المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يوجبه الدين الصحيح، الذي جاء من عند الله، لأنهم معرضون - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٧١

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الفتاوى

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ

- ‌جنود في البرود

- ‌قول: " سيدنا محمد " في الخطبة

- ‌ترجمة الخطبة بعد إلقائها بالعربية قبل الصلاة

- ‌ترجمة الخطبة بعد صلاة الجمعة

- ‌انفراد أهل كل حارة بمسجد

- ‌ الجمعة في مركز الإطفاء

- ‌نقل الجمعة من مسجد بعيدإلى آخر في وسط البلد

- ‌الجوامع تمتلئوبينهم وبينها مسافة كيلو ونصف

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌ الطواف وختم القرآن للأموات

- ‌الصلاة والقراءة لا تهدى لأحد

- ‌ الصلاة للوالدين المتوفيين

- ‌إهداء تلاوة القرآن الكريم للآخرين

- ‌ أخذ أجرة قراءة القرآن على الأموات

- ‌ إهداء أعمال البر للحي أو الميت

- ‌ قراءة القرآن للميت في داره

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ أريد الحج أنا وزوجتي هل يلزم على أهل زوجتي أن يضحوا عنها

- ‌ قص الأظافر والشعر وقت الإحرام لمن ينوي أن يضحي

- ‌ أرملة وعندي ست بنات هل يصح أن تذبح إحدى بناتي الأضحية وتجزئ عنا جميعا

- ‌ استخدام معجون للأسنان بنكهة النعناع

- ‌ لا أستطيع إكمال باقي أعمال الحج

- ‌ زوجي مقيم في جدة ونوى العمرة وأحرم قبل حدود الحرم

- ‌ بيع الحملات تصريحات للحج مع أن مشتري التصريح لم يحج معهم

- ‌ علي صيام شهرين متتابعين وأنتهي من الشهرين في منتصف شهر ذي الحجة ماذا أفعل يوم العيد وأيام التشريق

- ‌ من أراد الحج مفردا هل يطوف ويسعى قبل الحج

- ‌ أريد الحج وموعد الدورة الشهرية يوم الثامن من ذي الحجة

- ‌لبس النقاب في الحج

- ‌ إلباس الطفل حفاظه وهو محرم بالحج والعمرة

- ‌ اعتمرت في رمضان ثم عدت إلى جدة وأريد التمتع

- ‌أرغب أداء الحج عن والدي هل أحج مفردا

- ‌ التوكيل في الهدي والأضحية

- ‌ حججت وأثناء رمي جمرة العقبة رميت من بعيد

- ‌ هل يجوز لأهل مكة الذين حجوا الذهاب إلى جدة قبل طواف الإفاضة

- ‌ صفة الحج المبرور

- ‌ التزام بعض الطائفين أدعية معينة يقرءونها من كتيبات

- ‌من فتاوى اللجنة الدائمةللبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ ترك الصيام والصلاة عمدا

- ‌ ترك الصلاة وقتا طويلا من الزمان ثم رجع إلى ربه وقام يؤديها في أوقاتها

- ‌ قضاء صلوات المفرط

- ‌ ترك الصلاة أعظم ذنبا من فعل الزنا

- ‌ الصلاة بدون أذان وإقامة

- ‌ الأذان في ديار الكفار

- ‌ يؤدون صلاتهم بدون الأذان

- ‌ هل يجوز للرجل المنفرد أن يصلي بدون أذان

- ‌ تحريك الجسم أثناء كلمة حي على الصلاة

- ‌سجدات القرآنأحكام وتوجيهات

- ‌أولا: معنى السجود:

- ‌ثانيا: صفة السجود:

- ‌ثالثا: فضل السجود:

- ‌الفصل الأول: أحكام سجود التلاوة:

- ‌المبحث الأول: عدد سجدات القرآن الكريم ومواضعها

- ‌المبحث الثاني: حكم سجود التلاوة

- ‌المبحث الثالث: صفة سجود التلاوة

- ‌المبحث الرابع: أذكار سجود التلاوة

- ‌الفصل الثاني: توجيهات آيات السجود

- ‌المبحث الأول: قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُون}

- ‌المبحث الثاني: قال تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا

- ‌المبحث السادس: قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ

- ‌المبحث السابع: قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ

- ‌المبحث الثامن: قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا}

- ‌المبحث التاسع: قال تعالى: {أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ

- ‌المبحث العاشر: قال تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ

- ‌المبحث الثالث عشر: قال تعالى {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}

- ‌الخاتمة

- ‌أين العلاج:

- ‌حسن التوجيه:

- ‌دور الأمانة:

- ‌المرور ببعض الشبهات:

- ‌تحصين الشباب:

- ‌الفهم الجيد:

- ‌أولا: أهمية الدراسة

- ‌ثانيا: مصطلحات الدراسة:

- ‌ الاستقامة:

- ‌ التربية الإسلامية:

- ‌ الأثر:

- ‌ التحصين:

- ‌ الشباب:

- ‌ثالثا: الدراسات السابقة:

- ‌ دراسات تناولت الاستقامة

- ‌ دراسات تناولت الشباب

- ‌رابعا: طريق الاستقامة:

- ‌خامسا: الأمر بالاستقامة

- ‌ من آيات القرآن الكريم:

- ‌ من الحديث النبوي:

- ‌سادسا: أثر الاستقامة:

- ‌ الثبات على الإيمان:

- ‌ جزاء الاستقامة:

- ‌ العمل الصالح:

- ‌ حصول الأجر والثواب من الله عز وجل:

- ‌ الرزق الواسع:

- ‌ التعلم الجيد:

- ‌سابعا: الخاتمة

- ‌الوقاية الصحية في الإسلام

- ‌المقدمة:

- ‌الفصل الأول: العناية الصحية بالبدن:

- ‌المبحث الأول: العناية الصحية باليدين:

- ‌المبحث الثاني: العناية الصحية بالوجه:

- ‌المبحث الثالث: العناية الصحية بالعينين:

- ‌المبحث الرابع: الأسس الصحية للعناية بالفم والأنف

- ‌المطلب الأول: العناية الصحية بالفم:

- ‌المطلب الثاني: العناية الصحية بالأنف:

- ‌المبحث الخامس: العناية الصحية بالسبيلين:

- ‌المبحث السادس: العناية بالشعر:

- ‌أولا: شعر الرأس:

- ‌ثانيا: الشارب واللحية:

- ‌المبحث السابع: العناية بالأذنين:

- ‌المبحث الثامن: العناية بالرجلين:

- ‌الفصل الثاني: وقاية الماء والطعام من التلوث

- ‌المبحث الأول: وقاية الماء من التلوث

- ‌المبحث الثاني: وقاية الطعام من التلوث

- ‌أولا: تحريم أكل الميتة:

- ‌ثانيا: تحريم الدم:

- ‌ثالثا: تحريم أكل الخنزير:

- ‌المبحث الثالث: الوقاية من العدوى

- ‌أولا: النهي عن الخروج من الأرض الموبوءة أو الدخول إليها:

- ‌ثانيا: النهي عن البصاق على الأرض:

- ‌ثالثا: منع التلوث بلعاب الكلب:

- ‌رابعا: هجر الأرض الموبوءة:

- ‌خامسا: قدوم المريض على الصحيح:

- ‌سادسا: الوقاية من التلوث وانتقال الجراثيم:

- ‌سابعا: وقاية الجهاز التناسلي:

- ‌ثامنا: مجامعة الحائض والنفساء:

- ‌حديث شريف

الفصل: يوجبه الدين الصحيح، الذي جاء من عند الله، لأنهم معرضون

يوجبه الدين الصحيح، الذي جاء من عند الله، لأنهم معرضون عنه، والله يقول:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (1){قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا} (2){قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} (3){وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} (4).

ذلك أنهم يهتمون بالتركيز على قوام الأجسام، والاكتفاء بالمظاهر دون المخابر، ودون مخاطبة العقول بما يريحها، والقلوب بما يطمئنها:{أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (5).

(1) سورة طه الآية 124

(2)

سورة طه الآية 125

(3)

سورة طه الآية 126

(4)

سورة طه الآية 127

(5)

سورة الرعد الآية 28

ص: 199

‌أين العلاج:

عند تلك الأمم، التي ضاعت في المتاهات، وعاش شبابها في خواء فكرى، قادهم إلى ذوبان الشخصية ومن قبل فإن شباب جزيرة العرب، كغيرهم من التائهين في ظلمات الغواية، والانفلات من الاطمئنان الروحي، فهي أمور مسيطرة عند الناس عامة. . اللهم إلا وميض أضاء قلوب بعض الحيارى، ممن يلتمس مخرجا من هذا الضياع.

ومن هنا بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالشريعة

ص: 199

الإسلامية السمحة، لتعدل اعوجاج النفوس، وتوفر المسببات لتربية الروح التي يقوى بها الجسد: عزيمة وتضحية. . ومدها بالغذاء الذي يجعلها مستقيمة ونافعة: مستقيمة في نفسها ونافعة لغيرها وصالحة ومصلحة لمجتمعها.

فالنص الشرعي من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته (1)» ، يوقد جذوة في الأعماق، تتحدد معها المسئولية في التوجيه، والشعور بثقل الأمانة، والحرص على العلم الذي يعين على أداء هذه المسئولية. نحو الشباب، والعناية بهم.

إذ هذا النص وأمثاله: قاعدة أساسية، يضعها المربي والمعلم الأول: صلى الله عليه وسلم ركيزة في الاهتمام بالشباب، وحسن تعليمهم؛ لأنهم رعية عند من استرعاهم الله، واجب الاهتمام بهم، وحسن توجيههم، وذلك حسب التسلسل في المسئولية: من الأبوين اللذين تفتحت عيون الشباب، منذ ولدوا في أحضانهما، ليأخذوا عنهما الدروس الأولى، في مبدأ التعليم، ومن ثم يتأثرون بهما تقليدا وتوجيها، يقول الشاعر:

(1) من حديث شريف صحيح رواه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

ص: 200

وينشأ ناشئ الفتيان منا

على ما كان عوده أبوه

وأبلغ من ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه (1)» .

ثم يمتد الأثر مع الإخوة الأكبر فالأكبر، من الأقارب ومن يحيطون بهذا الشاب، الذين يجب عليهم الإحسان في تنمية هذه البذرة؛ ليستقيم على المنهج السليم، الذي فطر الله الناس عليه:«كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تلد الشاة بهيمة جمعاء، هل ترون فيها من جدعاء (2)» .

ثم يمتد التسلسل في المسئولية والرعاية للشباب ليأتي دور آخر، يأخذه الشاب من معلمه في مراحل التعليم العام، ليصل بعد ذلك وقد كبر جسمه، ونما عقله إلى المرحلة الجامعية، حيث يترتب عليه في هذه المرحلة، مع نمو العقل والجسم، نمو الاهتمام بما حوله، واستعداده لأداء الأمانة، وتحمل المسئولية. . فإن كان التقويم لهذا الشاب، وحسن التوجيه تدرج معه، مع نمو عقله، وبلوغ رشده، صالحا ومفيدا، سهل تحصين الشباب ضد الغزو الفكري، وخاصة في هذا الزمان الذي أجفل فيه الشرق والغرب،

(1) من حديث شريف صحيح رواه البخاري في كتاب (الجنائز) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

من حديث شريف صحيح رواه البخاري في كتاب (الجنائز) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 201

بخيلهم ورجلهم على أمة الإسلام، بشبهات متعددة المسارات، إعلاميا بقنواته الثلاث: المسموع والمرئي والمقروء. إلى جانب الفضائيات والإنترنت وغيرها من وسائل، مع توجيه متعمد، وغزو سافر.

والمقصود في هذا الغزو الفكري، الشباب الإسلامي لتعبئة أذهانهم بفكر مختلط، يمتزج فيه الغث بالسمين، ويختلط فيه الحابل بالنابل. . بقصد جعل الشاب تائها، مذبذب النزعات حائرا لا يعرف من أين يتجه؛ ليجعلوا منه طابورا خامسا، يخدمهم وإلبا على بني جنسه، فيأخذوا كلامه بدون علم: حجة؛ لأن من تكلم بغير علم أتى بالعجائب.

خاصة وأن فكرهم هذا الموجه لشباب الإسلام، يسيره تربويا: علماء النفس، ويرعاه علماء الاجتماع، بحيلهم ونظرياتهم المادية، البعيدة عن منهج الإسلام، ومخاطبة العقول بما يسعدها، يقول سبحانه:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} (1).

وماديا: بما يسخرون من أموال في هذا السبيل رصدا وتخطيطا، ومتابعة وتنفيذا، يتبع ذلك الدراسة، واستظهار النتائج. . ثم تغيير المنهج في حيل تستقطب بعض الشباب، الذين لم يتسلحوا ضد ذلك الغزو، ويعوزهم إدراك أساليبهم المتشعبة في التأثير

(1) سورة البقرة الآية 204

ص: 202

على شباب المسلمين. وما يريدون من وراء أعمالهم هذه.

وإذا كانت الوقاية الصحية، تقتضي التنبه لما وراء تلك المقاصد، ثم الاهتمام بتنفيذ ما يحصن المجتمع بفئاته، عن كل خلل يطرأ. . والمبادرة في كل وقت، قبل بروز الظاهرة، حتى يتهيأ - بإذن الله - للعقول حصانة، ضد الأوبئة الفكرية، التي يخشى منها انتشارا في المجتمع، حتى تقوى لديها المناعة، ثم القدرة على المواجهة للشبهات، بالأعمال والأجوبة المفيدة المقنعة.

فإن هذا العلاج يحتاج إلى تهييء نفسي، ورصد مادي. . مع المتابعة بالجهود والدراسة والتخطيط. ونحن المسلمين مع التحديات الموجهة، والجهود المبذولة من أعدائنا في هذا الوقت بالذات؛ لطمس معالم ديننا، يجب أن نتسلح برعاية الشباب، وتهيئتهم للمواجهة، وإدراك مكامن الخطر. فإذا كان مثل هذا لازما ومحسوسا، في الوقاية من الآفات المرضية، سواء للإنسان أو الحيوان أو البيئة. . وبذل الجهود والأموال، ومتابعة الإرشادات، والاهتمام بالتوجيهات المتخصصة لكل نوع.

كل هذا من أجل حماية المجتمع، والمحافظة على سلامة أجسام أبنائه من الأمراض، والحامي والحافظ هو الله سبحانه. ولكن هذا العمل من الأسباب التي أمر الله بها.

فإن الشباب، وحماية عقولهم في مراحل حياتهم، في حاجة

ص: 203

أكبر إلى جهود وأعمال، تعين على توضيح حسن المآخذ، وتمييز كل فكر وافد وإدراك أبعاده. حتى تتحصن أفئدتهم، كما يتحصن الجسم باللقاحات عن الأمراض الضارة.

ذلك أن كل من بعد عن الإسلام وتعاليمه، يسوقه الحسد والغيرة، من جهة، والعداوة والإضرار من جهة أخرى، بالإسلام وأهله، فيحرص على تصدير سموم مجتمعاتهم، التي أفسدت شبابهم باتباع الهوى، إلى شباب المسلمين، وبالذات من هم في مرحلة النضج الفكري، وتحمل المسئولية، حتى يجدوا ممن تستهويهم تلك المظاهر، أو تأثر بما جاءه من فكر لم يدرك أبعاده، وضرره على نفسه وعلى أمته، من قد يركن إليهم، ويميل قلبه لفكرهم، فيطمعوا بفساده كما فسد مجتمعهم والتأثر ثم الدفاع عن معسول فكرهم، والله يقول:{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (1)، مع أن تعاليم ديننا نهت عن متابعتهم والركون إليهم:{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} (2).

ومن فسد هانت عليه تعاليم دينه، ومتى تساووا في هذا

(1) سورة البقرة الآية 120

(2)

سورة هود الآية 113

ص: 204

الاتجاه سهلت قيادتهم، كما جاء في الأثر:«من عصاني وهو يعرفني، سلطت عليه من لا يعرفني» (1).

ولذا فإن الحصانة للشباب الجامعي، مع حسن التوجيه تتأكد في حثهم على التمعن في تعليمات الإسلام، من مصدريه: كتاب الله، وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، والتبسط في شرح ما قد يغمض فهمه عليهم، من مدرسيهم، ولدى من عنده علم ممن يختلطون به:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (2).

فهذان المصدران: ندرك بهما أن تربة الإسلام خصبة، والتربة الخصبة دائما جيدة العطاء، مفيدة لمن يستثمرها.

كما ندرك أن جذور التوجيه في قاعدة دين الإسلام مكينة وراسخة البناء، وأن عروق غراس الإسلام، ترتع في مياه عذبة وغزيرة. وما ذلك إلا أن هذين المصدرين المهمين، هما وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته من بعده. . ولن تضل الأمة، أو يجد العدو منفذا للدخول على الأمة، بغزو أو شبهات ما دامت حريصة عليهما، ومتمسكة بهما، حيث قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه، لما طلبوا منه الوصية. . فأجابهم بقوله الكريم:«تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي (3)»

(1) جزء من حديث قدسي.

(2)

سورة فاطر الآية 28

(3)

رواه النسائي في السنن عن ابن عباس وجابر بن عبد الله.

ص: 205

فإذا كان الحريصون على تنمية الأجسام، وإعدادها للمواجهة، يرعونها تدريبا وتعليما، وملاحقة ولياقة حتى تتهيأ لما أريدت له: رياضيا أو مهنيا، بحسب الحاجة الملحة لكل موقف، كما تضمر الخيول وتهيأ قبل دخولها السباق، أو استعدادها للمعركة.

والجندي لا يدخل المعركة، إلا بعد تمرين على أنواع من الأسلحة. وتعريفه بعض النقاط التي يجب أن يستغلها ضد عدوه، وتبيين مواطن الضعف عند خصمه، وكيفية المواجهة معه.

والسباح لا يسمح له بإلقاء نفسه في اليم، إلا بعد التأكد من قدراته في السباحة، ومتابعة تمريناته على مواقف صعبة في مجاله، والاهتمام بجسمه ولياقته.

وهكذا في شئون الحياة كلها، يسبق كل مواجهة تهيئة ومتابعة، وتأكد من القدرة على الصمود وتحقيق النتائج المطمئنة. . كل هذا خوفا من الخسارة، وضمانا لأثر مادي أو نتائج في الميدان الموجه له. إذا كان هذا لازما فيما هو محسوس، فإن الاهتمام بالشباب، ورعايتهم فكريا، وتحصينهم دينيا، ومتابعة ذلك توجيها، حتى تتسع مداركهم لإدراك مكامن الداء ووصف الدواء، من أهم المهمات التي يجب ألا تقتصر في مراحل الدراسة عامة وفي المرحلة الجامعية خاصة على المنهج الدراسي، والمواد المقررة، التي يعتبرها بعض الشباب للامتحانات فقط.

ص: 206

وإنما فتح المجال، ومناقشة ما يطرح على الساحة يوميا، من تحديات وشبهات وما جد من أساليب في الغزو الفكري. يراد منها طمس معالم الإسلام، ومسخ أثر حضارته على البشرية، ورمي مصدريه: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بالإرهاب، وتعاليمه بالقسوة، وإفساد المجتمعات، ووصف الإسلام بصفات منفرة، تحت مسميات شتى.

بل بلغ الأمر من أعداء دين الله إلى ما هو أكبر، بطلب حذف آيات الجهاد من القرآن، وإبعاد كل ما يتعلق بشبهات أهل الكتاب، ومكائد اليهود التي فضحها القرآن الكريم، حتى يتحقق لهم ما يريدون من تبديل لكلام الله، وزعزعة لمكانة مصدري التشريع في الإسلام: القرآن الكريم، والسنة المطهرة من القلوب، حتى يخف الميزان في قلوب أبناء المسلمين، فيتساووا معهم في المعصية:{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (1).

فالقرآن الكريم هو كلام الله، وهو مصدر عز المسلم، ومكمن القوة في قلبه، وليس في تعاليمه قسوة، ولا إفساد للمجتمعات، كما يطرحون اليوم، وإنما فيه الرفق واللين، والمحبة

(1) سورة الصف الآية 8

ص: 207

والحرص على إصلاح المجتمعات لما فيه الخير والسعادة.

وحتى تقوى هذه المكانة في قلوب الشباب، لا بد من إبرازها عندهم بنماذج من أقوال أعداء دينهم، وهي كثيرة جدا؛ لأن الضد يبرزه الضد، مثل قولهم في أحد مؤتمرات الاستشراق وقد أحضر أحدهم نسخة من القرآن الكريم، ومجسما للكعبة المشرفة، وقال: ما دام هذا وأشار للقرآن، وهذه بين أيديهم وأشار للكعبة، يحتلان مكانة في قلوب المسلمين فلن نستطيع النفاذ إلى عقولهم. . فسئل: وما الحل؟ قال نمزق هذا القرآن، ونهدم الكعبة، ونوجد مكانها كنيسة. كان هذا في عام 1909م، في أحد مؤتمراتهم بالقدس. فتناول أحدهم المصحف ومزق ورقات منه. فقال له صموئيل زويمر: أنت أحمق نريد تمزيقه من قلوبهم، وعدم تطبيق ما فيه.

ويقول أحد وزراء إيطاليا في مؤتمر آخر: لن يرتاح لنا بال ما لم تنزع المرأة المسلمة الحجاب، وتغطي به القرآن (1).

(1) صحيفة النور بالجزائر - العدد 14 صفر عام 1422هـ.

ص: 208

بل أكثر من ذلك مع أحداث 11 سبتمبر في أمريكا: نشر في كبريات الصحف الأمريكية هجوما شرسا على مقدسات المسلمين، وخرجت كتابات محزنة، وصور تنبئ عن مكنون الصدور ضد الإسلام، مع تركيز الهجمات على المملكة العربية السعودية، باعتبارها قلب الإسلام النابض، ومرنى أفئدة المسلمين في كل مكان.

ص: 208

حيث يرون المملكة التي شرفها الله برعاية الأماكن المقدسة، واهتمت بالدعوة إلى دين الله شوكة في نحورهم، وملجأ بعد الله للمسلمين، يستمدون العلم من جامعاتها، ويسترشدون فيم اختلف فيه من أمر، من فتاوى علمائها؛ لأنها تستند على ما قال الله، وما صح من سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم؛ ولأنها على منهج السلف الصالح، المترسمة خطا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن تبعهم بإحسان، بحسن المأخذ من كتاب الله عز وجل، وما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما قال به الخلفاء الراشدون الذين أوصى رسول الله عليه الصلاة والسلام، بالتمسك بسنتهم، والعض عليها بالنواجذ. .

فقد أحيا أعداء الله. ما أشار به المستشرقون من قبل، بنعت منهج المملكة، وأهل السنة في مكان: بالوهابيين باعتبار ذلك مذهبا جديدا في الإسلام، وبدعة في تعاليمه. . على طريقتهم من قديم في تشويه الصورة، حتى يتأثر بهم قليل المعرفة أو صاحب الهوى، ومن في قلبه مرض، والجاهل الذي يساق بدون روية، وزادوا في هذا العصر بتكثيف الإعلام، الذي يريدون من ورائه إطفاء نور الله بأفواههم، وفي القرآن الكريم وسيرتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العدوانية ما يكشف نواياهم، ويظهر حقدهم على الإسلام وأهله. . وإن تلبسوا في هذا الزمان بأساليب ملونة كالأفعى،

ص: 209

ملمس لين تحته سم زعاف: فإن الكفر ملة واحدة، وعداوتهم ثابتة. وحتى يتنبه الشباب ومعلموهم، لمكامن الخطر، ويسعوا جادين في التسلح لخوض المعركة العقائدية والفكرية مع أعداء الله، وأعدائهم، أذكر حالتين لا بد أن كثيرا قرأهما، وخاصة الذين يتتبعون صحافة الغرب، التي كشر الكاتبون فيها عن أنيابهم، وبرز مكنون صدورهم:

الأولى: ما نشر في مجلة الواشنطن بوست بتخيل أحد كتابها، ليثير ذلك لدى قياداتهم: عندما رسم الكعبة، وتوجيه طائرات تخترقها وتحطمها، وتشعل النيران في جنباتها، كما حصل في مركز التجارة الأمريكي. . انتقاما مما حصل كما يقول.

الثانية: تعليق من أشهر كتاب هذه الصحيفة، برغبته إلقاء قنبلة ذرية على مكة المكرمة حتى تنمحي من الوجود لينتهي الإسلام.

ولهذا نظائر كثيرة، وخاصة الإثارة ضد المملكة العربية السعودية، التي يرون عز الإسلام في مكانتها؛ لأن أفئدة المسلمين ترنو إليها، ويتخيلون أن الإضرار بها إضعاف لمكانة الإسلام، ولكن الله سبحانه حافظ دينه، ومهيئ له قيادة مخلصة ترعاه وتحافظ على مثله، وهذا آخر سهم يرمون به، وسيبطل الله كيدهم، وينصر دينه وحماته، يقول سبحانه:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} (1)، ويقول جل وعلا:

(1) سورة غافر الآية 51

ص: 210

{فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (1)، فنصر الله حق ثابت، لأهل الإيمان الصادقين في إيمانهم عقيدة وعملا.

فإن اعتبروا مثل هذه الأقوال والأفكار لا تصدر إلا عن السفهاء، وليست جادة، وما أكثر ما نجد مثلها في أفكارهم وسريات مؤتمراتهم، فإن المثل العربي عندنا يقول: خذوا علوم القوم من سفهائهم، ويقول سبحانه:{وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} (2)، والشاعر العربي يقول في حكمته:

ومهما تكن عند امرئ من خليقة

وإن خالها تخفى على الناس تعلم

ويجب أن ترسخ عند الشباب، خاصة هذه النفثات، على أنها أفكار جادة؛ لتؤخذ الأهبة، ويعد السلاح الفكري والمادي لذلك.

ونحن المسلمين سلاحنا الروحي أمكن من السلاح المادي، وإن كنا معه مأمورون بإعداد القوة للعدو بصنوفها، وفي المقدمة سلاح العقيدة والدين، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومتى ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله.

ألم يقل الله سبحانه عن أهل الكتاب والأعداء: {لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} (3).

(1) سورة الروم الآية 47

(2)

سورة النساء الآية 89

(3)

سورة التوبة الآية 8

ص: 211