الطاعات، والانتهاء عن جميع المخالفات، إذ لا تتأتى الاستقامة مع شئ من الاعوجاج فإنها ضده (4).
شرح الشيخ علي محفوظ هذا الحديث بقوله: إن إجابة النبي صلى الله عليه وسلم تعني الإقرار بالتوحيد لله سبحانه وتعالى، ومعرفته بربه أولا، ثم الاستقامة على طريقة الدين، أوامره ونواهيه، وجمع معاني الإسلام إجمالا في أمور أربعة: عقائد، وعبادات، ومعاملات،
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 1/ 29.
(2)
النووي، رياض الصالحين ص 5.
(3)
صحيح البخاري كتاب المناقب (3615)، صحيح مسلم الزهد والرقائق (2009).
(4)
النووي، شرح الأربعين النووية ص 63.
وأخلاق كريمة (1).
وورد أن أعضاء الإنسان تحث اللسان بالاستقامة، حيث روى أبو سعيد الخدري قال: إذا أصبح ابن آدم فإن أعضاءه تكفر اللسان تقول: اتق الله فينا، فإنك إن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا (2).
والأمر بالاستقامة بصيغة الجمع ورد في الحديث التالي: عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن (3)» .
وقال محمد شرف الدين الدمياطي في كتابه المتجر الرابح في شرح قوله (لن تحصوا) أي: (لن تحصوا ما لكم عند الله من الأجر والثواب إن استقمتم)(4).
وعن الاستقامة أكد ابن تيمية رحمه الله تعالى على وجوب الاستقامة بقوله: (قاعدة في وجوب الاستقامة ومتابعة الكتاب والسنة، في باب أسماء الله وصفاته وتوحيده بالقول والاعتقاد
(1) محفوظ، هداية المرشدين ص370
(2)
ابن حنبل 3/ 96
(3)
ابن حنبل 5/ 277
(4)
الدمياطي، محمد شرف الدين، المتجر الرابح ص 45