المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث العاشر: قال تعالى: {إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٧١

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الفتاوى

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ

- ‌جنود في البرود

- ‌قول: " سيدنا محمد " في الخطبة

- ‌ترجمة الخطبة بعد إلقائها بالعربية قبل الصلاة

- ‌ترجمة الخطبة بعد صلاة الجمعة

- ‌انفراد أهل كل حارة بمسجد

- ‌ الجمعة في مركز الإطفاء

- ‌نقل الجمعة من مسجد بعيدإلى آخر في وسط البلد

- ‌الجوامع تمتلئوبينهم وبينها مسافة كيلو ونصف

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌ الطواف وختم القرآن للأموات

- ‌الصلاة والقراءة لا تهدى لأحد

- ‌ الصلاة للوالدين المتوفيين

- ‌إهداء تلاوة القرآن الكريم للآخرين

- ‌ أخذ أجرة قراءة القرآن على الأموات

- ‌ إهداء أعمال البر للحي أو الميت

- ‌ قراءة القرآن للميت في داره

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ أريد الحج أنا وزوجتي هل يلزم على أهل زوجتي أن يضحوا عنها

- ‌ قص الأظافر والشعر وقت الإحرام لمن ينوي أن يضحي

- ‌ أرملة وعندي ست بنات هل يصح أن تذبح إحدى بناتي الأضحية وتجزئ عنا جميعا

- ‌ استخدام معجون للأسنان بنكهة النعناع

- ‌ لا أستطيع إكمال باقي أعمال الحج

- ‌ زوجي مقيم في جدة ونوى العمرة وأحرم قبل حدود الحرم

- ‌ بيع الحملات تصريحات للحج مع أن مشتري التصريح لم يحج معهم

- ‌ علي صيام شهرين متتابعين وأنتهي من الشهرين في منتصف شهر ذي الحجة ماذا أفعل يوم العيد وأيام التشريق

- ‌ من أراد الحج مفردا هل يطوف ويسعى قبل الحج

- ‌ أريد الحج وموعد الدورة الشهرية يوم الثامن من ذي الحجة

- ‌لبس النقاب في الحج

- ‌ إلباس الطفل حفاظه وهو محرم بالحج والعمرة

- ‌ اعتمرت في رمضان ثم عدت إلى جدة وأريد التمتع

- ‌أرغب أداء الحج عن والدي هل أحج مفردا

- ‌ التوكيل في الهدي والأضحية

- ‌ حججت وأثناء رمي جمرة العقبة رميت من بعيد

- ‌ هل يجوز لأهل مكة الذين حجوا الذهاب إلى جدة قبل طواف الإفاضة

- ‌ صفة الحج المبرور

- ‌ التزام بعض الطائفين أدعية معينة يقرءونها من كتيبات

- ‌من فتاوى اللجنة الدائمةللبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ ترك الصيام والصلاة عمدا

- ‌ ترك الصلاة وقتا طويلا من الزمان ثم رجع إلى ربه وقام يؤديها في أوقاتها

- ‌ قضاء صلوات المفرط

- ‌ ترك الصلاة أعظم ذنبا من فعل الزنا

- ‌ الصلاة بدون أذان وإقامة

- ‌ الأذان في ديار الكفار

- ‌ يؤدون صلاتهم بدون الأذان

- ‌ هل يجوز للرجل المنفرد أن يصلي بدون أذان

- ‌ تحريك الجسم أثناء كلمة حي على الصلاة

- ‌سجدات القرآنأحكام وتوجيهات

- ‌أولا: معنى السجود:

- ‌ثانيا: صفة السجود:

- ‌ثالثا: فضل السجود:

- ‌الفصل الأول: أحكام سجود التلاوة:

- ‌المبحث الأول: عدد سجدات القرآن الكريم ومواضعها

- ‌المبحث الثاني: حكم سجود التلاوة

- ‌المبحث الثالث: صفة سجود التلاوة

- ‌المبحث الرابع: أذكار سجود التلاوة

- ‌الفصل الثاني: توجيهات آيات السجود

- ‌المبحث الأول: قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُون}

- ‌المبحث الثاني: قال تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا

- ‌المبحث السادس: قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ

- ‌المبحث السابع: قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ

- ‌المبحث الثامن: قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا}

- ‌المبحث التاسع: قال تعالى: {أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ

- ‌المبحث العاشر: قال تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ

- ‌المبحث الثالث عشر: قال تعالى {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}

- ‌الخاتمة

- ‌أين العلاج:

- ‌حسن التوجيه:

- ‌دور الأمانة:

- ‌المرور ببعض الشبهات:

- ‌تحصين الشباب:

- ‌الفهم الجيد:

- ‌أولا: أهمية الدراسة

- ‌ثانيا: مصطلحات الدراسة:

- ‌ الاستقامة:

- ‌ التربية الإسلامية:

- ‌ الأثر:

- ‌ التحصين:

- ‌ الشباب:

- ‌ثالثا: الدراسات السابقة:

- ‌ دراسات تناولت الاستقامة

- ‌ دراسات تناولت الشباب

- ‌رابعا: طريق الاستقامة:

- ‌خامسا: الأمر بالاستقامة

- ‌ من آيات القرآن الكريم:

- ‌ من الحديث النبوي:

- ‌سادسا: أثر الاستقامة:

- ‌ الثبات على الإيمان:

- ‌ جزاء الاستقامة:

- ‌ العمل الصالح:

- ‌ حصول الأجر والثواب من الله عز وجل:

- ‌ الرزق الواسع:

- ‌ التعلم الجيد:

- ‌سابعا: الخاتمة

- ‌الوقاية الصحية في الإسلام

- ‌المقدمة:

- ‌الفصل الأول: العناية الصحية بالبدن:

- ‌المبحث الأول: العناية الصحية باليدين:

- ‌المبحث الثاني: العناية الصحية بالوجه:

- ‌المبحث الثالث: العناية الصحية بالعينين:

- ‌المبحث الرابع: الأسس الصحية للعناية بالفم والأنف

- ‌المطلب الأول: العناية الصحية بالفم:

- ‌المطلب الثاني: العناية الصحية بالأنف:

- ‌المبحث الخامس: العناية الصحية بالسبيلين:

- ‌المبحث السادس: العناية بالشعر:

- ‌أولا: شعر الرأس:

- ‌ثانيا: الشارب واللحية:

- ‌المبحث السابع: العناية بالأذنين:

- ‌المبحث الثامن: العناية بالرجلين:

- ‌الفصل الثاني: وقاية الماء والطعام من التلوث

- ‌المبحث الأول: وقاية الماء من التلوث

- ‌المبحث الثاني: وقاية الطعام من التلوث

- ‌أولا: تحريم أكل الميتة:

- ‌ثانيا: تحريم الدم:

- ‌ثالثا: تحريم أكل الخنزير:

- ‌المبحث الثالث: الوقاية من العدوى

- ‌أولا: النهي عن الخروج من الأرض الموبوءة أو الدخول إليها:

- ‌ثانيا: النهي عن البصاق على الأرض:

- ‌ثالثا: منع التلوث بلعاب الكلب:

- ‌رابعا: هجر الأرض الموبوءة:

- ‌خامسا: قدوم المريض على الصحيح:

- ‌سادسا: الوقاية من التلوث وانتقال الجراثيم:

- ‌سابعا: وقاية الجهاز التناسلي:

- ‌ثامنا: مجامعة الحائض والنفساء:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌المبحث العاشر: قال تعالى: {إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم

وإسناده صحيح (1).

والسجود هنا مشروع على كلا القراءتين فهي إما أمر بالسجود على قراءة التخفيف {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ} (2) أو ذم للتارك على قراءة التشديد {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ} (3)

(1) تفسير القرآن العظيم 6/ 198.

(2)

سورة النمل الآية 25

(3)

سورة النمل الآية 25

ص: 170

‌المبحث العاشر: قال تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ

وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} (1).

صلة الآية بما قبلها: لما ذكر الله عز وجل الكافرين بآياته وما أعد لهم من العذاب كما في قوله: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} (2) الآيات، ذكر المؤمنين بها، ووصفهم، وما أعد الله لهم من الثواب.

(1) سورة السجدة الآية 15

(2)

سورة السجدة الآية 12

ص: 170

قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا} (1) قصرت الآية المؤمنين بآيات الله حقا من اتصف بما ذكرته من خصال ثلاث: الأولى: الخرور سجدا إذا ذكروا بآيات الله. الثانية: التسبيح بحمد الله. الثالثة: عدم الاستكبار. والتذكير بآيات الله بإعادة ذكرها عليهم وتكرار تلاوتها على مسامعهم (2).

قوله تعالى: {خَرُّوا سُجَّدًا} (3) سبق معنى الخرور وهو السقوط الذي يسمع منه صوت كما في قوله تعالى: {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} (4)، وهو تعبير عن الطاعة لله عز وجل، والتذلل لعظمته، وإقرار بالعبودية له.

قوله تعالى: {وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} (5) سبق معنى التسبيح عند قوله تعالى: {وَيُسَبِّحُونَهُ} (6) والحمد لله تعالى، قال

(1) سورة السجدة الآية 15

(2)

انظر: تفسير التحرير والتنوير 21/ 227.

(3)

سورة السجدة الآية 15

(4)

سورة الإسراء الآية 107

(5)

سورة السجدة الآية 15

(6)

سورة الأعراف الآية 206

ص: 171

الراغب: الثناء عليه بالفضيلة. وقال الشيخ: ابن عثيمين: وقوله تبارك وتعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} (1) أي سبح الله مصحوبا بالحمد، فالباء هنا للمصاحبة، وذلك لأنه إذا كان التسبيح مصحوبا بالحمد فإنه به يتحقق الكمال؛ لأن الكمال لا يتحقق إلا بانتفاء العيوب، وثبوت صفات الكمال، فانتفاء العيوب مأخوذ من قوله: سبحانك؛ لأن التسبيح معناه التنزيه عن كل نقص وعيب، وثبوت الكمال مأخوذ من قوله: وبحمدك؛ لأن الحمد هو وصف المحمود بالصفات الكاملة، وليس هو الثناء كما هو مشهور عند كثير من العلماء، وبعضهم يقول: بالجميل الاختياري وما أشبه ذلك، والدليل على ذلك الحديث القدسي، حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله قال: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين - يعني الفاتحة - فإذا قال: الحمد لله رب العالمين، قال: حمدني عبدي. فإذا قال: الرحمن الرحيم. قال أثنى علي عبدي (2)» ففرق بين الحمد والثناء. والمهم أن الإنسان إذا جمع بين التسبيح والحمد فقد جمع بين إثبات الكمال لله ونفي النقائص عنه (3).

(1) سورة النصر الآية 3

(2)

صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب فضل الأذان، صحيح مسلم 1/ 296.

(3)

شرح رياض الصالحين 3/ 175، 176.

ص: 172

قوله تعالى: وهم لا يستكبرون وهذه هي الخصلة الثالثة للمؤمنين بآيات الله، وهي عدم الاستكبار، وقد سبق معنى الكبر والكلام عليه عند قوله تعالى:{لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} (1)

(1) سورة الأعراف الآية 206

ص: 173

المبحث الحادي عشر: قال تعالى: {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} (1).

صلة الآية بما قبلها: هذه الآية جزء من قصة نبي الله داود - عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم - إذ تسور عليه خصمان محل عبادته ليحكم بينهما وهي قصة واضحة لا تحتاج إلى بيان، قال تعالى:{وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} (2){إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ} (3){إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} (4){قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ} (5).

قوله تعالى: {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ} (6)

(1) سورة ص الآية 24

(2)

سورة ص الآية 21

(3)

سورة ص الآية 22

(4)

سورة ص الآية 23

(5)

سورة ص الآية 24

(6)

سورة ص الآية 24

ص: 173

هذا حكم نبي الله داود عليه السلام في هذه الحادثة، فصاحب النعاج الكثيرة ظلم أخاه الذي لا يملك إلا نعجة واحدة، ظلمه بسؤال ضم نعجته إلى نعاجه.

والظلم: هو وضع الشيء في غير موضعه، وهو من الجور ومجاوزة الحد (1).

النعجة: هي الأنثى من الضأن والظباء والبقر الوحشي، والجمع: نعاج ونعجات (2).

قوله تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} (3) هذا الكلام من نبي الله داود عليه السلام أراد به الموعظة لهما بعد القضاء بينهما على عادة أهل الخير في انتهاز الفرص المناسبة للوعظ، فأراد داود عليه السلام أن يرغبهما في إيثار عادة الخلطاء الصالحين، وأن يكره إليهما الظلم والاعتداء (4).

قال الراغب: ويقال للصديق والمجاور والشريك: خليط (5).

وقال ابن جرير: وفي {مَا} (6) التي في قوله: {وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} (7)

(1) انظر: لسان العرب 4/ 2756 مادة: ظلم.

(2)

انظر: لسان العرب 6/ 4471 مادة نعج.

(3)

سورة ص الآية 24

(4)

انظر: البحر المحيط 9/ 150. وتفسير التحرير والتنوير 23/ 236.

(5)

مفردات ألفاظ القرآن 293.

(6)

سورة ص الآية 24

(7)

سورة ص الآية 24

ص: 174

وجهان: أحدهما: أن تكون صلة بمعنى: وقليل هم، فيكون إثباتها وإخراجها من الكلام لا يفسد الكلام. والآخر: أن تكون اسما، وهم صلة لها، بمعنى: وقليل ما تجدهم (1).

قوله تعالى: {وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} (2) أي علم داود أنما فتناه (3)، وقد اختلف المفسرون في الفتنة التي ابتلي بها نبي الله عليه السلام على أقوال منها:

أولا: ما ذكره بعض المفسرين عن بني إسرائيل من نظر نبي الله داود إلى زوجة أحد بني إسرائيل وتقديمه في الحروب ليقتل ويتزوج زوجته، في كلام كثير واختلافات متعددة (4).

قال الشنقيطي رادا لهذا القول: واعلم أن ما يذكره كثير من المفسرين في تفسير هذه الآية الكريمة، مما لا يليق بمنصب داود - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - كله راجع إلى الإسرائيليات، فلا ثقة به ولا معول عليه، ما جاء منه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يصح منه شيء (5).

ثانيا: ذكر أبو حيان أنه فزع منهم ظانا أنهم يغتالونه، إذ كان

(1) تفسير الطبري 23/ 145.

(2)

سورة ص الآية 24

(3)

انظر: تفسير الطبري 23/ 145، 146. والبحر المحيط 9/ 150.

(4)

انظر: الجامع لأحكام القرآن 8/ 166، 167، والدر المنثور 7/ 155 - 160.

(5)

أضواء البيان 7/ 24.

ص: 175

منفردا في محرابه لعبادة ربه، فلما اتضح له أنهم جاءوا في حكومة، وبرز منهم اثنان للتحاكم، كما قص الله تعالى، وأن داود عليه السلام ظن دخولهم عليه في ذلك الوقت ومن تلك الجهة إنفاذ من الله له أن يغتالوه، فلم يقع ما كان ظنه، فاستغفر من ذلك الظن (1).

ثالثا: من المفسرين من توقف، ووكل علم الفتنة التي فتن بها داود إلى الله عز وجل. قال ابن كثير: فالأولى أن يقتصر على مجرد تلاوة هذه القصة وأن يرد علمها إلى الله عز وجل، فإن القرآن حق، وما تضمن فهو حق أيضا (2).

رابعا: أن الفتنة التي فتن بها داود تتعلق بالحكم بين الناس حيث حكم قبل أن يسمع كلام الآخر (3)، كما قص القرآن الكريم ذلك، أو أنه اعتزل الناس، وهو الحاكم والناس محتاجون له، أو أنه حكم في حال الفزع، وكلها آداب تتعلق بالحكم بين الناس ونصت عليها الآيات من مثل قوله تعالى:{إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ} (4) وإن في التعقيب على

(1) البحر المحيط 7/ 151.

(2)

تفسير القرآن العظيم 7/ 51.

(3)

انظر: فتح القدير 4/ 427، وفي ظلال القرآن 5/ 3018.

(4)

سورة ص الآية 22

ص: 176

هذه القصة ما يشعر بقوة هذا القول حيث يقول تعالى: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى} (1) الآية (2).

قوله تعالى: {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} (3) وهذه سنة الأنبياء وصفة الأولياء في كثرة الاستغفار والإنابة إلى العزيز الغفار. قال سبحانه حكاية عن آدم وحواء عليهما السلام: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (4).

وقال تعالى عن إبراهيم عليه السلام: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} (5).

وقال سبحانه عن موسى عليه السلام: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (6).

وقال تعالى لمحمد عليه الصلاة والسلام: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} (7).

(1) سورة ص الآية 26

(2)

انظر: في ظلال القرآن 5/ 3018.

(3)

سورة ص الآية 24

(4)

سورة الأعراف الآية 23

(5)

سورة الشعراء الآية 82

(6)

سورة القصص الآية 16

(7)

سورة محمد الآية 19

ص: 177

قوله تعالى: {وَخَرَّ رَاكِعًا} (1) قال ابن العربي: لا خلاف بين العلماء أن الركوع ها هنا السجود؛ لأنه أخوه إذ كل ركوع سجود، وكل سجود ركوع، فإن السجود هو الميل، والركوع هو الانحناء، وأحدهما يدل على الآخر، فسمى السجود ركوعا (2) ويؤيد أن الركوع هنا هو السجود لفظ الخرور (3).

والإنابة إلى الله تعالى: الرجوع إليه بالتوبة وإخلاص العمل (4).

وفي السجود ها هنا اقتداء بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث سجد هنا مقتديا بداود عليه السلام أخرج البخاري عن العوام بن حوشب قال: سألت مجاهدا عن سجدة ص. فقال: سألت ابن عباس من أين سجدت؟ فقال: أو ما تقرأ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ} (5) إلى قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} (6) فكان داود ممن أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم أن يقتدي به، فسجدها داود فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم (7)

(1) سورة ص الآية 24

(2)

أحكام القرآن 4/ 1639، 1640.

(3)

انظر: فتاوى ابن تيمية 23/ 151.

(4)

انظر: مفردات ألفاظ القرآن 827.

(5)

سورة الأنعام الآية 84

(6)

سورة الأنعام الآية 90

(7)

فتح الباري 8/ 544.

ص: 178

المبحث الثاني عشر: قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (1){فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} (2).

صلة الآية بما قبلها: لما ذكر الله عز وجل أن أحسن الأعمال والأقوال هو الدعوة إليه سبحانه، وذكر موقف الداعية من أعدائه من الإنس أو الجن ذكر سبحانه الآيات الدالة على وحدانيته وأنه المستحق للعبادة دون من سواه، وفي هذا توجيه للداعية في دعوته إلى الله جل جلاله وتقدست أسماؤه (3).

قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (4){وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (5){وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (6){وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (7){وَمِنْ آيَاتِهِ} (8) الآيات.

قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} (9)

(1) سورة فصلت الآية 37

(2)

سورة فصلت الآية 38

(3)

انظر: التفسير الكبير 27/ 128، والبحر المحيط 9/ 307.

(4)

سورة فصلت الآية 33

(5)

سورة فصلت الآية 34

(6)

سورة فصلت الآية 35

(7)

سورة فصلت الآية 36

(8)

سورة فصلت الآية 37

(9)

سورة فصلت الآية 37

ص: 179

أي من آيات الله الدالة على وحدانيته وعظيم سلطانه واستحقاقه للعبادة دون من سواه: الليل والنهار والشمس والقمر لظهورهما لكل أحد، وعظيم خلقهما وانتفاع الناس بهما أيما انتفاع، وبتعاقبهما تعرف الأيام والشهور والأعوام، ويتبين بذلك حلول الحقوق، وأوقات العبادات والمعاملات (1)، وذكر الليل قبل النهار لأنه الأصل السابق وهو الظلام، وقدم الشمس على القمر؛ لأن ضوء القمر مستمد من الشمس وهي الأكبر (2).

قوله تعالى: {لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ} (3) لأنهما مخلوقان من مخلوقات الله فلا يصح أن يكونا شريكين له في ربوبيته (4) وخص الشمس والقمر؛ لأنهما مما عبدا من دون الله، ولأنهما الأصل في تعاقب الليل والنهار (5).

قوله تعالى: {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} (6) أي: اعبدوه وحده؛ لأنه الخالق العظيم، ودعوا عبادة ما سواه من المخلوقات، وإن كبر جرمها، وكثرت مصالحها، فإن ذلك ليس منها، وإنما هو من خالقها، تبارك وتعالى (7) والضمير في قوله: خلقهن

(1) تفسير الطبري 24/ 121، وتفسير القرآن العظيم 7/ 170.

(2)

انظر: البحر المحيط 9/ 307، وروح المعاني 24/ 125.

(3)

سورة فصلت الآية 37

(4)

فتح القدير 4/ 518.

(5)

انظر: فتح البيان في مقاصد القرآن 12/ 255.

(6)

سورة فصلت الآية 37

(7)

تيسير الكريم الرحمن 6/ 579.

ص: 180

عائد على الآيات أي: خلق آياته (1).

وقيل: عائد على الليل والنهار والشمس والقمر؛ لأن حكم جماعة ما لا يعقل حكم الإناث (2).

قوله تعالى: إن كنتم إياه تعبدون قال ابن جرير: يقول: إن كنتم إياه تعبدون، وتذلون له بالطاعة، وإن من طاعته أن تخلصوا له العبادة، ولا تشركوا في طاعتكم إياه وعبادتكموه شيئا سواه، فإن العبادة لا تصلح لغيره، ولا تنبغي لشيء سواه.

قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ} (3) أي: فإن استكبر المشركون عن إفراد الله بالعبادة، وأبوا إلا أن يشركوا معه غيره (4)، {فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ} (5) مما نعلم الملائكة (6)، وعندية الملائكة عند ربهم عندية ارتفاع وعلو، ومن لوازمها القرب والمكانة (7).

قوله تعالى: {يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} (8)

(1) انظر: تفسير كتاب الله العزيز 4/ 84.

(2)

انظر: الكشاف 3/ 392.

(3)

سورة فصلت الآية 38

(4)

انظر: تفسير القرآن العظيم 7/ 170.

(5)

سورة فصلت الآية 38

(6)

تفسير الطبري 24/ 121.

(7)

سبق الكلام عن العندية في موضع السجدة في سورة الأعراف، الآية 206.

(8)

سورة فصلت الآية 38

ص: 181

وتسبيح الملائكة لربها عز وجل سبق الكلام عليه (1)، وفي التنزيل الحكيم:{يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} (2).

قوله تعالى: {لَا يَسْأَمُونَ} (3) قال ابن عباس رضي الله عنه: لا يملون ولا يفترون (4) واختلف أهل العلم في موضع سجدة التلاوة: هل هو عند قوله تعالى: إن كنتم إياه تعبدون أو عند قوله تعالى في الآية التي بعدها: {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} (5)

قال السيوطي: وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي في سننه من طريق سعيد بن جبير رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما: كان يسجد بآخر الآيتين من حم السجدة، وكان ابن مسعود رضي الله عنه يسجد الأولى منهما.

وقال القرطبي: واختلفوا في موضع السجود منها، فقال مالك: موضعه إن كنتم إياه تعبدون؛ لأنه متصل بالأمر، وكان علي وابن مسعود وغيرهم يسجدون عند قوله: تعبدون.

وقال ابن وهب والشافعي: موضعه {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} (6)؛ لأنه تمام الكلام وغاية العبادة والامتثال. وبه قال أبو حنيفة. وكان

(1) انظر: موضع السجدة في سورة الأعراف، الآية 206.

(2)

سورة الأنبياء الآية 20

(3)

سورة فصلت الآية 38

(4)

انظر: الدر المنثور7/ 329.

(5)

سورة فصلت الآية 38

(6)

سورة فصلت الآية 38

ص: 182